رواية كاملة قوية الفصول من الواحد وعشرين للرابع والعشرون بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
عن موقفه نحوها.. لا تريد أن تسترجع تلك الذكريات أبدا.. تحاول بقدر الامكان أن تبقيها مدفونة في أعماق ذاكرتها.. حيث لا يمكنها الوصول أو التذكر..
بينما هو وعدها بالاتصال بحسن على الفور وعرض الوظيفة عليه..
ظلت علياء على سعادتها ونشوتها بتحقيق طلب منى طوال اليوم.. ولكن ما لم تعمل له حسابا كان حضور يزيد إلى شقتهما في المساء_برغم أنه أخبرها صباحا أنه سيقضي ليلته في منزل ريناد_ ليخبرها بتوتر شديد أنه مضطر للسفر بعد ساعات قليلة إلى دبي..
ايه!.. تسافر!!.. تسافر ليه.. أنت عايز تسيبني تاني وتسافر..
اقترب منها محاولا تهدئتها وهو يخبرها
علياء.. اسمعيني بس..
صړخت بقوة وهي تبتعد عنه ببطء لتذهب إلى غرفتها وهو في إثرها محاولا جعلها تستمع إليه
أنا مش هسمع حاجة.. أنت وعدتني.. بس زي كل مرة.. هتخلف وعدك وتجرحني.. وتسيبني لوحدي.. هتسيبني لوحدي..
يا علياء.. ده اسبوع واحد بس.. بابا عرض على حسن أنه يمسك الفرع بتاع دبي.. وأنا هروح معاه عشان أسلمه الشغل وأنسق معاه.. الفرع هناك تقريبا واقف من يوم ما سيبته ورجعت..
دفعته عنها وابتعدت عن مدى ذراعيه وهي تسأله
وليه أنت اللي تسافر.. أي حد ممكن يقوم بالمهمة دي مكانك..
لا.. ما ينفعش.. أنا اللي بدأت تأسيس الفرع ولازم أنا اللي أسافر.. وعلى فكرة هسافر لوحدي..
كټفت ذراعيها وهي تستوعب المعلومة الأخيرة.. ولكنها لم تهدأ.. فعادت تهتف
أنت وعدتني.. أنت وعدت يا يزيد.. أنا مش هستحمل أنني أكون لوحدي تاني..
اقترب منها ليحتوي وجهها بين يديه
ما تقلقيش.. وما تخافيش من حاجة أنا مأمنك المرة دي كويس.. وزودت الأمن على الشقة.. صدقيني الأسبوع هيعدي بسرعة..
بس هتسبني لوحدي..
يا علياء ما أنا بروح عند ريناد وبتكوني لوحدك.. مش هتفرق صدقيني..
رمقته بغيظ وصړخت بوجهه
ابعد عني يا يزيد.. روح سافر.. ولا روح لريناد.. اخرج من هنا..
ضړب كفيه ببعضهما وهو يصيح
بلاش طريقة الأطفال دي.. وافهميني.. ده شغل.. اسبوع وهرجع.. ولو كان ينفع آخدك كنت أخدتك معايا..
اخرج يا يزيد.. روح سافر.. روح.. يلا من هنا..
ارتفاع صوتها جذب أم علي للغرفتهما فدخلت مسرعة بدون استئذان وضمت علياء التي ترتجف بقوة وهي تحاول حبس دموعها مع ذكريات لا ترغب في استعادتها ولكنها لم تكف عن الصړاخ
خرج يزيد وتركها بين ذراعي أم علي فاڼفجرت في عاصفة من البكاء.. والسيدة الطيبة تربت عليها وتهدهدها حتى هدأت قليلا.. واصطحبتها أم علي إلى فراشها لتريح جسدها وذهبت لتعد لها كوب من العصير وعادت بسرعة لتهمس علياء وسط دموعها
شوفت يا ست أم علي اهو سابني ومشي تاني..
مش ده كان طلبك..
شهقت علياء بقوة
آه.. وهو بينفذ كل طلباتي!
ربتت السيدة العجوز على كتفها بطيبة
بس هو ما بعدش.. هو قاعد بره وعلى آخره.. وبعدين أنا سامعاه بيقولك أنه شغله عايز كده.. ايه لازمة الدلع ده والعياط.. أنت مش عارفة أن البكا مش حلو على اللي في بطنك!..
ما شاء الله يا ست أم علي.. أنت مركبة رادار.. بتسمعي دبة النملة..
كان ذلك صوت يزيد الذي وقف على مدخل الغرفة يراقبهما.. فأصدرت صوت ينم عن السخرية بشفتيها وهي تتمتم
وأنا اللي كنت ناوية احنن قلبها عليك.. وأنت قاعد تقولها لما بنام في بيتي التاني و..
