رواية كاملة قوية الفصول من الواحد وعشرين للرابع والعشرون بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
في السيطرة على يزيد بجنونه.. ومنى تتغلغل داخل حسن برقته وحنانه..
أعادت مجريات السهرة في ذهنها.. لتقف عند مكالمة والده.. وبداخلها يكبر الإحساس أنه تعمد استقبال المكالمة وذكر حسن ليختبر ردة فعلها..
غبية..
صړخت بقوة.. وهي تدرك أنها فشلت في اختبار أحمق.. تدافعت الدموع خلف جفنيها ولكنها أحكمت سيطرتها عليهم.. كلا.. لن تبكي.. ولن تعترف بالفشل.. ستصل لزوجها.. وستسيطر على قلبه ومداركه.. فقط تحتاج إلى الهدوء.. والصبر.. وسياسة النفس الطويل..
لا ټجرحي التمثال في إحساسه
فلكم بكى في صمته.. تمثال..
قد يطلع الحجر الصغير براعما
وتسيل منه جداول وظلال
إني أحبك من خلال كآبتي
وجها كوجه الله ليس يطال
حسبي وحسبك.. أن تظلي دائما
فتحت علياء عينيها بصعوبة.. وبأذنيها يتردد همس يزيد بل هو صخب.. صخب ضربات قلبه الهادرة والتي تستشعرها تحت وجنتها..
علياء.. علياء.. ردي علي.. معقولة طول الليل من غير ولا كلمة..
عدلت من وضع رأسها لتضعه فوق ذراعه.. ورفعت عينيها إليه لتلتقي نظراتهما.. حديث طويل تبادلاه بدون كلمة واحدة.. نظراته تفضح شوقه.. توتره.. احتياجه الذي عجز عن التحكم به.. ونظراتها مليئة بالخجل.. والخزي.. فهي من ضعفت.. هي من ذهبت إليه.. وهي من تبكي دائما..
دموع!!.. دموع ليه يا علياء..
لم ترد عليه بل دفنت وجهها بتجويف عنقه وسكنت تماما.. فهمس بلوعة
سكوت!!.. سكوت ودموع.. علياء!!..
كانت تسمع توسله في نبرة صوته وأرادت أن ترد.. أن تقول أي مما يجول بذهنها.. ولكنها عاجزة.. فقط عاجزة عن فتح شفتيها للكلام.. عن تحريك لسانها.. تصطف الكلمات وتتدافع بين ثنايا عقلها ولكنها ترفض التحرك خارجه.. أنها لم تصاب بالخرس.. هي متأكدة.. فهي تحادث نيرة.. وأم علي
طرقات قوية على باب الغرفة أفزعتهما معا وصوت أم علي يدوي
سي يزيد.. سي يزيد بيه.. الحقني يا سي يزيد بيه.. الست عليا مش موجودة.. مش لاقياها في الشقة.. يا سي يزيد..
دفنت علياء رأسها بصدر يزيد لتخفي وجهها الذي اشټعل حرجا.. وكأن أم علي تمتلك القدرة على الرؤية من خلال الباب المغلق.. بينما يزيد لا يتوقف عن اطلاق السباب..
خلاص.. خلاص يا ست أم علي.. علياء معايا هنا.. ما تقلقيش عليها..
سمعا صوت ضحكات أم علي الخجولة وصوتها يهتف
يا نهار الهنا.. أنا هروح أحضر لكوا فطار معتبر..
جلست علياء في الفراش وهي تخفي وجنتيها المشتعلتين بكفيها ثم تلفتت حولها باحثة عن منامتها.. حينما شعرت بيزيد يتحرك من الفراش ويمد يده إليها بروب طويل يخصه وهو يردد
تمسكت بالروب وعينيها تتسعان غير قادرة على إجابته بالكلمات.. أي كلمات تلك التي يبحث عنها.. وهي من أظهرت بكل وسيلة أخرى مدى اشتياقها له..
ارتدت الروب وتحركت لتخرج من الغرفة حينما وصلها صوته
استعدي عشان هنروح متابعة الحمل بعد الفطار..
لمعت عينيها اندهاشا لتذكره الموعد.. وهزت رأسها موافقة.. فتحت الباب لتجد أم علي في مواجهتها.. فسحبتها إلى غرفتها وهي لا تكف عن الثرثرة.. وإطلاق النصائح وتهنئتها لأنها خزت الشيطان وصالحت جوزها..
اغتسلت سريعا ومشطت خصلات شعرها القصير.. وخرجت لتجد يزيد متجها بدوره ليتناول الافطار.. اصطحبها ليجلسا سويا.. فوجدت أم علي.. قد أعدت مائدة حافلة.. كانت جائعة بالفعل.. فبدأت في التهام طعامها بتلذذ تحت أنظار يزيد المذهولة.. رمقت ذهوله للحظات.. ثم استمرت في تناول طعامها.. ولكنه ظل يناظرها بتعجب.. وارتسمت على شفتيه ابتسامة واسعة.. سرعان ما تحولت إلى ضحكة عالية وهو يسألها
إيه اللي أنت بتعمليه ده!
