رواية جديدة جامدة الفصول من الثالث عشر للسادس بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
عن مقدار الحب الذى يحمله لها فى قلبه لقد أثقل الحب قلبه حتى أعياه و الشوق قد أخذ منه مأخذه فأصبح كالفرس الجامح الذى كبله صاحبه بالأغلال فمهما صدر منه من صهيل لم يجد من يسمعه و يحرره من قيوده إنه الشعور بالعجز.... ماذا إذن لو آلت حبيبته لغيره حتما سيموت قلبه قهرا و حسرة على حب أهدره بيده.
استفاق من شروده ببحر أحزانه على هزة من يد صديقه ماجد الذى افترش الأرض بجواره و سأله باستغراب
انفرجت شفتيه بتهكم مرير قائلا بنبرة حزينة
حب ماټ من قبل ما يتولد..
رفع حاجبيه باستغراب قائلا
نعم!..دا اللى هو ازاى دا!
طالعه بملامح بائسة ثم قال بجدية
هحكيلك يا ماجد يمكن تقدر تساعدنى ان شالله حتى بالنصيحة...
قص له زايد حكايته مع ليلى و ما آلت إليه الأمور مع محمد الذى لا ينفك عن طلبه بمصاحبته له ليخطب له ليلى باعتباره صديق شقيقها...
فغر فاه ماجد من الصدمة و قال باستنكار
سبحان الله...يعنى انت تجيبها تشتغل ف المكتبة علشان تبقى قدام عينك و مطمن عليها و ناوى تخطبها قبل التخرج يقوم صاحبك هو كمان يحبها و كمان عايز يتقدملها!..يعنى قدمتله حبيبتك على طبق من دهب..
بس محمد معذور...هو هيعرف منين ان انت بتحبها...المفروض كنت قولتله على نيتك فى خطوبتها من قبل ما تجيبها تشتغل عنده علشان يبقى عامل حدود بينه و بينها..
أجابه و هو يعض على أنامله من الندم
فعلا...أنا اللى غلطان بس مكنتش عايز أعملها شوشرة خاصة انها متعرفش انى بحبها و لا حتى حاسة مجرد احساس انى معجب بيها.
اعتصر جفنيه پألم جم و قال بأسى
مش عارف يا ماجد...ساعدنى يا صاحبى و قولى أعمل إيه!
انت عايز الحق!...أنا لو مكانك أروح أتقدملها و أنا و نصيبى..و الله لو ليك نصيب فيها ربنا هيسهل الأمور و الموضوع هيتم...لو مفيش نصيب يبقى انت كدا عملت اللى عليك.
مش مهم أى حد يا زايد...محمد مش هينفعك و انت عمال ټحرق فى دمك و أعصابك عشانها...و بعدين ممكن بعد كدا تفهمه الحكاية كلها و يمكن ساعتها يحس بالذنب كمان من ناحيتك...و بعدين دا كلها شهرين بالكتير و نتخرج و هتروح بلدك و مش هنشوف بعض تانى..يعنى لا انت هتشوف محمد و لا هو هيشوفك...اتوكل على الله يا صاحبى و أنا معاك..
استيقظ يزيد عند الظهيرة بعد عملية الاقټحام الصعبة و بعد ليلة طويلة قضاها فى التفكير بشأن ما اكتشفه عن أثير و كيف سيتصرف فى الأيام القادمة لينتزعها من قبضة عادل اللعېن الذى لم تأخذه فيها رحمة و لا شفقة و قڈف بها فى الهلاك بلا اكتراث منه أو مبالاة.
جلس على حافة الفراش و هو ممسكا رأسه بكفيه من فرط الصداع يفتح جفنيه الحمراوين بصعوبة فأخذ حماما سريعا لعل الألم يهدأ قليلا ثم بدل ملابسه و عزم للذهاب للمطبخ ليطلب من الخادمة أن تعد له قدحا من القهوة...
خرج من غرفته و سار باتجاه المطبخ فاصطدم بأثير التى كانت تسير بعدم توازن و قلة انتباه و هى ممسكة أيضا برأسها ما إن انتبهت له حتى رمقته باستغراب قائلة بنبرة ناعسة
يزيد انت كمان لسة صاحى دلوقتى!
أجابها بارتباك
ايوة...الظاهر كدا راحت علينا نومة احنا الاتنين.
أنا مش عارفة نمت ازاى و أنا بكلمك و مش فاكرة طلعت قوضتى ازاى!
