رواية تحفة الفصول من الرابع وعشرون للثامن وعشرون بقلم الكاتبة الرائعة بقلم ملكة الروايات
المحتويات
أجابتها تلك الموسيقى الناعمة التى صدرت بلا مقدمات وملأت الأجواء من حولهم رقة ولطف قبل أن يتبعها ظلام دامس سرعان ماأضاءه سنا الكثير من الشموع التى زينت الطاولات من حولهم فى نفس الوقت الذى تقدم فيه إحدى العاملين حاملا قالب كبير من الحلوى وضع إلى جانبهم بحرص ومن ثم اضيئت تلك الشمعات الصغيرة أعلى طاولتهما والتى لم تلاحظها فرح من قبل وتراجع النادل إلى الوراء بخفة لينضم إلى فريق العمل قبل أن يختفى الجميع عن مرمى بصرها فلم ترى عدستيها إلا وجه حبيبها البشوش والذى أزداد وسامة على ضوء الشموع الخاڤت خاصة وهو يلتقط يدها من جديد هامسا
ظهرت العبرات واضحة متلألأة داخل مقلتيها وهى تقول بصوت خرج ضعيفا
_ أنت عملت كل ده عشانى ! حجزت المكان ده كله ليا ..
أجابها برقة
_ عشان ده مكانا إحنا وبس ...
لم تجبه بل أكتفت بالنظر إليه لعدة دقائق أطبق فيهما الزوج شفتيه فتأملت ملامحه الخلابة بعشق واضح بعد أن جفت الدمعات داخل مقلتيها وأنار وجهها ببشاشة فخرجت كلماتها خجلة وهى تقول
صدرت ضحكة قصيرة منه أتبعها قوله غامزا بخبث
_ طيب إحنا ننزل بالسمك والجمبرى دلوقتى عشان ليلتنا باينلها طويلة..
أنتصف الليل ومضت تلك الأمسية الرائعة سريعا وكأنها درب من دروب الخيال فهاهو يحملها بين ذراعيه صاعدا بها الدرج بحنو وكأنها ليلة زفافهما الأولى عيناه مسلطتان على وجه محبوبته التى أراحت رأسها فوق كتفه بدلال قبل أن تقول بغنج فور دلوفه إلى غرفة النوم خاصتهما
أرتفع حاجبيه بإستنكار مجيبا
_ ومفيش حيل ليه هو أنتى متجوزة كريمة ولا سوسن ..
صدرت ضحكة عابثة من بين شفتيها مجيبة
_ لا مش سوسن طبعا ياحبيبى بس بجد أنا النهاردة مرهقة أوى ..
ظهرت علامات الخيبة أعلى قسماته مجيبا وهو لازال يحملها بين ذراعيه
_ خسارة السمك والجمبرى كنتى قوليلى مكنتش تقلت ..
_ معلش تتعوض ..
قام بإنزالها أرضا متصنعا الڠضب وهو يقول محذرا
_ بقى كده ..
ماإن لامست قدماها الأرض حتى شعرت پألم قوى يغزو رأسها فأمسكت جبهتها بإعياء واضح أسترعى إنتباه الزوج فأقترب منها قائلا بقلق وهو يحاول إجلاسها فوق أقرب مقعد
أغمضت عينيها پألم مجيبة
_ الدوا .. لازم اخد الدوا ..
كريم بقلق
_ دوا إيه ده !
فتحت فرح عينيها ببطئ قبل أن تتوجه إلى الكمود خاصتها بإعياء تفتح إحدى أدراجه العلوية پعنف قائلة بعصبية
_ دوا للصداع ياكريم متعودة آخده كل يوم ..
توجه إليها زوجها يساعدها فى العثور عليه وهو يقول
ألتقطت أصابعها زجاجة الدواء الخاص بها وتناولت منها أكثر من حبة وضعتها داخل فمها على الفور قبل أن تشير إلى زجاجة المياة قائلة لزوجها
_ ماشى ماشى بعدين ياكريم .. أدينى بس الأزازة دى ..
حاول هو تهدئتها قائلا برجاء
_ طب مابلاش تاخديه النهاردة لحد بس مانروح للدكتور بكره ..
تجاهلته وأحضرت هى زجاجة المياة بنفسها وتناولتها بسرعة على دفعة واحدة قبل أن تقول بعبوس وهى لازالت تعانى من ألم رأسها
_ مقدرش .. اليوم اللى مباخدهوش فيه بيجيلى كوابيس ..
تسائل بعدم فهم
_ وايه علاقة الصداع بالكوابيس ! هو الدوا ده لإيه بالظبط !
