رواية ادم الفصول الاخيرة

موقع أيام نيوز

يستطع مقاومة اڠراء ركوب الحافلة .. تذكر آدم ذو الثامنة عشرة ربيعا والذى كان يرتاد تلك الحافلة يوميا للذهاب الى جامعته .. 
نزل ليركب احد الأتوبيسات المتوجهة الى العين الساخنة .. دخل القرية مفرود الصدر .. ممشوق القامة .. يشعر بأنه انتصر أخيرا على تلك النفس الأمارة بالسوء .. والتى تحدث عنها كريم فى خطبته .. نعم استطاع مقاومتها .. !
فى اليوم التالى شعر الجميع بتغيير فى اسلوب آدم الذى اتسم بمرح لم يألفوه من قبل .. كان يعمل بمزيج من الثقة بالنفس والتفاؤل .. وكأنه ملك الدنيا بأسرها .. انعكست نفسيته على عمله فأبدع ! .. سعد زياد بهذا التغيير الذى آلم بصديقه .. سأله فجأة 
انت فين عربيتك 
ابتسم آدم قائلا 
بعتها
نظر اليه زياد بدهشة وقال 
بعتها ليه .. هتغيرها 
قال آدم بهدوء 
لأ .. بعتها واديت فلوسها ل بوسى .. عشان أرد الدين اللى كان فى رقبتى ليها
نظر اليه زياد بإعجاب وربت على كتفه قائلا 
متزعلش ربنا يعوضك غيرها ان شاء الله
ضحك آدم قائلا 
أنا مش زعلان على فكرة .. بالعكس .. عارف لما تحس انك كان فى حاجة مقيداك وفجأة اتحررت منها .. أهو أنا ده احساسى دلوقتى .. ياريتنى كنت عملت كده من زمان .. لى كنت هعرف انى هرتاح كده كنت بعتها من زمان ورجعتلها فلوسها
فى تلك اللحظة توجهت سمر الى العيادة .. لمحها زياد وهى تدخل المبنى .. فقال وهو يغدو مسرعا 
سلام دلوقتى يا آدم
رآى زياد أحد الأطفال يلعب بالكره مع أصدقائه فى الحديقة أمام العيادة .. جذب الطفل الذى كان يجرى من ملابسه و ركع على ركبيته وهو ينظر اليه متفحصا وهو يقول 
ايه ده يا ابنى انت وشك أصفر كده ليه
قال الطفل بحيرة 
مش عارف يا عمو
جذبه زياد من يده وقال بمرح وقد لمعت عيناه بخبث 
طيب تعالى نروح للدكتورة وهى تقولنا وشك أصفر ليه
فوجئت سمر ب زياد يدخل غرفة الفحس برفقة أحد الأطفال .. ابتسمت للطفل فبادلها ابتسامتها .. قال زياد بمرح 
معلش يا دكتورة كشف مستعجل
نظرت اليه سمر قائله بجدية 
اتفضل .. ايه مشكلته
قال زياد بلؤم 
معرفش يا دكتورة بس وشه أصفر ومش طبيعى خالص
قامت سمر من مكانها تتابعها نظرات زياد الخبيثه .. حملت الطفل واجلسته على سرير الفحص وبدأت فى الكشف عليه .. ثم قالت 
لا مفيهوش حاجة .. هكتبله على شوية فيتامينات وياريت تهتم بأكله كويس
قال زياد على الفور 
لا أنا مش متجوز أصلا .. الواد ده مش ابنى
نظرت اليه بدهشة فرأت المرح فى عينيه .. أشاحت بوجهها وتوجهت الى مكتبها مرة أخرى ودونت بعض الكلمات فوق الروشته ثم أعطتها له .. أخذ زياد الورقة منها وهو يشكرها قائلا 
متشكرين أوى يا دكتورة مش عارف من غيرك كنا عملنا ايه
خرج زياد .. فحركت رأسها يمينا ويسارا بدهشة .. قال الطفل ل زياد بعدما خرج من العيادة 
مش هتجبلى الدوا يا عمو
دفعه زياد من ظهره قائلا 
دوا ايه يا ابنى انت صدقت انك تعبانه .. ده انا اللى محتاج فيتامينات .. يلا روح شوف كنت بتعمل ايه
جرى الطفل فى اتجاه أصدقائه يكمل اللعب معهم .. رآى زياد طفل جالس على أحد المقاعد يأكل الآيس كريم .. فنظر اليه قائلا 
انت يا ابنى مال وشك أصفر كده ليه
نظر اليه ببلاهة قائلا 
ايه 
جذبه من يده قائلا 
تعالى تعالى هنروح للدكتورة تشوف مالك
