رواية ادم الفصول الاخيرة
المحتويات
.. مش هخليها تفرش هى الشقة وأنا يبقى مليش لازمه خالص كده
هتف كريم
حيرتنى معاك .. طيب ايه يرضيك
قال آدم
كريم اقفل الموضوع ده أحسن لانه منتهى بالنسبة لى
نظر اليه كريم قائلا
طيب عندى فكرة .. خد انت المبلغ على سبيل السلف وابقى ردهولى فى الوقت اللى يريحك
فكر آدم قليلا وهو مقطب الجبين ثم هز رأسه نفيا وقال
هتف كريم
يا آدم متبقاش عنيد .. أقولك .. امضيلي وصل أمانه
نظر اليه آدم بإهتمام فقال كريم
أظن كده مناسب .. امضيليى وصل أمانه أثبت حقى بيه .. وابقى ادفع فى المعاد اللى يريحك
تنهد آدم وبعد تفكير لفترة قال وهو يرفع حاجبيه بحزم
أنا ممكن أخد الفلوس بشرط واحد .. هكتبلك وصلات أمانه مش وصل واحد .. كل وصل بمعاد محدد للدفع وبمبلغ محدد .. يناسبك كده
أيوة مناسبنى
أخرج كريم دفتر شيكاته ودون بياناته ثم أعطاه الى آدم الذى مزقه فورا وهو يقول
ده لأ المبلغ ده كبير
تنهد كريم وهو ينظر اليه بغيظ .. ثم دون بيانات أخرى وأعطاه ل آدم الذى نظر اليه بعين الرضا .. ثم اخرج عدة أوراق وكتب وصولات الأمانه وسلمها الى كريم .. ثم نهض والتف حول المكتب معانقا اياها قائلا بإمتنان
ابتسم له كريم وقال
يا عم متقولش كده .. ربنا يوفقكوا ويتمملكوا بخير
خرج كريم من مكتب آدم الذى اتسعت ابتسامته وظل يحمد الله بلسانه وقلبه وكل جوارحه .. خرج كريم ينظر الى وصولات الأمانه .. ثم .. مزقها الى قطع صغيره وألقاها مبتسما فى أول سلة قمامة قابلته !
جلست سمر ليلة عرسها تنظر الى فستان زفافها الأبيض الطويل وعيونها تلمع بعبرات خفيفه وباتسامه صغيره على ثغرها .. علقته فى مكان مرتفع حتى لا يتكرمش ثم دخلت الى فراشها بعدما شربت كوبا من اللبن الدافئ .. نظرت الى فستانها بفرح .. ثم ما لبثت أن اختفت ابتسامته اتدريجيا ولمعت العبرات فى عينيها أكثر .. حتى كانت عيناها كبئر فاض بمائه على ما حوله ..مسحت عبراتها بأصابعها وهى تحاول تمالك نفسها دون جدوى .. فتحت أمها الباب فجأة مبتسمة وهى تقول بمرح
تجمدت ابتسامتها على ثغرها وهى تنظر الى سمر الباكية .. اقتربت منها بلوعة وقالت
سمر مالك .. اتخانقتى انتى و زياد
هزت رأسها نفيا .. وهى تحاول أن تهدئ من روعها .. جلست أمها بجوارها وقالت وهى تمسح عبراتها بيدها
أمال مالك يا حبيبتى
قالت سمر بصوت مرتجف وهى تضم قدميها الى صدرها
أنهت كلامها لتجهش فى بكاء حار وهى تهتف
لكن أنا مش فارقه معاه أصلا .. مش فارقه حتى انه يشوفنى ولا يطمن عليا .. خلفنى ليه طيب .. خلفنى ليه
عارفه رغم كل السنين اللى فاتت دى .. أنا لسه عندى أمل انه فى يوم قلبه يحن ويسأل عليا .. عارفه لو جالى وقالى سامحيني أنا هعمل ايه
نظرت اليها أمها لترى ذاك الألم الذى ينطق به وجه سمر ودموعها المتساقطة وهى تقول بمرارة
