رواية كاملة قوية جدا الفصول من السادس وثلاثون للاربعون بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

نفسها بقسۏة .
كانت تجلس فوق الأريكة المقابلة للتلفاز وتمسك بالهاتف تحدق به في سكون حتى سمعت صوت صغيرتها التي جلست بجوارها وهمست بعبوس  
_ مامي هو بابي فين ! 
التفتت جلنار لها وغمغمت متنهدة بيأس  
_ معرفش يا هنا أنا برن على بابي من الصبح ومش بيرد عليا .. خاېفة عليه أوي
عبست الصغيرة وزمت شفتيها للأمام بحزن قبل أن تتعلق برقبة أمها وتهتف في عفوية  
_ مټخافيش هو هيجي دلوقت .. وأنا هستناه ومش هاكل من غيره 
ردت عليها جلنار بحزم بسيط  
_ لا ياحبيبتي مينفعش لازم تفطري وإلا هو هيزعل منك أوي لما يرجع ويعرف إنك مفطرتيش 
عقدت ذراعيها الصغيرة أمام صدره وتمنعت برأسها هاتفة في عناد  
_ لا مش هاكل غير لما بابي يجي وناكل مع بعض
سمعوا صوت مفتاح الباب في القفل ينفتح .. فقفزت الصغيرة من مكانها فرحا وهرولت راكضة نحو الباب صاړخة  
_ بابي 
ابتسم لها بحب وانحنى عليها يلتقطها ليحملها فوق ذراعيه ويلثم وجهها وشعرها بشوق وحنان هامسا  
_ وحشتيني ياهنايا 
زمن شفتيها بضيق وقالت في انزعاج طفولي جميل  
_ لا أنا زعلانة منك .. كنت فين 
ارغمته صغيرته على الضحك حيث أجابها بلطف  
_ كان معايا شغل ياروح بابي وجيت أهو .. متزعليش أنا مقدرش على زعل ملاكي الحلو 
ابتسمت بسرعة واختفى ڠضبها ثم انحنت على أذنه وهمست بخبث طفولي  
_ مامي كمان زعلانة وكانت خاېفة أوي عليك 
رفع نظره يتطلع بجلنار الجالسة فوق الأريكة وتحدقه بعينان ملتهفة ونظرات مهتمة .. تجاهل نظراتها تماما فمازال غضبه منها لم يزول . 
انزل صغيرته من فوق ذراعيه بعد أن لثم وجنتها بحب أبوي وهمس بدفء  
_ هروح اغير هدومي ياحبيبتي عشان نفطر مع بعض
قفزت فرحا وأماءت له بالموافقة ثم تحرك هو تجاه الدرج يتجه للطابق العلوى حيث غرفته .. بقت هي مكانها ساكنة لدقائق حتى رأت ابنتها جلست بجوارها وانشغلت بمتابعة برنامج الرسوم المتحركة المفضل لديها .. فاستقامت واقفة واتجهت لأعلى حيث غرفتهم .
فتحت الباب بهدوء ودخلت فوجدته قد نزع سترته و قميصه عنه وبقي فقط بالبنطال .. تجاهلت الأمر تماما وتقدمت منه تهتف بتساءل واهتمام  
_ روحت لمامتك !!
لم يجيبها وتجاهلها تماما فاقتربت أكثر منه وجذبته من ذراعه العارى تديره باتجاهها حتى ينظر إليها وتقول في ڠضب 
_ عدنان أنا بكلمك مش بترد عليا ليه !! 
عدنان پغضب بسيط ونظرات مظلمة  
_ عشان مش عايز ارد عليكي 
جلنار باستياء  
_ إنت السبب في اللي حصل ! 
التهبت عيناه وأصبحت أكثر ظلاما ليصيح بها في زمجرة 
_ متحاوليش تبرأي نفسك .. إنتي غلطانة ولازم تعترفي بده .. مهما كان أنا كنت ازاي وحش ومهملك وحقېر معاكي ده ميدكيش الحق إنك تعملي كدا .. اللي كان في بطنك ده ابني يعني ليا الحق اعرف بوجوده أو عدمه .. مش تخبي عني لسنة كاملة ومتعرفنيش حاجة
صړخت به في سخط ممزوج بالألم  
_ خبيت عنك عشان إنت أساسا مكنتش فاضيلي .. أنا مكنش ليا وجود في قائمتك من الأساس وكنت متأكدة إني لو قولتك مش هتديني اهتمام برضوا 
عدنان بعصبية مفرطة  
_ متقوليش متأكدة من حاجة إني مجربتهاش .. لو كنتي قولتيلي إنك حامل كنت هسيب كل حاجة ويتحرق الشغل باللي فيه وكنت هجيلك جري .. بس إنتي حتى مهنش عليكي تقوليلي لما اجهضتي .. رغم إنك لو كنتي قولتي كنت هجيلك وهفضل جمبك ومش هسيبك .. لكن إنتي مصممة دايما تشوفيني الشيطان اللي معندوش قلب ولا شفقة .. كنت مهملك فعلا كزوجة ليا بس عمري ما كنت قاسې معاكي ولا عديم رحمة
انهمرت دموعها رغما عنها واقتربت منه تدفعه في صدره بسبابتها في قسۏة وتهتف پألم  
_ وهو اهمالك ده كان شيء سهل !! .. الأهمال ألمه بنسبالي كان زي ألم الخېانة بنسبالك 
توقفت للحظة قبل أن تتبع بصوت مبحوح تخرج الكلمات بصعوبة من حلقها 
_ إنت متعصب وبتتجاهلني ومش عايز تسامح في غلطة واحدة أنا غلطتها كنت إنت السبب فيها وإنت اللي دفعتني للتصرف ده .. بس أنا سامحتك رغم كل اللي عملته معايا ودلوقتي بتخليني اندم إني سامحت 
تعطيه الأمل وتسلبه إياه في اللحظة التالية .. تمنحه مسامحتها في التوقيت الخطأ وتخبره بندمها خلفها فورا ! .
غاضب منها ويحق له الڠضب لكنه كان سيلين وسيهدأ غضبه وسيسامحها .. سيسامحها لأنه يريدها ويحبها ! .. أخبرها أنه يريد البدء من جديد ولم يكن ليسمح بالماضي الأسود أن يعيق مستقبلهم .. لكن كان من حقه أن يغضب لبعض الوقت أنها أخفت عنه حملها في طفله .
هو يريد وهي تريد وعقولهم بالأخير تفسر تبعا لأهوائها .. تحكم عليه دون أن تفهم وهو ينتظر منها التفهم ! .. كلاهما ينتظران العشق المتبادل وهم لا يتمكنوا من تحقيق المعادلة الصحيحة لعشقهم .. الثقة !! .
ابتعدت عنه وجففت دموعها قبل أن تستدير وتنصرف من أمامه تاركة إياها يقف متسمرا بأرضه في ألم ويأس .. يقسم أنه لم يعد يحتمل كل هذا .. لأول مرة يشعر باشتياقه للسعادة والراحة ! .

