رواية تحفة الفصول من التاسع والعشرون للثالث والثلاثون الاخير بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

وإهتمامه الزائد وترقبه الدائم لحالها بصورة مريبة أثارت الشك بداخلها لعدة مرات لذا فضل الإبتعاد لبعض الوقت مطمأنا بتواجد والدتها إلى جوارها خاصة بعدما رفضت هى مرافقته إلى شركته أو حتى الرجوع إلى عملها السابق كمدرسة للأطفال الذين طالما عشقتهم ...
فكانت تمضى معظم وقتها داخل شرفتها خاصة بعد إنقشاع شهر الشتاء قارص البرودة ذلك ليحل محله نسمات الربيع الهادئ ..
راقبت هى بدايات الحيوات للأزهار التى تتفتح من جديد والأشجار التى بدأت بالإثمار والحشرات التى خرجت لتوها من بياتها الشتوى تستعد للإنطلاق والكد والعمل قبل مجئ شتاء آخر يختبئون من قسوته داخل جحورهم ...
شاهدت تلك الزهرات الملونة الرقيقة وهى تدعو إليها العديد من الحشرات المتلذذة بإمتصاص عسلها غير مدركين الغاية من وراء إجتذاب مضيفتهم إليها لنقل اللقاح داخل بتلاتها وإتمام عملية التزاوج ..
تابعت هى تلك الحشرة الصغيرة السوداء ذات الأجنحة وهى تتنقل من زهرة إلى أخرى قبل أن تلتهمها حشرة أخرى أكبر منها حجما كانت بداخل إحدى البتلات ..
ماأجمل الطبيعة وما أقساها !
هذا ماجال بخاطرها مقترن بإقتضابة ضعيفة ظهرت أعلى وجهها وهى تتأمل ماحولها قبل أن تحاول التغاض عن الأمر والإستمتاع بأصوات الطيور اللطيفة التى تتمايل وتزقزق أثناء إحتلالها أغصان تلك الشجرة المتوسطة الحجم بجوار شرفتها ..
كان يجلس بجانبها والدتها التى أعتادت إحتساء فنجان من الشاى يوميا برفقة إبنتها فور خروج الزوج إلى العمل كريم الذى لم يتناس يوما توصيتها قبل مغادرته على ملازمة إبنتها والإعتناء بها الحقيقة أنها لم تنتظر كلماته حتى تقوم برعايتها على أكمل وجه بل على عكس ذلك هى كانت تنتظر بشوق ذلك الوقت الذى تتمكن فيه من رؤيتها والجلوس معها صباح كل يوم لذا كانت تعد فنجانى الشاى إلى جانب بعض الكيك المفضل لإبنتها ومن ثم تقوم بحملهم جميعا إلى الأعلى حيث الشرفة التى تضم فرح ...
لم تحاول الأم يوما مقاطعة تأملاتها بالحديث أو الثرثرة بل كانت تلتزم الصمت متطلعة إلى ملامحها الصافية الهادئة بأعين تطل منهما نظرات الحسړة والإشفاق ..
فلا زالت فرح مستمرة فى عادتها اليومية التى لم تنقطع ليلة حيث تستيقظ فى نفس الموعد المكرر وتذهب للإختباء داخل أحضان والدتها بعد أن تقوم بتسجيل مكالماتها الليلية كى تتلاقاها فى اليوم التالى تمام التاسعه صباحا .. 
أعتادت الأم على تلك الفرحة التى تظهر فى أعين إبنتها فور تلقيها لتلك المكالمات المسجلة والتى تساهم فى بث الطمأنينة بداخلها بعضا من الوقت قبل أن تبدأ فرح فى التعبير عن مدى إشتياقها لشقيقتها فتفر بعض الدمعات من أعين الأم التى تقوم بمسحهم على الفور وتغيير مجرى الحديث ..
كانت الساعة تشير إلى التاسعة عندما أرتفع رنين هاتف فرح بجوار فراشها فهمت بالتوجه إليه لولا تدخل والدتها قائلة 
_ خليكى إنتى أنا هجبهولك وهنزل أحضرلك الفطار .. 
أجابتها فرح بحماس ووجه مترقب 
_ دى أكيد هنا .. مش تستنى تسلمى عليها ..
كانت الأم قد ألتقطت الهاتف فتوجهت إلى إبنتها بإبتسامة قائلة 
_ شوية وهكلمها .. خدى انتى ياحبيبتى أتطمنى عليها .
هزت فرح رأسها بإمتنان قبل أن تتناول هاتفها وتسرع فى الإجابة على الفور قائلة بفرحة عارمة  
_ هنون صباح الخير ياحبيبتى ..
تصاعد الصوت فى الطرف الآخر قائلا بتتابع  
_ صباح الخير يافرح عاملة إيه وماما أخبارها إيه وكريم عامل معاكى إيه .. 
وقبل أن تجيبها فرح أضافت هى 
_ فاكرة يافرح وإحنا صغيرين لما كنا بنعمل كل حاجة مع بعض ونلبس زى بعض ونروح المدرسة مع بعض..
