رواية كاملة قوية جدا الفصول من السادس وثلاثون للاربعون بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
غامضة على الاتصال بها حتى يطمئن ويسمع صوتها .. لا يدري ماذا يحدث له لكن ذلك العقل السخيف لا يتوقف عن التفكير بها .. هل يعقل حاډثة جدتها ووجوده الدائم معها خلق نبضا مختلفا بينهم وفي علاقتهم !! .
رفع نظره لساعة الحائط وحين وجد الوقت متأخر فجزء عقله الذي يرفض وجد فرصته حتى يردعه عن الاتصال بها .. وهو استسلم له بالفعل في باديء الأمر مقنعا نفسه المتوقة لسماع صوتها بأنه بالصباح سيتصل ! .. ترك الهاتف على المنضدة المجاورة للفراش ووضع رأسه فوق الوسادة ينوى الخلود للنوم .. لكن هيهات من ذلك العقل الذي حتى في تمنعه لا يتوقف عن التفكير ! .
على الجانب الآخر كانت مهرة تجلس بالصالة أمام التلفاز تشاهد إعادة مسلسلها المفضل وإذا بصوت رنين هاتفها يصدح بقوة .. ظنت المتصل في البداية سهيلة لكن حين التقطت الهاتف وحدقت باسم المتصل الذي يملأ الشاشة شهقت بدهشة ! .
_ هو أكيد أنا عملت مصېبة من غير ما أخد بالي في الشغل وهو بيتصل عشان يهزقني .. أنا عارفة هو بيستمتع لما يهزقني .. ارد ولا مردش .. مش هرد .. لا أرد .. لا مردش .. خلاص هرد .. ولا بلاش ارد .. يووووه
_ احييه قفلت في وشه .. بقرة .. أنا بقرة والله
لحظات قصيرة وعاد يصدح صوت الرنين من جديد فابتسمت بتلقائية وأجابت فورا تهتف في عفوية
_ معلش كنسلت عليك بالغلط
سمعت صوته الساحر وهو يجبها بلطف
_ولا يهمك .. إنتي عاملة إيه
رفعت أناملها لشعرها تعبث به بارتباك وترد في حيرة
ابتسم على الجانب الآخر من خلف الهاتف وهدر في ثبات وهدوء جميل
_لا مفيش حبيت اتصل بيكي واطمن على جدتك .. أخبارها إيه دلوقتي
مهرة بثغر مبتسم
_ اه جدتي .. الحمدلله بقت زي الفل وكويسة
آدم في خفوت يذيب القلب
_ طيب الحمدلله .. بعتذر إني بتصل بيكي في الوقت ده بس طول اليوم مكنتش فاضي وأول ما فضيت قولت اتصل بيكي
_ لا عادي مفيش مشكلة .. متشكرة يا آدم
نبرتها المختلفة ارسلت سهمها في الصميم .. فضيق هو عيناه وقال ببلاهة بعد جملتها الأخيرة
_ على إيه !
مهرة باستغراب
_ إنك اتصلت تتطمن على تيتا قصدي !
أجابها بسرعة متداركا الأمر
_ يوصل إن شاء الله .. أنا بكرا هرجع الشركة
أجابها بابتسامة استطاعت لمسها في صوته
_ تمام بس مش عايز تأخير في وقتك بالظبط تكوني هناك
اردفت بابتسامة مماثلة له وشيء من المرح
_ حاضر متقلقش يا آدم بيه في الدقيقة والثانية هكون موجودة هناك
انهى معها الاتصال بعدما ودعها وانزل الهاتف من فوق أذنه وعلى ثغره ترتسم ابتسامة عجيبة وجديدة .. القى بالهاتف بجانبه وتسطح بجسده كاملا فوق الفراش يغمض عيناه أخيرا براحة دون أن يزعجه ذلك العقل بالتفكير .. لكن الصوت المرتفع بالاسفل جعله يثب واقفا من الفراش مسرعا .. ولم يكن سوى صوت أخيه ! .
خرج صوت أسمهان المضطرب
_ إيه اللي أنت بتقوله ده ياعدنان !
