رواية روعة جامدة الفصول من السادس للعاشر

موقع أيام نيوز

فورا
_ لا مش فاهم يا بابا! يعنى إيه انت تقدر تحفظها 
دار صبرى يواجهه بنفس وجهه الجاد الصارم 
_ انا عارف يا عثمان أنى ضغطت عليك علشان تتجوز بنت عمك بس انا شايفها مناسبة ليك لكن لو انت فعلا رافضها وهتاخدها هى فى الرجلين يبقى لا انا لا يهمنى كلام الناس ولا غيره مش هتقدر تصونها طلقها
تحركت اهداب عينيه تعبر عن مدى صډمته وكأنه تلقى صڤعة قوية أثرت على تركيزه هذا هو أبيه الذى رفض مناقشته في أمر زواجه منها حين كان مقتنعا بما يمليه عليه عقله وينظر لها نظرة اخوية تحول بينهما وكان يخشى من الأقاويل التي قد تطالها إذا اعرض عن زواجه منها  
وهذا أيضا هو أبيه الذى كان غاضبا صباح اليوم لسماحه لها بمقابلة العمل 
وهذا هو أبيه الذى يخبره أن بإمكانه تحريرها والتحرر منها دون أن يدرى أنه سعيد بامتلاكها له رغم ما يعانيه معها .
لم يتحدث بل تحرك بصمت مغادرا دون أن يبدل ملابسه ولم يحاول صبرى إيقافه بل راقب مغادته ثم اتجه لينهى العمل الذى خلفه وراءه .
تحركت قدميه لا يعرف إلى أي اتجاه يسير أو أي وجهة يقصد غادر الحى واستمر على ضربه في الأرض بلا هدى وعقله يحاول أن يحصى هذا التخبط الذي يأبى أن يترك حياته تسير بشكل طبيعي كلما تجاوز العقبات وهدأت وتيرة الحياة تحدث هزة جديدة تنذر بتحطيم حياته.
هل حقا دموعها لها هذا التأثير القوى الذى يدعو رجل مثل أبيه لهذا التغيير الذي يرى
تنهد بحزن وهو يتذكر أن تلك الدموع هى نفسها ما كشفت له حقيقة مشاعره التى طالما أخفاها عنه عقله وهى نفسها التى دفعته لتغيير كل ما انتواه معها ترى إلى أين ستصل به هذه الدموع وصاحبتها
حين انهكته قدميه قفل عائدا للحى ليجد أبيه يجلس أمام الورشة كما يفعل أغلب الأوقات اتجه نحوه وهو يتلفت حوله 
_ فين العربية
_ سلمتها 
أجاب أبيه بإيجاز ليومأ مدعيا التفهم الذى يعجز عنه تماما وهو يتجه نحو ملابسه ليبدلها ويغادر بصمت.
.....................
وصل لبيت أبيه وكانت لاتزال هناك وما إن رأته أمه حتى لوحت له بمودة 
_ تعالى يا عثمان زمانك جعان
نظر لها ليرى أنها اخدت من أبيه تهرب عينيه وتحاكيه ببراعة ليتهكم عقله وقلبه معا وانقذه من المواجهة ركض الفتاتين نحوه ليصحبهما إلى غرفة عالية لمدة ليست قصيرة قبل أن يعود بهدوء مقلق 
_ يلا يا سهى انا عاوز انام
_ ده انت حتى ماسلمتش علينا
نظر نحو خالته بأسف فقد أغفل وجودها بالفعل ولا تبدو له بحالة تسمح بالتجاوز ليقترب مقبلا رأسها
_ معلش يا خالتي اعذرينى انا مش شايف قدامى من التعب
لم يبد له انها اقتنعت لكنه ايضا لا يملك طاقة للمزيد لذا أشار لها بكفه لتستقيم مودعة لهن وتتبعه للخارج بينما نظرت هالة نحو هنية بدهشة فمنذ ۏفاة زوجها تبدو لها بحالة غير طبيعية وافكار غير منطقية أيضا .
..........................
عادا لشقتهما ولم ينطق بحرف واحد وما إن اغلق الباب حتى اتجه إلى الغرفة واغلق بابها دونه لتنظر فى أثره بحيرة .
