رواية ادم الفصول الاخيرة

موقع أيام نيوز

التفكير فى آدم مرة أخرى .. كيف يطلب مسامحتها .. كيف تستطيع أن تفعل .. أيظن أن أخطائه بتلك السهولة التى من الممكن غفرانها .. كيف تثق به مرة أخرى .. كيف تثق بحبه ومشاعره مرة أخرى .. كيف تثق أنه تاب بالفعل .. لن تستطيع أن تتحمل صدمة أخرى .. يكفيها ما لاقت فى الفترة الماضية من صدمات مؤلمة .. لكن جزء آخر من نفسها يقول .. لما لا تعطينه فرصه .. لما لا تصدقيه خاصة وانك فقدت الآن كل شئ .. فماذا يريد منك غير حبك وقلبك .. الله يغفر للعبد مالم يغرغر .. فكيف لا تغفرين أنت .. وتوضأت وصلت ركعات القيام التى تصليها كل ليلة .. وبعدما انتهت وقبل أن تصلى الوتر .. صلت صلاة استخارة !
فى صباح اليوم التالى .. وقفت أسماء فى الشرفة لا تريد الإجتماع معهن على مائدة الفطور .. فآخر ما تريده الآن هو رؤية سمر .. كان مجرد مرآها أمرا شاقا عليها .. كلما رأتها تذكرت بأن ذبها .. لكن للأسف تعلم أن عليها أن تعتاده .. فلعلها تسمع قريبا خبر خطبتهما !
شعر آدم بقشعريرة تسرى فى جسده وهو يتذكر كلام كريم عن شروط التوبة الصادقة .. والذى كان آخرها .. رد المظالم الى أهلها .. رفع نظره الى السماء مرة أخرى وهو يقول فى نفسه .. ترى أمن الممكن أن أدخل الجنة من ذاك الباب .. باب التوبة !
أخذ نفسا عميقا ثم دلف الى الداخل .. توجه الى خزانه ثيابه وانتقى منها ما يرتديه .. أقبل على والدته وقبل رأسها قائلا 
ماما .. انا مسافر القاهرة
نظرت اليه بدهشة قائله 
خير يا ابنى
قال آدم بحزم 
فى حاجة مهمة لازم أعملها
قبل رأسها مرة أخرى قائله 
ادعيلي
رفع كفيها الى السكاء قائله 
ربنا يهديك يا ابنى وينورلك طريقك ويردك بالسلامة
لم يستطع آدم تأجيل هذا الأمر .. يجب أن يقوم به .. والآن ! .. هاتف كريم ليخبره بأمر سفره .. كانت آيات الى جوار كريم فى المكتب فاستمعت الى كريم وهو يقول 
تيجي بالسلامة يا دكتور
سألت كريم وهى تتظاهر بالإنهماك فى تفحص الأوراق فى يدها 
خير .. فى حاجة تخص القرية 
قال كريم وهو يعاود عمله 
لا دكتور آدم مسافر القاهرة فبيعتذر انه مش هيقدر ييجى النهاردة
شردت آيات وهى تفكر فى سبب سفره المفاجئ الى القاهرة !
