رواية تحفة الفصول من التاسع والعشرون للثالث والثلاثون الاخير بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
شهور ! وإزاي فرح وهنا محدش جابلى سيرة كل الفترة دى ..
والدة فرح بعدم فهم
_ وهيقولولك إزاى وامتى يابنى ..
هشام موضحا
_ يعنى إيه ازاى وامتى ماأنا لسة كنت مع فرح النهاردة وبكلم هنا كل يوم تقريبا ..
والدة فرح بذهول
_ كنت مع فرح وبتكلم هنا ازاى ..
هشام بعصبية ناظرا فى ساعة هاتفه التى تجاوزت الثانية صباحا
أمتدت يد العجوز مربتة على كتفه برفق قبل أن تقول بأعين لم تكف عن البكاء والنحيب للحظة
_فرح وهنا ماتوا مع أبوهم من خمس شهور وأتدفنوا معاه فى لندن !!!
الفصل الواحد والثلاثون
هل كفت الأرض عن الدوران أم زادت من سرعتها حتى أنك بت تشعر أن كل ماحولك يستمر فى التحرك بتعجل بينما أنت مجرد جماد صلب ثابت يحاول الإستيعاب !
أبتسم هشام دونما وعى قائلا بعبث
_ هو الظاهر إن حضرتك مرهقة من السفر ومش مجمعة كويس ...
ثم أضاف موضحا
_ أكيد طبعا ۏفاة شريك حياتك دى حاجة صعبة مخلياكى مش عارفة تحددى الزمن بالظبط وعشان كدة أنا لازم أكلم فرح أبلغها برجوعك ..
_ أو الاحسن إنى أكلم هنا دلوقتى ..
أجابته الأم وهى لازالت تزرف المزيد من الدمعات
_ أستهدى بالله بس ياهشام ..
أصابه التوتر من طريقة حديثها وكأنها تستمع إلى مچنون أو معتوه مما دفعه للقول بعصبية وهو ينظر إلى هاتفه بتصميم
_ مش مصدقانى طب أنا هثبتلك وهكلمها ..
أمتلأت عدستى الأم بالأسى بعد أن كادت على وشك التشبث بأى أمل فأثاره ذلك وزاد من عصبيته وهو يقول مبررا
لم تجبه الأم بل قالت بيأس
_ طيب تعالى أقعد شويه ياهشام ...
أتبعها كالمسحور وهو لازال ينظر إلى هاتفه وكأنه يرجوه الرنين بأى لحظة كى يثبت صدقه لكن سرعان ماتجاوزت الساعة الثانية والنصف دونما جدوى مما دفع الأم للتحدث قائلة بإشفاق
أرتفع صوت هشام قائلا بإضطراب كمن فقد عقله
_ نتكلم فى إيه أنا مش مچنون .. هنا بتكلمنى كل يوم وكمان شوفتها بعينى .. أيوه جاتلى البيت بعد ما ....
ألتمعت عيناه بحماس عقب تذكره
_ فرح .. آه فرح أتجوزت كريم وساكنة الشارع اللى ورانا .. والمرادى مش هتصلك بيها لا .. المرادى هاخدك ليها وهتشوفيها بعينك زى ماأنتى شايفانى دلوقتى ..
جذبها هشام من يدها بقوة من غير الإستماع إلى إجابتها جارا إياها من ورائه دونما إحتساب ضعفها وإنهاك جسدها وذلك بعد أن عجزت هى عن الإفلات من قبضته القوية أو لربما لم تقاوم كثيرا خوفا مع مظهره الغير سوى خاصة مع تلك الكلمات المرتعشة التى ترددت على لسانه بتكرار قائلا كالمغيب عما حوله وكأنه يحاول إقناع نفسه
_ آه فرح إتجوزت كريم .. أيوه كريم صح ...
لم تستطع الأم تحديد معالم ماحولها فى ذلك الليل الدامس حيث كادت أن تتعثر لعدة مرات بينما هو كان يحفظ طريقه إلى المنزل عن ظهر قلب وما إن توصل إليه حتى تركها قافزا تلك الدرجات المؤدية إلى الباب بكل ثقة بعد أن ظهرت إبتسامته قائلا بغرور موليها ظهره
_ أهو البيت موجود مطلعش تهيؤات الحمد لله ..
