رواية كاملة قوية جدا الفصول من السادس وستون الي السبعون بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
أنا مكنش يصح اتدخل .. عموما أنا همشي عشان اتأخرت
استقام واقفا ورد بأسف حقيقي يظهر في عيناه
_ طيب استنى هوصلك
رفضت رفض قاطع واجابته بحزم
_ لا ملوش لزمة .. أنا همشي وحدي خليك إنت كمل لوحتك
أنهت جملتها واندفعت مسرعة لخارج المعرض بينما هو فلحق بها شبه ركضا وصاح عليها
_ مهرة استنى
_ آدم قولتلك همشي وحدي .. والأفضل نتكلم بعدين لما تهدى
جملتها جعلته يتسمر مكانه وهو يتأفف ويلعن حماقته على ما تفوه به !! ......
نزلت هنا أولا من السيارة قبل أمها واسرعت ركضا نحو المنزل حيث توجد جدتها .. وكانت جلنار خلفها تسير بهدوء نحو الداخل .
فور دخولهم رحبت بهم الخادمة بكل حب وسعادة بينما الصغيرة فركضت مسرعة للأعلى حيث غرفة جدتها .. وبقت جلنار بالأسفل بعد أن جلست فوق الأريكة .. لتسمع صوت الخادم بعد ثواني وهي تقول
نظرت لها جلنار وابتسمت بلطف ثم ردت
_ شكرا ياسماح .. بعدين أنا مش غريبة لو عايزة حاجة هقوم اجيبها بنفسي .. إنتي معاكي شغل روحي كمليه
سماح مبتسمة بود
_ طيب استأذنك أنا بقى
ظلت جلنار مكانها تتجول بنظرها بين أرجاء المنزل بعد رحيل الخادمة وكأنها ترى المنزل للوهلة الأولى .. تشعر بطاقة غريبة تملأ المنزل .. ربما الحزن أو التفكك كأنه بيت مهجور لا يسكنه بشړ !! .
أغلقت عيناها وتركت العنان لانفها وروحها في استنشاق رائحته .. الغريب أن تلك الرائحة لم تثير معدتها كالعادة بل أيقظت مشاعر الشوق بثناياها .. ولأول مرة منذ فراقهم يتملكها شعور الرغبة في معانقته والنوم بين ذراعيه .. اشتاقت له كثيرا .. يبدو أنه لن يكون وحده من يعاني من الآم الشوق !! .
عبارة خرجت من صوت أنثوي من خلفها .. كانت أسمهان !!
استدارت جلنار بجسدها للخلف وابتسمت بمرارة ترد عليها في ألم
_ المرة دي هو اللي مش عايزني
اردفت أسمهان دون تردد
_ غباء
ضيقت عيناها بدهشة من أهانتها الصريحة كما ظنتها لكن سرعان ما تابعت وهي تقترب منها
سكتت للحظة ثم أكملت بعينان لامعة بالدموع
_ أنا كنت غبية وبسبب غروري وشړي وحقدي خسړت ولادي .. بلاش إنتي كمان تبقى زي وتخسريه حافظي عليه ومتسبهوش هو محتاجك جدا
_ إنتي مخسرتهمش .. ده عقاپ وحتى لو كان قاسې عليكي بس لازم تستحمليه .. اللي انتي عملتيه مش قليل واخطائك صعب إنه يتقبلها حد وخصوصا عدنان وآدم
هتفت أسمهان باكية
_ أنا مستعدة أعمل أي حاجة عشان يسامحوني
جلنار بصوت رخيم
_ هما لما يحسوا بندمك بجد هيرجعولك ومسيرهم في يوم شوقهم وحبهم هيغلبهم
نظرت لها وطالعتها بحيرة ثم ردت
_ طب وإنتي .. ازاي واقفة جمبي وبتواسيني ياجلنار رغم كل اللي عملته فيكي
ارتفعت لثغره بسمة واسعة ثم تمتمت بلطف ورقة تليق بتلك الزهرة الجميلة
_ انتي كنتي بتكرهيني بسبب حبك لبابا وغيرتك من ماما الله يرحمها .. واحيانا كنت بعذرك وبديكي الحق إنك تكرهيني لأن دي حاجة مش بإيدك .. لكن ده مش معناه اني سامحت في الأذية وخصوصا في محاولتك لقتلي أنا وبنتي .. صعب أوي أسامح لكن اقدر أقولك إن ندمك الحقيقي اللي شيفاه قدامي ده خلاني أصفالك شوية
انخرطت أسمهان في نوبة بكاء عڼيفة لم يوقفها سوى دخول هنا التي كانت تركض باتجاه أمها .. واسرعت أسمهان في تجفيف دموعها حتى لا تراها الصغيرة ! ....
