رواية تحفة الفصول من الحادي عشر للرابع عشر بقلم الكاتبة الرائعة بقلم ملكة الروايات
المحتويات
يتساقط بحنو على أجسادكم المنهكة ينقيها ويبث فيها الدفىء والطمأنينة ..
تلك هى الطمأنينة والسکينة التى لم تعلم مصدرها فبعكس صباح الأمس الحزين هاهو صباح جديد يملؤه السعادة والتصالح مع النفس إرتياح وإبتهاج إغتباط وإنشراح مزيج غير مألوف لأول مرة يراودها ...
هى لم تعلم هويتها بالأمس ..
فلأول مره أستطاعت المواجهة لأول مرة تتغلب على ضعفها وحزنها ودمعاتها لأول مرة تمكنت من رد الصاع صاعين دون أن يهتز لها جفن ..
لم تهتم سوى برؤيه نظرات الغيظ تملأ عينى شقيقتها شعرت بالإستمتاع لرد كرامتها بعد كلمات توأمتها الچارحة منذ أيام ..
حقا لم تكترث فى ذلك الوقت بمراقبة رد فعل هشام وكأنها نجحت بضغطة زر واحدة فى التخلص من حبه المسيطر على كيانها والذى عاشت داخل سجنه لسنوات ..
هى بالأمس قررت عدم التوجه إلى عملها اليوم بل أرادت الإستمتاع به وكأنه تعويض لها عما مرت به طوال الفترة الماضية ..
_ صباح الخير ياماما
أجابتها والدتها دون أن تنظر إليها
_ قصدك مساء الخير بقينا الظهر
بدأت فرح بتحضير قهوتها قائلة
_ محستش خالص ياماما والله .. كنت فعلا مجهدة ..
_ المهم إنك نمتى كويس ياحبيبتى.. يلا أطلعى انتى اقعدى مع بباكى وأنا هحضرلك حاجة خفيفة تاكليها على ماالغدا يخلص ..
فرح بإستغراب
_ بابا رجع بدرى النهاردة يعنى ..
زفرت والدتها بقلق قائلة
_ بقاله كام يوم شكله مش عاجبنى وبيشتكى من نغزه فى صدره وأقنعته النهارده يقعد بالعافية ...
لمحت والدها يتمدد أعلى الأريكة بتكاسل فأقتربت منه تقبله من إحدى وجنتيه قائلة بقلق بعد أن جلست على المقعد بجواره
_ سلامتك يابابا
رمقها بنظرة طويلة حانية قبل أن يجيبها بتذمر
عاتبته فرح قائلة
_ طب مادام الشغل تاعبك كده خد أجازة وريح..
أنشغل والدها بتغيير قنوات التلفاز قبل أن يجيبها قائلا
_ ادينى أخدت أجازة اهو وفى الآخر طول اليوم قاعد لوحدى ..
تسائلت فرح بإهتمام
_ ليه مش ماما وهنا معاك من الصبح ..
أجابها دون أن ينظر إليها
_ أمك معظم الوقت فى المطبخ زى عادتها واختك النهاردة نزلت من ٨ الصبح ولسه مرجعتش..
قطبت فرح مابين حاجبيها متسائلة
_ ٨ الصبح ! معقول وراحت فين
نظر إليها والدها بعبوس قائلا
_ وهو انتى واختك بقى حد يعرفلكوا مواعيد ..
سيطر التوتر على ملامحها وهى تجيبه مدافعة
_ أنا يابابا ... كنت بتأخر ساعات عشان .. يعنى ..
قاطعها هو بجديه
_ أنا مش بتهمك بحاجة يابنتى أنا عارف دماغك كويس وعارف إنك مش هتعملى حاجة غلط ..
ثم أضاف بقلق
_ إنما أختك وسهرها اليومى ده أنا مش متطمنله..
صمت قليلا قبل أن يردف
_ ومامتك مفيش على لسانها غير سيب البنت تقابل صحابها وتتفسح دى لسه راجعه من سفر وغربة ... وبتطمنى بإن هشام معاها واننا عارفينه وعارفين أخلاقه كويس ...
فى تلك اللحظة أعتدل هو بجلسته قائلا بنظرات مسلطة أعلى محيا أبنته
_ الغريب إنى النهاردة لقيت مامتك بتلمحلى إن فى حاجة بينهم .. الكلام ده صحيح يافرح !