كان حلو أوى شعور التوأم ده لما كان كله بيتلغبط بينا ونفضل نعمل مقالب فيهم حتى ماما كانت ساعات بتتلغبط إلا بابا بس هو اللى كان بيعرف يميزنا على طول ..
ماإن ذكرت المتحدثة والدهما حتى شعرت فرح بأنقباضة تسرى بداخلها قبل أن تستدرك الأخرى بصوت يغلب عليه الحزن 
_ وإحنا صغيرين لما كنا بنخرج كلنا أنا كنت بسبق مع بابا ونستناكوا فى العربية وأنتى بتلحقينا إنتى وماما !!
سادت لحظة من الصمت كانت كافية لمولد تلك العبرات بداخل مقلتى المتلقية قبل أن تردف المتصلة بزفرة حارة مټألمة 
_ على طول يافرح أنا مع بابا وإنتى مع ماما .. خلى بالك على ماما يافرح و كمان كريم ..
أنتهت المكالمة ونظرت فرح إلى هاتفها بإرتياع قبل أن تشعر بدمعاتها المنهمرة تبلل وجنتيها ..
حاولت إستيعاب المغزى من وراء كلمات شقيقتها لكنها لم تشعر سوى بتلك الإنقباضة تزداد بداخلها لذا قررت مغادرة غرفتها والتوجه إلى الأسفل حيث والدتها فى إنتظارها ..
لاحظت الأم تغير ملامح وجه إبنتها إلا إنها تجاهلت الأمر قائلة بحنان 
_ يلا يافروحة الأكل جاهز ..
أجابتها فرح بشرود  
_ مليش نفس يا ماما معلش إفطرى انتى ..
هزت الأم رأسها بالرفض قائلة 
_ خلاص وانا هستنى لما يبقى ليكى نفس ونفطر مع بعض ..
تقدمت فرح نحو الطاولة قائلة بتشجيع 
_ ماما إنتى لازم تاكلى عشان تاخدى الدوا .. خلاص يلا أنا كمان هاكل ..
تهللت أسارير الام قائلة وهى تجلس إلى جوار إبنتها 
_ عملتلك الأومليت اللى بتحبيه ..
كانت فرح تقاوم ذلك الإحساس بالغثيان بداخلها والذى يلح عليها منذ إستيقاظها لكن ماإن أقتربت من مصدر الطعام وأقتضمت أولى قضماتها حتى فشلت فى السيطرة على رفض معدتها لذلك وأتجهت مسرعة إلى الحمام ..
تبعتها والدتها بجزع وأنتظرت خارج الحمام بترقب فى إنتظار خروج أبنتها والتى ماإن خرجت حتى أسرعت إليها بلهفة متسائلة 
_ مالك يافرح فى إيه 
أجابتها الإبنة وهى لازالت ممسكة بأسفل بطنها بينما جسدها يميل إلى الأمام بتوعك  
_ مش عارفة الأومليت قلبلى معدتى الظاهر إنى أخدت برد عشان نمت إمبارح فى التكييف من غير غطا ..
والدة فرح بتأنيب  
_ وده جو يتفتح فيه تكييف بردو ..
ثم أضافت بحنان 
_ روحى إتدفى وأنا هعملك نعناع ..
توجهت فرح بضعف إلى غرفة معيشتها حيث جلست بتثاقل أعلى الأريكة وأرجعت رأسها إلى الوراء مستندة على المسند الصغير بالخلف بعد أن تمكن منها صداع خفيف سرعان ماأشتدت حدته فى دقائق دونما مبرر فأغمضت عينيها لبعض الوقت آملة فى ذهابه عنها ..
ثم فتحت مقلتيها من جديد فور أن أحست بتواجد والدتها التى قالت 
_ يلا النعناع أهو وبردتهولك شوية أشربية على طول بقى ..
دونما تخطيط وجدت فرح نفسها تتسائل  
_ ماما كلمتى هنا ولا لسة 
سرى التوتر فى أوصال الام التى أفتعلت إنشغالها قائلة 
_ شوية كده وهكلمها ..
فرح بتشكك 
_ أصلى مبلحقش أتكلم معاها وبتقفل بسرعة .. هى بتعمل كده معاكى بردو !
والدة فرح دونما أن تنظر إليها 
_ تلاقيها مشغوله يابنتى إنتى عارفة أختك وبعدين متنسيش فرق التوقيت ..
تناولت فرح مشروبها بتثاقل قبل أن تقول مفكرة  
_ آه فعلا معاكى حق ...
أرتشفت عدة رشفات قبل أن تقول بكلمات مرتعشة 
_ تعرفى ياماما النهاردة هنا قالتلى على بابا ..
أبتلعت الأم لعابها بتوتر قبل أن تتسائل پخوف فتلك المرة الأولى التى تذكر فيها والدها 
_ أبوكى !
لاحظت
تم نسخ الرابط