لكن تلك الإبتسامة سرعان مابدأت فى الإنكماش حتى أختفت تدريجيا أثناء طرقه لباب المنزل العديد من المرات لكن دون جدوى فقد أعصابه وثارت ثائرته مع كل طرقة يطرقها حتى تحولت تلك الطرقات إلى دبدبات وركلات عڼيفة أتبعها صوته الجهور الذى شق سكون الليل الهادئ مناديا بإسم صديقه مع مكالمات لم تنتهى لهاتف كريم أقترن بها بحث عدستيه عن سيارة صديقه فى الجوار والتى بالطبع لم يعثر لها على أثر هى الأخرى ..
وفى النهاية لم يجد من يجب عليه سوى الصمت المطبق ...
كالمچنون خرجت كلماته الهيستيرية قائلا أثناء توجهه إلى الام
_ هم فين .. راحوا فين كلهم ..
صمت قليلا قبل أن يقول بأعين ملتمعة وكأنه أستطاع كشف ذلك الشرك الذى يحيكونه ضده
_ ااااه أنا دلوقتى فهمت كل حاجة ياشوية ڼصابين ياحرامية بعد ماأخدتوا فلوسى عاوزين تجننونى مش كده ...
تراجعت والدة فرح إلى الخلف عدة خطوات پذعر محاولة الإبتعاد عنه عندما نظر إليها بتوعد قائلا
_ بس أنا مش هسيبكوا ..
وقبل أن تفر هاربة تلك المسكينة أمسك هو إحدى ذراعيها بقوة قائلا بأعين يتطاير منها الشرر
_ أنطقى بناتك فين أنا عاوز فلوسى ..
حاولت هى الإفلات منه قائلة بإستنكار
_ إيه اللى أنت بتعمله ده انت أتجننت رسمى ..
هشام بسخرية
_ وهو أنتوا لسه شوفتوا جنان ده انا هوريكى إنتى وبناتك اللى عمركوا ماشوفتوه ..
بالأخير تمكنت هى من التملص منه قائلة بحدة
_ شيل إيدك دى .. عارف لو مكنتش جارنا من ٥ سنين كان زمانى وديتك ورا الشمس وطلبتلك البوليس ..
ثم أضافت بإشمئزاز
_ أنا اللى أستاهل إنى مشيت ورا واحد مچنون زيك ..
تركته فى الحال مهرولة بعيدا بعدما تجمع عددا من سكان المنازل المجاورة محاولين فهم مايجرى بينما هو ظل واقفا بذهول غير قادر على الإستيعاب تلفت إلى من حوله پذعر قبل أن يتوجه إلى باب المنزل من جديد يطرقه بقوة لعدة دقائق مستمرة كالمچنون آملا فى التوصل إلى قاطنيه ولكن كل ذلك أيضا كان دون جدوى !!
هاهى تمر ليلته الأولى بدونها ..
هو مجرد بشرى آثم فى الحياة الدنيا وهى ملاك فى عالم مواز لاتشعر داخله بشئ ولاتتذكر سوى قسۏة فؤاده عليها ...
هذا هو ماشغل تفكيره أثناء وقوفه أمام غرفتها يتأمل وجهها الساكن من وراء الزجاج الداكن بعد أن قضى معظم يومه زارعا أرضية المشفى من أمامها ذهابا وإيابا منتظرا أى حركة ولو بسيطة تشير إلى رجوعها إليه من جديد ..
حاول جاهدا تنفيذ إقتراح صديقه بالدلوف إليها والتحدث معها عل صوته ينجح فى بث الطمأنينة إليها من جديد فتستجيب إليه بمعجزة عجز الطب عن تحقيقها لكنه لم يستطع ... بل لم يجرؤ حتى على الإقتراب منها وبث كلماته إليها تلك الكلمات المسمۏمة التى كانت السبب فى ماآل إليه حالها الآن ..
لم يشعر كريم بالوقت أو بحلول الليل سوى عندما خفت الحركة بالتدريج من حوله وعم الهدوء أرجاء المشفى إلا من بعض همهمات الممرضات اللاتى
متابعة القراءة