وقفت تنظر اليه .. وهو منهمك فى ازاحة بعض ألواح الخشب المبعثرة وجمعها معا فى مكان واحد .. اقتربت منه .. قالت بجمود 
ممكن أسألك عن حاجة
تمتم بهدوء 
اتفضلى
بلعت أسماء ريقها وهى تقول 
لو انا استغفرت ربنا على الحاجات اللى أنا كنت بعملها غلط ومكنتش أعرف انها غلط .. ربنا هيسامحنى 
أومأ برأسه وهو يقول بحماس 
طبعا طالما توبتى من قلبك
أومأت برأسها ثم قالت 
وممكن الناس اللى حوليا تسامحنى .. ولا هيفضلوا فاكرين الحاجات الغلط اللى كنت بعملها 
صمت وقد ضاقت عيناه .. ألقى على وجهها نظرة يحاول فيها تبين مقصدها من السؤال .. لم تقابله الا ملامحها الجامدة الخالية من أى انفعال .. تنظر الى عينيه مباشرة .. تبغى اجابه لسؤالها .. قال بحيرة 
مش فاهم سؤالك .. تقصدى صحابك يعني .. أكيد هينسوا ويتعاملوا معاكى بناء على التغيير اللى حصلك
قالت بخفوت 
لأ مقصدش صحابى
رفع عينيه مرة أخرى بدهشة .. هذه المرة لمح نظرة حزينه فى عينيها سرعان ما أخفتها قائله بصوت حاولت أن يبدو باردا خالى من أى انفعال 
صحيح نسيت أباركلك على كتب كتاب أختك .. مبروك لأختك .. وعقبالك انت و سمر
قالت ذلك ثم دارت على عقبيها دون أن يتمكن من الرد عليها .. شعر بالدهشة لعلمها بموضوع سمر .. ترى أعلمت من سمر .. أهى من أخبرتها .. ولماذا كانت تتحدث معه بتلك الطريقة الغريبة .. ترك ما بيده وتوجه الى إيمان فى الصالة الرياضية .. اتصل بها وأخبرها أنه ينتظرها بالخارج لعدم استطاعته الدخول فالمكان مخصص للنساء فقط .. خرجت إيمان وهى تنظر اليه بقلق وقالت 
فى ايه يا على 
نظر اليها على قائلا بإهتمام 
هى أسماء عرفت منين انى كنت متقدم ل سمر .. انتى اللى قولتيلها ولا سمر
تحولت نظراتها الى الدهشة وهى تقول 
انت ازاى عرفت ان أسماء عرفت بموضوع سمر .. انتوا بتتكلموا مع بعض فى مواضيع خاصة يا على 
زفر على وقال بنفاذ صبر 
سألتك يا إيمان سؤال جاوبيني عليه
قال مهتم بالموضوع ده 
لم يجيبها .. بل سألها بإهتمام 
سمر كانت بتقولك ايه بالظبط .. يعني ايه اللى جاب سيرة الموضوع
مفيش الموضوع اتفتح فجأة وكل اللى قالته سمر انها محتارة .. صلت استخارة بس مش عارفه تاخد قرار
أومأ على برأسها وصمت لبرهه .. ثم قال 
و أسماء .. كان رد فعلها ايه لما عرفت 
ازدادت نظرات إيمان حدة وهى تقول 
على فى ايه بالظبط .. حرام عليك لو كنت بتعشمها بحاجة .. البنت أصلا فيها اللى مكفيها مهياش ناقصة
نظر اليها على وهو يعقد جبينه فى استغراب قائلا 
يعني ايه فيها اللى مكفيها .. انتى تعرفى عنها ايه بالظبط 
أعرف ان مامتها وباباها على طول بينهم مشاكل جامدة .. وانها بنت وحيدة .. وان فى الآخر باباها طرد مامتها من البيت واتجوز واحدة تانية .. وطردها هى كمان .. وراحت عاشت مع مامتها فى بيت جدها .. بس سابت البيت معرفش ليه وراحت عاشت مع آيات
شرد على فى كلام إيمان عن أسماء فقاطعت إيمان تفكيره وهى تقول بحزن 
على ابعد عنها أحسن ..متخليهاش تتعلق بيك أكتر من كده
نظر اليها على بدهشة قائلا 
يعني ايه مخليهاش تتعلق بيا أكتر من كده .. مين قال انها متعلقة بيا أصلا
هتفت إيمان پحده 
أنا سمعتها وهى بتتكلم مع آيات عنك .. متعشمهاش بحاجة يا على والله البنت فعلا مش متحمله صدمة
ضاقت عيناه وهو ينظر اليها قائلا 
سمعتيها بتقول ايه عنى 
بدا على إيمان التردد لكنها حسمت أمرها وقالت 
سمعتها بتقول انها .. بتحبك
تجمدت نظرات على على إيمان وهو يحاول استيعاب هذ التصريح .. أكملت إيمان 
أنا قولتلك عشان تبقى عارف وتاخد بالك من تصرفاتك معاها عشان متفهمكش غلط وتعشم نفسها على الفاضى
ثم لاحت سحابة حزن فى عينيها وهى تقول 
الإحساس ده وحش أوى .. لما تتعشم بحاجة وتلاقيها ضاعت منك .. عشان كده مش عايزاك تكون السبب فى ان أسماء تحسه .. هى رغم انها عنيدة .. بس طيبة وغلبانه أوى .. ومش عايزاها تتجرح
أومأ على برأسه وهو يشعر بضيق شديد .. ثم غادر واجما دون أن ينطق ببنت شفه !
