رواية تحفة الفصول من التاسع والعشرون للثالث والثلاثون الاخير بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

وارد طبعا بس أفتكر إن التوتر ده هينطبق على الحالتين لأنه هيبقى بالسلب يعنى لو كانت فرح فبدل ماتبان إنها أصغر بسنتين هيطلع التحليل إنه نفس عمرها أو أكبر بسنة وكذلك لو هى هنا التحليل هيطلع إنها أكبر من عمرها بست سنين بدل أربعة ..
يعنى فى كل الحالات هيفيدنا التحليل حتى لو بنسبة خمسين فى المية .. بس المشكلة دلوقتى إن التحليل ده مش موجود فى مصر أصلا ولازم نبعت العينة للندن وياحبذا لو لنفس المعمل اللى أتعمل فيه التحليل الأول ..
لم يجد الزوج مفرا من الموافقة قائلا بقلة حيلة 
_ أعمل أى حاجة ياأيمن بس نعرف الحقيقه ..

مرت الأيام ثقالا على الأربعة أشخاص فى إنتظار ظهور نتيجة التحليل أو إفاقة المړيضة أيهما أقرب آملين فى إكتشاف حقيقة شخصها فلم يخط أيا من الزوج أو الأم خارج عتبات المشفى أو حتى يتزحزحان من أمام الغرفة بخلاف هشام الذى لم يتناس عمله أو مشاغله وأكتف فقط بالمرور مساءا للإطلاع على المستجدات من أيمن دون أن يعلم بذلك الزوج ..
كان القرآن الكريم هو رفيق الأم الدائم خلال تلك الأيام العجاف فلم تتركه من بين يديها إلا للصلاة أو الدعاء لله راجية إياه ألا يخذلها فيما تبق من عائلتها ويردها إليها سالمة معافاة ..
أما كريم ...
فقد قاوم كثيرا الدخول إلى زوجته والتحدث معها وملامسة أصابعها خاصة وأنه إلى الآن لم يعلم هويتها الحقيقية لكنه بالنهاية وبعد إلحاحه الداخلى رضخ لرغبة قلبه وأقتادته قدماه إليها ..
بخطوات خفيفة توجه إلى الداخل ثم قام بالجلوس إلى جوارها فوق إحدى المقاعد التى ألصقها بفراشها تردد كثيرا قبل أن يمس إحدى يديها الموضوعة بتراخ فوق جسدها الواهن وبأصابع مرتعشة ألتقطها أخيرا على مضض بتخوف لم يستغرق سوى ثوان قليلة قبل أن يحتويها بأكملها من بعدها داخل كفيه بعد أن إجتاحه ذلك الشعور بالإطمئنان والراحة فور ملامسته لها .. 
ظل على ذلك الحال العديد من الدقائق لايعلم ماالمفترض عليه فعله أو حتى قوله هو يعلم بداخله إن هذا هو الوقت المناسب للحديث ... لكن ماذا سيقول ! 
فمن بداية دلوفه إليها ولسانه يتشوق للتلفظ بكلمة واحدة فقط بالأخير نطقها قائلا بإنطفاء وهو ينظر إلى يديها التى بداخل خاصته 
_ آسف .. 
صمت لبضع لحظات قبل أن يضيف منكسا رأسه 
_ آسف إنى آذيتك ووصلتك للى إنتى فيه .. آسف إنى محستش بكل اللى مريتى بيه ..
عارف إنى المفروض كنت أبقى أمانك وحمايتك وظهرك وعكازك وقت ضعفك آسف إنى خالفت توقعاتك وكنت مع الدنيا عليكى مش معاكى .. زودت ألمك وإحساسك بفقدان أعز الناس ليكى وجرحتك بكلامى وخذلتك فى وقت كنتى محتاجة فيه للى يسندك وتتحامى فيه من غدر الأيام ..
خرجت منه تنهيدة طويلة قبل أن يضيف بشجن واضح 
_ منكرش إنى عشت معاكى أحلى اسبوع فى حياتى واللى أصبح دلوقتى مجرد ذكرى بفتكرها وببتسم .. 
فاكر شكلك وأنتى صاحية من النوم وفاكر أوقات تعبك لما كنتى بتنامى على كتفى فاكر كل تفصيلة عملتيها فى الأسبوع ده وفاكر ضحكتى على إيه وزعلتى من إيه .. فاكر تعلقى بيكى وبوجودك معايا وكأنى بحبك من جديد ... وكأن قلبى بيدق ليكى أول دقة وكأن عينى بتحفظ ملامحك لأول مرة .. 