صاح بصوته الجهوري ووجهه كالبركان الذي تفوح حممه البركانية والحمراء فوق سطحه
_ سألتك سؤال ياماما .. إنتي فعلا حاولتي تقتلي جلنار وكنتي عايزة تقتلي هنا وهي لسا حامل فيها !
توترت وظهر تلعثمها بوضوح في صوتها وقد شحب لون وجهها .. فلجأت للكذب كالعادة حيث هتفت تنفي الحقائق بكذبها الفاشل
_ لا .. ط..بعا أنا مستحيل أعمل كدا
تطلع بأمه في ڠضب وخزي .. ثم تقدم نحوها ووقف أمامها تماما وهتف في نفاذ صبر
_ كفاية كڈب .. أنا قرفت من الكذب والخداع .. مبقتش عارف هصدق مين ولا هثق في مين بعد كدا .. حتى أمي مبقتش قادر أصدقها
أدمعت عيناها وردت عليه بتوسل حتى لا يتطلع إليها بتلك النظرات
_ عدنان أنا ...
قاطعها بصوت موجوع ونبرة حادة
_ إنتي آخر واحدة انتظر منها ده ياماما .. المفروض إنتي اللي تكوني واقفة جمبي وبتسانديني مش ضدي .. كنتي عارفة إني نفسي في طفل وبتمناه واتجوزت للسبب ده ورغم كدا مهمكميش ابنك وكنتي عايزة تقتلي بنته قبل ما تيجي الدنيا
همت بأن تتحدث لكنه باغتها ببقية كلماته في نظرات أصبحت أكثر ڼارية
_ أنا عارف كرهك لجلنار بس مش للدرجة اللي تخليكي تحاولي تقتليها
انهمرت دموعها وقالت پغضب ونقم على زوجة ابنها تكمل محاولاتها المعتادة في بث الضغينة بقلبه تجاهها
_ دي عينها على الفلوس زيها زي فريدة الحيوانة .. أبوها جوزهالك بسبب الفلوس وبنته لازم هتكون زيه .. لكن هي خدعتك وخلتك تصدقها وتحبها كمان و .....
عاد صوته الجهوري يصدح من جديد وهو يمنعها من استرسال حديثها
_ كفاية مش عايز اسمع كلمة تاني يا أسمهان هانم
سكت لوهلة قبل أن يتابع في تحذير حقيقي وڠضب
_ ملكيش دعوة بمراتي ياماما ومتقربيش منها تاني وإلا صدقيني سعتها انسى إنك ليكي ابن أصلا
ثم استدار واندفع لخارج المنزل لكنها لحقت به قبل أن يغادر تتشبث بذراعه تمنعه من الذهاب وتهتف في بكاء وتوسل
_ استنى ياعدنان .. متعمليش فيا كدا يابني سامحني اوعدك مش هقرب منها تاني ابدا .. أنت عارف إني مقدرش على بعدك عني
حدجها بعينان تلوح بها علامات الألم والخزى قبل أن يبعد يديها عنه بهدوء ويبتعد ليكمل طريقه .. اڼهارت باكية والتفتت للخلف لترى آدم واقفا يتابع ما يحدث بصمت ونظرة السخط والخزي التي بعين شقيقه كانت نفسها يتطلع بها إليها .. همت بأن تقترب منه وهي تهتف برجاء
_ آدم روح ورا أخوك يابني عشان خاطري متسبهوش وحده
آدم في ضيق من أفعال أمه التي لا تحتمل
_ سبق وقولتلك هتخسري عندنان في النهاية بأفعالك وهو ده اللي حصل فعلا
كانت تبكي بقوة وحزن دون أن تجيب على كلمات ابنها الأصغر الذي باللحظة التالية كان يندفع للخارج مهرولا يلحق بأخيه ! .
بصباح اليوم التالي ......
منذ ليلة الأمس ولم يعد للمنزل .. حاولت الاتصال به أكثر من مرة عند استيقاظها ولكنه لا يجيب .. يستمر الهاتف في الرنين دون إجابة .. تدرك أنه لا يجيب عليها متعمدا ولكنها تقلق عليه بشدة وتخشى أن يكون ټأذي بمكروه في لحظات غضبه العاتية .. تخشي عليه بشدة وكلما تتذكر ما أخبرته به بالأمس ټندم أكثر وتلوم
متابعة القراءة