هسامحه .. والله هسامحه .. وهنسى كل حاجة ..بس هو ييجى بس .. أو حتى يسأل عليا .. ده ميعرفش حتى اذا كنت عايشة ولا مېته
تنهدت أمها بقوة عليها تطفئ من تلك النيران التى شعرت بها داخل صدرها .. ثم نظرت الى سمر بتردد .. پخوف .. پألم .. بخجل .. بضيق .. بحنان .. بأسف .. وقالت
لأ عارف
توقفت سمر عن البكاء لتنظر اليها دون فهم .. فأكملت أمها بصوت مرتجف
عارف انك عايشة .. وانك كبرتى ودخلتى المدرسة .. ومش ناقصك حاجة
اتسعت عينا سمر فى محجريهما بشدة .. وفغرت فاها فى دهشة وقد شلت الصدمة لسانها .. لحظات وبلعت ريقها وهى تقول بلهفة
يعني ايه .. وهيعرف منين .. مش فاهمة .. وانتى عرفنى منين .. انتى بتقولى ايه
قالت أمها وهى تغالب عبراتها
أبوكى اتصل بيا يطمن عليكي يا سمر
أمسكتها سمر من ذراعها بقوة وهى تهتف بلهفة
ماما انتى بتقولى ايه .. ازاى يعني .. بابا بيكلمك وانتى بتكلميه .. ازاى يعني .. ماما فهميني أبوس ايدك
هتفت أمها پألم وهى تعاود بكائها
أبوكى المحترم بعد ما سابنى وسابك وسافر منعرفش عنه حاجة رجع افتكر بعد 15 سنة غياب ان عنده زوجة وبنت .. اتصل على تليفون البيت القديم الى كنا عايشين فيه .. حاول يعتذر ويتأسف كان ممكن أسامحه بس .........
ثم هتفت پغضب ومرارة
لقيته بيقولى انه اتجوز واحدة من البلد اللى كان عايش فيها .. وخلف منها كمان .. وقالى وقتها انه رجع مصر هو ومراته وولاده وعايز يشوفنى ويشوفك
اتسعت عينا سمر وهى تسمع مصډومة الى اعتراف والدتها التى أكملت پحده
طبعا رفضت وقولته مستحيل أخليك تشوفنى ولا تشوف بنتك .. حاول كتير واترجانى كتير .. بس احنا كنا خلاص ظبطنا حياتنا من غيره .. ومعدلوش وجود بينا
هتفت سمر پحده
ليه ما قولتليش يا ماما .. ليه لما اتصل بيكي ما قولتليش
قالت والدتها پغضب هادر
أقولك ليه .. ده واحد باعنى وباعك وراح عاش فى بلد تانية وكون أسره تانية .. ووقت ما حب ينزل مصر افتكر انه له بنت مخلفها .. ده واحد ميستحقش انه يكون أب
قالت سمر باكيه
وأنا قولتلك انى مستعده أسامحه .. انتى متعرفيش احساسى وأنا عايسة وعارف ان ليا أب وناسيني ومبيسألك عليا .. ليه ما قولتليش وقت ما اتصل يا ماما .. ليه .. كان من حقى أعرف
ثم قالت كأنها تحدث نفسها
يعني لما اتصل بيكي كنت أنا عندى 15 سنة ولا 16 سنة .. كان ممكن تريحيني وتقوليلى على الأقل انه اتصل بيا .. انه سأل عنى .. بدل ما تسيبنى أتعذب كده
ثم نظرت اليه وهتفت
حرام عليكى ليه تحرمينى منه
قالت أمها پغضب
هو اللى حرمك منه مش أنا
قالت سمر بعتاب
