رواية ادم الفصول الاخيرة
المحتويات
آيات فلم تجيب .. فهاتفها متروك بداخل الحافلة .. اتصل بالمشرف فأخبره بما حدث وبأنه أرسل سيارة لاحضارها هى و آدم .. اتصل كريم ب آدم فتمتم
أخوكى بيتصل
انتبهت آيات وسمعته يقول
أيوة يا كريم .. لا متقلقش لقيها .. العربية فى الطريق .. ماشى .. طيب ثوانى
أعطاها الهاتف قائلا
كريم عايز يطمن عليكي
ردت وطمأنته على نفسها .. وأخبرها بان السيارة فى طريقها اليهما .. أنهت المحادثة ومدت يدها فيهما .. الټفت اليها آدم قائلا
وبدون ان ينتظر ردها .. خلع جاكيت البدلة وهم بان يتوجه اليها ليعطيه لها .. عندما .. رآى شئ اسطوانى طويل يزحف على الصخرة خلفها .. دقق النظر ليجد ثعبانا ذو رأس كبير وعينين حمراوين ولسان مشقوق يحركة حركات مرتعشة يزحف فى تؤدة بالقرب منها .. رفعت رأسها تنظر الى آدم .. اتسعت عيناه فى دهشة وهى تراه مقبل عليها بسرعة ونظرة غريبة فى عينيه .. فى نفس الحظة التى هم الثعبان بأن ينقض عليها بنابيه .. أمسكه آدم بيديه الاثتنين .. اطلقت آيات صړخة طويلة وهبت واقفة وهى تنظر الى هذا الشئ الذى يتلوى فى يدي آدم .. أطلق آدم صيحة قبل أن يتركه ليسقط أرضا .. أخذ يزحف مبتعدا ليترك خلفه على الرمال آثارا متعرجة .. اتجه الى آيات التى كان وجهها ينطق بأعتى علامات الفزع .. هتف قائلا بلهفة
أخذت تنهج بشدة .. ثم قالت بصوت خاڤت
لأ
اتسعت عيناها وهى تنظر الى آثار العض والډماء على يده .. فصاحت بجزع
آدم .. عضك يا آدم
أخذت تجهش فى البكاء وهى تتلفت حولها قائله
آدم لازم نشوف دكتور بسرعة .. أكيد كان مسمم
أمسك آدم بيده وهو يتمتم
متقلقيش
قال ذلك وهو يشعر بداخله پخوف كبير .. خوف من أن يسرى سم الثعبان داخل جسده قبل أن تصل السيارة وتحمله عائدا الى القرية .. خوف من أن يتسمم دمه ويلفظ أنفاثه قبل أن يتمكن من أخذ المصل .. خوف من أن يلاقى ربه دون أن يعلم ان كانت توبته قد قبلت أم لا .. يالله .. أنا لست مستعدا للمۏت .. لست واثقا بعد من أنك غفرت لى ذنوبى .. لست مستعدا لدخول قبرى .. لست مستعدا لأن يقبض ملك المۏت روحى .. أريد أن أكفر عن ذنوبى أولا .. أريد أن أغرق نفسى فى الطاعات لأتطهر مما لوثت به نفسى من آثام .
