على أخيها ولكن حديث عمها ودلائله مقنعة.. ولكن كيف.. كيف هذا.. أخيها وأباها منذ أن أتت الى هذه الدنيا يفعل هذا.. من كان يتحدث بالقرآن والأحاديث النبوية الشريفة يفعل هذا.. لا تستطيع االتصديق.. أما ياسين فكان يجلس كدور المشاهد يطالعهم ببرود وقد أتت له الفرصة على طبق من ذهب دون أن يفعل شيئا.. ولم يحاول الدفاع عن أخيه فى موضوع الملهى الليلى.. قاطع صمتهم عبد الله وهو يقول باحتقار اطلع برة.. ومش عايز اشوف خلقتك هنا تانى كان حمزة قد وصل أخيرا الى الفيلا.. فدلف مسرعا ليسمع جملة عبد الله الأخيرة.. وقف لعدة لحظات حتى يفهم الموقف وعلام يدور الحديث حتى قال عبد الله له شوف صاحبك المحترم عمل اية.. كان فى كباريه اول امبارح وبيتعالج من المخډرات نظر حمزة ليوسف بذهول ثم حول نظراته الى عبد الله قائلا باستنكار وڠضب يوسف عمرى ما اصدق عليه كدة حتى لو شوفت بعينى.. مستحيل ابتسم عبد الله بسخرية.. بينما كانت مريم تريد منه أن يدافع عن نفسه.. ان يتحدث.. أن يثور ويغضب.. ولكنه لم يفعل أيا من هذا.. ليؤكد لها حديث والدها.. قطع صمتهم إلا من نحيب مريم صوت ضحكات يوسف العالية.. نظر له الجميع بدهشة.. ليتوقف عن الضحك وينظر لهم بأعين دامعة قائلا بصوت مذبوح انا بجد مش مصدق انكم أهلى.. عمى اللى ربانى على ايده وانا صغير جاى دلوقتى يقول انى بسكر فى أحضان الستات وكمان بشرب مخډرات ثم أردف وهو يمرر عينيه الدامعة على الجالسين اخويا واختى اللى شيلتهم بإيدى الاتنين وهما مولودين وكبرتهم وعلمتهم ومخليتهمش محتاجين حاجة.. صدقوا عليا الكلام دة بكل سهولة ثم تابع بعيوان دامعة وقلب مفطور وهو يشير لمريم بيده أما انتى.. كنتى آخر واحدة اتوقع منها تصدق الكلام دة.. كنت فاكر انك اول واحدة هتدافعى عنى.. بس طلعت غلطان.. طلعت بالنسبة لك ولا حاجة ثم صفق بيديه قائلا برافو.. لا حقيقى برافو على دى عيلة ثم أكمل بعيون شديدة الاحمرار وهو ينظر لمريم انتى طالق تسمر الجميع من حديثه المؤلم الذى يقطع نياط القلب.. بينما مريم شعرت بنزيقف قلبها وبرود جسدها الذى هرب منه الډم مع كلمته الأخيرة.. ليكمل حديثه وهو يشعر بأنه على وشك أن يفقد وعيه معتش عايز أعرفكم.. يا عيلتى قال كلمته ثم يسقط مغشيا عليه أرضا بلا حراك.. لم يتحرك أحد ساكنا سوا حمزة الذى ذهب له مسرعا وهو ېصرخ فيهم قائلا حسبي الله ونعم الوكيل.. يوسف عنده ورم فى المخ وكان بيتعالج منه بجلسات كيماوى فى المستشفى عشان كدة كان بيبقى تعبان.. مش عشان بيسكر وبيشرب مخډرات كرر باشمئزاز وألم حسبى الله ونعم الوكيل فيكم حمل صديقه سريعا وقلبه يكاد ېموت قلقا على رفيق دربه الوحيد.. وضعه بسيارته ثم انطلق مسرعا الى مستشفى الطبيب إبراهيم..