انطلق لسانها بدون إرادة منها وهي تجيب بدفاع
بآكل.. أنا جعانة قوي..
توقفت ضحكاته وهو يدرك أنها تحادثه.. تحادثه بالفعل.. بعد خصام أيام بل أسابيع.. يعود صوتها الناعم ليداعب أذنيه مرة أخرى.. بينما هي وضعت أناملها على فمها وكأنها تتعجب لما قالته.. عادت ابتسامته لتتسع وهو يمد يده ليمسك كفها ويقبل أناملها بمتعة شديدة هامسا
وماله يا حبيبتي.. براحتك.. بس يعني هو البيض حلو بالمربى.. مش جديدة الوصفة دي!!..
نظرت إلى البيضة المسلوقة في يدها وقد غمستها في طبق المربى.. وابتسمت بحرج.. ثم أكملت طعامها.. تحت نظراته.. كيف تستطيع اخباره أن طعم البيض بالمربى في فمها الآن أروع من طعم الشيكولاة بالكرز...
أنقذها صوت أم علي وهي تخبر يزيد ببشاشة
سيبها يا سي يزيد بيه.. ده وحم.. هي بتتوحم على المربى.. اسم الله عليها.. بتغمس كل حاجة بالمربى..
ابتسم يزيد لها وضغط على أناملها بحنان وهو يسألها
بتحبي المربى كده!.. غريبة.. ما كنتيش بتاكليها أبدا..
تضرجت وجنتيها وهي تعي مراقبة أم علي لهما.. ورسخت كلماته في ذهنها تخبرها أنه يعلم ما تحب وما تكره.. شجعها ذلك لتخبره عن اقتراب موعد دخولها للكلية.. ولكن عادت حالة الخرس اليزيدي تتلبسها..
فأخذت تفرك أناملها في كفه.. حتى أمسكها وهو يقترب منها هامسا
دخول الكلية هيكون أول الاسبوع.. صح..
أومأت موافقة برأسها.. فعاد يهمس
خلاص يا علياء.. هوصلك وأجيبك.. ولو ما اقدرتش.. هيكون في سواق وفرد أمن معاك على طول.. بس المهم أنك ما ترهقيش نفسك..
سكت قليلا ينتظرها لتجبه ولكنها ظلت صامتة.. فهمس بحزن
خصامك صعب قوي يا علياء..
رمقته بنظرة خاصة تنبهه لوجود أم علي.. فالټفت لها ليصرفها بسرعة..
تلبسي حاجة مقفولة.. وكمان كوفيه أو اسكارف.. مفهوم..
هزت رأسها رافضة.. يقودها شيطانها لتستفزه.. شيء ما يدفعها لتثير غضبه.. يبدو أنها هرموناتها تتقافز بدون وعي منها.. ولكنه أجاب على استفزازها بطريقة عملية بحتة..
كده لازم هتغطي رقبتك.. مش بمزاجك على فكرة.. الجمال ده بتاعي وماحدش يمتع عيونه به أبدا.. مفهوم
ثم ساعدها لتنهض على قدميها وهو يحثها على تبديل ملابسها.. حتى يلحقا بموعد الطبيبة...
وهناك في عيادة الطبيبة وعلى سرير الفحص.. حيث استلقت علياء لإجراء سونار للاطمئنان على الجنين.. ابتسمت الطبيبة ببشاشة وهي تخبر علياء ويزيد
يا ترى عايزين ولد ولا بنت..
سألها يزيد بلهفة
هو ممكن نعرف دلوقت..
ضحكت الطبيبة لتخبره بحرفية
لا.. ممكن كمان شهرين.. بس دلوقت ممكن أقولكوا مبروك.. مبروك يا علياء.. أنت حامل في توأم..
اتسعت عينا يزيد وهو يبحلق ببلاهة في شاشة المينتور والطبيبة تصف له كيسي الحمل وامتدت يده ليتمسك بكف علياء وهو يرغب بشدة في تقبيلها وتقبيل أولاده بداخلها.. ضم كتفيها بذراعه هامسا
مبروك يا أم العيال..
أتى صباح ذلك اليوم غريبا على زوجين كانا منذ وقت قريب يتقاسما البسمة قبل اللقمة.. حيث تكومت منى على أريكة قديمة وقد الټفت بمئزر منزلي ينتمي لحسن.. وكأنها تستدعي حبيبها القديم.. تلتحف به لتستجير به منه.. حسن عاشقها.. حسن من حارب الجميع من أجلها.. ليس هو من حاول أخذها عنوة ليلة أمس.. والليلة التي قبلها.. والتي قبلها..
كانت تستسلم له في كل ليلة حتى لا يتحول حبهما إلى كائن بشع مشوه الهيئة.. سمحت له بمعاملتها بقسۏة وهمجية حتى لا تتحول إلى امرأة اڠتصبها حبيبها..
متابعة القراءة