رواية تحفة الفصول من التاسع والعشرون للثالث والثلاثون الاخير بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

زى ماكان زمان ..
أهدته زوجته إبتسامة مطمأنة قبل أن تقول 
_ متشغلش بالك باللى فات .. ويلا عشان تنام بقى ..
أقترب منها طابعا قبلة طويلة أعلى جبهتها وربت على شعيراتها برفق لعدة دقائق وهى بين أحضانه حتى غطت فى نوم عميق فأراح رأسها على وسادتها وأعتدل هو الآخر فى نومته قبل أن يغادر إلى عالم الأحلام ..
فى تمام الساعه الثانية صباحا ....
دون مقدمات قامت فرح بفتح عينيها حتى آخرهما وكأنها كانت متيقظة منذ ساعات غادرت فراشها بحذر وأتجهت إلى دولابها بخطوات ثابتة بطيئة ومدت إحدى يديها بين طيات ملابسها المطواه لتخرج منه جهاز التسجيل خاصتها وتضغط على إحدى أزراره قبل أن تبدأ بالتحدث قائلة 
_ صباح الخير يافروحة مټخافيش أنا لسه موجودة معاكى محدش هيقدر يبعدنى عنك مهما حصل .. يمكن أكون إختفيت كام يوم بس خليكى واثقة إنى مهما بعدت بردو هرجع بس المرادى أقوى من الأول ..
أنتهت من تسجيلها وقامت بإغلاق الجهاز بعد أن ضبطت المؤشر على إرسال تلك الرسالة الصوتية فى صورة مكالمة إلى رقمها المسجل عليه فى تمام التاسعة صباحا أى بعد سبع ساعات كاملة .. 
وسط ذلك الظلام الحالك أرتسمت إبتسامة جانبية أعلى شفتيها بعد أن ألتمعت عيناها بدهاء متذكرة جميع ماحدث من قبل ..
فذلك هو الجهاز الصغير الذى جمع الكثير من ذكرياتهما فى الفترة الأخيرة أبتاعه التوأمان ذات يوم أثناء تسوقهما فى شوارع لندن هى تتذكر كلام البائع لهن جيدا ..
فذلك الجهاز يعمل كمسجل ولكنه يمتاز بخاصية إرسال المكالمات الصوتية بدون بطاقة فى صورة مكالمة هاتفيه فمن الممكن إستخدامه لتذكير نفسك بأى شىء تريده وكل ماعليك فعله هو وضع الأرقام الخاصة بك داخله وضبط الوقت المراد إرسال المكالمات به ..
كما إنه يمكنك من عمل مكالمات هاتفية حقيقية عن طريق مركز الإرسال الهوائى المثبت به فيعمل كجهاز تليفون أرضى ولا يظهر الرقم للمتصل به لكن بالطبع تلك المكالمات لن تمتد طويلا فهو بالنهاية بدون بطاقه !!
كل تلك المعلومات تخزنت دون وعى بداخل عقلها الباطن الذى أبى التفريق بينها وبين توأمتها رافضا فكرة إنتقالها إلى حياة أخرى بدونها لذا عمل فى الخفاء دون وعى صاحبته بعد أن أقنعها بتواجد شقيقتها على قيد الحياة .. 
أجبرها على الإستيقاظ فى تمام الثانية بعد منتصف الليل بعد إطمئنانه لذهاب الجزء الواعى من عقلها فى ثبات عميق بينما هو يظل متيقظا لحثها على تسجيل رسالة لفرح من أختها هنا .. هنا التى كان يعمل لصالحها طوال هذا الوقت ..
لم تجد هنا فرصة للظهور وتحقيق مرادها سوى بالإتفاق مع ذلك العقل الباطن المخادع الذى تحايل على فرح بكل سهولة لتتناس جميع ماتفعله ليلا وتستقبل مكالماتها صباحا بكل شوق ولهفة ظنا منها أنها من شقيقتها ..
ذلك العقل يكون هو المسيطر الوحيد أثناء مكالماتها مع هشام ليلا يستمتع بتكوين المكائد وإيذاء صاحبته التى تغافل عقلها الواع وغفا غارقا فى أحلامه الوردية ..
هو ذلك العقل الباطن الذى أجبر فرح على الإستغراق فى النوم ذات يوم رغم سماعها لرنين هاتفها ليجيب كريم بدلا منها ويستمع لرسالة هنا إليه والتى أعدتها بشكل مسبق كى يتلقاها هو .... تلك الرسالة التى كان محتواها أنها تتمن لو أنها كانت بجواره .. مكان فرح !!
ذلك العقل الباطن الذى يعرف تحديدا وبصورة مفصلة كيف تفكر ويعلم بشكل مسبق بأنها ستستجيب لرسائله بعد أن رفضت حقيقة مۏت شقيقتها وأعطته المساحة الكافية لنسج قصص وخيالات تتماش مع إرادتها وتمنيها لتواجد توأمتها بجوارها حتى لو كان ذلك من عمله هو .. عقلها الباطن فقط !!
