رواية تحفة الفصول من التاسع والعشرون للثالث والثلاثون الاخير بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

وده طبعا زود الحالة اللى كنت فيها وفضلت أكتر من خمس شهور أتعالج فى مصحة لحد ماقدرت أتعافى وأفوق من اللى أنا فيه ورجعت مصر ..
فى تلك اللحظة كانت قد وصلت ملامحها إلى أقصى درجات الأسى والفجع قبل أن تحاول أخذ شهيق عميق قائلة وهى تنظر إلى هشام الذى لم يستطع إستيعاب الأمر برمته قائلة 
_ رجعت إمبارح لقيت هشام بيقولى إن بناتى عايشين بس مصدقتهوش .. خصوصا إنه مكنش طبيعى ...
ثم أضافت موجهة كلماتها إلى أيمن 
_ بس أنا مصدقاك يابنى بعد اللى حكتهولى ...
تنحنح أيمن بخفوت عدة مرات محاولا الخروج من تلك الحالة من الحزن التى شملته قبل أن يقول بمهنية شديدة 
_ زى ماقولتلك هى بنت واحدة بس وطلع عندها انفصام وجامعة بين شخصيتها وشخصية أختها ومش قادرين نحدد إذا كانت فرح ولا هنا ...
أجابته برجاء حتى أنها كادت أن تميل عليه مقبلة إحدى يديه قائلة 
_ أبوس إيدك عاوزة أشوفها ..
أمسكها من كلتا يديها ليرفعها عنه قائلا بأدب 
_ هتشوفيها ياطنط ... هاخدك دلوقتى عندها يمكن تقدرى تعرفى هى مين فيهم .. بس .... 
صمت لبضع لحظات مفكرا قبل أن يتسائل 
_ بس إنتى مش فاكرة البنت الأولى اللى شوفتيها كانت مين فيهم 
هزت الأم رأسها بلوعة مجيبة  
_ للأسف كان جزء كبير من ملامحها ضايع بس أنا عارفة إنها واحدة فيهم ..
ثم أضافت بشجن 
_ مش هيفرق فى الۏجع إسم الضنا اللى ماټ .. كفاية إن الأتنين حتة منى فى نفس الغلاوة .. حتى اللى عاشت فيهم مش مهم عندى أعرف هى مين .. المهم أنها تكون معايا فى الدنيا تخلى لحياتى معنى وأفرح بيها وبعيالها لحد ماأروح لأبوها وأختها ..

شاهدتها من وراء الزجاج بقلب ملتاع لايقدر على تنظيم دقاته راغبة بشدة فى الإنقضاض عليها وإحتوائها بداخلها وتقبيلها فأرتفع نحيبها بحړقة رغما عنها أتبعها العديد من الشهقات تخللها صوت ضحكات وليدة سرعان ماتحولت إلى بكاء هى الأخرى أثناء قولها بشجن 
_ بنتى ...
كان كريم يقف على بعد عدة خطوات منها يراقبها بصمت وإلى جواره هشام الذى بدا عليه علامات الذعر خاصة وهو يرى تلك الراقدة على هذه الحالة لأول مرة أما أيمن مصدر الثقة الوحيد للأم فى ذلك الوقت حاول التربيت عليها متسائلا بخفوت  
_ متقدريش تحددى هى مين 
أجابته دون تفكير  
_ فرح هى فرح بملامحها الهادية وده شعرها اللى صبغته بعد نجاح عملية أبوها ..
وكأنه كان ينتظر الإشارة للإغتباط فتقدم إليهم كريم بلهفة حقيقية قائلا  
_ بجد فرح .. يعنى اللى عايشة فرح .. 
إلا أن هشام سرعان ماقاطع تلك السعادة الغامرة التى شملت صديقه قائلا 
_ لا ثانية واحدة أنا شوفت هنا وقابلتها معنى كدة إن الأتنين عايشين أو يمكن دى مش فرح ...
كم ود كريم فى تلك اللحظة تسديد لكمة قوية لفك ذلك الأحمق يمنعه من الكلام نهائيا وكأنه هو أصبح العقبة الوحيدة أمام طريق سعادته لكنه بالنهاية تمالك أعصابه متسائلا بإستخفاف 
_ ودى بقى قابلتها أمتى وأزاى  
تغاض هشام النظر عن طريقة صديقه الساخرة ساردا ماحدث بجدية حيث قال وسط النظرات المصوبة إليه من الثلاث أشخاص  
_ جاتلى مرة عشان تثبتلى إنها فى مصر وكان شعرها زى ماهو بلونه اللى كانت عليه قبل ماتسافر .. وطبعا نظرة عنيها والعدسات بتاعتها كانت بتأكدلى أنها هنا .. وده معناه أكيد إنهم اتنين مش واحدة ...
