رواية تحفة الفصول من التاسع والعشرون للثالث والثلاثون الاخير بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

الفصل التاسع والعشرون
طال الإنتظار لساعات وساعات وساعات حتى حل المساء وفى النهاية لاح ضوء سيارته بالأفق معلنا عن إقترابه بعد تجاوز الساعة التاسعة مساءا ..
توعدته بداخلها على إهماله لها طوال اليوم بعد أن تعمد تجاهل مكالماتها ورسائلها التى لم تنقطع لكن رغم ذلك تصنعت هى عدم الإهتمام وأتجهت إلى غرفة معيشتها حيث أدارت التلفاز بلا هدف وأحتل جسدها جزء صغير من الأريكة والتى تدثرت أعلاها بذلك الغطاء الشتوى الناعم أمسكت بأصابعها كوب من الكاكاو والذى فقد الكثير من حرارته حتى إنه أصبح أقرب إلى البرودة وكأنه مشروب شوكولا مثلج وذلك بعد أن تناسته هى للعديد من الساعات أنشغل قلبها فيها بالتفكير فى زوجها الغائب ..

ذلك الزوج الذى تباطئ بشكل متعمد فى خطاه أثناء دلوفه إلى المنزل فألتقطت أذناه أصوات ضحكاتها من داخل غرفة المعيشة أعتقد أنها لم تلحظ وجوده فأقترب من أطراف الغرفة بهدوء راغبا فى إظهار نفسه حيث رآها تعتلى أريكتها بثغر باسم وترتشف مابداخل كوبها بتلذذ شديد وكأنها تستمتع بوقتها من دونه ..
شملها بنظرة طويلة ملؤها الحزن والأسى قبل أن يتوجه إلى الدرج بتثاقل صاعدا إلى غرفته حيث قام بتغيير ملابسه بآلية شديدة وأستلقى أعلى فراشه بتهالك متناولا هاتفه ليعبث به غافلا عن تلك التى تنتظره بالأسفل والتى حاولت التظاهر بعدم علمها بقدومه خاصة وانه لم يلق عليها السلام أو يقوم بأى ضوضاء للفت إنتباهها .. 
وعند توجهه للأعلى أعتقدت أنه سيقوم بتغير ملابسه ومن ثم سيأتى للجلوس بصحبتها معتذرا عما بدر منه فى الصباح مر أكثر من نصف الساعة قضتهم الزوجة فى ترقب شديد إستعدادا لقدومه فى أي لحظة للإنضمام إليها لكن توجت آمالها بالخيبة فى النهاية عند تأخره ولم تسطع هى الصبر لأكثر من ذلك فتركت العنان لنفسها الغاضبة متوجهة إلى الدرج بخطوات واسعة شبه مهرولة وماهى إلا ثوان حتى أجتازت جميع درجاته دون أن تشعر وتقدمت رأسا إلى غرفتها تدير مقبضها پعنف ...
أصطدمت نظراتها الواعدة بخاصته الغير مبالية قبل أن يعيد النظر إلى هاتفه من جديد مما زاد من حنقها فقالت بغيظ مكظوم 
_ اتفضل قوم عشان تاكل
أجابها دون أن ينظر إليها 
_ مش عاوز 
تطاير الشرر من عينيها جراء تجاهله لها على هذا النحو فأقتربت منه واضعة كفيها بجانبى خصرها كأى زوجة مصرية ترغب فى الشجار 
_ ماطبعا تلاقيك أكلت برة ومش مشكلة بقى الجارية اللى أنت اشتريتها وسايبها فى البيت ..
أرتفعت عدستيه إليها دون أن يحرك وجهه فشملها بنظرة طويلة صامتة خالية من أى مشاعر وكأنه فى إنتظار إنتهائها وما إن صمتت عن الحديث حتى هبط بعدستيه من جديد إلى هاتفه دون أن يعلم هو أنه بفعلته تلك قد جذب فتيل قنبلتها الموقوتة التى تتوق للإڼفجار منذ الصباح ...
ففوجئ بها تنقض عليه وتجذب هاتفه من بين أصابعه قائلة بحدة 
_ هو أنا مش بكلمك يبقى تسيب الزفت ده وترد عليا ..
حافظ كريم على نبرته الهادئة وهو يقول ببرود شديد 
_ نعم 
اهتز جسدها بإنفعال قائلة  
_ أتفضل قوم كل ..
أنقلب على إحدى جانبيه ليوليها ظهره قائلا 
_ قولتلك مش عاوز 
نفثت هى أنفاسها بإستشاطة قائلة بعناد وهى تلقى هاتفه على الفراش بغيظ واضح 
_ براحتك
كعسكرى درج أعتاد السير المنظم كانت خطواتها شبيهة أثناء توجهها إلى خارج الغرفة والتى سرعان ماأنقلبت أدراجها عائدة إليها من جديد عقب بضع ثوان قائلة بتحفز بينما وجهها يضخ دما من فرط الغيظ 
