رواية كاملة قوية الفصول من السابع عشر للعشرين بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

يا عمي.. اسمعني.. والله أنا..
لطمة قوية نزلت فوق عينها تلك المرة لتختفي الرؤية أمامها للحظات وهي تسمع عمها صالح ينهرها
أنت تسكتي ساكت.. ما اسمعش حسك ده أبدا.. بس دي غلطتي لما وافجت تجعدي في بيت الراجل الناجص ده..
نهضت من الفراش وهي تترنح لتحاول التمسك بكف عمها وتتوسله
يا عمي.. اسمعني.. ارجوك..
أزاحها پعنف فسقطت أرضا.. بينما صوت زوجته يدوي في شماتة
هي اللي جليلة شرف.. منتظر إيه من واحدة تربية صالة رجص.. وأمها..
صړخت عليا بقوة
ما تجبيش سيرة ماما.. ما حدش يجيب سيرة ماما..
تلك المرة جذبها عمها من شعرها لتتوالى الصڤعات على وجهها وهو ېصرخ بها
يا جليلة الشرف والرباية.. تروحي تلفي على الراجل اللي لمك في بيته وبعد ما أمك خربت بيته مرة.. جاية أنت تكملي عليه وتجري رجله للحرام والمعصية.. لا دين ولا أخلاج.. ولا رباية.. أنت في موتك رحمة..
كانت الكلمات موجعة بقدر الصڤعات بل ربما أكثر ۏجعا.. فرحبت بغياب وعيها وهي تتبين أخيرا.. المکيدة التي حاكتها سهام لها.. فهي لم تخبرهم بزواجها من يزيد بل أقنعتهم بأنها على علاقة غير مشروعة.. ب عصام.. زوج أمها ووالد يزيد.. وهم صدقوها.. تلك الغريبة التي لم يروها أو يعرفوها قط.. صدقوها.. وحكموا عليها هي.. ابنتهم.. وبقي موعد وكيفية تنفيذ الحكم..
هل دمائهم تجري في عروقها بالفعل.. تشك بقوة.. لا عجب أن أباها هرب منهم ليتزوج أمها!.. من يستطيع تحمل تلك القسۏة من أقرب الناس إليه.. طالما حذرتها أمها منهم.. ومن تحجر قلوبهم.. والآن.. ذهب والدها ومن بعده أمها.. ولم يتبق لها أحد.. إلا حبيب ونصف زوج.. تشك في إمكانية إنقاذه لها.. وأقارب يشاركونها اسم العائلة وبضعة فدادين من الأراضي الزراعية هي كل ما يهتمون بها...
عاد حسن من عمله مع آذان العشاء وهو يحمل عدة أكياس بين يديه.. تحتوي على بعض مل طلبته منى.. ليفاجئ بشقيقه جالسا وسط حديقة منى الصغيرة يحتسي كوبا من الشاي وقد جلس معه عم نصر وبدا أنهما منهمكين في حديث طويل...
الټفت مازن فجأة لتصطدم عيناه بعيني حسن التي ضاقت في تركيز وكأنه يحاول تبين سبب وجود شقيقه_العريس الجديد_ هنا في منزله بدلا من تواجده مع عروسة.. بينما جرت عينا مازن على ملامح أخيه يلتهمها في شوق واضح.. وقد بدا تأثره من الإرهاق البادي على ملامح حسن.. وملابسه التي فقدت رونقها واحتفظت ببعض أناقتها السابقة.. نهض ببطء ليتوجه نحو شقيقه ولكن منى التي شعرت بعودة زوجها كانت قد خرجت من شقتهما الصغيرة وتوجهت نحو حسن فقطع التواصل البصري بينه وبين شقيقه.. والټفت لزوجته يمد يده إليها بالأكياس ويهمس لها بضعة كلمات فتومئ بصمت وهي تأخذ منه حقيبة صغيرة.. خمن مازن أنها تضم الملابس التي يعمل بها حسن.. ولمح يد منى تضغط برفق ورقة على كتفه قبل أن تدخل إلى الشقة مرة أخرى..
لم يسمعا عم نصر وهو يستأذن متعذرا بموعد صلاة العشاء.. وظلت نظرات الشقيقين معلقة ببعضها.. تحرك حسن قليلا وفتح ذراعيه على وسعهما فاندفع مازن إليه ليلتقي الشقيقان في عناق ترحيب وعتاب طويل..
وأخيرا همس حسن
مبروك يا مازن..
ابتعد مازن وهو يخفض بصره أرضا ويهمس بدوره
لسه زعلان مني يا حسن..
أنا مش زعلان.. ليه بتقول كده.
مش أنا اللي بقول.. العتاب في عينيك هو اللي بيقول..
وضع حسن يديه في جيبي بنطاله وتحرك قليلا حتى وصل إلى سور السطح.. فرمى بنظره إلى الأفق وهو يقول بصدق
يمكن ليلة امبارح زعلت شوية.. لكن قبل كده لأ..
