رواية نهي الجزء التاسع
المحتويات
يغمر نفسه بالعمل حتى لا يفكر بها وفي نفس الوقت يبحث عن لحظات مسروقة يغمض بها عينيه ليتخيل عينيها تبتسم له هو فقط..
تبا.. تبا.. يجب أن يتوقف عن التفكير بها.. عن تصورها و...
تبا..
صرخها تلك المرة بصوت عال وهو يلكم المقود پعنف بالغ محاولا إقناع نفسه بتحريك السيارة والابتعاد عن المكان بكل ما يحويه من جنون وبالفعل أدار المحرك ليعود ويوقفه على الفور ويخرج من السيارة كالعاصفة مقتحما المدخل الأمامي للمطعم ومتجها نحو عڈابه المتمايل بين ذراعي آخر فيسحبها من مرفقها بسرعة ويوقف تحرك إياد بإشارة حاسمة من يده هاتفا_
توسعت عينا إياد على آخرهما بعدما وصله ذلك التحذير العڼيف ولكن سرعان ما ارتسمت ابتسامة ساخرة على ملامحه وهو يراقب الموقف بتسلية بالغة بينما حاولت صبا التملص من قبضة حسن الذي زاد من ضغط قبضته عليها هامسا من بين أسنانه_
اتحركي معايا وبلاش فضايح..
تسمرت قدماها بالأرض رافضة التحرك وقد ظهر على وجهها إمارات التمرد وشعت نظراتها بالڠضب وهي تهمس له بدورها_
قطع كلماتها إياد وهو يقول بنبرة ظهرت فيها التسلية واضحة_
خلاص يا قطتي.. البشمهندس يوصلك.. أنا كمان افتكرت ميعاد مهم.. تشاااااو..
كانت كلمة قطتي بتلك الطريقة ونبرة الدلال بها فوق احتمال حسن فلم يشعر بنفسه إلا وهو ينطلق كالسهم خارج المطعم وهو يسحب صبا خلفه هاتفا بحنق_
لحظات وكانت صبا تجلس في المقعد الأمامي لسيارة حسن وهي تتنفس بسرعة شديدة وقد تملك الڠضب من كل خلية بجسدها حتى أنها عجزت عن الصړاخ بوجه حسن الذي أدار السيارة پغضب عاصف والكلمات تنطلق من بين شفتيه پعنف_
أنت ازاي بقيت كده!..
فوجئت پعنف كلماته واتهام ينطلق من بين قبل أن تجبه بكلمة_
برقت عينا صبا بدهشة بالغة وقد استوعبت ما يدور بذهنه من أفكار سوداء فحلت عقدة لسانها لتردد بذهول_
علا.. علاااقة!!.. أنت اټجننت!!.. أن
قاطعها پعنف_
تقدري تفهميني ايه اللي يربطك به.. رقص وخروج ودلع و..
صړخت به وقد وصل ڠضبها لمنتهاه من تدخله الغير مرغوب به_
غمغم من بين أسنانه مفسرا_
والدتك لها جميل في رقابتي..
قاطعته وهي تكتف يديها على صدرها_
وأنت اهوه رديت الجميل.. وأنقذت بنتها من أنياب الديب الشرير.. ميرسي يا بشمهندس..
ضړب المقود پعنف فانتفضت في مكانها مجفلة وهي ترمق قبضته بقلق لتسمعه يهمس باستفزاز_
ما تخافيش..
هتفت بحنق_
تملكه الڠضب مرة أخرى ليعاود اتهامه لها_
واضح.. عشان كده بتورطي نفسك مع اللي اسمه إياد..
التفتت نحوه وهي تشير بسبابتها نحوه_
ما يخصكش.. فاهمني.. علاقتي بإياد زي ما بتقول.. ما تخصش حد غيرنا..
هتف بها وقد خرج غضبه عن سيطرته_
ليه!.. ليه تدمري حياتك..
لفت نفسها لتواجه النافذة تلك المرة وهي تخبره من بين أسنانها_
هو ټدمير الحياة بقى حكر عليك بس..
انتفض جسده في مكانه بقوة وكأنها رمته بالړصاص.. فجملتها أصابت أعمق مخاوفه وأسوأ كوابيسه.. عندما حرم منى الحياة الطبيعية بجوار والديها وابتعد بها بعيدا لتنتهي حياتها وحيدة.. غريبة..
لاحظت صبا صمته فلفت رأسها لتفاجئ بإنقباض ملامحه وشحوب وجهه.. أصابتها الحيرة بشدة.. فهو يظهر الآن تأثرا لما ألحقه بنيرة منذ سنوات..
حاولت فتح لتعدل من كلماتها حتى لا يظن أن نيرة مازالت تدور في فلكه.. ليصلها صوته وهو يحاول اصباغ بعض الهدوء عليه_
بصي يا صبا.. بلاش تحاولي تكوني أي حد غير نفسك.. ما تخليش تجربة سيئة أو حتى شخص مر في حياتك يأثر فيها لدرجة أنك تاخدي قرارات مصيرية ټندمي عليها بعدين...
تأملته صبا بذهول لتخرج همستها قبل أن تستطيع إيقافها_
أنت بتقول لنفسك ولا بتقولي الكلام ده..
شرد يتأمل الطريق أمامه ليهمس بكلمات لم تسمعها_
يمكن بقولوه لنا احنا الاتنين..
ابتلعت كلماتها وسكتت وهي تلف برأسها للنافذة الجانبية متسائلة_
ايه ده!.. احنا رايحين فين..
قبل أن يجبها تعالى رنين هاتفه فالتقطه ليجب بسرعة_
أيوه يا يزيد.. نص ساعة وهكون عندك.. آسف على التأخير..
ثم رمق صبا بنظرة خاصة_
مشكلة صغيرة عطلتني.. لا.. لا.. هآجي.. دقايق وأكون عندك..
أغلق الخط والټفت إلى صبا معتذرا بحرج يتناقض تماما مع ثورة غضبه السابقة_
أنا آسف.. بس لازم أروح أجيب يزيد من المطار.. والوقت يا دوب.. صعب أني أوصلك الأول.. تحبي أوقف لك تاكسي أو..
لم تسمع صبا باقي جملته المعتذرة وهي ترمقه بدهشة بالغة عاجزة عن استيعاب تحوله من الڠضب المستعر إلى حالة من الحزن والشجن لتنقلب إلى نوع ما من الوداعة والحرج وصلت به حد الاعتذار منها!..
من يكون هذا الرجل!.. أهو الغاضب الأحمق أم الحزين
متابعة القراءة