رواية نهي الجزء التاسع
المحتويات
بهما قبل أن يهمس_
ما حبتش أضغط عليك.. و..
قاطعه حسن_
وايه.. ظنيت أني مش هاهتم!..
سكت مازن ولم يجبه.. فهو خشي الاتصال به بالفعل خوفا من لامبالاته نحو نيرة.. فلجأ ليزيد كالعادة.. خاصة وهو عاجز عن طلب الراحة والأمان من دنيا.. فهو فقد جميع حقوقه عليها.. ومع غياب والده المستمر.. فحاتم العدوي بعدما فشل في استعادة ابنه الأكبر قرر ترك إدارة المجموعة بين يدي مازن وقرر الابتعاد عن الجميع.. اعتزل العمل والناس وأصبح يقضي أوقاته في رحلات بحرية لا تنتهي.. ووالد نيرة أكثر عجزا من مازن يحتاج لمن يسانده ويدعمه على الدوام ولولا وجود صبا بجواره لكان انهار بقوة.. ووسط كل ذلك كان مازن يقف وحيدا يرجو الراحة والإطمئنان فلا يجدهما.. ولا يعرف لهما سبيلا خاصة وقد غابت نيرة لأكثر من خمسة أيام في غيبوبة غامضة.. لا يدرون متى تستفيق منها..
طال سكوت مازن والټفت ثانية نحو النافذة الزجاجية فهو يخشى أن يبعدها عن نظره لحظة فتغيب بحياتها عنه للأبد..
تعالى معايا.. أنت محتاج تغير وتاكل حاجة..
رفض مازن التحرك من مكانه وهز رأسه مخبرا حسن_
صبا بتجيب لي أكل وتجبرني آكل كل يوم.. كتر خيرها..
نبضة قوية منفلتة نبضت بقلبه حتى خشي أن يلاحظ مازن فسأل بطريقة حاول أن تكون طبيعية_
آه كتر خيرها فعلا.. أومال هي فين..
في أوضة باباها.. الضغط عنده علي قوي من اللي حصل..
ظل بجوار مازن لفترة طويلة بعدما أقنعه بالجلوس على المقاعد المواجهة لغرفة العناية وأحضر له عدة شطائر وفنجان من القهوة المرة تناولهم مازن بآلية وظل متشبثا بكف شقيقه وكأنه يستمد القوة للاستمرار بوجوده..
اقتربت لتقف أمامهما وهي تتوجه بسؤالها لمازن_
هز رأسه نفيا ونهض واقفا ليبتعد عنهما ويعود للالتصاق بالنافذة الزجاجية مرة أخرى.. وقبل أن تتحرك صبا وصلها صوت حسن الهامس_
ما فيش حمد لله على السلامة!
ارتسم الڠضب على ملامحها وهي تسأله_
ايه اللي جابك..
نهض واقفا هو الآخر ولمس مرفقها بخفة يوجهها للابتعاد عن وجود مازن قليلا ليجبها بسؤال_
أنت ليه هربت!
هربت!.. سبق وقلت لك أني ما بخافش من حاجة..
اقترب منها ليهمس بغيظ_
بلاش الأسلوب ده يا صبا..
قررت لعب دور الغبية بجدارة فهمست من بين أسنانها_
أنا مش عارفة أنت بتتكلم عن ايه!.. ولو ما أخدتش بالك.. أحب أقولك أن أختي في غيبوبة.. وأظن أن ده سبب قوي عشان أسيب الدنيا كلها وأرجع لها..
برقت عيناه بغيظ فظهر لونهما الأخضر الغريب واضحا وهو يصدمها بقوة_
سألتني رجعت ليه.. رجعت عشان أنا اكتفيت هروب وقررت أواجه..
قاطعته پخوف قبل أن يكمل_
أنت طلبت مني ابعد.. وكان عندك حق..
حاول مقاطعتها لتتحرك مبتعدة وهي تشير بيدها_
مش دايما الهروب بيكون جبن.. أحيانا بنهرب عشان نحمي ناس يهمونا.. ابعد يا حسن.. خلينا نبعد.. خلينا نتصرف صح..
حاول اللحاق بها ليتجمدا سويا كرد فعل لصيحة مازن_
نييييييرة.. نيرة فاقت..
اندفعت صبا لتمر بجواره لتلحق بمازن الذي أوقفه الطاقم الطبي حتى يطمئنوا على الوضع الصحي لنيرة.. بينما ظل حسن في مكانه حائرا وكلماتها تتردد في ذهنه..
أحيانا بنهرب عشان نحمي ناس يهمونا..
وبأعماقه تتصارع أسئلة عدة.. هل تظن أنه اندفع خلف أهوائه متناسيا من سيجرح ثمنا لدقة قلب.. كلا.. لم ولن ينس.. فهو أكثر من مدرك لوجود لورا في حياته.. وهو لن يظلمها.. كلا.. لها فضل كبير عليه لوجودها بجواره في أحلك لحظات حياته قد تكون أنقذته من الجنون أو ما هو أبشع..
هي تمثل له صديقة.. صديقة طيبة.. وأم لابنته الصغيرة.. رغم محاولاتها المستمرة لتحويل تلك المودة من ناحيته إلى حب مشتعل كذلك الذي تحمله له.. محاولات خفتت كثيرا في الفترة الأخيرة وكأنها اقتنعت بوتيرة حياة هادئة.. أو ربما هي فقط أدركت بغريزة الأنثى.. أن حياتهما الهادئة.. قاربت على النهاية...
استقرت نيرة في غرفة مستقلة بعدما انتهى الفريق الطبي من اجراء فحوصات وتحاليل عدة.. ليقرروا أنها أفاقت تماما من غيبوبتها ولحسن الحظ لم تصب خلايا المخ بأي أضرار دائمة.. وأن حالتها مستقرة تماما.. فقط هي بحاجة لعدة أيام من المتابعة الطبية في المشفى...
ها هي مستلقية على فراشها الطبي ومازن
متابعة القراءة