رواية تحفة الفصول من التاسع والعشرون للثالث والثلاثون الاخير بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
صديقه إلى محاولة إستدراجه فى الحديث ومعرفة مادار بينهما وفى خلال دقائق كان كريم قد روى له تفاصيل تلك المشاجرة المشؤومة قبل أن يجد لسانه يتحرك بلا وعى منه قاصا حكايته معها منذ البداية حين ألتقيا لأول مرة وكأن قلبه هو من يتحدث دون إذن شخصى منه ..
مضت بالفعل أكثر من ساعة أسهب فيها الزوج موضحا مدى عشقه لزوجته معترفا بخطأه الجسيم لإتباع كلمات آخرين دون تفكير وبالنهاية شعر بالضعف يسيطر عليه حتى أن قدماه كادتا أن ټخونه فى إحدى اللحظات مما أسترعى إنتباه أيمن الذى أعقب
هز كريم رأسه بإصرار رافضا
_ أسيبها أزاى وأنا اللى وصلتها لكده أقعد وأرتاح أزاى وهى مرمية بالطريقة دى وحواليها الأجهزة من كل ناحية ..
أجابه أيمن بمهنية شديدة
_ كريم لازم تفهم إن مش أنت السبب فى اللى حصل .. فرح عندها مشكلة كبيرة ومحتاجين نفهمها ولازم تساعدنى فى كده ..
_ قولى إيه اللى ممكن أعمله وهعمله من غير تفكير .. المهم أنها تفوق ..
هز أيمن رأسه بهدوء قائلا
_ طيب تعالى بس نشرب كوبايتين قهوة عشان تركز وتعرف تعمل اللى هطلبه منك ..
ثم أضاف مشجعا
_ عشان خاطر فرح ...
ردد كريم تلك الجملة من ورائه العديد من المرات بداخله وكأنه يطمئن قلبه بذلك قبل أن ينسحب بصحبة صديقه إلى مكتبه تاركا فؤاده بجوارها كى يخبره بحالها ..
أنتهى اليوم سريعا وهاهو الظلام يعم الأرجاء مسدلا ستائره على كل البقاع خاصة ذلك الحيز الذى ضم هشام بداخل شرفته ليجلس نافثا دخان سيجارته بإستمتاع شديد فرغم السواد الحالك من حوله إلا أن ذلك الضوء المنبعث من هاتفه ساهم فى إظهار ملامح وجهه المغتبطة السعيدة إذ كيف له ألا يسعد ومراده على شفا التحقق ليس آجلا بل عاجلا وبالقريب ستأتى إليه هى بساقيها راغبة فى الإحتماء به والإرتماء بداخل أحضانه الحانية كى يمنع عنها ويحميها من ذلك الۏحش الكاسر المتمثل فى زوجها والذى تعرفت عليه اليوم لأول مرة ..
على إثر تذكره لشريكته الأفعى أرتفعت عدستيه إلى ساعة هاتفه يطالعها بحماس فهاهى الساعة قد شارفت على الثانية بعد منتصف الليل مجرد بضع دقائق ويرتفع رنينها لتهنئته على ثمار عمل اليوم ....
جذبه الفضول لإستطلاع هوية القادم فهب واقفا بحذر يترقب نوع العربة والتى لم تكن سوى سيارة اجرة اسرع سائقها بالترجل منها كى يجلب حقائب راكبيه من الخلف ومن ثم أتبعه ترجل شخص من الجهة الخلفية عجز هو عن تبين ملامحه فى هذا الظلام الدامس لكن بداخله تمنى بشدة لو أنها كانت فرح غادرت عش الزوجية الهادئ بعد أن أشعل هو ڼار الغيرة بداخله ...
تراقص قلبه فرحا بعد أن تأكدت شكوكه فغادر شرفته متوجها إلى الأسفل بسرعة فاقت حماسه ليجدها لازالت على باب منزلها تحاول جاهدة إدخال ماتبقى من حقائبها فأرتفع صوته بلهفة فرحة قائلا
_ نورتى بيتك ..
أنكمشت إبتسامته عند تصاعد صوتها الذى خالف توقعاته قائلة پخوف
_ مين !