انت بصيتى لكرامتك يا ماما ولزعلك منه لكن مبصتيش اذا كنت أنا محتجاه فى حياتى ولا لأ .. مش من حقك تحرميني منه طالما طلب يشوفنى .. أى زوج وزوجة لما بينفصلوا عن بعض المفروض ميدخلوش ولادهم فى خلافاتهم .. هما ملهمش ذنب .. حتى لو الأم کرهت الأب والأب كره الأم ولادهم هيفضلوا يحبوهم هما الاتنين .. وهيفضلوا محتاجينلهم هما التنين .. وحرام واحد فيهم يحرم التانى من ولاده .. حرام .. كان لازم تبصيلى أنا وتهتمى بمشاعرى أنا مش بمشاعرك انتى .. كان لازم تشوفى أنا محتاجه بابا ولا لأ .. عايزه أشوفه ويشوفنى ولا لأ .. حتى لو انتى كرهتيه أما مش هقدر أكرهه أنا بحبه حتى من غير ما أشوفه .. حرام عليكي اللى عملتيه فيا
ثم قالت باكية
انتى كده قاطعه للرحم يا ماما .. بعدتيني عن بابا طول السنين دى .. عارفه ربنا بيقول ايه عن قاطع الرحم .. والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعڼة ولهم سوء الدار
ثم قالت
عارف النبي صلى الله عليه وسلم بيقول ايه .. إن أعمال بني آدم تعرض على الله تبارك وتعالى عشية كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم
تنهدت أمها بأسها وهى مطرقة برأسها مغمضة العينين تشعر بالوهن .. ربتت سمر على ظهرها قائله بقلق
ماما انتى كويسة
أومأت برأسها دون أن تفتح عينيها .. لحظات وهضت وخرجت من الغرفة .. أسندت سمر برأسها الذى أصابعه الصداع الى وسادتها وهى تفكر فى أسى في اعترافات والدتها التى لم تكن تتوقعها قط .. عادت والدتها حاملة هاتفها .. أعطتها لها قائله
ده رقمه .. احتفظت برقمه .. معرفش ليه احتفظت بيه .. بس وقتها كان التليفون فيه اظهار .. ولقيت نفسى بحتفظ بالرقم وبكتبه عندى فى ورقة
ثم قالت
معرفش لو اتصلتى هتلاقى حد يرد عليكي ولا لأ .. أنا مجربتش أتصل بيه أبدا
تركتها أمها وأغلقت الباب خلفها .. نظرت سمر الى رقم الهاتف المدون فى هاتف والدتها .. هذا هو الخيط الوحيد الذى قد يصلها بوالدها مرة اخرى ..
ترى أتأخذ تلك الخطوة وتهاتفه .. لم تحتاج وقتا للتفكير .. اتصلت بأيدي مرتعشة وبقلب وجل ومشاعر مضطربة .. سمعت الرنين كالطنين فى أذنها .. ممل .. رتيب .. ثم
ألو
صوت رجولى .. لم تستطع أن تتبين إن كان صغيرا أم كبيرا .. رد الصوت مرة أخرى
ألو .. ألو
صوته أجش .. مازالت لا تستطيع تحديد سنه .. أغلق الخط ! .. حاولت الاتصال مرة أخرى
أيو .. مين بيتصل .. الخط مفتوح رد
تنحنحت وقالت بصوت خاڤت جدا
ألو
أيوة .. مين
لا تعرف ماذا تقول .. لا تعرف إن كان والدها أم لا .. قالت بصوت مرتجف مضطرب
أنا .. انا سمر .. ممكن أكلم .....
أرادت أن تقول بابا لكنها لم تستطع .. اغرورقت عيناها بالعبرات .. لم تنطق تلك الكلمة قط .. لم توجهها الى رجل قط .. كيف تنطقها الآن .. قال بصوت يبد وعليه آثار البكاء
أنا كنت عايزة أتكلم مع الأستاذ .........
لم تكمل حديثها .. قاطعها الرجل قائلا
سمر !
حاولت السيطرة على ارتجافة صوتها وهى تقول
أنا .. أيوة اسمى سمر .. أنا لو سمحت كنت عايزه أتكلم مع الأستاذ ........ .. هو موجود
لم تجد ردا .. فقط تستمع الى صوت تنفسه المضطرب .. فقالت بتوتر
متابعة القراءة