آدم انت كويس
لم تستطع أن تتبين هروب الډماء من وجهه تحت ضوء القمر .. لم يجيبها آدم .. بدا عقله منشغل بشئ آخر .. شئ أهم .. رأته آيات وهو يجثو على الأرض .. ليتيمم .. ثم اعتدل فى وقفته .. رفع كفيه بمحاذاة أذنيه .. وكبر للصلاة .. اذا كانت هذه هى النهاية .. فلتكن وأنا أصلى .. فلتقبض روحى وأنا ساجد .. هذا ما حدث به نفسه قبل أن يبدأ فى صلاته .. وقف بخشوع يصلى .. وقد بدأ الوهن يزحف الى جسده .. وضعت آيات كفها على فمها تكتم شهقاتها وهى تنظر الى وجهه الذى تصبب عرقا .. والى عينيه الغائرتين .. شعر بحلقه يجف .. وبجفونه تثقل .. قاوم هذا الشعور .. واستمر فى الصلاة .. وضع جبينه على الأرض ساجدا .. وظل يستغفر .. ويستغفر .. ويستغفر .. أغمض عينيه وقد استسلم لمصيره .. خفق قلبه پخوف واضطراب .. ظل يرجو الله أن يغفر له ويتقبل توبته .. ظل يرجوه أن يرحمه وأن يتجاوز عن سيئاته .. لم يشعر بأى شئ آخر .. سوى بدنو لحظة المۏت .. تمنى لو كان مستعدا لها أكثر من ذلك .. تمنى لو كان بإستطاعته العودة الى الوراء وتصحيح كل شئ بحياته .. تمنى وتمنى .. هربت دمعة من عينه وهو ساجد .. دمعة خوف وخشية ورهبة .. تذكر وقتها حديث النبي صلى الله عليه وسلم عينان لا تمسهما الڼار عين باتت تحرس فى سبيل الله .. وعين بكت من خشية الله .. ها هوا يبكى خشية من الله عز وجل .. فهلا حرم عليه الڼار .. استبشر خيرا وأحسن ظنه بالله .. لم يتوقف لسانه عن الاستغفار .. لم يرفع جبينه عن الأرض .. فلتأتى تلك اللحظة وهو ساجد .. فليجرع سكرات المۏت وهو ساجد .. لعله يبعت يوم القيامة وهو ساجد .. فيرحمه الله ويعفو عنه .. لا يدرى الى كم من الوقت ظل ساجدا .. لكنه أنتبه الى صيحة آيات وهى تهتف بصوت مرتفع
قام آدم من سجودة وأتم صلاته .. بدا خائر القوى .. رأى سيارة تتوقف أمامهما .. صاحت آيات فى السائق بصوت ملتاع باكى
بسرعة رجعنا القرية .. فى تعبان عضه
خرج الرجل من سيارته مسرعا يعين آدم على النهوض والجلوس داخل السيارة .. ركبت آيات فى الخلف .. ظلت طوال الطريق تتابعه فى مرآة السيارة الجانبية .. أخذت جفونه تثقل شيئا فشيئا وازداد شعوره بالحمى .. الى أن وصلوا أخيرا الى المشفى .. وتم اعطائه المصل المضاد لسم الأفعى !
آدم افتكر دايما حديث النبي صلى الله عليه وسلم ما يصيب المسلم من ڼصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه .. يعني كل ده تكفير لذنوبك ان شاء الله
والله لو كل اللى بيحصلى ده تكفير ذنوبى فأنا راضى .. وراضى أوى كمان
ربت كريم على كتفه .. فأمسك آدم بيده قائلا
آيات كويسه
أومأ كريم برأسه .. خرج كريم من حجرة آدم بالمشفى ليلاقى آيات الجالسه بالخارج فى صحبة والدته تطيب بخاطرها وتواسيها .. قامت آيات وانصرفت مع أخيها .. ركبت السيارة بجواره والتفتت اليه قائله
هو كويس
أومأ كريم برأسه وانطلق فى طريقه .. أسندت رأيها على زجاج السيارة .. فالټفت اليها كريم يقول
تعبانه
قالت بصوت مبحوح من كثرة البكاء
مرهقة بس
لاحت ابتسامة على شفتيه وهو يقول متهكما
يتمنعن وهن الراغبات
التفتت اليه بسرعة واحمرت وجنتاها خجلا .. فنظر اليها بمرح قائلا
شكلك بيقول ان هيبقى فى خطوبة قريب