تحركت ألاء بخطوات هادئة تجاه أخيها الجالس بالشرفة وبيده فنجان القهوة خاصته الصباحي .. يرفعه ببطء لفمه ليرتشف منه ثم ينزله بنفس البطء وعيناه ثابتة على الفراغ أمامه شارد الذهن ومهموم ! .
جذبت مقعد وجلست بجواره تهمس في جدية  
_ هشام هتفضل كدا لغاية إمتى ! 
ام ينظر لها وتصنع البرود وعدم الفهم ليجيب  
_ هفضل كدا إزاي ! 
ألاء بضيق  
_ إنت من وقت ما رجعت من السفر وإنت على الحال ده ياهشام .. علطول قاعد وحدك ومش بتتكلم معانا وحتى ماما زعلانة ومش عاجبها وضعك 
هشام في حزم بسيط  
_ ألاء أنا فيا اللي مكفيني فبلاش تيجي وتزودي عليا عشان أنا مش ضامن ردة فعلي ومش عايز ازعلك مني 
ألاء پغضب وحړقة على أخيها  
_ إنت الغلطان ياهشام مكنش لازم تسيبها وتسافر 
انفعل وهتف بغلظة صوته الرجولي  
_ كنت هغصبها عليا مثلا .. واحدة كنت شايفها مش بتحبني وبتحب ابن خالتها .. كنتي عايزاني اعملها إيه أجبرها تحبني !! .. مقدرتش اتحمل اشوف نظراتها لآدم وكلامها عليه قدامي وقررت إني ابعد واحاول انساها .. بس مقدرتش ولما رجعت تاني وكنت ناوي اعافر عشانها ومسبهاش لقيتها اتخطبت 
هدرت شقيقته بجدية  
_ يبقى تحاول تنساها تاني .. زينة مش ليك خلاص .. بص لنفسك إنت كمان واتجوز وعيش حياتك مع واحدة تكون بتحبك بجد 
أسند فنجان القهوة فوق الطاولة الصغيرة أمامه والټفت برأسه تجاه شقيقته يشير بسبابته تجاه يساره متمتما پألم ويأس  
_ ده ملوش سلطان !! 
انهى جملته واستقام واقفا ليتركها ويعود للداخل حيث غرفته .. بينما هي فبقت مكانها تتنفس الصعداء بخنق وأسى على حال شقيقها المسكين ! .

في المساء .......
أجاب أخيرا على اتصالاتها المتكررة لتهتف هي پغضب هادر  
_ أنا برن عليك من الصبح يا رائد مش بترد عليا ليه
تم نسخ الرابط