رواية تحفة الفصول من الرابع للسابع بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

أرتدت فستان أسود قصير بأكمام قصيرة يكشف من ساقيها وذراعيها أكثر مما يغطى يلمع بشكل ملفت بالظلام خاصة عند إقترانه بذلك الحذاء الأحمر بالاضافه إلى شعرها الأشقر المنسدل إلى أسفل ظهرها بنعومة وطبقات المكياج المكدسة الظاهرة بوضوح أسفل أعمدة الإنارة بالشارع والتى تكللها تلك الشفاه المكتنزة الحمراء ..
ظل لعدة دقائق يراقبهما بإهتمام أثناء تبادلهما ذلك الحديث الهامس والذى أتبعه بعض الضحكات الخاڤتة قبل أن تغادر الفتاة بدلال بينما ظل هشام يتابع خطواتها بنظرات عاشقة مقترنة بإبتسامه كبيرة ظلت مرتسمة على وجهه حتى دلفت هى داخل منزلها ..
فى تلك اللحظة أعاد كريم نظره إلى فرح والتى تفاجىء بها تقوم بمسح وجهها بأطراف أصابعها بسرعه قبل أن تستنشق نفسا عميقا محاولة تهدئة نفسها ثم تتوجه الى الداخل بهدوء وتطفئ أضواء الغرفة من ورائها فتختفى فى الظلام ..
عقب رجوعه إلى غرفته وقبل إستعداده للنوم لاحظ الأضواء من جديد تطل عليه من غرفة فرح ألقى نظرة سريعة من وراء زجاج شرفته فإذا بها صاحبة الفستان الأسود تطل من الشرفه موجهه نظراتها إلى الأسفل حيث هشام الذى لم يغادر مكانه بعد وظل قابعا بجوار سيارته أسفل المنزل .. لوحت إليه بيدها ودون أن يضطر كريم إلى إلقاء النظر على صديقه تخيله ينظر إليها كالمسحور وذلك كان هو حال هشام بالفعل والذى نظر إليها بإنبهار واضح قبل أن يرسل اليها إشارات صبيانية يعلمها بأنه سيحادثها فور صعوده إلى المنزل ..

كعادته فى ذلك المنزل لم يستطع كريم الإستغراق فى النوم خاصة مع ذلك الحزن الذى أصاب محبوبته حيث أنصب كل تفكيره على تلك الدمعات التى سارعت هى بإخفائها أثناء مراقبتها لشقيقتها وصديقه..
تلاحقت التساؤلات بداخله .. ترى ماسر كل ذلك الحزن !
أيعقل أن يكون كل ذلك بسبب مغادرتهم من دونها فقط !!
رفض عقله تصديق ذلك فجادله نافيا مؤكدا له أن هناك بالطبع ماهو أكثر من ذلك فهى ليست بتلك الطفولية !!
فى تلك اللحظة قفز إلى ذهنه ذلك التساؤل ..
هل من الممكن أن تكون فرح واقعة فى حب هشام 
عبس وجهه على الفور قبل أن يهز رأسه نافيا بأمر من قلبه الذى رفض حتى مناقشة ذلك الأمر مبررا بأن صديقه لم يلمح له يوما بشىء مشابه لذلك وعلى النقيض يسعى جاهدا لترتيب لقاء بينهما بل وقد صرح له صباحا بإعجابه بشقيقتها فور رؤيتها ومن الواضح أنها هى الأخرى تبادله نفس الشعور ولا تمانع تودده الواضح إليها .. 
ولو أن هناك حتى مجرد إعجاب من طرف فرح تجاه هشام لمنعته هنا فى الحال من الإقتراب منها فهى توأمتها التى بالتأكيد تعرف الكثير من أسرارها ..
وضع كريم وسادته أعلى رأسه قائلا بضيق محاولا إرغام عقله على السكون 
_ أنا الظاهر قلة النوم دى خلتنى أخرف لازم أنام إحنا داخلين على الفجر ..
بينما بمنزل فرح فى ذلك الوقت تحديدا داخل غرفتها ..
هنالك فتاتان عجزا عن النوم هن الأخريات ..
إحداهن أختبئت بجسدها الصغير تحت فراشها تستمع طوال الليل لهمسات شقيقتها الجلية الغير مبالية تتحدث إلى هشام عبر هاتفها فلا تستطع الأولى سوى أن تترك العنان لدمعاتها آذنة لها بالإنهمار بعد أن أحترق قلبها بداخلها وتآكل ببطىء من ڼار الغيرة المشټعلة به محاولة قدر الإمكان كتم شهقاتها المكلومة حتى لا يصدر عنها أدنى صوت يجذب إنتباه شقيقتها إليها.
شقيقتها التى لم تكلف نفسها عناء الإطمئنان على حال توأمتها أو حتى التفكير فى مدى حزنها جراء فعلتها تلك الليلة بل لم تبال بالسيطرة على ضحكاتها المنفلتة كل حين وكأنها تتعمد إيقاظها للتباهى أمامها ..
أخيرا ومع رفع آذان الفجر أنتهى عذاب تلك البائسة بعد أن أغلقت هنا هاتفها وتوجهت إلى الفراش بتذمر قبل ان تلقى بجسدها جوار شقيقتها بتأفف واضح وتضع غطاء عينيها حامدة ربها بصوت جلى لمغادرتها تلك الغرفة بالغد ..
ماإن أستمعت فرح لأنفاس هنا المنتظمه حتى تيقنت بإستغراقها فى نوم عميق فتحركت بجسدها من أسفل غطائها مغادرة الفراش بجسد متهالك لايقدر على التماسك لكنها ورغم ذلك أتجهت إلى الحمام تتوضىء لتصلى الفجر ملاذها الوحيد لتريح قلبها وتهدىء نفسها ..
أدت فريضتها وسط ظلام الغرفة ثم أتجهت إلى شرفتها بهدوء وجلست أعلى مقعدها الخشبى بعد أن أنارت مصباح شرفتها لتتلو ماتيسر لها من القرآن مستمتعة بنسمات الفجر الرقيقة التى تخللتها تلك الرائحة المهدئة للنفس المنبعثة من أوراق الشجر والأزهار مختلطة بعبير الريحان والنعناع بحديقتها ..
لم تع للوقت الذى أستغرقته فى ذلك التجلى هى فقط أفاقت على خيوط الشمس الأولى والتى بعثت فى نفسها ذلك الأمل الذى حيا من جديد داخلها مع تلك الإشراقة الهادئة بالأفق فمن جوف الليل والظلمات يولد صباح يوم جديد ملىء بالأمل والرجاء فلترجو الله أن يذهب عنها مابها من هم ويجبر قلبها الذى تبعثر بلا هوادة او رحمة ..
وجهت نظراتها إلى السماء بقلب
تم نسخ الرابط