رواية كاملة قوية جدا الفصول من السادس وثلاثون للاربعون بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

العريضة تحدق برائد الملقي على الأرض وملامحه غير واضحة ثم تنقل نظرها لهشام التي تحامل على نفسه بصعوبة ووقف على قدميه ليقترب منه وينزع سترته عنه ثم يلفها حول جسدها ويفرد ذراعيه ليضمها إليه هاتفا بقلق وهو يلهث 
_ زينة إنتي كويسة  
كانت قد توقفت عن البكاء والارتجاف لتدخل بحالة من الصدمة والصمت الممېت .. عيناها متسعة وتحدق أمامها دون أن ترمش حتى .. وكأنها فقدت الشعور !! .
سكونها التام ومظهر وجهها اقلقه بشدة ليبعدها عنه ويهتف پخوف وجدية  
_ زينة ردي عليا .. مټخافيش أنا معاكي خلاص محدش هيقدر يلمسك أو يأذيكي .. زي ....
لم يكمل كلمته ووجد أعصابها ترتخي وتغلق عيناها ببطء ثم سقطت بين ذراعيه فاقدة الوعي .. رغم الدوار الذي مازال يداهمه والألم الذي يضرب برأسه إلا أنه حملها فوق ذراعيه غير مباليا بأي شيء وغادر بها ذلك المكان بأكمله .. وضعها بمقعد السيارة الأمامي بجواره ثم أجرى اتصال بالشرطة ! .

سمعت أسمهان صوت خطوات ابنها فوق الدرج يتجه للطابق الثاني من المنزل نحو غرفته .. فوثبت واقفة من مقعدها وهرولت مسرعة خلفه تصعد الدرج وفور دخوله الغرفة كانت هي تدخل خلفه .. الټفت آدم برأسه للخلف وحين رآها تنهد الصعداء بضيق وعاد بوجهه للأمام لينزع عنه سترته السوداء ويلقيها فوق الفراش .
اقتربت أسمهان منه ووقفت خلفه تقول بأسى  
_ برن على اخوك من امبارح ومش عايز يرد عليا يا آدم 
استدار لها بكامل جسده ورفع حاجبه يهتف مستنكرا كلماتها  
_ ياااه معقول .. ياترى ليه !! 
أسمهان بعينان دامعة  
_ إنت متكلمتش معاه يابني ! 
آدم في ڠضب  
_ هتكلم معاه أقوله إيه ياماما .. إذا كان انا مش مصدق اللي إنتي عملتيه ومتعصب ومضايق منك .. تتخيلي هو هيكون ازاي !
اقتربت أكثر منه ورفعت كفها تضعه فوق وجنته تهتف في رجاء  
_ بلاش إنت كمان يا آدم يابني .. مش هقدر استحمل بعدكم عني إنتوا الاتنين 
ابعد يدها وهدر بعصبية  
_ ولما إنتي مش عايزة تبعدينا عنك بتعملي كدا ليه .. الأم بتكون عايزة سعادة وراحة ولادها مش تعاستهم 
_ وهو اللي أنا بعمله ده مش عشان مصلحتكم ياحبيبي ! 
ضحك بصمت في سخرية واردف بانفعال  
_ مصلحة إيه ياماما هي أفعالك دي لملصحتنا معقول !! .. احنا مش أطفال عشان تاخدي قرارات حياتنا بدل مننا وايه اللي يناسبنا وإيه اللي لا .. عدنان بيحب مراته وعايز يعيش بسعادة وراحة معاها .. عرفتي سعادته وملصحته فين دلوقتي !
أسمهان پغضب وسط دموعها التي تملأ عيناها  
_ سعادته عمرها ما هتكون مع بنت نشأت .. دي خاېنة وحقېرة زي أبوها وملهاش أمان 
ابتسم بشكل مريب ومسح على وجهه هامسا في صوت محتقن  
_ امممم نشأت .. مش كفاية ولا إيه يا أسمهان هانم ! 
طالعته باستغراب من جملته حتى وجدته يكمل بعينان حمراء كالدم  
_ واضح إنك لسا بتحبي الرزاي يا أسمهان هانم و ......
صړخت به في عصبية وانفعال هادر  
_ آدم ولا كلمة تاني متناش إني مامتك يا استاذ .. خسارة تربيتي فيك !! 
صړخ بصوت مرتفع  
_ كرهك لجلنار مبيقولش غير كدا 
صاحت به باستياء  
_ جايز أكون عملت تصرفات كتير غلط ومش صح بس مستحيل اخون ابوك حتى بعد ۏفاته 
ثم هدأت نبرة صوتها ولمعت عيناها بالدموع من جديد لتقول بحړقة وانكسار حقيقي  
_ ربنا يسامحك يابني على كلامك القاسې ده 
ألقت بكلماتها ثم استدارت وغادرت الغرفة مسرعة ودموعها تسقبها فوق وجنتيها .. بينما آدم فركل الفراش بقدمه وهو يزأر بسخط وعاد يلتقط سترته ليغادر المنزل مرة أخرى لكن هذه المرة مقررا قضاء الليلة بالخارج .

