رواية تحفة الفصول من التاسع والعشرون للثالث والثلاثون الاخير بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

خال من أى كدمات ووجه مبتسم لايشوبه شائبة ..
خرجت كلمات فرح بإنفعال واضح قائلة  
_ هنا انتى كويسة ..
ثم مالبثت أن تسائلت بفزع 
_ وبابا .. بابا فين مش كان فى العربية معاكى 
قاطعتها شقيقتها قائلة بهدوء  
_ ششششش إهدى يافرح خالص .. 
أشارت فرح بإصبعها على البقعة التى كانت تقف أعلاها والدتها قائلة 
_ وماما كمان مش بترد عليا هى بټعيط ليه ولابسة أسود ليه 
تحركت هنا من مكانها قائلة  
_ تعالى يافرح عاوزاكى ..
أتبعتها فرح على الفور دونما نقاش بعد أن ألقت عدة نظرات على والدتها وبخطوات متلجلجة لاتعرف خطاها توقف الثنائى عند الربوة الخضراء التى تلامس السماء وبمنتصفها كانت تصطف العربة البيضاء ...
تحدثت فرح بحماس قائلة وهى تشير إلى العربة 
_ بابا أهو طلعتوا من الحاډثة أزاى ..العربية سليمة زى ماهى .
هنا بإبتسامة 
_ ده المكان اللى هنبقى فيه أنا وبابا على طول ..
فرح بحزن  
_ طب مأخدتونيش معاكوا ليه 
حاولت هنا التسرية عنها قائلة 
_ طيب ومين هيقعد مع ماما !
فرح دون تفكير  
_ ماما كمان تيجى معانا ..
وقفت هنا مفكرة لبضع لحظات قبل أن تقول 
_ وإفرضى بقى مش عاوزه تيجى معانا ..
ثم مالبثت أن أردفت 
_ وبعدين مش إتفقنا أنا على طول ببقى مع بابا وانتى على طول مع ماما ...
فرح دون إقتناع 
_ هترجعى تقوليلى الكلام ده تانى ...
هنا بإبتسامة بشوشة 
_ مش أنا اللى قولت .. هو ده اللى قال ...
قالت جملتها الأخيرة وهى تشير بإصبعها على رأس فرح مما دفع الأخيرة للتساؤل 
_ مش فاهمة ده مين 
هنا موضحة  
_ ده اللى كان بيكلمك كل يوم بإسمى وبلسانى ..
أبتعدت عنها فرح عدة خطوات بعدما تملكها الخۏف متسائلة 
_ يعنى إيه هو مين 
أجابتها هنا على الفور بحنان 
_ عقلك يافرح .. عقلك اللى بيحبنى وفاكر إنك ظلمتينى بس إنتى مظلمتنيش بالعكس كنتى أخت حلوة أوى ويمكن أنا اللى ظلمتك .. سامحينى يافرح .. بس أنا وبابا مش هنبقى معاكى تانى ..كلام ماما صح ..
بدأت دمعات فرح فى الإنهمار قائلة بعدم تصديق  
_ لا ياهنا إنتى عايشة وبابا عايش وهتكلمينى كل يوم الساعة تسعة ..
طل الحزن من أعين الشقيقة قائلة بإشفاق  
_ أنا وبابا هنفضل موجودين حواليكى إنتى وماما وهنطمن عليكوا وكل ماأوحشك هتلاقينى فى حلمك ..
زادت دمعات فرح فى الإنهمار قائلة بهستيرية 
_ لا أنا مش هعيش لو أنتى مش موجودة .. أنا لازم ابقى معاكى لو أنتى مش عايشة يبقى أنا لازم أموت ..
حاولت هنا تهدئتها قائلة  
_ مش هينفع تموتى عشان مبقتيش لوحدك وهيبقى معاكى هنا جديدة ..
فرح بإستغراب 
_ تقصدى إيه 
لامست هنا بطن فرح بتؤدة قائلة بإبتسامة 
_ يعنى هيبقى فى هنا و ... ولازم تخلى بالك منها ..
أستيقظت فرح فزعة من نومها بعد أن أغرقت الدمعات وجهها كانت لاتزال تشعر بأنامل شقيقتها أعلى بطنها مما دفعها للصړاخ بهستيرية باحثة عنها هاتفة بإسمها لكنها لم تجد سوى زوجها أمامها يقوم بالتربيت على بطنها لتهدئتها قائلا بلهفة 
_ إهدى ياحبيبتى ...
تزايدت الدمعات فى الإنهمار دونما توقف وهى تقول بحړقة 
_ هنا ياكريم .. هنا وبابا ماتوا ياكريم ...
أحتواها بين أضلعه بقوة راغبا بإدخالها داخل تلابيب فؤاده قبل ان يقول بخفوت 
_ ربنا يرحمهم إدعيلهم ...
أغمضت عينيها بقوة وكأنها ترغب فى الإختفاء قائلة بحسرة واضحة 
_ إشمعنا هم ماتوا وأنا لا ليه سابونى لييه ...
حاول مسح دمعاتها بأطراف أصابعه مجيبا بقلب منفطر  
_ سابوكى عشانى وعشان مامتك .. مكناش هنقدر نعيش من غيرك ..