أزدردت لعابها عدة مرات قبل أن تجيب بجدية
_ متقلقش يابابا انت عارف أخلاق هشام كويس مش بتاع لعب ..
صمتت قليلا قبل أن تردف موضحة
_ أكيد هى قالت لماما إن هشام معجب بيها وعاوز يتقدملها زى ماقالتلى عشان كده ماما لمحتلك عن الموضوع عشان هنا تقدر تفاتحك فى طلب هشام وتحددلك معاد معاه ..
أومأ والدها برأسه عدة مرات بينما لاحت عليه علامات القلق وهو يراقب قسمات وجه ابنته قبل أن يجيبها
_ وانتى إيه رأيك ..
لاحت إبتسامة منكسرة أعلى محياها قبل أن تجيبه
_ المهم رأى هنا ..هشام فعلا شخص كويس ربنا يوفقهم..
ظلت عينى الأب مسلطة على وجه ابنته لعدة لحظات بتشكك وكأنه يشعر بما داخلها قبل أن يتحرك من مكانه قائلا وهو يستعد للمغادرة
_ طيب أنا هدخل أريح شويه لحد ماماتك تحضر الغدا ..
قبلها قبلة طويلة أعلى جبينها قبل أن يهمس بأذنها قائلا بلهجة أشبه للمواساه
_ عقبالك ياحبيبتى لما تلاقى اللى يستاهلك ويقدرك ..
تابعت فرح والدها بعدستيها وهو يغادر فى طريقه إلى الأعلى بجسد منهك وخطوات ثقيلة بينما والدتها تقدمت إليها فى تلك اللحظة لتعطيها بعضا من الطعام الخفيف قبل أن تتوجه إلى مطبخها من جديد على عجل .
شرعت فى تناول بعض اللقيمات اثناء إرتشافها لقهوتها وهى تتصفح هاتفها بلامبالاه إلى أن ظهرت أمامها بلا أى مقدمات صور تجمع شقيقتها بهشام على حسابها الشخصى منذ أكثر من ١٦ ساعه ..
رغما عنها شعرت بإنقباضة معدتها فتوقفت عن تناول مابين يديها بينما تركيزها أنصب بأكمله على تفحص تلك الصور بأعين ثاقبة فهاهو هشام تملأ الإبتسامة البشوشة وجهه ليست إنفراجة شفتيه فحسب بل وأيضا أعينه ضاحكة باسمة خاصة وهو يتأمل شقيقتها موجها نظراته كاملة إليها فى معظم الصور بشغف حقيقى لم تهتم به توأمتها على الإطلاق بل هى فقط تبتسم تلك الإبتسامة المنمقة خاصتها والتى ترسمها بعناية شديدة عند إلتقاط الصور مع وضعية جسدها الملائمة كى تبدو أنحف ..
وضعت فرح هاتفها أعلى الطاولة الخشبية أمامها بهدوء بعدما قررت عدم التفكير فى ذلك الوضع أو إرهاق ذهنها بشئ يعكر عليها صفو يومها ..
بالنهاية شعرت بالملل يسيطر عليها فطالعت ساعتها قبل أن تقرر البدأ فى الإستعداد للخروج والتوجه إلى ذلك المكان المعتاد حيث ستلتقى بكريم كما وعدته بالأمس ..
هى تعلم أنها إذا ماهمت بالمغادرة الآن فستصل قبل موعدها بأكثر من ساعة كاملة إلا أنها لم تهتم لذلك بل فضلت الإسراع حتى يمكنها الإسترخاء والإبتعاد عن ضغوطات المنزل المتمثلة فى هنا وهشام ومن ثم تستطع التفكير بوضوح ويمكنها التوصل لطريقة ملائمة تطرح بها وجهه نظرها لكريم مبررة بصورة مقنعة ما بدر منها بالأمس فهى لابد لها فى النهاية من الإعتذار له بل وإحترام رغبته إذا فضل الإبتعاد وعدم التوغل فى ذلك الأمر لأكثر من ذلك ....
لم تتجاوز الساعة الثالثة ظهرا عندما أصطفت فرح بسيارتها أمام ذلك
متابعة القراءة