رواية تحفة الفصول من التاسع والعشرون للثالث والثلاثون الاخير بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
فرح ماطرأ على والدتها فقالت بإستغراب
_ آه بابا ..
أغمضت الام مقلتيها بقوة قبل أن تقول مغادرة
_ هروح أعملك نسكافيه ..
نظرت فرح إلى مابيدها قبل أن تقول
_ نسكافيه إيه ياماما دلوقتى ..
لم تجيبها الأم بل حاولت مسرعة الهروب من تساؤلات إبنتها لكن أوقفها صوت إبنتها قائلة بحدة
_ ماما ..
أجابت الأم دونما النظر إلى إبنتها
خرجت كلمات الأبنة بصوت واضح قوى وهى تتسائل بعد أن وضعت مشروبها أعلى الطاولة ووقفت بتحد قائلة
_ بابا فين ياماما هو كل ده مسافر !
فى تلك اللحظة لم تستطع الأم السيطرة على إنفعالتها اكثر من ذلك وتهاوت بجسدها على أقرب مقعد تبكى بحړقة واضحة بعد أن غطت وجهها بكفيها وبأصابع مرتعشة تنتحب مثل صاحبتها مما دفع فرح للتحرك من مكانها متوجهة إلى والدتها قائلة بفزع
أستمرت الأم فى البكاء رغما عنها وتعالت شهقاتها بقوة غير قادرة على الرد على إبنتها التى بدأت دمعاتها فى التجمع قائلة برجاء بعدما چثت على ركبتيها أمام والدتها
_ بابا حصله إيه ياماما .. قوليلى عشان خاطرى هو فين .. هو تعب تانى ! طب يلا نروحله انا عاوزة بابا ياماما .. ردى عليا بقى ..
_ أبوكى مااااات يافرح .. أبوكى ماټ وأختك كمان ماټت إنتى لازم تفوقى من الوهم اللى إنتى فيه ده بقى ..
ظهرت إبتسامة مرتعشة على وجه الفتاة قبل أن تبتعد عن والدتها واقفة لتقول بإضطراب
_ إيه اللى انتى بتقوليه ده .. ده وقت هزار ..
زرعت فرح الغرفة بخطوات غاضبة سريعة تارة وواهنة ضعيفة متوترة تارة اخرى كالفهد الجريح الذى لايقدر على لملمة جراحه ولايقوى على تحملها ممسكة مقدمة رأسها بأطراف أصابعها صدرت من بين شفتيها بعض الضحكات أتبعتها همهمات غير مفهومة وبعد الكثير من الخطوات المهتاجة توقفت أخيرا أمام والدتها من جديد مستندة بإحدى كفيها على جانب خصرها بينما كفها الآخر غطى فمها لتقول من ورائه بصوت خفيض حاولت هى كتمانه قدر المستطاع حتى لايصل إلى طيات عقلها
بدا عليها علامات الإضطراب وهى تحرك كفها من أعلى فمها ثم تضعه من جديد لعدة مرات متتالية مكملة بإرتعاش
_ أنا .. أنا بكلمها كل يوم وأنتى كمان بتكلميها صح ..
ثم أضافت برجاء
_ مش أنتى قولتيلى كده .. ليه بتضحكى عليا وتقوليلى ماتوا ..
رفعت الأم رأسها بحسرة قائلة بكلمات خرجت قوية متماسكة
إنهمرت الدمعات من عدستى فرح بعد أن أمسكت رأسها بقوة قائلة بشراسة
_ انتى ليه بتعملى كده .. ليه عاوزة تحرمينى منهم .. هنا موجودة وبابا كمان موجود .... مماتوش سمعانى مماتوش ...
وقبل أن تتم كلماتها سقطت فى الحال مغشى عليها ..
نسمات هواء باردة رقيقة تداعب وجه النائمة محملة بشذى يشبه رائحة الكافور تملأ أنفها وترغمها على الإستيقاظ ..
فتحت عدستيها ببطئ متأملة السهول اللامتناهية من حولها والتى تقبع هى وسطها تحيطها الحشائش الطويلة من كل إتجاه إنشرح قلبها وعلت وجهها إبتسامة عريضة فور رؤيتها لزهور الأقحوان البيضاء المستديرة والتى تتوسطها بتلات صفراء فى شكل نصف كروى والتى كانت هى مصدر تلك الرائحة الفواحة التى أسرتها على الفور كانت تلك الزهور تملأ المنطقة الخضراء المستوية بالقرب من الغدير الصاف المتلألأ الذى لمعت مياهه الفضية من بعيد مشيرة إلى وجوده ..
