رواية تحفة الفصول من الحادي عشر للرابع عشر بقلم الكاتبة الرائعة بقلم ملكة الروايات

موقع أيام نيوز

خصلاتها على وجهه برقة ..
ما إن أنتهت من مهمتها حتى رفعت رأسها بأسف محاولة الإعتذار له عما بدر منها فتفاجئت بذلك القرب بينهما عندما تقابلت نظراتهما مما دفعها للتراجع إلى الوراء على الفور وأنكمشت داخل مقعدها قائلة بخجل  
_ آسفة على اللى حصل ..
رغما عنه أمتدت يداه إلى منديل ورقى بجواره ألتقطه متجها إلى ذلك الجانب من شفتيها حيث علق به قطعة صغيرة من الشكولاه كاد أن يربت عليه بمنديله إلا أنه توقف عند منتصف الطريق قائلا 
_ فى شكولاته على وشك ..
ألتقطت مابيده وقامت بمسح بقايا الشكولاه على وجهها بخجل قائلة 
_ أعتقد لازم نتحرك .. أنا أتأخرت ..
أشرقت الشمس من جديد بين ثغريه فأجابها على الفور  
_ حاضر ..
يقال أن عمر الإنسان الإفتراضى مرتبط بعدد دقات قلبه المحسوبة بعناية والتى ماإن تنفذ حتى تتوقف عضلة القلب عن الخفقان وتنتهى الحياة ...
هل اليوم هو يومها الأخير على تلك الأرض ! من المفترض أن تقف سنواتها عند هذا الحد فليس هناك مخزون كاف من الدقات يكفيها حتى إنتهاء اليوم ..
فجميع نبضاتها وأنقباضتها وإنبسطاتها وصلت إلى الحد الأقصى من التسارع عقب كلماته تلك وبعد أن أتمت عملها على أكمل وجه حان وقت الرحيل إليه ..
آن الآوان لإستوطان قلبه كى تتمكن من العيش من الآن فؤاده ملكية مشتركة بينهما ستتقاسم معه النبضات والخفقات وتودعها قلبها من تلك اللحظة هى لن تعلم إذا ماكان قلبها هى من يؤلمها أم قلبه لن تستطع التفرقة بين إضطرابها وإضطرابه إنتفاضها وإنتفاضه إختلاجها وإختلاجه ..
هى ستعلم فقط أنه هو حاضرها ومستقبلها وياليته كان ماضيها ..

