رواية كاملة قوية الفصول من الواحد وعشرين للرابع والعشرون بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

أنغام الموسيقى هامسة له بإغواء
ترقص معايا!..
انضم لها مازن.. واستمرت رقصتها بين ذراعيه لعدة دقائق قبل أن يقرر أنه اكتفى ويحملها إلى فراشه.. 
الاستسلام أحيانا.. لا يعني هزيمة.. بل قد يكون مقدمة لانتصار..
رمى حسن جسده بإرهاق على الأريكة الكبيرة خارج شقته الصغيرة.. وألقى رأسه للخلف وهو يمسد جسر أنفه بإصبعيه السبابة والإبهام.. محاولا إبعاد الصداع المؤلم عن رأسه.. ولكن بلا فائدة.. فألم رأسه نابع من التفكير.. تفكير مستمر لا ينقطع.. تزعجه أفكاره.. بل تقلقه.. فيهرب بها كل ليلة في دخان أزرق يعمي بصره وبصيرته.. ولكن الليلة مختلفة.. الليلة سحبه يزيد عنوة من وسط عمله.. ولم يسمح له بالبقاء مع أصدقاء الليالي السابقة..
ذهبا معا إلى شقة يزيد.. الذي اصطحبه إلى شرفة واسعة معتذرا بحرج
معلش بقى يا أبو علي.. مش هينفع نسهر في أي مكان..
سخر حسن منه بفظاظة
ايه.. پتخاف من المدام!
هز يزيد رأسه مصححا
بخاف عليها.. مش منها..
ثم استطرد متخابثا
يظهر أننا هنبدل الأدوار..
رفع حسن رأسه پعنف.. وفي ذهنه تمر مشاهد له مع منى وهو يسيء لها مرة بعد أخرى وهتف پغضب
قصدك ايه..
وقبل أن يجبه يزيد وصلت أم علي.. بصينية عليها عدة مشروبات باردة.. وتوجهت نحو يزيد متسائلة بوجه متجهم
أجهز العشا يا بيه..
كبت يزيد ابتسامة كادت أن تظهر على وجهه فأم علي.. بدلت معاملتها وتدليلها له فور أن علمت بوجود زوجة أخرى في حياته.. فأصبحت تعامله ببرود وجفاء شديد.. وإن ظن يوما أن نيرة هي حماته.. فإن أم علي.. قد يطلق عليها بجدارة..عمله الأسود.. فهي لا تترك فرصة لتأنيبه وتقريعه إلا وانتهزتها.. بينما التزمت علياء الصمت كما اعتاد منها مؤخرا.. ولكنها لم تمانع مكوثه في حجرتها.. وهو أيضا عجز عن الابتعاد..
يا بيه.. أنت يا بيه.. أجهز عشا..
انتبه يزيد على صوت أم علي الأشبه بالصړاخ.. وغمغم في نفسه..
أنت يا بيه!.. ماشي..
لا يا ست أم علي.. حسن بيه متعود يتعشى مع المدام بتاعته..
ردت بصفاقة
وهو برضوه متجوز اتنين.. ولا زي مخاليق ربنا.. رضي بواحدة!
كاد حسن أن ينفجر ضحكا من تلك السيدة التي تؤنب يزيد وكأنه طالب مشاغب.. وسمع يزيد يرد عليها
لا.. هو زي باقي مخاليق ربنا..
انطلقت أم علي ټغرق حسن بدعواتها
ربنا يكرمك يا بني ويفتحها في وشك.. ويوسع رزقك.. و..
قاطعها يزيد
ادخلي كملي دعواتك له جوه.. وسيبينا نقول الكلمتين..
التفتت له أم علي بحنق
وأنت يا بيه هتبات هنا ولا في البيت التاني..
هتف بغيظ
وأنت يخصك ايه.. 
الفصل الثالث والعشرون
اتكأت منى بمرفقها على الوسادة تتأمل وجه حسن النائم بجوارها.. ملامحه هادئة ومرتخية وقد اختفت معالم الشراسة التي اكتسبها مؤخرا..
تهوى كثيرا مراقبته أثناء نومه وهو ما لم تعد تفعله كثرا في الآونة الأخيرة بسبب صعوبة ساعات عمله.. عمله الذي توقف عن الذهاب إليه منذ تلك الليلة التي وجدته بها نائما على الأريكة خارج شقتهما الصغيرة.. ومنذ تلك اللحظة وهو يتشبث بها.. يلتصق بها كما يلتصق الطفل بأمه وكأنه يخشى أنه بابتعاده عنها سيستدعي حسن الآخر.. ذاك الذي دأب على الإساءة لها.. وجرحها مؤخرا..
مرت بأناملها برقة على ملامحه.. مسترخية.. نعم.. ولكنها مجهدة.. وكأن ذهنه لا يتوقف عن التفكير حتى أثناء نومه.. فقط لو تستطيع الدخول إلى عقله لتريحه من الدوامة التي تسحبه من الحياة.. دوامة يصارع للهروب منها.. بإغراق نفسه بين أحضانها هي.. ليس بحثا عن متعة ولكن عن أمان.. كما لو كان يبحث بها عن هويته.. عن حسن الذي كانه مرة وأصبح عاجزا عن استعادته إلا بين ذراعيها...