فجأة دون مقدمات سطع ضوء قوى بدل الظلمة إلى نهارا مما أرغمه على إغماض عينيه لوهله قبل أن يفتحهما من جديد بعد إدراكه مصدره وفى تلك اللحظة أستطاع رؤيتها ...
هشام .. خضتنى يابنى
جائته تلك الإجابة من بين شفتى والدة التوأم والتى ألتحفت بالسواد وأزداد جسدها نحولا ووجهها شحوبا وتجعيدا وكأن عشرات السنون قد مرت ..
عجز فمه عن النطق لبضع لحظات قبل أن يستجمع شتات نفسه مجيبا بترحاب
_ حمد الله على سلامتك ياطنط ..
أجابته بضعف محاولة إدخال ماتبقى من الحقائب
_ الله يسلمك ياحبيبى
حملها عنها قائلا بأدب
_ عنك انتى ياطنط هدخلك الشنط ..
أومأت هى رأسها شاكرة قبل أن تقول
_ معلش هتعبك ..
أتجهت إلى الداخل بجسد منهك لايقدر على متابعة خطواته دونما مساعد حيث قام بذلك الدور قطع الأثاث المتراصة قبل أن تقوم هى بإنارة جميع وحدات الإضاءة الخاصة بالدور الأرضى والتى ماإن أشتعلت حتى كشفت عن تلك الأقمشة البيضاء التى تغطى أثاثها أزالت إحداهم لتفحص حالة الأثاث لكنها فوجئت بعدم تواجد سوى القليل من الأتربة رغم مرور كل تلك الشهور ..
أتبعها هشام بعدة دقائق قائلا
_ دخلتلك كل الشنط ياطنط .. أى خدمة تانية ..
أبتسمت هى بحنو واضح قائلة
_ تعالى أدخل ياهشام معلش البيت مترب شويه ..
تأملت كل ماحولها معقبة بشجن
_ البيت زى ماهو كل حاجة فيه كأنى لسه سايباه إمبارح ..
هشام بإشتياق صادق
_ إيه الغيبة الطويلة دى ...
ثم اضاف بخجل
_ أكيد حضرتك محتاجة ترتاحى ..
أبتسمت بحزن قائلة بكلمات غلب عليها الأسى
_ أرتاح .. ماخلاص مبقاش فى راحة ..
لم يفهم هو المغزى من وراء كلماتها إلا أنه لم يسعه سوى أن يقول
_ شكل حضرتك تعبان ومرهق جدا .. ليه مخلتيش حد يستقبلك فى المطار أو كنتى كلمتينى ..
ربتت على كتفه بحنان مجيبة
_ فيك الخير يابنى والله بس خلاص مبقالوش مكان التعب .. الواحد بقى بطوله وخفيف ..
لم يستطع هشام إخفاء فضوله لأكثر من ذلك وتسائل
_ أمال عمو مجاش معاكى ليه .. لسه بيكمل علاجه ولا إيه ..
ألتمعت عينى الأم بالعبرات فور أن ذكر زوجها لكنها تماسكت قائلة بضعف
_ الله يرحمه ..
أتسعت عينى هشام بجزع معلقا
_ لاحول ولا قوة إلا بالله حصل أمتى وإزاي محدش بلغنى ..
هزت رأسها بأسف موضحة
_ الظروف كانت أكبر من أى حاجة ..
هشام بتفهم
_ البقاء لله .. طيب والچثمان هيجى أمتى ..
اجابته بإنكسار
_ أتدفن هناك خلاص ..
تسائل هشام بعدم فهم
_ ازاى من غير بناته !
فرت إحدى العبرات من مقلتها رغما عنها سرعان مامسحتها قائلة بحروف مرتعشة لاتقدر على النطق
_ وبناته .. وبناته كانوا معاه ...
هشام بتشكك
_ ازاى !
أجابته بقلة حيلة بعد أن تدافعت الدمعات أعلى وجنتيها
_ ياريت كنت أعرف إزاى ولا ايه اللى حصل ...
صمت هشام لبضع لحظات محاولا إستيعاب كلماتها قبل أن يعلق ببلاهة
_ أنا مش فاهم حاجة هو أتوفى امتى !
والدة فرح
_ من خمس شهور تقريبا ..
هشام بغير تصديق
_ خمس
متابعة القراءة