توجهت إلى إحدى الزهرات القريبة منها فمالت فوقها محاولة ملئ رئتيها بعطرها فى ذلك الوقت أندفعت إليها رياح طيبة أمتلأت بوريقات الزهرة البيضاء لامست وجهها بنعومة قبل أن تتشابك بعضا منها بخصيلات شعرها المنسدلة ...
حملت إليها الرياح أيضا أصوات الحشائش مختلطة بأصوات ضحكات مختلفة انثوية وأخرى رجولية ألفت كلتيهما جيدا فتتبعت مصدرهم كالمسحورة باحثة عن أصحاب الضحكات التى مالبثت أن تعالت بقوة حتى شعرت أنها بداخل شفتى أصحابها ..
لاح لها من بعيد فوق الربوة العالية الأكثر إخضرارا والتى بدت للرائى وكأنها تلامس أطراف السماء شديدة الزرقة الممتلئة بالسحب اللؤلؤية والتى تقوست فوق الربوة على شكل دائرة كاملة وفى المنتصف ظهرت سيارة صغيرة بيضاء تصطف بهدوء فأتجهت إليها على الفور لتتأكد شكوكها من هوية راكبيها والذين ماإن رأوها حتى ألتفت إليها سائق المركبة قائلا بإشتياق
_ فرح إنتى جيتى أمتى ده مش معادك ..
أجابته بسعادة غامرة وهى لازالت خارج العربة
_ بابا وحشتنى أوى كنت فين ..
اجابها الأب بإبتسامة هادئة
_ وإنتى كمان ياحبيبتى .. وحشتونا إنتى ومامتك أوى ..
عبست ملامح فرح مجيبة
_ تصور ماما بتقول إنكوا ........
قاطعها الأب قائلا
_ مش يمكن كلامها صح ..
أنكسرت عينى فرح بحزن قائلة
_ إيه اللى أنت بتقوله ده يابابا ..
ثم مالبثت أن وجهت أنظارها إلى شقيقتها التى أعتلت مقعد القيادة فتلملكها الإستغراب لبضع ثوان معتقدة أن ذلك كان هو مكان والدها منذ عدة لحظات لكنها نفضت عن عقلها ذلك قائلة
_ قوليله ياهنا إنك بتكلمينى كل يوم ..
لم تجيبها شقيقتها بل لم تلتفت إليها من الأساس وأنصب تركيزها كله على الطريق المتوقف من أمامها مما دفع الأولى للتساؤل
_ بابا هى مش بترد عليا ليه
اجابها بإبتسامة موضحا
_ مش أحسن إنها تركز فى السواقة ولا ترد عليكى ونعمل حاډثة
فرح بشرود كالمغيبة
_ حاډثه !!
وكأن المكان من حولها قد تبدل فى ثوان معدودة تحول الأخضر إلى يابس والأرض الرطبة الطينية الزاخرة بالأزهار أصبحت جافة قاسېة ممتلئة بالنتوئات الحمراء وظهر أمامها ذلك الطريق الجبلى الطويل المقفر ..
شعرت وكأنها تشاهد فيلما سينمائيا مخصص لها وحدها فها هى عربة تتحرك بسرعة چنونية فى طريقها للإصطدام بسيارة والدها حاولت هنا تحريك مقود السيارة بمساعدة والدها للإنحراف قليلا إلا أنا الإنحراف كاد أن يقودهم إلى الهاوية حيث المنحدر فلم يجد الأب بدا من الإنحراف مرة اخرى والإصطدام بتلك السيارة القادمة والتى حاولت التخفيف من سرعتها قليلا قبل أن تنقلب السيارتان على أعقابيهما ..
دون أن تشعر خرجت صړختها من أعماق فؤادها قائلة بلوعة
_ باباااا هنااا
حاولت الإسراع إليهما على الفور لكن بدا الطريق بلا نهاية فكلما قطعت الكثير من الخطوات كلما زادت إبتعادا بل وكأن الطريق يتبدل إلى آخر يغطيه الخضار من جديد وبنهايته تقف امرأة خمسينية متلحفة بالسواد علمت هويتها على الفور فتلك هى والدتها قامت بالنداء عليها عدة مرات لكن دون جدوى وقبل أن تقترب منها أحست بيد تربت على إحدى كتفيها برفق ...
ألتفتت پذعر فإذا بها ترى شقيقتها هنا تقف بجسد سليم
متابعة القراءة