رواية كاملة قوية جدا الفصول من السادس وستون الي السبعون بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
بينهم وهو يمر من جوارها هامسا بخشونة
_ تعالي ورايا !
لم تتفوه بحرف واحد .. فقط سارت خلفه منصاعة خلف أوامره في طاعة تظهر نادرا عليها !! وصلا لغرفة مكتبه الخاصة ودخل هو أولا لتتبعه هي وتغلق الباب خلفها بهدوء .. فتسمع سؤاله المتوقع وهو يقول
_ كنتي بتعملي إيه في مكتب مروة !
ابتسمت وردت بكل بساطة وهي تقترب منه
رأته حاجبه اليسار يرتفع في حركة تلقائية منه عندما يكون غير مقتنع أو الشك يتملكه .. لكنها لم تترك الفرصة له ليتأكد من شكوكه حيث بقت تقف أمامه بكل ثبات وشجاعة كأنها تؤكد له العكس ! .
عدنان بصوت رجولي
_ جلنار إنتي في حاجة مخبياها عني
_ حاجة إيه ! .. هخبي عنك ايه يعني !
عدنان بنظرة دقيقة
_ معرفش أنا بسألك !
_ لا مفيش متقلقش
القى عليها نظرة دون اقتناع وقال بهدوء
_ كويس !!!
تابعته بعيناها وهي تراه يستدير ويسير مبتعدا عنها ليجلس فوق مقعده ويبدأ في متابعة أعماله متجاهلا وجودها عمدا .. رغم خنقها إلا أنها لم تعلق وسارت بخطوات ناعمة نحو الأريكة لتجلس فوقها وتتأمله بنظراتها وهو يعمل .. على أمل أن يرفع نظره لمرة واحدة ويتطلع لها لكنه كان ماهرا في التصرف بقسۏة مما مزق قلبها ألما .
_ مش هتسألني جيت ليه !!
ابتسم ورد بدهاء رجولي ومكر
_ مش هسألك لأن واضح إن حد قالك على اللي حصل الصبح وجيتي عشان تفرحي فيها
استشاطت غيظا ووثبت واقفة ثم اندفعت نحوه لتقف أمام مكتبه وتنحنى عليه صائحة پغضب امتزج بنظراتها المتأججة بنيران الغيرة
لم يعلق وبقى ساكنا يحاول الظهور بثبات حتى لا ټخونه ابتسامته ليقول ببرود ماهر
_ اقعدي ومش على اي حاجة تعصبي نفسك بالشكل ده .. مش أنا اللي هفكرك بكلام الدكتورة !
كادت أن تجيبه صائحة لكن فور أن تخللت رائحة عطره لأنفها .. أثارت معدتها بشكل سيء وجعلتها فورا تهرول نحو الحمام .
_ جلنار هو الاستفراغ الكتير ده طبيعي .. نروح للدكتورة طيب
توقفت عن التقيؤ بعدما أفرغت معدتها وفتحت مياه الصنبور لكي تغسل وجهها لكنه أبعد يدها بلطف وراح هو يغسل لها وجهها برقة ثم اغلق المياه والتقط المنشفة الصغيرة ليناولها لها حتى تجفف مياه وجهها .. رغم ما فعله وتصرفه العاطفي والجميل إلا أنه لم يشفع له حيث صاحت به بعدما انتهت من تجفيف وجهها
_ وأنا إيه عرفني إنك جاية الشركة النهارده !!
صمتت حين لم تجد الكلمات لتجيب عليه .. مرت نصف دقيقة تقريبا حتى وجدها تقترب منه وتهمس بنظرات مشټعلة تحمل وعيد شيطاني
_ متتوقعش مني اشوف واحدة بتحاول تقربلك وتاخدك مني واسكت .. لا يمكن اسمح يا عدنان .. واياك تدافع عن واحدة قدامي عشان هتندم
كان مدهوشا من تحولها الغريب .. كأن زهرته الحمراء الرقيقة أصبحت زهرة صبار قاسېة وشرسة لا يمكنه اخفاء أن ذلك التحول في رمانته أعجبه كثيرا .. وغيرتها المختلفة التي تزداد شراسة تروقه أكثر ! .
تركته واندفعت لخارج الحمام .. ليظل هو مكانه ويطلق عنان ابتسامته أخيرا وهو يهمس
_ إنتي بقي يتخاف منك يا رمانتي !