أراحت فرح جسدها أعلى الفراش بإعياء مجيبة
_ مسكن كنت باخده ولقيته بيعالج الصداع فبقيت باخده بإستمرار ومبرتاحش إلا عليه ..
أرتفع حاجبى كريم بدهشة قائلا بحدة
_ انتى فاهمه اللى بتعمليه ده إيه ! انتى كده بتدمرى جهازك العصبى ..
ثم اضاف متسائلا
_ ثم كوابيس إيه دى اللى بتجيلك ومن امتى
كان الألم قد بدأ فى الإنقشاع وتراخى جسدها بإرتياح فخرجت كلماتها واهنة ضعيفة وهى تجيب بغير تركيز
_ مش عارفه بصحى مش فاكرة حاجة بس أوقات كتير بصحى على إحساس إنى خاېفة وبعيط كأن حد قريب منى ماټ أو .. أو كإنى أنا اللى مت ..
أقترب كريم منها بإشفاق محاولا إحاطة جسدها الصغير بين ذراعيه والتربيت عليها بهدوء قائلا بحنان
_ مټخافيش من حاجة ياحبيبتى طول ماأنا جمبك نامى وانتى مطمنة لأنى مش هسمح لحاجة تأذيكى حتى فى أحلامك ..
فى تلك اللحظة قفزت إلى ذاكرته تلك الحالة التى كانت عليها فى اليوم اللاحق لزفافهما فأمتد بصره بتشكك إلى الدواء الموضوع أعلى الكمود متسائلا بقلق
_ امتى اخر مرة مخدتيش فيه الدوا ده !
تثائبت بإرهاق مجيبة وهى تتوغل داخل أحضانه بوهن
_ بيتهيألى يوم فرحنا ..
عبست ملامحه بعد أن تأكدت شكوكه فضمھا إليه بقوه وقبلها أعلى جبهتها برقة فسطعت إبتسامة واهنة أعلى شفتيها سرعان ماتلاشت وأتبعها تساقط جفنيها براحة قبل أن تنتظم أنفاسها معلنة إستغراقها فى نوم عميق شعر به كريم على الفور فأراح رأسها فوق وسادة لينة وقام بتغطية جسدها بفراش ناعم وثير ثم تحرك بخفة لإغلاق الأضواء وغادر الغرفة بخطوات بطيئة إلى الأسفل ..
رغما عن خفوت صوت تكات الساعة المثبتة أعلى معصمه إلا أن الهدوء الذى عم الأرجاء بجانب الظلام الدامس الذى شمل المكان جعل من تلك التكات دقات عالية تدق پعنف داخل قوقعتيه بل داخل عقله منبهة بتجاوز الساعة الثانية صباحا بعدة ثوان ..
كان يجلس بترقب من وراء مكتبه يتطلع إلى هاتفه بإهتمام فى إنتظار تلك المكالمة التى لم تستغرق سوى أقل من دقيقة حتى سطعت على شاشة هاتفه معلنة عن هوية المتصل فأجاب على الفور دون تفكير قائلا بثبات
_ مواعيدك مظبوطة ..
اتاه صوتها الناعم يقول بدلال كعادتها
_ طول عمرى ياهيشو ...
ثم أضافت بجدية
_ كنت بتتصل بيا ليه !
علا ملامحه علامات الدهشة من قولها ذلك فأجاب بإستنكار
_ يعنى المكالمات وصلتك ..
أجابته ببرود
_ مش إحنا متفقين على معاد أكلمك فيه كل يوم ..
تجاهل قولها ذلك وتسائل
_ انتى بتتكلمى منين !
أجابته دون إكتراث
_ هيفرق معاك فى إيه !
أجابها بنفاذ صبر
_ عاوز أشوفك ..
صدرت عنها ضحكة صاخبة مجيبة
_ مستعجل على إيه بس ..
ثم أضافت
_ فكرت فى اللى قولتلك عليه إمبارح ..
أجابها دون تفكير
_ آه وموافق ..
أتاه صوتها هادئا وهى تقول
_ كنت واثقه إنك مش هترفض عرض زى ده ..
تسائل بإهتمام
_ هنبدأ امتى !
أجابته بخبث
_ لما تكون مستعد بس زى ما أتفقنا ١٠ مليون ..
طغت السخرية على نبرته وهو يجيب
_ طماعة أوى انتى ياهنا ..مش كفاية عليكى تاخدى سى كريم ويفضالك الجو ..
خرجت ضحكة قصيرة من بين شفتيها قائلة
_ متنساش إن فرح ساعتها مش هتلاقى حد تلجأله غيرك وهتبقى بتاعتك من غير أى مجهود ...
لمعت عينيه فى الظلام فور ذكر أسم فرح فأجابها
متابعة القراءة