توجهت إلى عملها مشرقة الوجه منفرجة الأسارير على غير عادتها كل من يراها يلتفت إلى رداؤها المبهج ووجهها الذى تكسوه حمرة الخجل فيزيده جمالا وإشراقا خاصة بعدما أزالت نظارتها الطبية فبرزت جمال عدستيها ..
وقبل إنتهاء يوم عملها بعدة ساعات سطعت شاشة هاتفها بآخر آسم توقعت إتصاله فى ذلك الوقت .. هشام .. والذى أجابته بعد تردد أستمر لدقائق وتجاهل لمكالمتين فائتتين إلى أن قامت بإستلام مكالمته فى النهاية قائلة برسمية 
_ الو ازيك ياهشام
اجابها الطرف الآخر بحماس 
_ ازيك يافرح عاملة إيه .. إيه فينك دلوقتى 
فرح بإستغراب 
_ ماأنت عارف الوقت ده بكون فى الشغل ..
صمت هو لبضع لحظات قبل أن يجيبها بتردد 
_ فرح كنت عاوز أقابلك ..
فرح  
_ ليه فى حاجة حصلت ولا إيه !
هشام مجيبا 
_ لا أبدا كنت عاوزك فى موضوع كده بخصوصى أنا وهنا .. عندك وقت نتكلم شوية زى ماكنا بنتكلم زمان .. 
أبتسمت هى بسخرية قبل أن تجيبه بهدوء 
_ مفيش مشكلة ياهشام لما أروح هكلمك ونقعد نتكلم فى الجنينة عندنا ..
أجابها مسرعا  
_ لا ياريت فى أى مكان تانى بعيد عن البيت .. عشان يعنى هنا ..
ثم أضاف بتوتر 
_ إيه رايك نتقابل فى نفس الكافيه بتاع المرة اللى فاتت بعد ماتخلصى شغل . 
فرح رافضة  
_ بس مش هينفع النهاردة أنا هقابل .....
هشام مقاطعا  
_ من غير بس أرجوكى يافرح انا فعلا محتاج اتكلم معاكى ضرورى ..
تملكها القلق من نبرة صوته تلك وإلحاحه الغير معتاد على مقابلتها لذا لم تجد مفر من الموافقة قائلة بقلة حيلة بعد أن زفرت بضيق 
_ أوك ياهشام نتقابل فى نفس المكان بعد الشغل ...
أنهت فرح مكالمتها بعد أن تملكتها الحيرة ترى ماهو هذا الموضوع العاجل الذى يريد مناقشتها فيه بعيدا عن المنزل ! هل يريد منها إقناع شقيقتها من جديد بالخطبة أم أن هناك سبب آخر لاتعلم هى عنه شيئا ..
نفضت عن رأسها ذلك التفكير عندما تذكرت موعدها مع كريم فقامت بالإتصال به لبضع مرات إلا أنه لم يجب فأكتفت بإرسال رسالة نصية له للإعتذار عن الموعد على وعد بشرح الأسباب عند عودتها للمنزل وفى تلك اللحظة بدأ هاتفها بإصدار إنذار إنخفاض بطاريته ..
ماإن أنتهت من عملها حتى أستقلت سيارة اجره متوجهة إلى مكان اللقاء حيث ينتظرها هشام والذى تفاجئت بوجوده قبل الموعد بالكثير من الدقائق كما علمت من صديقتها التى أستقبلتها فور وصولها ...
كان يجلس أعلى مقعدها المعتاد فرآها أثناء إقترابها منه تفاجئت به يقف تحية لها فى إستقبالها بينما تمتلئ عدستاه بالإعجاب من مظهرها الأنثوى فى ذلك الرداء الجديد المبهج إلى جانب شعيراتها المنسدلة على كتفيها بعفوية زادتها جمالا لم يلاحظه هو من قبل ..
جلست أعلى المقعد المقابل له قائلة دون النظر إليه وكأنها تتعمد التعامل معه بجفاء 
_ أزيك ياهشام ..
جلس هو من جديد متجاهلا نبرتها الرسمية فى التعامل معه ليقول بإبتسامة وهو لازال يتفحصها عن قرب 
_ الحمد لله وانتى اخبارك ايه .. 
قبل أن تجيبه أضاف 
_ أنا شايف إنك كويسة الحمد لله باين عليكى مبسوطة مع كريم مش كده ولا إيه ..
تعجبت من نبرته الودوده معها على غير العادة فأجابت راغبة فى تغيير مجرى الحديث 
_ الحمد لله كله تمام .. خير ياهشام فى إيه .. حصل إيه ..
أجابها بإبتسامته قائلا 
_ تطلبى إيه الأول تحبى نتغدا! 
هزت رأسها رافضة وهى تقول 
_ لا كفاية عصير برتقال ..
أشار هشام للنادل على الفور يملى عليه ماأرادته بينما هى ظهر على وجهها إبتسامة شبه ساخرة عقب تذكرها لنفس الموقف منذ عدة أيام والتى تبدلت فيها الأدوار تذكرت فى السابق ينما كانت هى جالسة على ذلك المقعد الذى يحتله الآن فى إنتظاره متلهفه لرؤيته بعد أن قامت ببعض التغيرات فى مظهرها لكنه حتى لم يلحظها وعندما طلبت منه تناول الغذاء سويا رفض بحجة إنشغاله...
أزدادت إبتسامتها إتساعا مفكرة.. يبدو أن ذلك المقعد الذى تعتليه هى هو مايمنح تلك القوة الخفية للرفض والثبات لكن ماباله لايزيد كريم إلا لينا ورقة فى كل مرة يجلس عليه برفقتها ..
قاطع تفكيرها ذلك الجالس أمامها متسائلا 
_ إيه سرحانة فى إيه 
ألتفتت إليه قائلة 
_ ولا حاجة ..
أرتكز هو بذراعيه أعلى الطاولة قائلا 
_ أنا آسف إنى جبتك بسرعة كده وقلقتك بس انا كنت محتاج حد أتكلم معاه وملقتش غيرك ..
فرح بهدوء  
_ طيب أتكلم أنا سامعاك ..
فى تلك اللحظة أرتفع رنين هاتفها معلنا عن مكالمة وارده من كريم فأشارت إلى هشام بالتوقف لتجيب على المتصل إلا أن هاتفها لم يمهلها الفرصة للإجابة ونفذت بطاريته عن آخرها فتأففت قائلة 
_ يوووه ده وقته ..
هشام بتطفل بعد أن أستمع إلى إنذار البطارية الأخير وعلم بإنغلاقه 
_ مين كان بيتصل تحبى تتكلمى من موبايلى .. 
فرح 
_ ملوش لزوم كمل ياهشام ..
خرجت كلماته هادئة مطمئنة وهو يقول  
_ انتى عارفة إن أحنا بقالنا أكتر من سنة ونص أصدقاء ومرينا بحاجات كتير مع بعض فى الفترة دى..
اومأت برأسها متفهمة بينما هو أضاف 
_ الحقيقة إنى كنت ولازالت معجب بكل صفاتك وتصرفاتك ..
صمت لعدة لحظات قبل أن يضيف متأملا قسمات وجهها فلم يشعر بتلك الكلمات التى أنسابت من بين شفتيه
تم نسخ الرابط