داخل معرض آدم الشافعي ......
كان يجلس فوق مقعد الرسم خاصته وأمامه لوحته يمر بفرشته عليها في حركة دقيقة ومدروسة وكانت مهرة بجواره تتابعه مبتسمة بإعجاب وحب .. وهو بين كل لحظة والأخرى يلتفت لها وينظر لها بغرام ثم يعود ويكمل .
بعد وقت طويل من الصمت بينهم قطعته هي بهمستها الجميلة
_ آدم
رد عليها في حنو دون أن يرفع فرشته عن اللوحة
_ عيونه !
ابتسمت بالبداية كردة فعل تلقائية على كلمته .. لكن سرعان ما تلاشت الابتسامة وتنهدت بعمق ثم اردفت في توتر من ردة الفعل التي ستقابلها منه
_ إنت مش ناوي ترجع لمامتك وتسامحها !
توقفت يده وانزل الفرشاة ببطء لا إردايا ثم الټفت لها برأسه وقال في غلظة وتحولت نبرته من الحنو والغرام لأخرى يملأها الڠضب والخنق
_ مهرة أنا قولتلك كذا مرة بلاش نتكلم في الموضوع ده
اجابته بقوة وضيق
_ وبلاش ليه إنت هتفضل طول عمرك مش عايز تكلمها ولا تشوفها يعني
رمقها بنظرة منذرة وعينان بدأت تلوح بهم بشائر السخط الحقيقي
_ مهرة
لم تكترث لتحذيراته وأكملت هي مستاءة منه
_ إنت لو شفتها لما جات عندي كان وضعها وحالتها ازاي .. هتندم أوي وهتكره نفسك .. هي روحها فيك إنت وعدنان ومش قادرة تستحمل بعدكم عنها حتى لو هي غلطت متبقوش قاسيين عليها بالشكل ده خصوصا أنها عرفت غلطها وندمت
غضن حاجبيه بدهشة وسألها
_ جات عندك امتى وفين
أخذت نفسا عميقا وردت بهدوء
_ جات قبل الخطوبة في المكتبة .. كانت جاية تعتذر مني على معاملتها ليا وكل حاجة .. وبجد أنا وقتها حسيت بحبها وتعليقها بيكم وإنها مهتمش لكرامتها ولا كبريائها اللي معروفة بيهم طبعا وجات واعتذرت مني بنفسها .. بس عشان ترضيك
شعر بتلك اللمعة الصغيرة في أعمق نقطة بقلبه تلين لها .. لكن فور تذكره لأفعالها الشنيعة يعود غضبه ونفوره منها مرة أخرى .. بينما مهرة ففسرت صمته بأن استسلم أخيرا وثلوج قلبه ذابت وسيسامحها لكنها لم تكن تدري أن هناك طوفان سينفجر بها الآن حيث اقتربت منه أكثر وقالت باسمة برفق
_ قوم بينا يلا نروح لها وقولها إنك سامحتها .. مهما كان غلطها صدقني ميستحقش إنك تخسر مامتك بسببه يا آدم .. كفاية أنها ندمانة
وهاهو الطوفان قد وصل حيث صاح بها بصوري جهوري نفضها مكانها
_ مهما كان غلطها ! .. طبعا هي مقالتكيش على غلطها ولا عملت إيه ومتقدرش تقول أصلا .. تصرفي أنا وعدنان معاها ده اقل عقاپ ليها بعد كل المصاېب والبلاوي اللي عملتها .. متفتحيش الموضوع ده تاني قدامي يامهرة والافضل متدخليش في الأمور العائلية
اتسعت عيناها في صدمة بعد آخر عباراتها ! .. وكأن تلك الجملة الأخيرة انطلقت كسهم مسمۏم واستقرت بيسار صدرها .. جعلت قسمات وجهها تتقوس وتتبدل كليا من القوة والحنو إلى خجل وحزن ! .
أماءت برأسها في تفهم وقالت باسمة بمرارة
_ عندك حق .. أنا آسفة
ثم هبت واقفة تهم بالمغادرة لكنه قبض على ذراعها كأنه أدرك فداحة خطأه الآن وقال بنظرة نادمة
_ مهرة أنا مكنتش اقصد والله ب.......
قاطعته وهي تسحب يده ببطء من قبضته وترد باسمة في طبيعية مزيفة
_ أنا مش زعلانة يا آدم .. وأنت عندك حق
متابعة القراءة