رواية نهي الجزء التاسع

موقع أيام نيوز

مازالت ترن في أذنيه رغم استنكاره لها لحظتها لكن ها هي الأيام تثبت صدق اعتقاد والدته فعلياء نائمة بينما رامي بح صوته الذي لا يملكه أساسا من البكاء.. و..
قاطع صوت علياء تسلسل الأفكار الخبيثة بذهنه وهي تقترب منه لتحمل رامي وتضمه إلى صدرها ليتناول رضعته الليلية وهمست بخفوت_
حبيبي الصغير صحي بدري ليه.. كبرنا وبقينا نجوع بسرعة ولا ايه!..
جلست على مقعدها المعتاد وهي ترضع أطفالها غافلة عن معالم الڠضب على ملامح يزيد الذي لم يستعد توازنه بعد تيقنه من أن إعاقة ابنه دائمة وبات شديد الحماية والالتصاق بكل ما يخصه لذا انطلق إتهامه لها على الفور وخرجت كلماته بدون أن تمر على عقله المشغول بكلمات أمه السامة_
عايزة تفهميني أنه يهمك بجد وقلقانة عليه!.. لو ده صحيح ليه كنت نايمة وهو مفلوق من العياط!!!
رفعت علياء عينين مذهولتين ملئهما نظرات عتاب صاړخة فهو منذ عادا من باريس وهو في حالة عصبية متفجرة وهي تقدر حالته النفسية تماما وتتحمل عصبيته الزائدة وتصرفاته التي أنزلتها من سماء عشقه إلى جنون غضبه.. تقدر حزنه الأبوي والألم الذي ېمزق روحه وهو عاجز عن مساعدة طفله ومحاولته الخرقاء لحماية الصغير من مجهول يترصده.. كل ذلك تستطيع استيعابه فهي نفسها تتألم من أجل الصغير وتوليه كل اهتمامها ولكن أن يتهمها ذلك الاتهام الجائر فهذا ما لن تقبله.. ولن تتحمله أبدا..
رمقته بنظراتها العاتبة وأكملت ارضاع الصغير حتى اكتفى تماما ثم تحركت بهدوء غاضب تحت نظرات عينيه الحائرة لتقوم بتغيير الحفاظ لرامي وتهدهده حتى راح في سبات عميق.. فدثرته بعناية قبل أن ترمق يزيد بنظرة غاضبة وتطفئ نور الغرفة وتتجه إلى غرفة نومهما يلفها صمت غاضب حزين بينما هو غارق في حيرته وأفكاره المتخبطة بشأن مستقبل الصغير ليفاجئ بصوت أم علي تناديه بهدوء وهي تقف على عتبة الغرفة_
يزيد بيه..
انتفض على صوتها وخرج من غرفة الأطفال ليهمس متسائلا_
خير يا ست أم علي في حاجة..
خير يا بيه.. أنا عملت لك كوباية ليمون.. تعالى بس اقعد في الفرانده وهدي أعصابك..
تحرك يزيد بلا إرادة منقادا خلف السيدة الأكبر سنا حتى وجد نفسه جالسا يرتشف كوب الليمون المثلج وأم علي تثرثر بجوار أذنه كعادتها ومن وسط هذرها التقط عدة كلمات بدت أنها تريد ايصالهم له بطريق غير مباشر_
النهارده كان تطعيم اسم النبي حارسه سي رامي.. تصدق يا بيه.. طول النهار عياط.. والست عليا ربنا يكرمها ما فارقتوش لحظة.. لحد ما ربنا هداه ونام.. عشان كده يا حبة عيني.. تلاقيها مرهقة وتعبانة قوووي.. و..
قاطع يزيد كلماتها وقد أدرك ما تريد قوله وهدأت أعصابه على الفور بعدما أدرك سخافة الاتهام الذي وجهه لحبيبته الغاضبة_
خلاص يا ست أم علي.. فهمت قصدك والله..
ونهض ليتوجه إلى غرفته ثم عاد أدراجه ليهمس للعجوز_
بس الحمد لله طمنتيني عليك.. أنا كنت بدأت أقلق على قدراتك الردارية الخارقة!
ضحكت العجوز بخجل_
ربنا يهدي لك نفسك يا بيه.. ألا أصعب حاجة غواية النفس..
أومأ موافقا وتحرك نحو غرفته ليدخلها بهدوء وتردد حيث لمح علياء جالسة على الأريكة العريضة وقد ارتسمت على وجهها علامات اللوم الشديد والڠضب.. فتحرك ببطء حتى وقف أمامها مطأطئا رأسه كالطفل المذنب وذراعيه تهدلا بجواره وهمس باسمها بخفوت_
علياء..
رشقته بنظرة غاضبة ولم تجب.. فرفع كتفيه بحركة تدل على قلة حيلته وهمس لها_
أنا غبي.. واتكلمت من غير ما أفكر.. ده أنا.. أنت لسه هتعرفيني يعني..
فلفت وجهها للجهة الأخرى حتى لا تواجهه فهي مازالت تشعر بچرح غائر بأعماقها إثر إتهامه لها بإهمال رامي..
_
آسف والله يا علياء.. أنا غبي وأكبر غبي.. أعمل ايه.. حاسس أني هتجنن.. أول مرة أحس أني متكتف.. عاجز.. قليل الحيلة.. نظرات رامي الحيرانة وهو مش قادر يتواصل معايا أو مع أخواته بتقطعني.. بتهز كل الثوابت جوايا.. لو أقدر كنت اتنازلت له عن حاسة السمع عندي.. يا ريت كان ينفع.. أنا مش عارف ده عقاپ ولا..
التفتت علياء لتواجهه بسرعة_
ده اختبار.. اختبار من ربنا.. هدية بعتها لنا يدخلنا بها الجنة.. نعترض ونتعصب ولا نقول الحمد لله ونحافظ على نعمته..
هز يزيد رأسه بحيرة
أنت ازاي كده!.. أنت كتير علي قوي.. أنا بحبك قوي يا عليائي.. بحبك قوي وآسف قوي.. أنا غبي والله غبي..
ضحكت علياء برقة وهي تنهره بخفة_
لو سمحت.. ما تقولش على حبيبي غبي..
_
يا ريت كنت حسمت الموضوع من زمان قبل ما يتظلم رامي بالطريقة دي.. لو كنت رفضت وجود أي أولاد..
أسرعت علياء بوضع أناملها على شفتيه لتمنعه من اكمال كلماته_
اوعى تقول كده.. بقولك رامي هدية ربنا لنا.. وهيكبر وهكون أحسن من أي حد..
ثم حركت أناملها لتداعب صدره برقة هامسة_
أنت بس حاول تخفف من قلقك عليه.. لازم يكون تعاملك معاه طبيعي.. عشان تتعود يا يزيد.. مش عايزينه يحس أنه وضعه مختلف..
نظر إليها
تم نسخ الرابط