كان عقلها الباطن هو السبب فى إيقاظها من غيبوبتها الطويلة بعد أن جذبها بداخله ساحبا الوسادة من أسفل عقلها الواع الذى تاه فى غياهب الأول مع أول كلمات تفوه بها كريم عن عائلة فرح فضلت هى من بعدها الهروب من الواقع والإحتماء بداخل سراديب عقلها الباطن حيث توأمتها .. حيث الأمان ..
لكن كلمات كريم إليها بداخل المشفى تسللت إلى تلك السراديب لتملأ أذنيها مطمأنة فلقد أحبهما كلتيهما..
ذلك العقل الباطن المخصص للدفاع عن هنا علم الآن أن محبوب سيدته على إستعداد لتقبلها وإحتوائها بل إنه قام بالإعتراف بحبها لفظ حروف إسمها برقة ولين ...
فى تلك اللحظة ...
تغير هو وتغيرت دوافعه لاداع للتفريق بين الزوجين مادام الزوج على إستعداد كامل لتقبل الفتاتين لذا فلتطمأنها شقيتيها لتبعث إليها برسائل تقربها إلى زوجها بدلا من محاولة إبعادها عنه .. 
كانت تلك الكلمات سببا فى بث السلام الداخلى لها بعد أن تيقن عقلها الباطن بأنها لم تتعمد ظلم شقيقتها ولم تقم بالإستيلاء على كريم وخطفه من بين يديها .. زاد ذلك السلام مع ظهور والدتيهما ...
تلك الأم التى كانت تستقبل فتاتها فى كل ليلة بعد الثانية صباحا بعدة دقائق حيث تذهب إليها الأبنة بكينونتها المخبأة وليست المعلنة فتمكث بداخل أحضان والدتها بشوق حقيقى محاولة الإرتواء من حنانها والحصول على نصيبها به تماما كفرح التى تتمتع به صباحا وحدها !!
علمت الأم حالة إبنتها جيدا وعلمت أن من بين أحضانها الآن هى أبنتها المتوفاه فهى تأتى إليها بعدما تقوم بوضع خصلات الشعر المستعار وترتدى العدسات اللاصقة حتى تبدو بشكل واضح كهنا فټحتضنها والدتها بشوق ولهفة حقيقية بعد أن غلبها الإشتياق إلى ابنتها هنا فتتغافل الفتاة عما عليها فعله أو قوله وتستمتع فقط بأحضان والدتها حتى تغفو بداخلها كالطفل الصغير ..
أما كريم ..
كان يكتفى بمراقبتهما على هذا النحو من بعيد واقفا على عتبات الباب الذى تتركه فرح من ورائها مفتوحا فى كل مرة فيقترب هو بحذر متبادلا نظرات الأسى والحزن مع الأم المكلومة التى سرعان ماتشعر بإنتظام أنفاس إبنتها فتعلم بنومها تقبلها عشرات القبلات قبل أن تشير إلى كريم الذى يتقدم ليحملها برفق متجها بها إلى فراشها يريحها أعلاه بعد أن يقوم بتفكيك تلك الخصلات المستعارة بداخل شعيراتها ويحاول جاهدا إزالة عدساتها اللاصقة كى تتمكن من النوم بعمق قبل أن تستيقظ فى تمام التاسعة على مكالمة هنا ..
هذا ماأوصاه به أيمن وشدد عليه لتنفيذه .. 
فلابد أن تحب هنا شقيقتها فرح لتتمكن فرح من إخراجها من داخل عقلها وتنجح فى الإبتعاد عنها رويدا رويدا كى تستعيد حياتها الطبيعية من جديد وتتمكن من السيطرة على عقلها الباطن .. ذلك العقل المتمثل فى شئ ما ..
الخاتمة
يبدو أنه قد حان الوقت لتحديث البيانات خاصة بعد مرور ثلاثة أشهر على المړيضة التى تحسن حالها إلى حد ما بتواجد والدتها بجوارها .. 
ففى ذلك التوقيت من كل شهر يقوم كريم بإرسال ملاحظاته الشهرية والتى دونها يوما بعد يوم إلى صديقه أيمن متابعا مع ذلك الأخير تطورات حالة زوجته التى أوصاه من قبل كثيرا بعدم مواجهتها بمرضها حتى يحين الوقت المناسب وقد أمتثل هو لأوامره دونما نقاش ...
فى تلك الفترة ..
حاول كريم قدر الإمكان التشاغل بعمله والذهاب إليه يوميا لساعات طويلة على غير المعتاد كى لاتلاحظ زوجته شروده
تم نسخ الرابط