فوجئت سمر ب زياد يدخل غرفة الفحص وبيده طفل آخر .. أخذت تنظر الى الطفل ثم الى زياد الذى قال بلهفة 
المرة دى الحالة مستعجلة جدا .. ومتحتملش تأخير
قامت ودارت حول المكتب بلهفة وهى تقول بقلق 
خير فى ايه
أشار زياد الى الطفل الذى تلطخ وجهه بالآيس كريم .. قائلا وهو يحاول أن يخفى ابتسامته 
وشه أصفر أوى
نظرت اليه سمر پحده وقالت بشك 
انت بجيب الأطفال دى منين
لم يستطيع كتم ضحكاته فضحك ضحكة مكتومة .. نظرت اليه سمر پغضب وقالت 
انت جاى تهرج يا أستاذ
توقف عن الضحك بصعوبة وهو يقول 
لا والله أبدا أصل أنا أمى الله يرحمها كانت دايما تقولى عليك حنية قلب يا زياد مشفتهاش على حد
أشارت سمر يعينيها الى الباب وقالت بحزم 
اتفضل
نظر اليها بغيظ وجذب الطفل من يده قائلا 
تعالى يا ابنى نشوفلنا دكتورة تانية .. الدكتورة دى قلبها قاسى
قبل أن يغادر الټفت اليها قائلا 
على فكرة مش مسامحك على اللى عملتيه فيا المرة اللى فاتت ولازم تعتذرى
نظرت اليه سمر بحدة وغضت شفتيها پغضب .. فقال بمرح 
خلاص خلاص .. أول مرة أشوف دكتورة أطفال مرعبة كده .. المفروض بيكونوا رقاق كده وكيوت .. عشان الأطفال متخفش منهم
أشارت الى الباب برأسها وقالت بحزم 
اتفضل
ابتسم زياد ورمقها بنظرة إعجاب قبل أم يغادر الغرفة .. هزت رأسها فى حيرة قائله 
مچنون ده ولا ايه
اقتربت آيات من أسماء التى تقف فى الشرفة ساهمة شارده .. قالت لها بحنان 
سرحان فى ايه يا جميل
ابتسمت أسماء بوهن .. ثم عادت تنظر مرة أخرى الى السماء الرمادية والتى لا يفصلها عن زرقة الليل سوى أقل من ساعة .. نظرت اليها آيات متأملة اياها وهى تقول 
بتفكرى فيه 
نظرت الى آيات بحزن وقالت 
بفكر فى حاجات كتير
استندت آيات على سور الشرفة وهى تنظر الى مجموعة من الأطفال يلعبون بالكرة أسفل البناية .. ثم التفتت الى أسماء قائله 
حسه انك زى اللى تايه فى البحر ومش لاقى شط يرسى عليه
التفتت أسماء تنظر اليها .. فأكملت آيات 
وفجأة لقيتي شط أدامك بس مشكلتك انك مش عارفه توصليله 
أومأت أسماء برأسها بحزن .. فابتسمت آيات قائله 
محتاجه مركب توصلك للشط ده 
ابتسمت أسماء بوهن وأومأت برأسها .. فأكملت آيات 
طيب تعملى ايه فى نفسك بأه لو كان المركب أدامك وانتى اللى مش عايزه تركبى
اختفت ابتسامة أسماء وقالت بتوتر 
مش مسألة مش عايزة أركب
أمال ايه 
قالت أسماء بضيق 
معرفش حسه ان فى حاجة مكتفانى .. زى ما قولتى المركب أدامى بس حسه انى متكتفه ومش عارفه أركب .. حسه ان الموج بيشدنى وبيبعدنى عن المركب دى
قالت آيات بحنان 
يبقى محتاجة مساعدة صديق
ابتسمت أسماء .. فبادلتها آيات الابتسام قائله وهى تمد اليها يدها 
هاتى ايدك
أعطتها أسماء يدها بإستغراب فتشبثت آيات بيدها بقوة وقالت بحنان 
مش هسيبك فى البحر أكتر من كده يا أسماء .. ولا هسمح لك انك تغرقى .. عشان أنا بحبك بجد ونفسى نكون مع بعض فى الجنة
اغرورقت عينا أسماء بالعبرات وأطرقت برأسها .. فقالت آيات التى دمعت عيناها هى الأخرى 
يا بنتى أنا كنت زيك .. بس أنا عرفت أفوق لنفسى .. أنا عارفه احساس انك مكتفة ده .. جربته قبل كده
ثم نظرت الى يديهما المتشابكة وهى تقول 
أديني بساعدك أهو .. بس ربنا بيقول إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم 
تساقطت من عيني أسماء العبرات عزيرة فقالت آيات 
لو عايزة على .....