بس أنت بعدت قوي يا حسن.. همشتني جامد بعد جوازك.. في أوقات كتير حسيت أن يزيد أقرب لك مني أنا أخوك.. حتى أنه اتحول لشبه مرسال بينا..
هز حسن رأسه بنفي تام
يا مازن أنا بعدت عشانك أنت.. عشان سعادتك مش عشان زعلان منك..
قاطعه مازن بمواجهة آن أوانها
ليلة الحفلة واللي أنا عملته.. ما ضايقكش.. ما زعلتش أني طاوعتها وخذلتك..
سأله حسن بتقرير
أنت بتحبها.. مش كده..
لمحة من عذاب حي التمعت في عيني مازن قبل أن يخفيها بسرعة.. ولكن حسن التقطها بقدرة عاشق وفطرة أخ يبحث عن سعادة شقيقه.. فربت على كتف مازن بحنان
أنت اتصرفت صح.. لو أنا مكانك وجت لي الفرصة أني أكون مع الإنسانة اللي بحبها ما كنتش هتردد لحظة.. وده فعلا اللي عملته.. أنا خاطرت بكل حاجة في سبيل أني أكون مع منى.. ليه بتلوم نفسك على نفس المخاطرة
أجابه مازن بسرعة
لأن...
ثم سكت وكأنه انتبه إلى شيء ما.. وسأل حسن بخفوت
أنت كنت عارف أني.. أني.. أني بحبها..
هز حسن رأسه بنفي
عرفت متأخر.. متأخر قوي.. ياريت كنت صارحتني من البداية.. كان حاجات كتير اختلفت..
عادت لمحات العڈاب تمر بعيني مازن ولم يستطع إخفائها تلك المرة
ما كانش ينفع.. هي بتح.. أقصد كانت بتحمل لك كشاعر و..
قاطعه حسن
هي موهومة.. وأنت عارف كويس.. بص.. دي مش نقطة نقاشنا دلوقت.. لا أنا بلوم عليك سكوتك.. ولا زعلان من موقفك يوم الحفلة.. لكن..
سكت حسن وبدا مترددا في قول ما عنده.. ثم حسم أمره ليقول
أنت متأكد أنها هتسعدك..
أخفض مازن نظره وأسبل جفونه ليغطي على ما ظهر في عينيه من تعبير حائر.. ثم ربت على كتف حسن ورفع نظره إليه وقد غطى قناع من الجمود ملامحه
ما تقلقش علي.. أنا عارف هتعامل معاها إزاي..
لم يبدو على حسن أنه يصدقه وظهر على وجه سؤال حائر.. لم يستطع كبته فانطلق منه بدون إرادة
ليه..
هز مازن رأسه وارتسمت على وجهه ابتسامة حزينة
من غير ليه!.. أنت ممكن تلاقي ألف مبرر للاعجاب.. لكن لو وقفت لحظة وقدرت تحدد سبب للحب.. يبقى اتحول لأي حاجة تانية.. غير الحب..
تجمد حسن للحظات.. ثم غمغم بهمس
للدرجة دي يا مازن!..
لم يجبه مازن.. وأدار وجهه بعيدا.. قبل أن يقرر تغيير الموضوع
ما تشغلش بالك بي.. خلينا في الأهم.. أنت لسه مصر على موضوع النقاشة..
تكتف حسن بإحساس من على وشك دخول معركة
مضايقك الموضوع ده في حاجة..
أكيد في حلول تانية..
أومأ حسن موافقا
أكيد.. بس ده أسرع!
ردد مازن بعجب
أسرع
أيوه يا مازن أسرع.. أكيد أنا مش هستمر نقاش طول عمري..
هز مازن رأسه بحيرة وكأن حسن ألقى اليه بلغز عميق
فهمني أنت ناوي على إيه.. أنا ممكن أدبر لك..
زجره حسن
مازن.. خلاص.. أنا لازم أفكر أني أدبر لنفسي.. وأحل المشاكل اللي نتجت عن قراراتي.. مش هينفع حد تاني يحمل همي.. أو يحل مشاكلي..
فهمني يا حسن.. أنت بتقلقني بكلامك مش بتطمني..
أخرج حسن زفرة حارة قبل أن يقول
أنا ناوي على السفر يا مازن..
سفر!
أكمل حسن وكأن مازن لم يقاطعه
والسفر محتاج مصاريف.. مصاريف كتير.. خاصة أني لازم آخد منى معايا.. مش هينفع أسيبها هنا لوحدها..
وأسرع طريقة هي النقاشة..
غمز حسن بعينه
أنا نقاش شاطر!..
وأكمل مازن عنه
و...
ابتسم حسن
و... وبس..
بادله مازن الابتسام
هو عصبي جدا من بعد ما وصله الموضوع.. درجة عصبيته 44 وشرطة..
ابتسم حسن بمرارة
قلقان
تم نسخ الرابط