_ أنت مكنتش بترد على مكالماتى ليه طول النهار أفرض كان حصلى حاجة .. 
أجابها وهو لازال يوليها ظهره 
_ وأديكى محصلكيش حاجة .. 
أزداد صوتها حدة وهى تقول بإنفعال  
_ طبعا ماأنت نفسك تخلص منى عشان تتسرمح طول اليوم براحتك ...
ثم أضافت بسخرية 
_ من فات قديمه ....
أستفزته تلك الكلمات إلى أقصى درجه مما دفعه للنهوض دون مقدمات قائلا بإشمئزاز دون أن يعى 
_ فعلا معاكى حق .. من فات قديمه ... 
اتسعت عيناها بتفاجؤ متسائلة بتحفز 
_ تقصد إيه !
لاحت شبه إبتسامة ساخرة على إحدى جوانب فمه قبل أن يقول وهو يتناول هاتفه مرة أخرى 
_ ولا حاجة ..
تعالى صوتها إلى درجه تشبه الصړاخ مجيبة 
_ لا بصلى كدة وكلمنى زى مابكلمك تقصد إيه بكلامك ده إنى دايرة على حل شعرى !
أجابها دون أن ينظر إليها 
_ مقولتش كده
كانت قد هدأت ثورتها قليلا فتوجهت إلى جانبها من الفراش قائلة بصوت خفيض ساخر  
_ لا قول ماهو ده اللى ناقص 
وضع هاتفه بجانبه قبل أن يستلقى من جديد قائلا  
_ تصبحى على خير ..
أجابته بتحد مقصود لإثارته من جديد  
_ كدة كدة كنت هنام عشان عندى شغل بكره ..
أجابها بنبرة مرتفعة آمرة وهو لازال مغمض العينين 
_ الشركة دى مش هتعتبيها تانى .. 
وبالطبع لم تتجاهل هى ذلك فأجابته بحنق  
_ هو إيه اللى مش هعتبها هو أى تحكمات وخلاص .. 
أجابها بهدوء 
_ اللى عندى قولته وعلى الله كلامى يتكسر ..
نظرت له نظرة طويلة قبل أن تقول بكلمات مرتعشة حاولت إخراجها ثابتة وواثقة 
_ لا هروح واللى عندك أعمله ..
هب كريم من نومته ناظرا إليها بأعين يتطاير منها الشرر وكأنه على وشك إرتكاب چريمة شنعاء قائلا بكلمات ملؤها الټهديد 
_ كلامى يتسمع ياإما اقسم بالله ماهيحصل طيب ..
لم تزدها كلماته إلا عنادا فقالت بتهكم  
_ وهتعمل إيه يعنى هتضربنى !
أرتفعت قبضته أمام وجهها فى طريقها للنيل منها لكنها فى اللحظة الاخيرة أنحدرت للأسفل ليتلقاها الفراش بصدر رحب قبل أن يحمل الغاضب وسادته ويهجر الفراش متوجها إلى خارج الغرفة التى أغلق بابها من ورائه پعنف حتى هيئ لها أنه على وشك الټحطم من فرط قوة الإصطدام ...
تسمرت ملامحها للحظات قبل أن يتعالى صوتها قائلة بما تبقى من ڠضب داخلها  
_ وأما الباب يتكسر دلوقتى يبقى كويس يعنى ..
رغما عنه شقت الإبتسامة طريقها بين شفتيه عند سماعه لكلماتها تلك لكنه سرعان ماتجهم من جديد أثناء تخطيه درجات الدرج متوجها للأسفل كى يبيت ليلته داخل غرفة المعيشة بعد أن تجاوزت الساعة العاشرة والنصف مساءا ..
فى حين أن زوجته رغم إمتعاضها إلا أنها لم يغب عنها تناول جرعة دوائها اليومية التى ساعدتها فى الإستغراق فى النوم دونما جهد يذكر بعكس ذلك الذى ظل يقظا بالأسفل يعانى من وخز ضميره لما وجهه لها من كلمات ..

دقة ..أثنتان ...
الموعد اليومى لأرتفاع رنين الهاتف الذى ينتظره هشام بمنتهى اللهفة والحماس فهاهو صوتها الناعم يأتيه بدلال وهى تقول 
_ مش قولتلك هتدعيلى قريب ..
رغما عن فرحته الداخليه بما حدث اليوم إلا إنه فضل عدم إبدائه لذلك وقال بهدوء 
_ بس لسة اللى أتفقنا عليه محصلش ... 
آتاه صوتها الواثق وهى تقول 
_ وهو أنت عاوز كل حاجة تحصل بسرعة كدة ..
أجابها بشك  
_ ادينى مستنى ..
أجابته مطمئنة 
_ أوعدك مش هتستنى كتير ..
ثم أضافت متسائلة 
_ ها هتحولى باقى المبلغ امتى !
هشام
تم نسخ الرابط