هى لم تعد تعلم ما الذى تريده من عثمان أو ما الذى تسعى إليه حياتها كافة .
تريد أن تبتعد عنه وتذكره بذلك في كل فرصة ورغم هذا تحزن حين يتركها هو
هل انا مختلة
تساءلت داخليا لتزيد من حيرتها دون أن تملك إجابة تريح قلبها ونفسها فهى لا تريده وفى نفس الوقت ترفض بعده عنها.
منذ هذا اليوم لم يتحدث إليها عثمان سوى إن توجهت إليه بسؤال ويجيبها ثم يصمت مرة أخرى.
مرت الأيام و عاد الملل ينهش فيها هو يتناول الطعام وحده وينام وحده ويحيا حياته كاملة وحده يغادر في الصباح للعمل ويتركها للملل والوحدة تزحف إلى روحها.
لم يصلها اي رد من الشركة التى تقدمت للعمل بها وبدأت تفقد الأمل في هذه الفرصة لم تعد زيارة بيت أمها تخفف عنها بل أصبحت تتلاشاها أيضا فهى لا تحتمل كم التساؤلات التي تحيطها بها عينى أمها وخالتها عما يحدث ويشعرون به ولا يملكون عليه بينة.
استغلت عودته لتناول الطعام وقد أبكر اليوم فلا طعام بالمنزل وهذا يعنى أنه سيعد طعامه كأغلب الأيام وقف لا تدرى ما الذى يقوم به لكنها لا ترغب في المحاولة فالطهى بالنسبة لها ممل وهى لا تريد المزيد .
وقفت خلفه وهو يعلم أنها هناك فقد ظلت تفكر طويلا في طريقة لكسر رتابة حياتها ووجدت حلا لنفسها ولخلاصها .
حمحمت لكنه ظل على صمته وتابع ما يقوم به
_ عثمان أنا بفكر أكمل درسات عليا
يبدو أنها تتقدم فهى لم تصدمه بما قررته ورغم يقينه أنها قررت فعليا لكن تهذبا منها تخبره أنها لازالت تفكر فى الأمر وتحتاج مشورته وهذا برأيه تقدما كبيرا في شخصيتها 
_ وماله اللى يريحك 
_ اصلى زهقانة من القعدة فى البيت ومفيش شغل
لم يكن بحاجة إلى تبرير منها واعجبه أنها تشاركه لكن
الوقت لم يحن بعد ليخطو خطوة نحوها فترتد عنه مجددا يجب حين يفكر في خطوة نحوها مجددا تكن على استعداد للتقدم نحوه هى أيضا.
_ خلاص مش مشكلة انزلى الجامعة وشوفى هتعملى إيه
_ ينفع اروح بكرة
تهلل صوتها فى السؤال كان كافيا ليحتفل بما أنجزه معها لكنه لن يتسرع ويجازف حتى يتأكد من نواياها فهى بهذا الوضع وتراه أقل منها شئنا عليه أن يتأكد أن رغبتها ليست لمزيد من البعد عنه .
اومأ موافقا لتصفق بكفيها بطفولة وتركض نحو غرفتها فهى تعلم أنه لن يشاركها الطعام .
جلس يتناول ما أعده وحده وعينيه متعلقة بذلك الباب الذى يفصل بينه وبينها ظاهريا لكن فى الواقع هناك الكثير من الأبواب المغلقة بينهما اغلقتها هى ولا يثق أنها تريد منه عبورها لذا يقف مكانه متوجسا من كل ما يخصها حتى أصبحت زوجته وابنة عمه اكبر مخاوفه الحالية.
نظر إلى طبقه فقد تملك منه الملل أيضا حياته أصبحت سلسلة من الخيبات التى تكن سهى عاملا مشتركا فيها لقد أخبره أبيه أنه لم يعد مجبرا ويمكنه التحرر من هذا الألم ورغم ذلك لازال يفكر في خطوة نحوها يبدو أنها ستكون سبب دائم لصراعه الداخلى الذى لا يرغب في إنهائه.

تم نسخ الرابط