بتمام الساعة الحادي عشر قبل منتصف الليل داخل مقر شركة الشافعي تحديدا بغرفة الاجتماعات .......
كان يجلس عدنان بمفرده حول الطاولة الضخمة .. يجلس بمقصورتها في مكانه المخصص له .. وعيناه عالقة على اللاشيء أمامه بفراغ وعقله شارد في التفكير بزهرته وابنته .. لا يمكنه إيقاف صوته الداخلي الذي ېصرخ بكلمة واحدة فقط شوق .. جزء منه غاضب وجزء يتألم من الفراق .. نصف يريدها أن تكون بين ذراعيه الليلة قبل غدا ونصف ينتظر رؤية ضوء العشق والرغبة بعيناها .
ربما مر شهر فقط أو أكثر منذ فراقهم لكن الأيام مرت كالسنوات عليه وهو يقضى الليالي وحيدا بالمنزل .. مفتقدا لصوت خطوات صغيرة قلبه بالمنزل وصوت ضحكاتها .. مشتاقا لرائحة رمانته ومشاهدته له بينما تتنقل أمامه كالفراشة الجميلة .
تعهد بإثبات عشقه الدفين لكن الظروف سبقته وحققت تعهده .. تلك الظروف التي قامت هي بصنعها حين اختارت النهاية بدلا من البداية ! .
رفع كفيه ومسح على وجهه متأففا بخنق ثم جذب مفاتيح سيارته وهاتفه واستقام واقفا ليغادر الغرفة ومنها الشركة بأكملها ! .
استقل بسيارته وانطلق بها يشق الطرقات بسرعة شديدة .. وبينما كان ينوي الذهاب للمنزل توقف بمنتصف الطريق بعد تفكير لم يدم طويلا وغير وجهة سيارته لتصبح وجهته الجديدة نحو منزل نشأت الرازي .
دقائق طويلة نسبيا وتوقف بالسيارة أمام منزل نشأت ليفتح الباب وينزل ثم يقود خطواته للداخل .. وكالعادة بات الأمر طبيعيا بالنسبة لبدرية الخادمة حيث اعتادت على زيارته المسائية هذا كل عدة أيام لكي يطمئن على ابنته وزوجته .. وبكل مرة تستقبل بنفس الحرارة والود وهو يبادلها الابتسامة العذبة .. لكن اليوم كان عابس الوجه مهموم ووجه شاحب كأنه لم يذق النوم أو الطعام منذ أيام ! .. حتى أنها طالعته باستغراب ولم تعقب فقط تابعته وهو يصعد الدرج للطابق الثاني حيث غرفة ابنته وزوجته .
تقدم عدنان من غرفة ابنته وفتح الباب بحذر شديد حتى لا يوقظها ثم دخل و اقترب من فراشها وجلس بجوارها على حافته .. لينحنى قليلا عليها ويلثم شعرها وجبهتها بحنو .. ثم يمد أنامله يكررها بين خصلات شعرها برفق هامسا
_ البيت وحش أوي من غيرك ياقلب بابي .. أنا مبقتش قادر ارجع البيت كل ليلة وأنا عارف إن انتي وماما مش موجودين فيه
صمت للحظة ثم تابع بمرارة
_ رغم إني بشوفكم كل يوم بس مشتقالكم لدرجة لا يمكن حد يتخيلها .. وحشتيني ياهنايا ياروح بابي
ثم مال عليها مجددا وراح يلثم شعرها ووجنتها بعدة قبلات متتالية .. ابتعد بعد ثواني واستقرت في عيناه نظرة دافئة كلها حب أبوي نقي قبل أن يستقيم واقفا ويغادر غرفتها بنفس الهدوء والحذر .
كانت وجهته الثانية معروفة وهي غرفة جلنار .. وصل أمام الباب وفتحه برفق ثم دخل واغلقه خلفه ليتقدم
متابعة القراءة