رواية كاملة قوية الفصول من الواحد وعشرين للرابع والعشرون بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

حدث وتطلب منهما التواجد مع منى حتى يستفيق حسن..
فترة بسيطة مرت استفاق حسن من غيبوبته الاصطناعية.. وكانت لورا وقتها بجواره.. رمش بعينيه عدة مرات.. ثم فتحهما ليسألها بهمس
هل الأمر حقيقيا.. ألا يوجد أي أمل..
ابتسمت لورا بعطف
حسن.. إن زوجتك بطلة.. صدقني بكل المقاييس هي بطلة.. إنها سيدة نادرة.. الآلام التي تحملتها في صمت الفترة السابقة لا يمكن أن يتحملها أشد الرجال..
اتسعت عينا حسن بذهول بينما هي تكمل
لا تتعجب.. لقد تحدثنا مطولا في الأيام السابقة.. هي سيدة ودودة للغاية.. أنها تعاني من الألم منذ مدة.. وظنت أنه مرض ما سرعان ما يزول.. أو..
صمتت للحظة وبدا على وجهها التأثر
لا يذهب عقلك بعيدا.. فلم يكن من الممكن تجنب المحتوم.. والمړض لدى زوجتك للأسف غاية في الشراسة.. وحتى لو تم اكتشافه مبكرا لم يكن ليحدث أي فرق.. أعلم أن كلماتي صاډمة.. ولكنك بالفعل بحاجة لتناسي ألمك وحزنك الآن لتستطيع دعمها في الأيام القادمة.. أنها ستحتاج وجودك بشدة.. سأتركك لترتاح قليلا.. أن السيدة فريدة والآنسة صبا برفقتها الآن وهي لم تستفق من المخدر بعد..
خرجت وتركته مستلقيا في فراشه.. عيناه معلقتان بالسقف.. وعقله فارغ من كل شيء بينما يشعر بقلبه محطم.. سوف تزهق روحه وېموت كمدا.. لقد قرأ في مكان ما عن مرض يسمى القلب المفطور.. وهو ما تسببه الآلام النفسية والعاطفية الطاحنة.. هذا ما يشعر به الآن.. لقد فطر ذلك الطبيب قلبه.. ذبحه وهو يخبره بأن الأمل منعدم.. أنها سترحل.. حبة قلبه.. ستهجر القلب الذي ذاب عشقا لها.. كيف يتحمل.. كيف يدعمها وهي تواجه المۏت.. لقد كانت هي الداعمة على الدوام.. كانت السند والأهل وقت تخلى عنه أهله.. كانت الصديق وقت ما أحتاج لصاحب.. كانت الحبيبة والزوجة.. الوطن.. أنها وطنه.. والآن الطبيب يخبره أن يساعدها على الرحيل في صمت.. أي طلب أحمق هذا!.. وأي قدرة إعجازية يطالبه بها الرجل..
مرت عدة أسابيع بعد ذلك اليوم واظبت فيها فريدة وصبا على الحضور يوميا نشأت علاقة طيبة بين منى وصبا فاتخذتها منى كشقيقة صغرى قضت معها أوقاتا لطيفة كانت كمهدئ رقيق لآلام منى من غربتها وبعدها عن أهلها وآلام مرضها التي أصبحت في تزايد مستمر.. بينما قويت علاقة منى بلورا التي أبهرتها قصة حب حسن ومنى.. وكانت تدفع منى لتقصها عليها مرارا.. فالجانب الرومانسي منها عشق محاربة حسن ليحتفظ بمنى إلى جانبه.. فكانت ترمقه دائما بانبهار من ذلك الفارس الذي حارب الجميع حتى عادات مجتمعه ليفوز بأميرته الرقيقة..
دلف حسن إلى غرفة منى فوجد لورا جالسة بجوارها كالعادة وتتهامسان سويا.. فابتسم بحنان واقترب ليمسك كفي منى ويقبلهما ثم يقبل جبينها..
حيا لورا بهدوء وجلس ملتصقا بمنى وسألها بحنان
هل دفعتك لورا لتقصي عليها قصة زواجنا مرة أخرى..
ابتسمت لورا
كلا.. لقد كنت أقص أنا عليها تلك المرة قصة أجدادي.. فقد عشق جدي وهو رجل إنجليزي.. وكما تقولون.. من أصحاب الأملاك والألقاب.. عشق جدتي عندما زار بيروت منذ خمسين عاما.. ولم يعد إلى لندن إلا وقد أصبحت زوجته.. أرأيت.. توجد لدي قصص رومانسية بل وصراعات حضارية أيضا!..
ضحكت منى برقة فضمھا حسن لصدره وطبع قبلة أخرى على جبينها.. وسأل لورا بابتسامة
إذا.. لماذا أتيت إلى باريس وتركت لندن.. بالتأكيد توجد قصة أخرى هنا..
تغير وجه لورا ونهضت فجأة
سوف أذهب الآن.. حتى ترتاح منى قليلا..