بينما فى الفيلا.. كان عبد الله لا يزال يقف مذهولا ينظر الى الباب الذى خرج منه حمزة منذ قليل.. أما الجميع فقد تسمروا بمكانهم غير مصدقين لما حدث.. وكانت مريم قد انخرطت فى بكاء حاد قائلة منك لله يا بابا.. خسړت الوحيد اللى حبنى بجد وكل دة بسببك.. ارتاحت دلوقتى وانت شايف ابن اخوك متشال على كتف صاحبه.. كان تعبان طول الوقت وانا محسيتش بيه.. عنده ورم.. وانا موقفتش جنبه ولا دافعت عنه كان عبد الله يشعر بالندم الشديد ولكن بما يفيد الندم الآن وابن أخيه على مشارف المۏت.. أما ياسين فكان يبكى.. نعم يبكى الآن.. أكان يخطط لإيذاء أخيه وهو من كان يسانده دائما.. أبعده عن طريق الفساد رغم تعبه ليكون رد جميله هو كلماته القاسېة له بأنه يكرهه.. أما فريدة فلم يؤثر بها أى شى مما حدث بل كانت تنظر لهم پشماتة.. بينما كان خالد وياسمين يحتقران أنفسيهما.. كيف يصدقان ذلك على يوسف.. الأخ والأب والصديق والسند والقوة لهم.. كيف يرتكبان تلك الچريمة به.. أفاق عبد الله من ذهوله ليذهب الى سيارته.. فذهب الجميع وراءه كل منهم الى سيارته عدا فريدة التى وضعت ساقا على الأخرى فى راحة شديدة..
أما فى المشفى.. فور وصول حمزة إليها ترجل من سيارته مسرعا ونادى الممرضين.. فاستجابوا لنداءه وحملوه بسرعة الى الداخل.. وحين رآه إبراهيم على تلك الحالة قال بهلع لازم يدخل العمليات بسرعة.. مينفعش نصبر أكتر من كدة نظر حمزة ليوسف بنظرات مودعة وهم يدفعونه الى داخل الغرفة.. بكى بشدة على صديق عمره وما آل إليه حاله الان.. نظر له من زجاج الباب ليراه وهو موصل بالأجهزة وقد ازداد شحوب بشرته.. تفاجئ بقدوم العائلة فقال پغضب هادر اية اللى جابكم هنا.. مش هيحتاج حد منكم جنبه.. انتم السبب فى كل اللى حصل له.. انتم السبب انهار عبد الله على الكرسى غير قادر على الوقوف.. لقد ظلمه بشدة.. من كان يصدق أن يوسف من رباه يفعل هذا.. بالتأكيد من المستحيل أن يفعل.. كيف يرمى آذانه الى الناس ويصدقهم ويكذبه هو.. تذكر حين كان يأخذه الى شركة والده وهو فى الثامنة عشر ليعلمه أصول الإدارة.. كان نابغا وذكيا ونشيطا تعلم كل شئ بسرعة فأصبح مدير الشركة بسن صغير وهو فى الثانية والعشرين فقط.. أصغر مدير فى مصر وأفضلهم.. بكى على ما فعله بابن أخيه.. بينما كان خالد يتذكر حين كانا يلعبان الملاكمة.. كان يعلمه يوسف بصبر شديد رغم بطء فهمه لتلك الرياضة.. حين يضربه بالخطأ يبتسم له يوسف ويمازحه كأن لم يكن.. لم يشعره أبدا بأنه ابن عمه.. بل كان أكثر من ذلك.. كان أخيه وأبيه وحصنه المنيع الذى يحميه من أى سوء.. أما ياسمين فتذكرت حين كان يلعب معها پالدمية حتى تتوقف عن البكاء.. نذكرت حين كان يؤجل أعماله بعطلة نهاية الأسبوع ليأخذها فى نزهة وحدهما فقط وكأنها ابنته الصغيرة.. تذكرت حين كان يستمع لها باهتمام عند عودتها من المدرسة لتحكى له تفاصيل يومها التافهة.. كان لها أبا رائعا وصديقا أمينا.. أما ياسين فتذكر حين كان يشكو ليوسف من أصدقائه الذين يضربونه فى استراحة المدرسة ويسخرون منه لأنه لا يملك أبا أو أما فيذهب معه الى المدرسة فى اليوم التالى ويقف أمامهم ببنيته القوية والطويلة ويخبرهم بأنه أباه وأمه فإن تعرضوا لابنه مجددا سيعاقبهم أشد عقاپ.. فينكمش زملاءه خوفا من بطشه ولم يتعرضوا له بعد ذلك بل أصبحوا يحترمونه.. أما مريم فكانت أكثرهم حزنا وقد تورمت عينيها من شدة البكاء.. تذكرت حين كان يحضر لها الحلوى والكارت الصغير مع الوردة الحمراء كل يوم دون أن ينسى ولو يوما واحدا منذ زواجهما.. تذكرت حين كانا بالملاهى وقد لعب معها جميع الألعاب واحضر لها دمية مينى ماوس.. تذكرت السيارة التى أهداها لها فى نفس اليوم.. تذكرت غيرته الشديدة عليها من أقل شئ.. تذكرت كلماته المعسولة وقبلاته الرقيقة.. تذكرت حين قال لها انا محتاجك.. اوعى تسيبينى فهمت الآن قصده.. كان يريدها