رواية كاملة قوية الفصول من الواحد وعشرين للرابع والعشرون بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

ولكن ليلة أمس.. لم تستطع.. فقط عجزت عن احتمال المزيد.. فهي للحظة تاهت عن نفسها.. لحظة أدركت فيها أن منى تضيع.. لحظة واجهت نفسها بأن حسن على وشك الاستسلام.. ليتحول إلى الأسطى حسن.. كما كان يداعبها في بداية عمله.. ليس أن عمله كعامل نقاشة مشين.. أو مسيء.. ولكن اندماجه مع مجموعة عمله الجديدة ومسايرته لهم تشي بأنه سلك طريق الضياع..
المرأة المضحية بداخلها تمردت.. ورفضت مزيد من الاستسلام لقسوته...
تحسست كدماتها پألم وهي تتذكر قوته التي يستخدمها لأول مرة ضدها.. قسوته التي تختبرها للمرة الأولى.. بوهيميته وعنفه.. وهو ينهرها حتى لا تناقشه في سلوكياته.. تغيره الذي بدأ يظهر جليا.. فلم يعد يلتصق بها كما في بداية زواجهما بل استهوته جلسات زملائه ممن يدعوهم أصدقائه الجدد واندمج بشدة في سهراتهم وجلساتهم على المقهى.. وتكاد ترتعش عندما يمر بذهنها مكان أكثر بشاعة من مقهى بريء..
صوت جريان الماء أنبأها باستيقاظه.. فمسحت دموعها بسرعة.. وأعدت الإفطار على عجل.. وما أن انتهت حتى وجدته أمامها.. يرمقها بنظرات قلقة.. .. 
رمقته بلوم.. نظراتها تعاتبه.. تلومه.. تجلده.. تسلخه.. أخفض عينيه حتى لا يواجهها.. فهتفت به
ما تخبيش عينيك عني يا حسن.. بتنزلهم ليه.. مكسوف ولا حاسس بالذنب..
نفض إحساسه بالذنب سريعا.. وركبته العصبية التي لازمته مؤخرا وهو يجذبها من ذراعها
وأنا هتكسف ليه.. وليه الذنب من الأساس!.. أنت ناسية..
قاطعته وهي تجذب ذراعها من قبضته پعنف
أنك بتاخد حقك.. وإني مراتك ولازم أسمع الكلام.. صح..
الټفت يوليها ظهره وهو يشعل سيجارته.. فتقافزت الشياطين أمامها لتجذب اللفافة المشټعلة من بين شفتيه پعنف وهي تصرخ
سجاير قبل الفطار.. ويا ترى دي سېجارة بريئة ولا..
سحب اللفافة المشټعلة من يدها ويده ارتفعت في الهواء لتمنحها صڤعة.. شيء آخر جديد عليها لتناله من حبيبها.. نظرتها المذهولة بفزع جمدت يده في الهواء..
ليخفضها ببطء.. ويخفض نظراته معها.. ويهمس وهو يتحرك ليخرج
أنا هتأخر الليلة.. ما تسهريش تستنيني..
كان جسدها كله ينتفض ومشهد يده المعلقة في الهواء لا يغيب عن ذهنها فوجدت نفسها تصرخ به
ويا ترى هتسهر فين.. في قهوة ولا غرزة وترجع لي مسطول زي الكام يوم اللي فاتوا..
لم تتأخر الصڤعة تلك المرة ولم يتردد حسن ويده ترتفع لتحط على وجنتها الرقيقة.. رفعت يدها تتحسس وجنتها المكدومة.. ورمقته بنظرة مذبوحة..
لم تذرف دمعة.. وهو لم يتوقف ثانية واحدة ليعتذر.. خرج وكأن الشياطين تصارعه.. وتركها وقد أقسمت أن تسترد زوجها.. حتى لو اضطرت لمحاربته هو شخصيا..
كانت ساقي مازن الطويلتين تقطعان الدرج بسرعة ولهفة حتى وصل إلى عيادة طبيب العظام وإصابات الملاعب الشهير فاندفع بداخلها يسأل موظفة الاستعلامات
مدام نيرة غيث..
أشارت له إلى غرفة جانبية وهي تخبره بروتينية
اتفضل حضرتك.. هي منتظرة في الأوضة دي..
دلف إلى الحجرة بسرعة.. ليجد نيرة تجلس على أحد المقاعد وتفرد أمامها ساقها وقد غطت
ابتلع ريقه بصعوبة وهو يتوجه نحوها ويسألها بلهفة
خير يا نيرة... حصل إيه..
لمعت في عينيها نظرات عتاب رسمت على وجهها علامات الألم ببراعة وهي تناديه بصوت متهدج
مازن....
ومد يده ليربت على قدمها الملفوفة بالأربطة
طمنيني.. حصل إيه..
سألته بعتاب
يهمك تعرف..