فى تلك اللحظة تذكرت هى والدتها فألتفتت تبحث عنها پذعر فإذا بها تجلس أعلى مقعد على أعتاب الباب تنظر إليها بأعين متحسرة حزينة منفطرة من الدموع فما كان منها إلا أن نهضت من أعلى فراشها وتوجهت إليها بخطوات مرتعشة ساعدها للوصول إليها زوجها قبل أن تجثو على ركبتها ممسكة بكفى والدتها تقبلهما بقوة قائلة بنبرات يملؤها الندم  
_ سامحينى ياماما ..
أنحنى جسد الأم محتضنة جسد صغيرتها بقوة حيث أختلطت أصوات بكائهما ودمعاتهما فى مشهد درامى مؤثر يهتز له فؤاد المشاهدين قبل أن تغمض فرح عينيها بقوة متذكرة تلك الأحضان الليلية التى كانت تغدقها بها والدتها يوميا بعد الثانية منتصف الليل لتغفو هى بداخلها بآمان ..
فى تلك اللحظة مر على ذاكرتها ماكانت تقوم به وكأنه يعرض أمامها فى شريط سينمائى تذكرت إستيقاظها ليلا وماكانت تقوم به من تسجيلات تذكرت إرتداؤها العدسات اللاصقة وذهابها إلى غرفة والدتها تذكرت دمعات والدتها المحتبسة بداخل مقلتيها ..
تذكرت كيف كانت تستيقظ فى الصباح لتجد نفسها أعلى فراشها بين أحضان زوجها الذى لم يسأم من علتها طوال ذلك الوقت ....
الآن فقط علمت بمعاناتهما وأدركت ماتحملاه طوال تلك الفترة دونما كلل أو تعب ..
أمتدت ذراعى كريم لإحتضان السيدتين بسعادة تخللتها بعض العبرات فلقد علم فى ذلك الوقت برجوعها من جديد لقد عادت فرحته إليه كالسابق ..
فى ذلك الوقت ترامى إلى مسامعه صوتها الهامس تقول  
_ أنا حامل ..
للوهلة الأولى ظن أن ماسمعه ماهو إلا مجرد أوهام وتهيؤات سمعية لكن تمتمات الأم الداعية المهنئة أكدت له حقيقة الأمر فما كان منه إلا أن زاد من إحتضانهما بعد أن شددت الأم إحتوائها لإبنتها مؤكدين لها أنها لن تبق وحيدة مهما حدث ...
بعد مرور ثمان أشهر ..
تململت الزوجة بجلستها أعلى أريكتها المفضلة فى غرفة المعيشة قائلة بإرهاق 
_ أخيرا ناموا.. أنا تعبت أوى ياماما إنتى إزاى كنتى مستحملة كده لوحدك ..
أحتضنت الجدة إحدى الأحفاد قائلة بحنان 
_ بالعكس بعد كده هتحسى إن دى أحلى نعمة من ربنا ...
أستلقت فرح بتعب مجيبة  
_ الحمد لله إنهم ولد وبنت عشان خلاص نقفل على كده بقى مش هستحمل تانى حمل وولادة ..
والدة فرح محمسة  
_ بكره تنسى التعب ده كله وتبقى عاوزه تخلفى تانى ..
أقترب زوجها منها ببطئ قبل أن يحتوى رأسها بين كفيه ثم يقبل مقدمتها قائلا بإعتراض  
_ ومين قال إنى هكتفى بإتنين بس إن شاء الله ..
حاولت التملص من كفيه قائلة بإمتعاض  
_ خلاص أبقى أحمل أنت وخلف أنا مفيش حيل ...
تذمر كريم من قولها قائلا موجها كلماته إلى والدتها 
_ شايفة ياطنط لسة مكملتش أربعين يوم وتقول مفهاش حيل شوفتى الدلع ..
أنتفضت فرح من نومتها قائلة پغضب وهى تعطى الرضيع إلى والده قبل أن تغادر الغرفة بملامح ممتعضة 
_ أنا بتدلع طب أتفضل خد ابنك بقى رضعه أنت ..
على الفور أنفجرا كلا من كريم ووالدتها ضاحكين على عبوسها الطفولى بعد أن ألتقط هو طفله منها برفق وحنو مقبلا إياه برقة بالغة ثم وضعه على فراشة الهزاز المتنقل قبل أن يحمل شقيقته من الجدة واضعا إياها إلى جوار توأمها ..
بدأ فى أرجحة الفراش بتؤدة متطلعلا إلى طفليه بنظرة طويلة عاشقة متأملا الإختلاف بينهما رغما عن تطابق ملامحهم إلى
حد كبير إلا أن هناك ذلك الفارق الذى لايلاحظه سواه ويخبره عن هوية كلا منهما بمجرد النظر إلى وجهيهما فذلك الصغير المرح يبدو أن قسماته ستصبح رجوليه حادة شبيهة له إلى حد كبير أما الصغيرة الرقيقة تلك فهى نسخة مصغرة من والدتها ولكن بشخصية أكثر قوة وعنادا ..
فبإحساس فنان عاش لألف سنة من عمره يجسد الجمال على الورق هاهم مصدرى الجمال الثانى داخل لوحته التى حاول أن يظهر بداخلها رقة وعذوبة كل تفصيلة بملامح محبوبته مصدر الجمال الأول .. وكما راهن نفسه من قبل متباهيا ب لون خدودها الأحلى من مېت وردة تلونت الآن وجنتى صغاره بلونها .... آسر وهنا ....
تمت بحمد الله

تم نسخ الرابط