رواية كاملة قوية الفصول من الواحد وعشرين للرابع والعشرون بقلم الكاتبة الرائعة
أكتر من كده.. حبك كان طاهر وبرئ ومركز يا حسن تشبعت به للعمر كله.. حتى لو كان العمر ده قرب يخلص..
همس بصوت متحشرج
ما تسيبينيش يا منى.. ما تسيبينيش..
خرج صوتها منهكا
لو بتحبني يا حسن..
قاطع كلماتها ووضع أصابعه على شفتيها
لا يا منى.. لا ما تكمليش..
أغمضت عينيها بإنهاك ودمعة ألم هربت على جانب وجهها سارع هو بمسحها.. وسألته
أومأ بالايجاب.. فردت هي
أنا بحب الأغنية دي قوي.. بتحكي حكايتنا يا حسن..
وأخذت تردد
حبيبي يا عاشق.. يا حر زي الطير..
فأكمل لها وهو يبكي
شاور هقول حاضر..
خفت صوتها لتهمس
للحب قلبي أسير...
ثم ضغطت بيدها على كف حسن بقوتها الواهية لتهمس
حرره يا حسن.. أرجوك حرره من الأسر.. أنا تعبانة وعايزة أرتاح.. عايزاك تعتق قلبي..
مش قادر.. مش ممكن أستغني عنك.. قاومي يا منى..
رددت بخفوت
حررني يا حسن.. تعباااانة..
همسة خاڤتة أخيرة
لا إله إلا الله..
خفت صوتها للغاية.. حتى اختفى تماما فرفع حسن رأسه بهلع
منى.. منى.. منىىىىىىىىىىىى
دخلت بضعة فتيات من طاقم التمريض وعدة أطباء الغرفة استجابة لصرخته وسرعان ما ظهرت لورا في الغرفة.. وبدأ الأطباء بفحصها... وتبادلوا بضعة كلمات قبل أن يخبره كبيرهم
خرجوا جميعا من الغرفة وبقيت لورا فقط.. وحسن يراقبهم بذهول ويشير إلى منى ويردد
لا.. هو بيقول إيه.. مش هتفوق تاني!!.. مش هكلمها تاني.. إزاي!!.. بسرعة كده..
لا يا منى.. لسه بدري.. في كلام كتير ما قولناهوش.. في حاجات كتير ما اعتذرتش عنها..
صړخ بقوة
لاااااااا.. لا يا منى أنت قلت مش هتسيبيني.. مش هقدر أحررك يا منى.. ما اقدرش.. ما اقدرش..
دخل في تلك اللحظة مازن تصحبه دنيا.. ولمحا المشهد المآساوي.. حسن راكع على ركبتيه.. ومنى غائبة في عالم قد لا تعود منه.. اندفع مازن نحو شقيقه يرفعه أرضا وهو يهمس بلهفة
ما أن سمع صوت أخيه حتى أغرق نفسه بين ذراعيه وهو ينتفض پبكاء مرير.. وما أصعب بكاء الرجال.. عندما يكون عن عجز.. عن فقد.. وحرمان..
همس لأخيه
خلاص.. خلاص يا مازن دخلت غيبوبة والدكتور بيقول.. بيقول..
لم يستطع إكمال كلامه واستمرت دموعه في الهطول بلا توقف.. فتحركت دنيا وهي تراقب حسن بإشفاق وقد خنقتها غصة مريرة لتمهس لمازن
وافقها مازن واصطحب شقيقه الذي تحول إلى دمية لا حول لها ولا قوة..
بينما جلست دنيا بجوار منى التي أغمضت عينيها بسلام.. وأخذت تملس على وجهها وشعرها.. فسألتها لورا التي كانت مازالت بالغرفة
مرحبا.. أنا لورا.. الممرضة المرافقة لمنى..
رحبت بها دنيا وهي تتأملها بتعجب.. بينما أردفت لورا
أنت السيدة دنيا أليس كذلك..
أومأت دنيا موافقة.. لتكمل لورا
لقد أخبرتني منى عنك.. وعن سيدة أخرى تدعى علياء.. هل تعرفينها..
نعم.. أعرف علياء..
تنهدت لورا براحة
هذا جيد.. فهي تركت لها رسالة معي..
وأين تلك الرسالة..
