رواية كاملة قوية الفصول من السابع عشر للعشرين بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
بل تغيبت طوال الليل ولم تظهر أبدا..
عند عصر اليوم التالي.. لم يجد بدا من الذهاب إلى الشرطة.. وبعدما استمع له مأمور القسم.. لفت نظره بطريقة غير مباشرة.. بسؤال أعمامها.. أو التحري لديهم أولا.. ولكنه لم يحتج لذلك.. فقد وصله اتصال من عمها في اليوم التالي.. وكان فحوى الاتصال من أغرب ما يمكن.. وأكال له الرجل اټهامات ووصمه بما لم يخطر على باله.. وعندما أوضح له أن علياء أصبحت زوجة لابنه يزيد.. تعالت صيحات عمها بالټهديد له وليزيد بالاڼتقام وغسل العاړ.. أي عار يتحدث عنه هذا الرجل.. هل أخبرتهم علياء بفعلة يزيد نحوها قبل الزواج.. وهل تذكروا الآن فقط ابنتهم.. وفكروا في حمايتها والٹأر لشرفها!
خلاص يا بابا هتبلغها..
صمت عصام للحظات.. ثم حسم أمره.. واجاب بحزم
هو احنا مش اتفقنا أنك تبعد عنها لفترة.. اللي بتعمله ده اسمه إيه.. البنت محتاجة وقت تراجع فيه نفسها.. حضورها فرح نيرة أثر عليها جامد زي ما قولت.. سيبها تروق على مهلها.. وهي هتبقى تكلمك..
وأغلق الخط بسرعة.. يعلم بأن اخفائه الحقيقة عن يزيد قد يعرض علياء للخطړ ولكنه أب.. يخشى على ابنه من تهديدات أعمام الفتاة.. وعزائه أن عمها اتصل ثانية فاتحا مجال للتفاوض.. وموضحا أنهم يهتمون بالأراضي وميراث علياء من والدها.. وهو يحاول معهم جاهدا ليصل إلى حل ينقذ به الفتاة قبل فوات الأوان...
كانت تبدو كتلك الليلة التي اصطحبها فيها لتناول العشاء مع جدته.. لم يظن للحظة أن نيرة تقلق مما قد يظنه الناس بها إلا أنها بالفعل كانت قلقة من لقاء جدته وكأنها تراها للمرة الأولى.. وبالفعل خيم جو من التوتر الشديد على تصرفات نيرة وحتى جدته تتعامل معها بأسلوب متكلف لم يلحظه عليها من قبل رغم أنها لم تعلم ما فعلته نيرة في حفل الزفاف إلا أنها تعاملت برسمية مبالغ بها.. فكانت أمسية كارثية بجميع المقاييس خاصة وأن نفسيته لم تهدأ على الإطلاق بعد لقائه الحزين بشقيقه.. ورغم ذلك حاول احتواء التوتر المخيم على الأمسية حتى استهلك طاقته بالكامل في محاولة يائسة ليمر اللقاء بسلام.. واستغل أول فرصة سنحت له ليرحل مصطحبا زوجته معه..
أعاده تململ نيرة وهي تعبث بهاتفها إلى وجوده بمنزله.. على مائدة طعامه تجاوره عروسه.. عروس تبدو مشغولة للغاية بهاتفها..
فألقى بمعلقته فجأة هاتفا
يعني مش قادرة تبعدي عن تليفونك ربع ساعة نتغدى فيهم..
رفعت نظراتها إليه لتسأله بلهفة
قطب حاجبيه بتساؤل
بتسألي ليه..
بحاول أوصل لعليا بقى لي يومين.. ومش عارفة.. تليفونها مقفول على طول.. فقلت أكيد هو وصل ومشغولة معاه..
ردد مازن بتأكيد وهو يتذكر محادثته ليزيد في ليلة زفافه الكارثية.. ومحادثة أخرى بعد عودته من زيارة حسن
لا.. يزيد قدامه أربع أيام على ما يرجع..
تمتمت نيرة بعجب
غريبة!..
ليه ما بترديش..
هزت كتفيها باستهانة
دي مش عليا.. دي صبا..
صبا أختك..
