رواية كاملة قوية الفصول من السابع عشر للعشرين بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

ما سرقتنيش منك ولا أغوتني.. بالعكس.. أنا اللي..
ابتلع ريقه بصعوبة وهو يكمل
أنا اللي آذيتها كتير.. علياء هتكون أم ابني وهي اللي هتربيه.. ومن فضلك.. ما تقربيش ناحية علياء.. ما تكلميهاش في التليفون.. لو حتى شوفتيها ماشية في شارع.. غيري اتجاهك.. عشان أنا لو عرفت أنك قربت منها.. وقتها فعلا هتكوني خسرتيني بجد..
شهقة ملتاعة كانت الرد على كلمات يزيد.. ولكنها لم تصدر من شفتي سهام بل كانت ريناد هي من تقف على باب الغرفة وتنظر إلى چرح يزيد النازف بجزع وتستمع إلى كلماته الحاسمة بقلق جعلها تهتف متسائلة
هي.. هي علياء حامل..الكلام ده بجد..
الټفت إليها يزيد بحنق
حمد لله على السلامة يا مدام ريناد.. وصلت امتى وازاي ومين سمح لك أنك تسافري
تحركت ريناد بثقة لتجذب يزيد من ذراعه وهي تلقي بنظرات حذرة على والديه الذين صمتا تماما.. وتمكنت بسهولة من اخراج يزيد من الغرفة لتتجه به إلى غرفته القديمة وتبدأ في مداوة جرحه برقة بالغة رقة لم يعتدها منها تقارب حميم حرمته إياه منذ بداية زواجهما..
سألها في خفوت يخفي ڠضب مستتر
أنت كنت تعرفي ماما ناوية على إيه..
رفعت عينيها بسرعة إليه وأخفضتهما ثانية.. واستمرت بتضميد جرحه بمهارة.. ولكنه لم يستسلم لصمتها.. ضغط على يدها بقوة وهو يهمس من بين أسنانه
ردي علي..
طنط سهام قالت لي أنه عندها الطريقة اللي تخليك تطلق عليا.. لكن ما وضحتش ازاي..
ضحك بسخرية مريرة
عبيط أنا عشان أصدق الكلام ده!..
أنهت تضميد جرحه وتحركت لتخبره پغضب
والله أنا كان ممكن أكذب وأقولك ما اعرفش بتتكلم عن إيه.. لكني جاوبت بصراحة وما كدبتش.. وقلت لك الحقيقة..
نظر إليها بتأمل.. كان منطقها سليما.. ولكن حدسه يخبره أنها كانت تعلم..
تفرس في عينيها بحثا عن الحقيقة ولكنه لم يجد إلا نظرات جامدة وواثقة..
موقفها الثابت أجبره على تصديقها وهو ما كانت تخطط له تماما.. فلو أنكرت معرفتها عن الموضوع لما صدقها.. فتعمدت ذكر نصف الحقيقة.. حتى تقنعه بصدقها.. وهو صدقها ولكن مجبرا.. يجبره شعور بالذنب نحوها.. ذنب منبعه ضعف إحساسه بها.. نسيانه أو تناسيه لوجودها في اليومين السابقين.. لهفته القوية في الذهاب إلى علياء.. ذنب.. ذنب متعدد الأوجه.. ذنب لا يعرف له تكفيرا..
تنحنح ليجلي صوته
يلا بينا.. هوصلك وبعدين هروح المستشفى..
حاولت ريناد التحكم بأعصابها قدر الإمكان.. فيزيد يلعب بأوراق مكشوفة الآن ويصرح بوضوح عن أهمية علياء في حياته..
سألته ريناد بفضول واضح
فعلا عليا حامل..
أيوه علياء حامل..
لم يستطع السيطرة على الفرحة المتراقصة في صوته.. ولم تستطع ريناد السيطرة على ڠضبها الذي بدا واضحا وهي تسأل
كام
لف وجهه عنها وهو يجبها بخفوت
شهرين..
اتسعت عيناها ذهولا.. ثم أخفضتهما سريعا.. وهي تهمس
مبروك..
الله يبارك فيك..
رفعت عينيها وأخبرته ببساطة
أنا عايزة أروح لدكتور أتابع معاه وأعرف سبب تأخر الحمل..
رمقها بذهول وهو يسأل
حمل إيه اللي اتأخر!.. إحنا ما كملناش شهرين متجوزين!..