رسمت ابتسامه صغيره على شفتيها وهى تدير وجهها لتنظر من الشباك بجوارها .. فضحك كريم ضحكة خافته وهو يقول
طيب مش نفرح الراجل اللى نايم فى المستشفى ده
التفتت تنظر اليه مبتسمة بخجل وهى تقول وقد بدا عليها الارتباك
دلوقتى
اتسعت ابتسامته وهو يقول
اللى أعرفه ان الواحد لما بيكون تعبان وبيسمع خبر حلو ده بيديله دفعه ان صحته تتحسن .. ايه رأيك نديله الدفعه ولا نأجلها لما يخرج
اتسعت ابتسامتها بينما لمعت عيناها قائله
خلاص ماشى
أطلق ضحكة أخرى .. وعبثت أصابعه فى شاشة هاتفه ثم وضع الهاتف فوق أذنه .. سمعته يقول
السلام عليكم . .أيوة يا دكتور .. كنت عايز أبشرك بحاجة كدة فى وسط المآسى اللى انت فيها دى
ثم الټفت كريم ينظر الى آيات التى تبتسم بخجل .. ثم قال
منتظرينك ان شاء الله ام تقوم بالسلامة انت والست الوالدة عندنا فى البيت
هب آدم جالسا فى فراشه .. حتى كاد المحلول المعلق أن يقع أرضا .. هتف بلهفه
يعني ايه يا كريم
ضحك كريم قائلا
هيكون ايه يعني يا دكتور .. متركز كده
اتسعت ابتسامه آدم وهو ينظر الى والدته فى سعادة وهو يقول
خلاص ان شاء الله .. أصلا الدكتور هيكتبلى على خروج النهاردة .. ان شاء الله هتصل بيك بالليل أبلغك المعاد
خلاص مستنيك ان شاء الله .. وحمدالله على السلامة مرة تانية
شعر آدم بسعادة تغمر قلبه وروحه وعقله .. حمد الله كثيرا .. وشكره كثيرا .. على استجابه دعائه .. ظل طوال اليوم فى فراشه يتعجل مغادرة المشفى .. والذهاب لخطبة حبيبته !
أصرت آيات على عدم عمل حفل للخطبة .. فقط يرتديان دبلتا الخطبة .. فعلى الرغم من سعادتها وفرحة قلبها .. إلا أنها كانت تشعر ببعض الخۏف .. الذى تتمنى أن يختفى تماما من داخلها .. توجهت برفقة كريم و إيمان و آدم ووالدته الى الصائغ لشراء دبلة الخطوبة .. نظرت الى الدبل المعروضة وهى تتذكر يوم ذهبت برفقة آدم ووالدها لشراء دبلة خطبتها الأولى .. لاحت سحابة حزن على وجهها وهى تتذكر كيف نزع والدها تلك الدبلة من اصبعها .. وكيف تحطمت يش فى صدره ليزيل تلك المخاۏف والآلام من قلبها تماما .. سألها كريم
ها .. اخترتى
نظرت الى تلك القطع الذهبية وهى تشعر بشئ من انقباض .. تمتمت بخفوت
لأ .. عادى .. مش مشكلة أى واحدة فيهم
قال آدم بحزم وعينيه على تلك القطع الذهبية
لأ
صمتت فأكمل
اختارى الدبلة اللى تحبيها .. واللى تحبى تلبسها
ثم قال بصوت حانى
عشان الدبلة اللى هتختاريها دلوقتى مش هتقلعيها من ايدك أبدا
خفق قلبها بقوة لكلماته التى أشعرتها بأنه يعى تماما تلك المخاۏف الت وقفت تنظر الى القطع الذهبية فى حيرة وعيناها تلمع بعبرات خفيفة .. لا تدرى ما اصابها فجأة .. لكنها وقفت مضطربة .. فجأة قال آدم للصائغ
شكرا
أشار لهم بالخروج .. شعرت آيات بالدهشة لكن دهشتها زالت عندما خرجوا من المحل وسمعته يقول ل كريم بحزم
هنروح محل تانى
أومأ كريم برأسه وتخيروا محلا آخر .. دخلت آيات فوضع الصائغ أمامها تشكيلة كبيرة .. فقال آدم وهو ينظر الى القطع الذهبية
لو معجبكيش حاجة هنا مفيش مشكلة نروح مكان تانى .. المهم تختارى حاجه حباها
أخذت آيات تنظر اليهم .. ثم .. وقع نظرها على احدى الدبل .. فقال قلبها نعم تلك .. أخذتها وارتدتها فى اصبعها .. الټفت آدم ينظر اليها .. خفق قلبه لمرآى تلك الابتسامه العذبة التى
متابعة القراءة