شعر حسن بحركة أناملها البطيئة على وجهه ففتح عينيه ومد يده ليمسك بأناملها الرفيعة وابتسم لها فأخفضت عينيها خجلا وبادرته
صباح الخير..
ضغط يدها على شفتيه ليطبع قبلة داخل كفها ويردد
صباح الخير على عيونك الحلوة..
ابتسمت لرده الغير مألوف.. وقبل أن تجبه جذبها بين ذراعيه لتتوسد رأسها كتفه ومد يده ليرفع يدها أمام عينيه وهو يهمس بتعجب
أنا ما جبتش ليكي شبكة!.. ازاي نسيت..
لفت لتواجهه وهي تسأله بذهول
شبكة!!.. شبكة ايه يا حسن.. هو ده وقته!
رفع جسده قليلا وظل محتفظ بها بين ذراعيه
ومش وقته ليه.. تعالي ننزل نختار..
قاطعته قبل أن يكمل كلامه
مش هتروح شغلك يا حسن..
أشاح بوجهه بعيدا
لا.. أنا مجهد ومش قادر أنزل..
مدت يدها لتعيد وجهه ليقابلها
حسن..
قاطعها بسرعة
طب.. تعالي نخرج نروح أي مكان.. من فترة ما خرجناش سوا..
نادته برقة
حسن..
تنهد عاليا ورد بقلة حيلة
ايوه يا منى..
أحاطت وجهه بكفيها وقربت وجهها من وجهه هامسة
حسن حبيبي.. لازم ترجع شغلك.. أنت قدامك هدف ولازم تحققه.. الهدف هدفك.. والنجاح هيبقى ملكك أنت.. ليه تشغل بالك بأي حاجة تانية.. ليه تسمح لأي حد أو أي حاجة تعطلك وتبعدك عن اللي أنت عايزه..
همس بتردد
منى.. منى.. الفترة اللي فاتت غيرت جوايا حاجات كتير.. أنت أكتر واحدة حست بده.. منى..
قاطعته بحب
منى معاك وجنبك.. أنت قبل كده قلت لي احنا مش عايشين في فيلم قديم.. وأنا بقولك بقى دلوقت.. أوعى تكون فاكر أن اللي حصل الفترة اللي فاتت هيخليني أبعد عنك.. ولا أقولك روح ارجع لحياتك الأولانية يا ابن الناس.. لا.. مش أنا اللي هعمل كده.. أنت اخترت يا حسن.. اخترتني أنا فوق حاجات كتير.. ولازم أثبت لك أنك اخترت صح.. وأني فعلا بحبك.. حتى لو اتغيرت شوية.. كلنا بنتغير.. مش هتخدعني بقشرة بتحاول تبنيها حوالين حسن القديم.. حسن ابن الذوات اللي بيحاول يتعامل مع مجتمع جديد عليه عشان خاطري وعشان خاطر حبنا..
وحركت يدها لتضغط على قلبه قليلا
طول ما ده بيدق لمنى.. منى هتتحمل كل حاجة.. وحتى لو دق لغيرها..
طوقها بذراعيه قبل أن تكمل كلامها وهمس
كفاية يا منى.. أرجوك.. أنت كده بتعذبيني بطيبتك دي.. أنت ازاي كده..
أبعدت نفسها عنه قليلا وهي تمسح جانب وجهه بكفها
أنا كده عشان أنا عارفة حسن.. وقلب حسن اللي عمره ما هيتغير.. انزل شغلك يا حسن.. انزل وارجع لي تاني.. وما تقلقش.. أنا عارفة ازاي أوصل لقلبك.. وهو ده اللي مش ممكن هخاف منه..
ظلت منى بجواره تحثه على النزول لعمله حتى خضع أخيرا وتوجه إلى عمله مجبرا.. يملؤه شعور بغيض بأن كل ما يفعله هو محض عبث.. يرغب في هجر تلك المهنة وتلك الحياة إلى الأبد.. ولكنه لا يمتلك أي بديل..
أما منى فقد تحركت بسرعة لترتدي ملابسها فهناك زيارة عليها القيام بها.. قد لا تحبذ ما تنوي القيام به.. ولكن ليس أمامها طريق آخر.. فهي كانت صادقة عندما أخبرته أنها لا تنوي التخلي عنه ليعود مهزوما مكسورا إلى والده.. ستثبت لهم جميعا أنه لم يخطئ عندما اختارها هي فوق الجميع.. خاصة وأنه يتشبث بها كما يتشبث الطفل الخائڤ بأمه.. وطفلها بحاجة إلى تدخلها السريع..
أنهت علياء اللمسات الأخيرة على مظهرها قبل أن تخرج إلى كليتها.. سوت خصلاتها القصيرة.. وامتنعت تماما عن استخدام مستحضرات التجميل.. وأخيرا لفت وشاح عريض حول عنقها.. كما طلب منها يزيد.. الذي يحرص
تم نسخ الرابط