رفعت أسماء رأسها تنظر اليها .. فأكملت آيات بحزم 
يبقى لازم تكونى فاطمة
شردت أسماء فى كلامها فأكملت 
ومش قصدى على ده .. قصدى سيدنا على رضى الله عنه .. لو عايزه واحد زيه .. يبقى لازم تكونى زى فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم .. مينفعش تكونى عايزة على .. وانتى واقفه مكانك محلك سر
توقفت عبراتها عن الانهمار .. ونظرت الى آيات .. التى قالت بحنان 
على مش أول ولا آخر راجل فى الدنيا .. فى رجاله كتير كويسة .. بس كل واحد بيدور على اللى شكله .. واحد زى على بيدور على واحدة شكله يا أسماء .. فاهمانى 
أومأت أسماء برأسها .. فقالت آيات 
عارفه لو اتغيرتى بجد .. وعشان ربنا .. عشان تبقى زى ما ربنا عايز .. ربنا هيكرمك أوى ..
ثم قالت 
كريم قالى جملة حلوة أوى مش قادرة أنساها .. قالى ان النبي صلى الله عليه وسلم قال حفت الجنة بالمكاره وحفت الڼار بالشهوات .. يعني الجنة عشان توصليلها لازم تجبرى نفسك انك تعملى الطاعات حتى لو كارهاها.. بس بتعمليها عشان ربنا أمرك بيها .. أما الڼار فبتتملى بالناس اللى بتمشى ورا شهواتها ورغباتها وأهوائها .. وبتعمل كل اللى هى عايزاه من غير ما تقف وتشوف ده حلال ولا حرام .. هيرضى ربنا ولا هيغضبه
شعرت أسماء بسکينه فى قلبها وهى تستمع الى آيات .. ران الصمت عليهما وكل منهما شارده فى جهه وهما مازلتا ممسكتان بأيدي بعضهما البعض .. قالت أسماء فجأة 
تعرفى ان بابا بيدور عليا وسأل دكتور آدم عليا
نظرت اليها آيات بدهشة .. فقالت أسماء بشرود 
دكتور آدم كان عايز يقولهم على مكانى بس أنا مكنتش حبه انهم يعرفوا
ثم التفتت الى آيات قائله 
انتى رأيك ايه 
صمتت آيات تفكر .. ثم قالت 
رأيي عرفيهم مكانك .. مهما كان هما أهلك .. مهما كانت المشاكل اللى بينكم .. بس برده هما أهلك
تنهدت أسماء بعمق .. ثم قالت 
أنا حسه فعلا انى عايزة أكلمهم
لمعت العبرات فى عينيها وهى تقول بتأثر 
وحشونى أوى
عانقتها آيات بشدة ..فتركت أسماء لعبراتها العنان
فتحت سمر حقيبتها ثم ما لبثت أن صاحت بضيق 
أوووف نسيت موبايلى فى العيادة
قالت أمها بلا مبالاة هى تشغل التلفاز 
ابقى هاتيه الصبح
قالت سمر وهى تتوجه للباب 
لا هروح أجيبه
نظر اليها كريم وهو يقول 
عارفه يا إيمان أقولك على سر
أسندت ظهرها الى المقعد وقالت 
قول
الټفت اليها قائلا 
أنا طول عمرى بحلم يبقى عندى ابن زى صلاح الدين الأيوبى .. قائد .. عظيم .. تلتف الجيوش حواليه .. ويفتح القدس مرة تانية
نظرت اليه إيمان بتأثر فأكمل قائلا بحماس 
نفسى أنا وانتى يا إيمان نعين بعض على كدة .. نربى ولادنا صح .. مش زى ما احنا اتربينا .. نربيهم من صغرهم على الدين وعلى العقيدة وعلى المبادئ .. نربيهم على
تم نسخ الرابط