ارتبك يزيد للغاية و كاد الډم أن يهرب من عروقه خوفا من أن تشك بأمره فرد بثبات ظاهرى
مش عارف لقيتك نمتى فجأة كدا و انتى بتتكلمى فاضطريت أشيلك و أنيمك فى السرير...مش معقول يعنى كنت أسيبك نايمة على النجيلة للصبح!!
جحظت عيناها و توردت وجنتاها خجلا عندما تخيلت نفسها محمولة بين ذراعيه و رأسها مستند على صدره أعادت خصلة متمردة من شعرها خلف أذنها كحركة تلقائية منها لتوارى خجلها و قالت بتلعثم
اممم...احم.. العصير اللى شربناه دا كان فيه حاجة و لا ايه!
تظاهر بالجهل و هز كتفيه لأعلى مجيبا بمراوغة
مش عارف...يمكن الفانيلا اللى أنا حطيتها دى مكانتش فانيلا و كانت بودرة منومة مثلا!
سكتت لوهلة تستوعب حديثه ثم انخرطت فى نوبة من الضحك الصاخب بالكاد توقفت عنه و قالت بمرح
دمك خفيف اوى يا يزيد...ممكن بردو ليه لا...هههه.
تنفس بارتياح كونها مررت الأمر بمزاح و لم تحقق أكثر من ذلك..
انت كنت رايح المطبخ!
أيوة...كنت هعمل قهوة أصل الصداع هيفرتك دماغى.
و أنا كمان..
كنتى هتعملى قهوة و لا الصداع هيفرتك دماغك!
_ هههههه...أنا أعمل قهوة!...أنا معرفش أصلا القهوة بتتكون من إيه
جحظت عيناه و رفع حاجبيه باستنكار متسائلا
معنى كلامك انك مبتعرفيش تطبخى
أكيد طبعا...أنا هتعلم الطبخ و لا هشوف شغل الشركة و لا هتابع تدريبات الكاراتيه و الكونغو فو!
أجابها بنبرة ساخرة
لا فعلا الله يكون فى عونك....طيب حيث كدا بقى أنا مش هشرب قهوة دلوقتى و هدخل أخلى الشغالة تعملى فيشار...تحبى أخليها تعملك معايا!
سكتت لوهلة و كأنها تفكر فى أمر ما ثم قالت بحماس
طاب ايه رأيك طالما ملحقناش الشركة و كدا كدا اليوم ضايع أدخل المطبخ أعمل انا الفيشار!
انتى مش لسة قايلة مبتعرفيش تطبخى!
هو الفيشار طبيخ يا يزيد!...قولى انت بس بيتعمل ازاي و أنا هعمله..
هز رأسه بقلة حيلة قائلا باستسلام
أمرى لله...بصى يا ستى..انتى هتجيبى الحلة و تحطى فيها معلقة زيت و تسيبيه يسخن شوية و بعدين تحطى حوالى كوباية درة صغيرة و شوية و هتلاقى الدرة بيطقطق و بيتحول لفيشار بعد كدا ترشى عليه شوية ملح صغيرين و تقلبيه..بس كدا.
ردت بابتسامة حماسية
بس كدا!...يااا..دا سهل أوى.
طاب يلا ورينى شطارتك و أنا هستناكى برا فى الهول.
أوكى...ثوانى و الفيشار هيكون جاهز.
ربنا يستر.
توجهت للمطبخ و لكنها لم تجد الخادمة لتدلها على أماكن الأشياء فاضطرت للبحث فى جميع درف الخزانة إلى أن وجدت إناء متوسط الحجم و وجدت حاوية الذرة الصفراء و لكن طبعا بعدما قلبت محتويات المطبخ رأسا على عقب و أصبحت الأوانى و الأطباق ملقاة فى كل مكان به.
فعلت كما شرح لها يزيد و عندما بدأ الذرة فى الفرقعة تناثر فى وجهها الأمر الذى جعلها تفزع و تتخذ من غطاء الإناء التى لم تستعمله فى تغطيته درعا واقيا لوجهها ضد حبات الذرة التى تهاجمها بضراوة و أخذت تصرخ بهلع لا تدرى كيف يمكنها التخلص من هذا الھجوم الغريب الذى لم تراه من قبل.
سمع يزيد صرخاتها فركض سريعا تجاه المطبخ خشية
متابعة القراءة