بعد صمت أستمر لدقائق قاطعه ايمن قائلا 
_ كريم انت مش كنت قولتلى إنها كان معاها عدسات لونها يشبه للون اللى كانت بتستعمله أختها وخصلات شعر عمرها مالبستها ..
كريم بحيرة 
_ آه فعلا ..
فى ذلك الوقت تدخلت الام قائلة 
_ فعلا فرح عمرها مالبست عدسات ولا بتحبها ..
أزدادت الحيرة فى أعين الجميع قبل أن يستدع الطبيب إحدى الممرضات طالبا منها الدلوف إلى غرفة المړيضة وجذب شعيراتها برفق للتأكد من مدى زيفها أو حقيقتها ..
بخطوات بطيئة حذرة قامت الممرضة بالدخول إلى الغرفة وسط نظرات الترقب من الجميع وقامت بجذب إحدى خصيلاتها لكن دون جدوى فأشار لها الطبيب بالخروج قبل أن يهتف هشام 
_ بس أنا متاكد إنها هنا .. انا مش مچنون ...
تقدم إليه كريم ممسكا بتلابيب هندامه المبعثر والملطخ بالډماء قائلا بقسۏة  
_ ماتخرس بقى ياأخى ...
إلا أن أيمن سرعان ماتدخل مهدئا 
_ أهدى بس ياكريم إحنا لسه قدام نفس الإحتمالين ..
وبسرعة البرق كان عقل ذلك الطبيب يعمل محاولا البحث عن حلول إلى أن قال بأعين لامعة  
_ إزاى الموضوع ده مخطرش على بالنا من الأول ..
وجه كلماته إلى الأم موضحا 
_ محتاجين نعرف فصيلة الډم لكل واحدة إيه ولو معاكى تحاليل ډم قريبة ليهم ...
أجابته هى بخيبة 
_ الأتنين نفس الفصيلة ..
لكنها مالبثت أن أضافت عقب تذكرها 
_ بس فى حاجة ..
أيمن بفضول  
_ إيه هى !
أجابته الأم على الفور محاولة تذكر أدق التفاصيل 
_ قبل الحاډثة بكام يوم راحوا يعملوا تحليل أقترحته هنا وأتحمست ليه فرح جدا بس هو كان غريب شوية وأول مرة أسمع عنه .. 
تابعت هى بشغف 
_ كانوا واخدينه كهزار فى الأول خصوصا إن معمل مشهور هناك كان بيدور على توائم يعملهم تحاليل كتجربة عشان يشوف فعلا البيئة بتفرق حتى لو الأتنين مولودين فى نفس اللحظة وملهوش علاقة بالعوامل الوراثية ولا ليه علاقة ..
أيمن معلقا 
_ أنا فعلا بسمع إن فى تحليل جديد كانوا بيعملوا عليه تجارب الفترة اللى فاتت غرضه معرفة العمر البيولوجى للإنسان من خلال عينة ډم بتتاخد من الشخص والمفروض إن من خلال العينة دى يظهر السن الفعلى بعد تأثير البيئة المحيطة بيه عليه ..
مالبث أن صمت المتحدث قليلا مفكرا قبل أن يقول  
_ تقصدى إن ممكن التحليل ده يساعدنا ..
هزت والدة فرح رأسها مؤكدة  
_ بالظبط كده بما إن الأتنين قضوا السنوات الأخيرة من عمرهم فى أماكن مختلفه .. هنا عاشت برة فى آخر خمس سنين ومتابعة نظام صحى ورياضة ومحافظة على جسمها بس فى نفس الوقت كانت متعرضة لضغط عصبى بجانب السجاير على عكس فرح اللى مكانتش بتتعرض لضغوط بفضل شغلها مع الأطفال وكمان مكنتش پتدخن بس مكنتش بتمارس أى رياضة أو ماشية على نظام غذائى .. فعشان كده طلعت النتيجتين بعاد عن بعض خااالص ومختلفين لدرجة كبيرة ..
فى تلك اللحظة أول من نطق هو هشام الذى تسائل بفضول  
_ طلعت النتيجة إية ..
والدة فرح  
_ طلع إن فرح هى اللى جسمها وحياتها مرتاحة أكتر فتبان أصغر من سنها بسنتين إنما هنا فكانت أكبر من سنها بأربع سنين ..
أيمن بتشكك 
_ بس تفتكرى لو عيدنا التحليل هيطلع بنفس النتيجة ...
تدخل كريم أخيرا معلقا بتخوف  
_ لا طبعا اللى حصل الفترة اللى فاتت أكيد هيأثر على نتيجة التحليل لأن حياتها مكنتش مستقرة خالص آخر خمس شهور ...
أيمن مفكرا  
_ ده
تم نسخ الرابط