داخل منزل ميرفت ......
كان يقف بالخارج أمام باب غرفتها بالضبط وحين رأى زوجة خاله تخرج ودموعها تملأ وجهها هتف مسرعا  
_ فاقت يا مرات خالي ! 
هزت ميرفت رأسها بالإيجاب وهي تبكي بحړقة وتهتف  
_ فاقت بس مش بترد عليا كأنها في عالم تاني يا هشام .. هو عمل في بنتي إيه .. منه لله .. حسبي الله ونعم الوكيل فيه 
رفع يده ووضعها فوق ذراعها برفق هامسا في هدوء مزيف  
_ الحمدلله أنا لحقتها اطمني .. وال ده البوليس قبض عليه ومش هسيبه متقلقيش غير لما ياخد جزائه
اڼهارت ميرفت باكية پألم وحزن على ابنتها بينما هشام فأخذ الاذن من زوجة خاله ودخل لها .. رآها تجلس فوق فراشها وتحدق بالفراغ أمامها في سكون مريب .. تقدم منها بهدوء وجلس بجوارها ثم أخذ نفسا عميقا وهمس بقلق  
_ زينة ! 
لم تجيب ولم تنظر له حتى .. بالواقع هي لا تشعر بشيء وربما لا تسمعه أيضا !! .. انفطر قلبه وامتلأ صدره بالنقم والضغينة لذلك الوغد .. حين يراها هكذا يشعر بالندم لأنه لم ېقتله .
امتدت يده بحركة عفوية منه لكي يمسك بكفها لكنها جذبت يدها فورا بزعر وابتعدت عنه كردة فعل لا إرادية بعدما حدث معها .. ارجع يده بسرعة حتى لا يخيفها أكثر وهتف ببعض الدهشة  
_ زينة ده أنا هشام ! .. أنا لا يمكن اذيكي إنتي خاېفة مني !!
انهمرت دموعها فوق وجنتيها بغزارة وهي تحتضن كفيها لصدرها كالطفل الصغير المرتعد .. استقرت نظراته الدافئة والحزينة عليها قبل أن يتبع برجاء حقيقي وخوف يظهر في نبرة صوته  
_ طيب على الاقل ردي عليا خليني اسمع صوتك .. طمنيني عليكي ارجوكي 
لحظات عابرة من الصمت حتى خرج صوتها أخيرا يكاد يسمع بصعوبة تجيبه وسط بكائها دون أن تنظر له 
_ عايزة اقعد وحدي 
لم تزعجه رغبتها في عدم بقائه معها فهو يتفهم وضعها .. ويكفيه راحة واطمئنان أنه سمع صوتها مما جعله يجيبها فورا بالموافقة  
_ حاضر هطلع واسيبك 
استقام واقفا بعد ثواني معدودة من تأمله بها واستدار ليغادر الغرفة بأكملها ويتجه لميرفت التي سألته بلهفة  
_ ردت عليك يا هشام قالت حاجة يابني 
زفر بضيق ورد بإيجاب في هدوء  
_ ردت .. بس اللي حصل كان صعب عليها هتحتاج وقت لغاية ما ترجع لطبيعتها .. خلي بالك عليها يامرات خالي عينك متغيبش عنها لحظة .. ممكن ټأذي نفسها أو تعمل أي حاجة مش متوقعة
أماءت له بالموافقة عدة مرات متتالية ثم هتفت پبكاء وندم  
_ أنا اللي اقنعتها وخليتها توافق عليه .. أنا السبب بنتي كانت هتروح مني بسببي 
هشام برزانة  
_ إنتي ملكيش ذنب .. ده واحد حيوان و والحمدلله إن ربنا نجدها منه قبل فوات الآوان 
اقتربت منه ميرفت وعانقته بعاطفة صادقة وحنان أمومي هاتفة بصوت مبحوح  
_ ربنا يخليك لينا يابني ويحفظك لولالك الله اعلم كان بنتي هترجعلي ولا لا
هشام بصوت رجولي غليظ  
_ طول ما أنا موجود زينة في عيني ومش هسمح لحاجة تاني ابدا إنها تمسها أو تأذيها 
ابتعدت عنه وقالت بلطف واهتمام 
_ عارفة .. ربنا يباركلنا فيك ياحبيبي .. طمني عليك إنت بقيت كويس دلوقتي 
_ كويس الحمدلله متقلقيش 
رتبت
تم نسخ الرابط