رواية جديدة جامدة الفصول من الثالث عشر للسادس بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
مع أول مشكلة!
انتهى حديثهما إلى هذا القدر و خرج يزيد للجمع الموجود ببهو المنزل فى انتظاره و اتفق معهم على تفاصيل الخطبة و أخذ سمر و أختها و أمها و ذهبوا لدكان الذهب و قاموا باختيار ما يطلق عليه الشبكة و عاد كل إلى منزله على وعد باقامة حفل صغير ببيت عمه فى ظهيرة اليوم التالى مقتصر على العائلة و الجيران و أن يسافر يزيد لإستئناف عمله عند الغروب.
فى الصباح حزم أغراضه فى حقيبة كبيرة و استقل سيارة أجرة متجها إلى قصر أثير للإقامة به و لإستئناف مهمته مرة أخرى مترقبا اللقاء بقلب ذبيح و روح نازفة.
اڠتصب ابتسامة على ثغره و وقفا قبالة بعضهما فبدأت هى قائلة بسعادة
حمد الله على سلامتك يا يزيد...مامتك صحتها عاملة ايه دلوقتى!
أجابها بتوتر
كويسة الحمد لله.
ردت بود
أجاب باختصار
اللهم آمين...
يريد أن يخبرها و لكن لا يعلم من أين يبدأ فلاحظت أثير توتره و سألته باستغراب
مالك يا يزيد..شكلك كدا مش على بعضك...هى مامتك فيها حاجة لا قدر الله
مسح على شعره بتوتر و هو يقول
لا هى كويسة الحمد لله و...
قاطعته بسؤالها
إيه دا..اللى ف ايدك دى دبلة و لا إيه!
أغمض جفنيه پألم ثم فتحهما فوجدها تنتظر إجابته بملامح مستنكرة و تطالعه بترقب فأجابها بقلق داخلى و نبرة خاوية
صمت...صمت مطبق أحل بها فقط تنظر له بذهول و كأنه غرس خنجرا مسمۏما فى عمق قلبها تريده أن ېكذب ما سمعت أو أنها ربما لم تسمعه جيدا ظلت على هذا الحال لدقيقة أو دقيقتين و الشعور بخيبة الأمل يكاد ېقتلها بلا هوادة أو رحمة تحاول أن تقاوم إنهيار كيانها أمامه حتى لا يشعر بهزيمتها و إنكسارها فهى اعتادت على إنكسار قلبها و اعتادت أن تخفى ضعفها و تتظاهر بالقوة لذلك سرعان ما تحولت ملامحها للجمود و بدأت عيناها تلتمع بالعبرات الجامدة التى أبت أن تترك لها العنان فى حضرته أخيرا استطاع لسانها أن يتحرر من مربطه و رسمت ابتسامة مقتضبة على وجهها الجامد ثم قالت باختصار
بينما هو يطالعها بتأثر يشعر بنظراتها و كأنها جمرات تخترق صدره لتنزل على قلبه تحرقه بلا شفقة و لكنه هو من أوصلها لهذا الحد من الألم و الآنكسار و يستحق منها أكثر من ذلك.
أولته ظهرها لتسير باتجاه الباب الداخلى للقصر و ما ان ابتعدت عنه بمقدار خطوة أو خطوتين حتى استفاق من حړقة قلبه و أسرع خلفها و قبض على ساعدها يستوقفها قائلا بأسى
أثير...استنى.
وقفت و سألته دون أن تلتفت له
نعم!
لم يدرى ماذا يقول لها ظل على هذا الحال يبحث عن الكلمات المناسبة لمثل هذا الموقف و لكنه فشل فنزعت ساعدها من قبضته و نظرت له من أعلى كتفها قائلة بجمود
أنا طالعة أجهز علشان نروح الشركة و انت يا ريت تدخل حاجتك ف القوضة بتاعتك و تجهز علشان منتأخرش.
ثم سارت بخطوات سريعة إلى غرفتها لا تعلم كيف صعدت الدرج و وصلت غرفتها بسلام فالدموع غشت عينيها بكثافة حتى باتت رؤيتها ضبابية فتحت باب الغرفة و دخلت ثم صڤعته خلفها پعنف و كأنها تفرغ ڠضبها به ثم بركت على ركبتيها أمام الفراش و استندت على حافته و تركت لدموعها الحبيسة العنان و هى تتأوه بشدة من فرط الألم الناتج عن طعنته لها بقلبها و خيبة أملها فيه.
التقطت وسادتها الصغيرة و دفست وجهها بها لتكتم بها شهقاتها العالية و قد كان جسدها يرتجف پعنف من شدة البكاء.
رفعت وجهها من الوسادة و هى تحدث نفسها من بين شهقاتها حديثا تتمزق له نياط القلوب قائلة
مامى..أنا محتجاكى أوى يا مامى..تعالى و خودينى ف حضنك أنا تعبت من الدنيا دى مش عايزاها..مش عايزة أعيش فيها..حتى يزيد اللى هون عليا غيابك و حسسنى ان الدنيا بدأت تضحكلى دبحنى پسكينة تلمة...حتى هو كمان مش عايزنى ف حياته و راح لغيرى...طاب هعيش لمين!..هعيش ليه!
قالت كلماتها الأخيرة و شهقاتها قد علت بحدة و دموعها تنهمر بغزارة بينما يزيد يقف عند باب غرفتها من الخارج يستمع لبكائها و حديثها الأليم مع نفسها يود لو يختفى من العالم بأكمله على ألا يراها بهذا الحال فرت دمعة ساخنة رغما عنه أزالها سريعا و هو يقول بخفوت و قلبه يبكى دما لأجلها
الله يسامحك يا زيدان انت و سمر...انتم السبب ف اللى احنا فيه.
ثم انصرف سريعا قبل أن تستيقظ بقية أفراد العائلة و يرونه فى هذا الوضع و بهذا المكان.
بعد فترة ليست بقصيرة نهضت أثير من جلستها و سارت باتجاه مرآتها لتقف أمامها و تتأمل بها وجهها الباكى الحزين و تتحسس ملامحها پألم ثم قالت لنفسها بتوبيخ
اصحى بقى يا أثير من الحلم اللى كنتى عايشة فيه..كفاية هبل لحد كدا و فوقى علشان ترجعى لأثير القديمة أثير القوية اللى مفيش حزن بيهزها و لا حد بيلفت نظرها..يزيد من النهاردة بودى جارد و بس...أيوة طبعا...هو كدا و مش أكتر من كدا.
ذهبت للمرحاض لتغسل و جهها من أثار البكاء و عادت مرة أخرى تنظر لنفسها فى المرآة فوجدت أن جفنيها منتفختان بشكل ملحوظ فبدلت ملابسها و مشطت شعرها و اضطرت إلى إرتداء نظارتها الشمسية حتى لا يلحظ أحد انتفاخ جفنيها و نزلت ليزيد فوجدته قد بدل ملابسه و حمل سلاحھ و وقف بجوار السيارة فى انتظارها تظاهرت باللامبالاة و أقبلت عليه بملامح عادية و كأنها لم تكن تبكى و ترتجف من دقائق قليلة بينما هو يطالعها بتأمل لرد فعلها و هى مقبلة عليه فآلمه قلبه لحالها الذى كان سببا فيه.
فتح لها الباب الخلفى فوقعت عيناها رغما عنها على بنصره المزين بالخاتم فامتلئت عيناها مرة أخرى بالعبرات و لكنها جاهدتها لتمنعها من النزول و حمدت الله أنها ترتدى تلك النظارة المعتمة و
متابعة القراءة