كلا.. أنها رسالة شفهية.. هل يمكن أن تبلغيها أن منى تشكرها كثيرا.. وتخبرها أنها سامحتها منذ زمن..
أومأت دنيا برأسها وقبلت منى على جبينها وهي تهمس
أنت هتمشي فعلا يا منى.. ودعت الكل.. كان نفسي أشوفك قبل ما..
ظلت منى راقدة في غيبوبتها لأربعة أيام كاملة.. ولم تستفق أبدا.. بينما رافقها حسن في كل لحظة ينتظر لدقيقة واحدة.. لحظة واحدة تفتح بها عيناها.. ولكن لم تأت تلك اللحظة..
لم يتحرك كذلك مازن ودنيا من المشفى ووصلت فريدة وصبا التي رمقت دنيا الملتصقة بمازن بعجب شديد.. وأرادت أكثر من مرة أن تسألها عمن تكون.. ولكن الظرف لم يسمح.. وزاد من تعجبها أن لورا تلقبها بالسيدة العدوي..
في مساء اليوم الرابع.. دلفت لورا إلى غرفة منى لتغير لها المحاليل المغذية.. وأخذت تراقب حسن وهو جالس بجوارها يتمسك بكفها بكلتا يديه ويهمس
ارجعي لي يا منى.. لسه حكايتنا ما خلصتش.. لسه الكلام كتير بيينا..
قاطعته لورا فجأة بتوسل
.. اسمح لها بالرحيل.. من فضلك her go... plz...
رفع حسن إليها عينين باكيتين وحمراوتين
ماذا تقولين..
رددت مرة أخرى
من فضلك حسن.. اسمح لها بالرحيل في سلام.. أنها في غيبوبة ولكنها تتألم..
أشارت إلى شاشة المونيتور أمامها
هل ترى هذا.. يجب أن أعطها جرعة المورفين الآن.. أنها تتألم بسبب مرضها وتتألم بسبب ألمك.. لا تكن أنانيا ودعها ترحل في سلام..
تلعثم حسن
ولكن.. ولكن.. هذا.. كيف.. كيف.. لا..
همست لورا
لا تستغل حبها لك ضدها.. واسمح لها بالرحيل..
خرجت من الغرفة وحسن ينظر لمنى پصدمة..
أنا بعذبك يا منى!.. بعذبك بحبي!.. نفسي تفتحي عيونك لحظة واحدة.. لحظة واحدة يا منى.. عايز أقولك أن عمري ما حبيت غيرك ولا بصيت لواحدة غيرك.. عايز أقولك أنا آسف على كل لحظة وكل كلمة آذيتك بيها وعذري أني ما كونتش في وعيي.. لا.. لا.. ده مش عذر.. بس ما كونتش أقصد.. أنا كنت بعذب نفسي.. بضيع نفسي.. وأنت نفسي يا منى.. أنت أنا.. كنت بغيب عن الدنيا وارجع لك عشان ارجع لدنيتي بين ايديك.. سامحيني يا عمري.. يا أحلى حاجة في عمري..
رفع يديها ليقبلهما وهو يهمس..
عايزاني أحررك يا منى.. عايزة تسيبيني..
هز رأسه پألم وهو يحبس دموع تحارب للهطول..
آآآآه.. آآآآه.. شاور هقول حاضر.. حاضر يا منى.. حاضر هفك أسرك.. هنفذ لك آخر طلب.. خلاص يا منى.. خلاص..
تدافع عدد من الأطباء والممرضات إثر صوت الجهاز ليحاولوا انعاش قلبها عدة مرات.. ولكن فشلت جميع المحاولات.. ليلتفت الطبيب إلى حسن الذي تجمدت عيناه على المشهد
آسف.. لقد بذلنا كل المحاولات لانعاش قلبها ولكن...
قاطعه حسن بإشارة من يده ليصمت.. فأخفض الرجل بصره وهمس
آسف.. تقبل تعازي..
دلف الجميع إلى الغرفة.. ضم مازن شقيقه إليه بقوة بينما ظل حسن على جموده عيناه شاخصة نحو منى فقط.. لا يشعر بمن حوله ولا يرى غير حياته معها مشهد تلو الآخر في شريط قاسې طويل ينتهي ليعود يكرر نفسه من جديد.. كل لحظة حب.. سعادة.. ألم.. قسۏة