أجابته بنزق
بس عليا حملت على طول.. وأنا لازم أعرف إيه اللي غلط عندي..
وضع وجهه بين كفيه يحاول أن يخفي ضحكة مريرة ارتسمت على ملامحه وهو يتذكر المثل الشعبي الحكيم..
هم يضحك وهم يبكي...
ولكنه عاد ليتذكر.. تلك هي ريناد.. لا تسمح لأحد بأن يتفوق عليها.. حتى بأسبقية الحمل!!..
يلا يا ريناد.. هوصلك بيتنا وهنتكلم في موضوع الدكتور ده بعدين.. أما أفوق من اللي أنا فيه..
أجابته بتردد
طيب ما توصلني عند ماما..
قاطعها بحسم
لا ماما ولا بابا.. هتروحي بيتك.. تفتحيه وتشوفي ناقصه إيه.. زي أي زوجة ما بتعمل.. ولو على خالتي.. كلميها تيجي تبيت معاكي الكام يوم الجايين دول.. لأني مش عارف ظروفي..
اجابته بضيق
أوك يا يزيد.. اللي تشوفه..
هل كان يقسو عليها.. كلا.. ربما قليلا.. هز رأسه پعنف ينفض عنه تلك الأفكار.. فهو غير قادر على التعامل معها بتلك اللحظة..
وصل إلى المشفى بعدما قام بتوصيل ريناد إلى منزلهما.. ليجد نيرة جالسة على الأريكة وهي تقلب بقنوات التلفاز في ملل.. وعلياء مستغرقة في نومها بوداعة طفلة رقيقة..
زفرت نيرة بحنق ما أن رأته وهي تخبره بنزق
حمد لله على السلامة.. ما كنت نمت لك تلات أربع ساعات كمان..
همس يزيد في تعب وهو يلوح بيد المضمدة
آسف يا نيرة.. اتأخرت ڠصب عني.. لو تحبي أوصلك بنفسي أو ابعت معاك واحد من بتوع الأمن..
لمحت يده المربوطة والتعب الواضح على ملامحه.. فهمست بخفوت
ما فيش داعي.. مازن سايب لي عربية بسواقها بره.. على فكرة الدكتورة كتبت لعليا على خروج بكره.. هاجي على الساعة 11 كده عشان أساعدها..
تصبح على خير..
خرجت نيرة وهي تغلق الباب خلفها.. فتوجه يزيد بلهفة إلى فراش علياء.. ليجوارها ملتصقا بها.. ومحيطا إياها بذراعيه.. وهو يملس على خصلاتها التي رتبتها نيرة في قصة شعر جديدة.. لمحها فور دخوله الغرفة ولكنه أجل تفحصها حتى تغادر نيرة..
ما تقلقيش.. چرح بسيط..
يعني تكشف رقبتك وتغطي عينيكي!!.. صاحبتك دي مچنونة..
مرت عدة أيام على وجود علياء بشقتها.. كانت تقضي أغلبها بالاستلقاء بفراشها كما أمرتها الطبيبة.. لم يفارقها بها يزيد إلا ساعات قليلة كان ينهي بها أعماله في فرع الشركة المواجهة للشقة.. ويعود إليها سريعا.. فهي مازالت تتخبط ړعبا من ذكرياتها الأليمة بين أهلها..
مازال رجلي الأمن مرابطان أمام الشقة.. وظف سيدة خمسينية لترعى علياء في ساعات غيابه.. وكانت دنيا هي من تكفلت بالعثور عليها بطلب من مازن بالطبع.. فكانت أم علي.. وهي سيدة في أوائل الخمسينات.. وحيدة تماما بعد زواج أشقائها وشقيقاتها.. وهي من أفنت عمرها في رعايتهم.. لينطلق كل منهم في حياته.. مطالبين إياها بإكمال المشوار ورعاية أولادهم.. ولكنها السيدة المضحية تمردت على ما جبلت عليه من إيثار.. وقررت الخروج للعمل.. حتى لو كانت مدبرة منزل لزوجة شابة صغيرة.. صامتة وخائڤة معظم الأوقات.. ولكنها تملك ذلك الشيء الغامض الذي دفع بأم علي بالموافقة على رعايتها على الفور.. فهي تبدو وكأنها بحاجة إلى الحماية طوال الوقت..
نيرة كانت تأتي لزيارتها وتقضي معظم النهار برفقتها.. وكأنها تهرب هي الأخرى من بيتها.. من
تم نسخ الرابط