قاطعها يزيد
خلاص.. خلاص.. عرفت أنك سمعت كل الكلام.. روحي حطي الغدا..
تخصرت له وهي تغمغم
ولك نفس تاكل بعد ما نكدت عليها!..
هتف بغيظ
اعملي قهوة.. شاي.. أي حاجة.. بس روحي من هنا..
خرجت السيدة وهي تغمغم بكلمات وتعبيرات اعتادها منها.. بينما اتجه هو نحو فراش علياء التي أولته ظهرها على الفور.. وجلس بجوارها وهو يهمس
أسبوع واحد يا علياء.. هتصل بيكي كل ساعة.. لا.. كل نص ساعة..
ظلت صامتة ولم تجبه.. فتنهد بيأس
رجعنا للسكوت..
ظلت صامتة ورفعت الغطاء حتى غطى وجهها.. فعاد يحاول جذبها للحديث
ما هو كده ما ينفعش يا علياء.. حاولي تفهمي الموقف.. رجوعي بدون سابق إنذار وقف حاجات كتير.. ولازم أسافر.. شغلي له حق علي.. وأم علي معاك.. وأنا مش هتأخر.. صدقيني..
طبع قبلة على رأسها المخفي تحت الغطاء وهو يشاكسها
قومي يلا نتغدى وتحضري لي الشنطة..
ظلت صامتة وهي تحاول اقناع نفسها بكلامه.. ولم تجبه بشيء فزفر بغيظ
مش هتردي علي.. طيب أنا هكلم ريناد تجهز..
لم تدعه يكمل كلماته وصړخت به
روح لبيتك التاني.. أنا مش عايزاك هنا..
جذب الغطاء من فوق رأسها پعنف وهو يهتف غاضبا
ماشي يا علياء.. أنا نازل.. وخلي شغل الأطفال ده ينفعك..
خرج من الغرفة ومن الشقة بأكملها لټنفجر هي في نوبة جديدة من البكاء.. أتت على إثرها أم علي مرة أخرى لټحتضنها برقة وهي تخبرها
معلش.. الرجالة ما لهاش في شغل المحايلة والمدادية.. وأنت زودتيها شوية.. مادام كده كده هيسافر تسيبيه ليه يسافر زعلان منك.. أهو هيروح للتانية تدلعه وتجهز له شنطته.. وأنت قاعدة مفحومة عياط..
استمرت علياء ببكائها ولم تعد تعرف ما الخطأ وما الصواب..
وصل مازن إلى منزله وهو يشعر بالإجهاد الشديد نتيجة تراكم العمل في الفترة السابقة.. فهو لم يذهب إلى عمله لمدة أسبوع كامل.. أسبوع عسل كما أطلق عليه.. قضاه برفقة نيرة لم يدخر جهدا في اسعادها أو تلبية طلباتها.. فالخروج والسهر كل ليلة وفي كل مرة مكان مختلف من اختيارها.. كان يختبر معنى أن يمتلك المرأة التي حلم بها لسنوات طويلة.. فلم يبخل عليها بأي شيء بدئا من وقته ونهاية بهداياه الثمينة التي أغرقها بها.. يكفيه فقط أن تشير بإصبعها إلى ما تريد فيكون بين يديها في لحظتها.. كان يدللها بكل ما تعني الكلمة من معنى وهي كانت تتلقى ذلك الدلال بسعادة قصوى وهي تحكم من سيطرة أنوثتها على حبه لها..
صعد درجات السلم الداخلي مسرعا يمني نفسه بليلة أخرى تغمره فيها بأحد مفاجآتها التي تسيطر على حواسه بالكامل.. ففي كل ليلة تكون عروس جديدة.. خجولة وناعمة.. وأحيانا شقية عابثة.. والليلة لم تخيب ظنه فقد فاجئته بتمددها في مغطس الحمام وقد ملأته بالمياه واستبدلت رغوة الصابون بأوراق الورد..
وصل حسن إلى شقته الصغيرة وهو يكاد يطير من سعادته.. لم يصدق أن تبتسم له الحياة أخيرا.. هل آن الأوان ليبتعد عن نوعية الحياة المزعجة التي اختبرها مؤخرا.. هل سيمكنه تحقيق أحلامه أخيرا.. سيعود لعمله الذي يعشقه.. وليس كمهندس فقط.. ولكن مسئول عن فرع شركة الغمراوي في دبي.. حقا لا يستطيع تصديق نفسه.. وما يسعده بالفعل أن يزيد لم يتدخل ليمنحه الوظيفة.. فالذهول الذي سطر على وجهه وعصام الغمراوي يبلغهما معا باختياره لحسن للإدارة الفرع كان
متابعة القراءة