شعرت بوسى بمزيج من الدهشة والخۏف والفزع وهى تفتح الباب لتجد آدم ماثلا أمامها .. هتفت بصوت مضطرب 
آدم ! .. عايز ايه 
لم تنتظر ردا بل حاولت غلق الباب لكنه وضع قدمه يمنعها من غلقه .. جرت فى اتجاه الهاتف تنوى الإتصال بالأمن الموجود أسفل العمارة .. لكن آدم دفع الباب ودخل وجذب الهاتف من يدها وهو يقول 
استنى يا بوسى متخفيش
أخذت تتراجع الى الوراء وهى تنظر اليه بفزع قائله 
اطلع بره يا إما هصوت وألم عليك العمارة
مدت لها آدم يده بذلك المغلف الكبير الذى كان يحمله .. والذى لم تنتبه اليه منذ البداية .. قال بهدوء 
خدى يا بوسى
نظرت الى المغلف بشك ثم رفعت عينها تنظر اليه قائله وهى مازالت تشعر بالخۏف 
ايه ده
أخذ نفسا عميقا ثم قال بحزم 
دى الفلوس اللى شاركتيني بيها فى العربية والفلوس اللى خدتها منك وقولتلك انى هرجعهالك والفلوس اللى خدتها وما قولتش انى هرجعهالك
تحولت نظرات الخۏف الى نظرات الدهشة فى عينيها فأكمل قائلا 
انا معرفتش أحسن المبلغ بالظبط .. بس أنا مملكش غير العربية ولسه بايعها حالا .. هى طبعا اتباعت بخسارة .. ودى كل الفلوس اللى استلمتها من صاحب الأجنس اللى اشتراها .. خديهم عديهم وشوفى يكفوا انك تسامحيني وتنسى الدين اللى عليا ليكي ولا لأ
ازداد اتساع عينيها دهشة وهى تشعر بأنها ترى آدم آخر غير الذى تعرفه .. وقفت جامدة لا تتحرك .. فقال آدم وهو ينظر الى يده الممدودة بالمغلف 
خدى يا بوسى .. عديهم وشوفى يكفوا ولا لأ
أخذت منه المغلف بتردد .. نظرت الى المال بداخله دون أن تقوم بعده ولكنها شعرت بأن المبلغ كبير .. يكفى ويفيض .. نظرت اليه وقالت 
أنا حسه ان ده أكتر من الفلوس اللى خدتها منى ومن الفلوس اللى شاركتك بيها فى العربة
تنهد آدم بإرتاح وقال 
طب الحمد لله .. كنت خاېف ميقضوش
ثم قال بأسى 
متنسيش انى كنت عايش هنا وانتى بتصرفى على البيت أكل وشرب وغيره .. يعني لو جينا حسبناها بالظبط هلاقى نفسى مديون ليكي .. بس أهم حاجة انك تسامحيني .. على كل اساءه منى .. وعلى كل غلطة عملتها فى حقك .. من أول علاقتنا اللى كانت كلها غلط فى غلط
نظرت اليه بوسى مبتسمه وهى تقول 
طبعا مسامحاك يا آدم .. انت عارف انى مبعرفش أزعل منك أبدا
تركت المغلف من يدها على الطاولة .. وتوجهت الى باب البيت تغلقه .. ثم عادت تتهادى فى خطواتها .. وقفت أمامحشنى اوى
أيوة يا حبيبى
أزاح يديها مرة أخرى وهو يقول 
استغفرى ربنا يا بوسى .. حياتك كلها غلط .. لو متى دلوقتى عارفه مصيرك ايه .. استغفرى ربنا قبل ما تلاقى نفسك جوه القپر وبتندمى على كل ذنوبك الصغير قبل الكبير
توجه الى باب البيت فتحه وخرج !
لأول مرة منذ سنوات يركب آدم المواصلات العامة .. كان قد نسى تلك المعاناة الشاقة التى تذكره بأيام ثانوى وبالجامعة حينما كان يتزاحم وسط الركاب ليستطيع أن يجد مكانا يقف فيه .. يعد الدقائق التى تفصله عن مكان نزوله فينزل بنفس الصعوبة التى صعد بها !
كان المنظر يبدو غريبا .. رجلا وسيما يرتدى حل أنيقة للغاية يرتاد المواصلات العامة ! .. كان معه ما يكفى ليركب أحد سيارات الأجرة .. لكنه لم
تم نسخ الرابط