خرجت وتركتهما معا.. فسارع حسن بوضع رأسه على صدر منى.. يريد أن يختفي بداخل قلبها.. فيذهب معها عندما ترحل.. ضمھا بقوة وهمس لها
مازن ودنيا وصلوا باريس.. وهيجوا بالليل يطمنوا عليك..
سألت منى بسعادة
دنيا!.. دنيا جت معاه..
وافقها حسن بإشارة بسيطة من رأسه وهو يتذكر التآلف الفطري الذي نشأ بين منى ودنيا.. عندما زاره مازن في منزله بدبي بعد سفر حسن بفترة وجيزة.. واصطحب معه دنيا في تلك الزيارة التي عاتب فيها حسن لسفره حتى دون أن يودع شقيقه الوحيد.. فقط اكتفى بوداع سريع للجدة روح.. سافر بعدها تاركا كل شيء ورائه..
كان حسن وقتها مازال غاضبا من الحياة المزدوجة التي يحياها شقيقه ورافض كليا لوجود دنيا في حياة مازن.. وجود لم يجد له حسن أي تفسير.. ولكن الصداقة السريعة التي نمت بين منى ودنيا أجبرت حسن على تقبل الثنائي الغريب.. تقبل تحول لمودة عميقة نحو دنيا بعدما تعددت زياراتها لمنى سواء برفقة مازن أو في رحلاتها المنفردة.. وقد بدأ يستشعر ذلك الشيء الخفي الذي يجذب شقيقه إليها.. ويربطه بها.. ورغما عنه اعترف لنفسه أنها كزوجة لمازن أفضل من نيرة بمراحل.. ولكنها حياة مازن الذي يصر على استمراره مع نيرة..
استيقظ حسن من أفكاره أو ربما غفوة بسيطة نالها على همسة منى المټألمة
حسن.. من فضلك اضغط على الجرس.. محتاجة المسكن.. حاسة پألم رهيب..
رفع رأسه ليرى وجهها وقد تقلص بآلام مضنية.. سارع باستدعاء إحدى الممرضات.. التي سارعت بإعطائها جرعة المسكن.. وبدا أن الوقت يمر والألم لا تخف حدته فوجه منى زاد احتقانه من الألم حتى كاد أن يتحول إلى الأزرق.. والممرضة الشابة تسألها برفق
سيدتي.. هل خفت حدة الألم أم مازال كما هو..
لم تستطع منى الاجابة بينما هتف حسن پغضب
إنها تتألم بشدة.. ألا تستطيعين القيام بشي ما
أومأت الفتاة بالايجاب وهي تخبره
بلى سيدي.. يمكنني.. ولكن السيدة منى ترفض أن أزيد من جرعة المورفين كما أمر دكتور آدمز.. وتخبرني أنها ستتحمل.. ولكن..
آآآآآآآآآآآه..
صړخة قوية من منى دفعت حسن لېصرخ بالفتاة
أعطيها الجرعة التي أمر بها الطبيب.. أنها تتعذب بشدة..
نفذت الفتاة ما طلبه منها حسن على الفور.. بينما تحرك هو ليضم منى إلى صدره.. وقد بدأت حدة آلامها تخف قليلا ووجدها تهمس
يا رب.. ما اتعذبش اكتر.. يا رب ارحمني..
هتف حسن
منى!.. لا يا منى ما تقوليش كده..
ربتت على رأسه بإنهاك وهي تردد
عارف يا حسن.. أفضل حاجة حصلت أن شعري مش هيوقع.. وشكلي مش هيختلف قوي.. عشان تفضل فاكر منى.. منى اللي حبيتها ومن هي بضفاير..
سكتت قليلا لتستجمع قواها
كانوا البنات في المدرسة.. وحتى في الكلية بعدها.. يقولوا لي.. ده بيتسلى بيكي.. وعمره ما هيفكر يتجوزك.. وأنا أقولهم.. أبدا.. حبيبي وواثقة فيه بعمري كله..
ترقرقت دمعة بعينيه فهمست له
ما تبكيش.. يا حسن.. طب أقولك على حاجة.. أما مرينا بالفترة الصعبة.. وأما.. أما كنت بتشرب سجاير وكده.. كنت مړعوپة أنك تكون ندمت على ارتباطنا.. أو بتراجع نفسك.. أنا كنت واثقة في حبك صحيح.. بس جه جوايا قلق أنه حبي مش كافية..
قاطعها بسرعة
يا منى أنت تكفيني عن العالم كله.. أنت دنيتي كلها..
ربتت على كفه بحب
بعد ما قابلت دنيا فهمت سبب غضبك.. أنت ڠضبت للحب نفسه يا حسن.. فكرت أن مازن شوه فكرة الحب النضيف اللي أنت ما عرفتش غيره.. وقتها حبيتك أكتر.. مع أني مش عارفة إزاي ممكن أحبك أكتر.. بس يظهر قلبي ما عادتش قادر يتحمل حب
تم نسخ الرابط