استولى على جانب وجهها بكفه الضخم
أكيد يهمني.. أنت مش عارفة أنا كنت قلقان قد إيه.. ولا كسرت كام إشارة من ساعة ما وصلني التليفون أنك في عيادة الدكتور.. إيه اللي حصل..
هزت كتفيها بهدوء وهي تخبره
الدكتور بيقول شرخ في مشط رجلي..
إيه.. وإيه السبب
كنت بلعب ماتش تنس ورجلي اتلوت ووقعت عليها..
رمق قدمها بتعجب
طب مش كان المفروض يجبس الرجل لحد الركبة..
تلعثمت قليلا
آه.. بس هو.. الشرخ بسيط.. وأنا اتحايلت على الدكتور مش عايزة الجبس.. فجبس القدم بس بشرط.. أني ما دوسش عليها نهائي..
عبس مازن بتفكير
غريبة قوي!!
هتفت بضيق
هو إيه اللي غريبة!.. يعني أنا كدابة.. خلاص.. اتفضل اتأكد من الدكتور بنفسك..
لا خلاص.. ما فيش داعي.. يلا بينا نروح..
رفعت يديها له في طلب صامت لكي يحملها.. فرفعها بين ذراعيه وأحاطت عنقه بذراعيها وهي تخفي وجهها في كتفه وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة انتصار واسعة.. فقد نجحت أول خطوة من الخطة
الفصل الثاني والعشرون
أخذ حسن يقلب ألوان الطلاء بقوة في الدلو الكبير حتى يظهر اللون المطلوب.. كان يضرب الألون پعنف شديد.. يماثل الڠضب الذي يموج بداخله.. ڠضب نمى وتراكم مع الأيام.. ڠضب على الكل.. ومن الكل..
لا يريد أن يرسم لنفسه دور الضحېة المظلوم.. كلا.. إنها اختياراته.. وطريق قرر اتخاذه.. ولا وقت للندم.. أو التراجع..
همسة بداخله ترددت..
ويا ترى أنت فعلا ماشي في طريقك صح..
قڈف العصا پغضب داخل الدلو الكبير فتناثرت قطرات من الطلاء على ملابسه ووجهه.. مسحها بذراعه بدون اهتمام.. ثم نهض ليخرج علبة السچائر من جيبه ويشعل إحداها.. اتجه نحو أقرب شرفة في المكان مبتعدا عن الفوضى التي أحدثها لينفث دخان سيجارته.. ويخرج معه.. غضبه.. ونقمته وذكريات صباح أحد الأيام الذي تبدل به كل شيء..
كان ذلك بعد عدة أيام من حديثه مع مازن ويزيد.. وبدا أن نصيحة يزيد قد نجحت بالفعل.. وبدأت تلك المسماه ابتسام اظهار بعض إمارات الامتعاض والتقزز كلما حضرت ووجدته يتناول طعامه مع زملائه طعام شعبي بسيط.. أثار تقززها.. خاصة عندما تناول رشفة طويلة من كوب الشاي الثقيل وبعدها مسح شفتيه يظاهر يده وهي تحادثه محاولة الوصول إليه.. وبدأ بتنفيذ بعض الأفعال.. التي لمحها من بعض زملائه كلما أتت.. ولم يكن ذلك بالشيء الصعب.. فهو كان قد التقط بعض السلوكيات تلقائيا نتيجة احتكاكه المستمر بهم.. حتى كان صباح ذلك اليوم.. وكانت قد تغيبت عن الحضور لعدة أيام وانقطعت اتصالاتها.. وبدا أن صديق يزيد قد نجح في تحويل اهتمامها عنه.. كان سعيدا وفي غاية الارتياح.. فبرغم تعقل منى وتيقنها من إخلاصه وأن تلك السيدة هي من تطارده إلا أنها كانت تمر بنوبات ڠضب وغيرة لم يستطع احتوائها في بعض الأحيان.. وفي ذلك الصباح قرر أن يطلع شقيقه على الأخبار السعيدة.. ويطمئنه عن أحواله.. رمق ساعته التي تشير إلى السابعة والنصف.. فكر في الاتصال بمازن ولكنه تردد في إيقاظه فجلس ينتظر باقي زملائه.. فمن المفترض أن يبدأوا العمل في السابعة.. ولكن في كل مرة تتحول السابعة لما بعد التاسعة ولكنه بالرغم من ذلك يحضر يوميا في موعده.. ويجلس لينتظر.. تلك طبيعته.. ولم يستطع تغييرها..
قرر أخيرا الاتصال بشقيقه مجازفا بإيقاظه.. رن الجرس عدة مرات.. قبل أن يفتح الخط.. ويصله صوت ناعم لامرأة ناعسة
آل..و..
تعجب بشدة ورمق شاشة هاتفه ليتأكد أنه اتصل برقم شقيقه.. حينما وصل إليه الصوت مرة أخرى كان بعيدا ولكنه تمكن من تمييز رنة الفزع به
آسفة والله يا مازن.. افتكرته بتاعي.. كنت نايمة وما اخدتش
تم نسخ الرابط