صمت هو لبضع لحظات وكأنه يقوم بإستئذان قلبه أولا قبل أن يتفوه بتلك الكلمات 
_ لو كان حبى ليكى قبل جوازنا مجرد وهم فبعد الاسبوع اللى قضيته معاكى وإنتى مراتى انا حسيت بحب من نوع تانى .. حبيتك أكتر وبقيتى جزء منى وهتفضلى حتة منى سواء كنتى فرح ... أو حتى هنا ..
أنا عاوزك بكل حاجة فيكى حتى وأنا عارف ومتأكد إن هنا هتفضل طول عمرها جزء من فرح وفرح طول عمرها جزء من هنا ..
عمرى ماكرهتك ولا فى يوم ممكن أكرهك حتى لو إنتى مش فرح ..
رغما عنه فلتت دمعة من إحدى عينيه أثناء قوله وهو لازال منكسا راسه بينما كفيه يحتويان يدها الصغيرة ليقربها من قلبه قائلا 
_ السعادة اللى شوفتها فى عنيكى وإنتى معايا مكنتش تمثيل وضعفك فى حضنى مكنش تمثيل ..
حسيت بحبك فى كل كلمة قولتيها وكل حركة عملتيها الحب اللى لقيته فى نظرتك ليا مش ممكن أضحى بيه ..
تواصلت الدمعات فى الإنفلات بحرارة وهو يقول برجاء بينما كفيه يزدادا إنقباضا على أصابعها 
_ أرجوكى أرجعيلى بقى كفاية كده ... متسيبنيش ارجوكى ..
أحتضن يدها بقوة وجثا على ركبتيه بإنهيار بعدما فشل فى كبح جماح نفسه وأنهارت رأسه على الفراش قائلا بصوت ضعيف 
_ قومى بقى متختبريش حبى ليكى أكتر من كدة.. أنا عاوزك زى ماأنتى بس ترجعيلى ..
ظل الزوج على حالته تلك لبضع دقائق قبل أن يتملكه اليأس ويتحرك واقفا وهو لازال محتفظا بيدها التى أوضعها سيرتها الأولى راغبا فى التحرك للخارج ..
لكن قبل خروجه ألقى عليها نظرة طويلة بائسة لمح من خلالها تلك اللمعة الخفيفة بين جفنيها دمعة ولدت حديثا وفى طريقها الآن للهروب ...
تهللت أساريره على الفور وأسرع بنداء طاقم الأطباء والممرضين الذين تسارعوا إليه ومن ثم أتبعه أيمن والذى أخبره كريم بحديثه معها الذى نتج عنه ذلك التطور ..
أجابه أيمن مازحا 
_ ياعم ماكنت دخلت اتكلمت معاها من بدرى بدل الحيرة اللى كنا فيها دى ..
ثم مالبث أن أضاف بجدية 
_ أتفضل أنت برة وإحنا هنقوم بالواجب ..
لم تستغرق هى سوى بضع ساعات ومن بعدها فتحت عينيها ببطئ لتجد ذلك الفريق الطبى من حولها والذين ظهرت إبتسامتهم جميعا فور إفاقتها وذلك قبل أن يندفع إليها زوجها من الخارج دونما إستئذان ليحتضنها بقوة وكأنه يأبى ضياعها مرة أخرى ..
ووسط نظرات الدهشة التى أعترتها تصاعد صوت مألوف لديها قائلا بلهفة 
_ بنتى حبيبتى ..
تمصلت الإبنة من أحضان زوجها مشرأبة بعنقها إلى مصدر الصوت الذى ميزت صاحبته دون أن تراها لكنها أبت تصديق أذنيها إلا من بعد أن رأتها وتأكدت من هويتها فقالت بعدم تصديق 
_ ماما !
ماهى إلا لحظات ساعدها فيها عقلها لإستيعاب الأمر قبل أن تقول باكية 
_ مامااااا ماما انتى معايا بجد ..
أفسح كريم مكانه إلى والدتها التى أحتوتها بين أضلعها قائلة 
_ هفضل طول عمرى معاكى ومش هبعد عنك مهما حصل .. 
من وراء ذلك الزجاج الداكن كان يقف صاحب العدسات الملونة تشبثت أعينه بصورة حبيبته الأولى وهو يراها ترجع إلى دنياه من جديد ..
نعم حبيبته الأولى فرح والتى علم من البداية أنها فرح.. فهو لم يحب أحدا سواها منذ أمد بعيد إلا إنه لم يشأ الإعتراف بذلك .. 
فكم من مرة رآها تتلصص عليه من وراء زجاج شرفتها وكم من مرة لمح لمعة الحب بعينيها لكنه آثر التجاهل غير مكترثا بميل قلبه إليها متعللا أن ذلك بفعل التعود ...
لكن ماإن أحس بخطۏرة إبتعادها عنه وإهتمامها بآخر حتى أستيقظ فؤاده آمرا إياه لإسترجاعها ..
ذلك المغرور الذى تمكنت منه الأنانية
تم نسخ الرابط