مرت في عينيها نظرة ڼارية.. وأومأت برأسها موافقة.. بدون أن ترد على هاتفها.. حتى اختفى الرنين الذي ما لبث أن ارتفع مرة أخرى.. فقال مازن بلهجة آمرة
أمسكت هاتفها بامتعاض.. تتمنى لو تخالف أمره ولكنها حريصة على أن تحتوي غضبه منها.. وتحتفظ بالأوقات التي يتواجد بها معها هادئة قدر الإمكان.. علها تفهم ما الذي يريده منها بالتحديد... فتحت الخط وهي تقول بملل
خير يا صبا في حاجة..
جاءها صوت صبا مترددا وهي تسألها بدورها عن علياء المختفية منذ ليلة زفاف نيرة... مما جعل نيرة تتساءل بصوت نضحت منه الغيرة
وأنت بتسألي على عليا ليه..
فريدة عايزاها.. موضوع بخصوص لوحات ورسم..
تشبعت أعماق نيرة بغيرة غاضبة.. وهي تستمع لكلمات صبا.. فهي لا يخفى عليها تعلق علياء بالرسم.. فهل ستسرقها فريدة منها كما سړقت والدها من قبل.. إلا أن أفكارها توقفت فجأة وكلمات صبا تتوالى
عليا مختفية يا نيرة.. مش موجودة في المزرعة ولا في أي حتة.. وبعد محاولات مع غفير المزرعة فريدة عرفت منه أن عليا ما رجعتش المزرعة من ليلة فرحك.. أنت تعرفي حاجة عنها...
ابتلعت نيرة ريقها بتوتر
استني.. ثواني كده فهميني..
كررت صبا نفس الكلمات على نيرة ببطء وتفسير أكبر وهي تحكي لها محاولة فريدة للوصول إلى علياء بكل الطرق.. حتى تيقنت أخيرا من اختفاء علياء..
أغلقت نيرة الهاتف مع صبا.. بعد أن وعدتها بإبلاغها بأي معلومة تصل إليها وتخص علياء..
سألها مازن على الفور
حصل إيه.. عليا فيها حاجة..
لم تجبه وأخذت تعبث بهاتفها.. فسحبه منها وهو يعيد سؤاله
في إيه.. إيه مشكلة عليا..
قصت عليه ما أخبرتها به صبا ومدت يدها تطلب هاتفها وهي تقول بتوتر
هات التليفون يا مازن لازم أكلم أونكل عصام.. أكيد عنده أخبار..
رمقها بنظرة غامضة قبل أن يقول
أنا اللي هكلمه..
مكالمة سريعة مع عصام.. بعدها ارتسمت معالم القلق على وجه مازن.. والټفت إلى نيرة التي كانت تسأله بلهفة
خير.. قال لك إيه..
رفع نظره إليها وظهرت عليه معالم التفكير العميق قبل أن يحسم أمره.. ويتصل بيزيد قاصا عليه كل ما يعرفه وختم كلماته
أنا لسه قافل الخط مع والدك.. وبيتهيألي هو عارف حاجة.. بس مش عايز يقول..
أغلق الخط لينظر إلى نيرة التي كانت في شدة لهفتها.. وأخبرها بهدوء
يزيد هينزل على أول طيارة..
سألته بقلق
هو الموضوع خطېر قوي كده..
أجاب بغموض
ربنا يستر.. أنا هروح لعمي عصام الشركة جايز أقدر أجيب أي معلومة منه..
خرج مازن متوجها إلى مجموعة الغمراوي في نفس اللحظة التي كان يهتف بها يزيد بأبيه على الهاتف
علياء فين يا بابا..
تلعثم عصام كان شديد الوضوح تلك المرة لأذني يزيد وهو يقول
عليا.. إحنا هنرجع تاني للموضوع..
قاطعه يزيد بقوة
أنا عرفت كل حاجة..
هتف عصام بقلق
مين قالك.. هو عمها صالح كلمك..
أغمض يزيد عينيه پألم وهو يردد
أعمامها..
وقبل أن يرد عصام بأي كلمة كان يزيد قد أغلق الخط...
كان حسن منهمكا في إنهاء آخر بقعة من الجدار المواجه له.. بينما قرر باقي زملائه التجمع من أجل الراحة مع كوب من الشاي الأسود حتى يستطيعوا إنهاء العمل في موعده.. أخذ حسن يستمع إلى أحاديثهم الودية وبسمة هادئة ترتسم
بنمسي يا بشمهندس..
الټفت حسن إليه
متابعة القراءة