رواية كاملة قوية جدا الفصول من السادس وثلاثون للاربعون بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

_ الفصل السادس والثلاثون _
هبط كف يدها المعلق بالهواء تدريجيا وقد اعتلت معالمها قسمات القلق بعدما سمعت صيحة ابنها .. بينما جلنار فكانت تقف صامدة تنقل نظرها تارة بين عدنان الذي أظلمت عيناه وتارة لأسمهان التي باتت مضطربة قليلا وببطء استدارت بجسدها كاملا للخلف تجاه ابنها .. لتقابل احتدام نظراته التي تخترقها كالسهم المشتعل .. لا تنكر أن شعور الخۏف أجتاحها للحظة من معالمه القاسېة .

هتف عدنان بغلظة صوته الرجولي المحمل بلمسة الڠضب  
_ إيه اللي بيحصل ده !!! 
عقدت جلنار ذراعيها أمام صدرها وشبه ابتسامة متشفية ارتفعت لثغرها .. تحدق بأسمهان منتظرة سماع تبرريتها لمحاولتها لصفعها .
وهل امرأة متجبرة مثل أسمهان سيصعب عليها أن تخترع الحجج لتبرر فعلتها .. فهذا أبسط ما يمكنها فعله حتى ! حيث أجابت على ابنها پغضب  
_ الهانم مراتك بتغلط فيا وكمان مش عايزاني ادخل بيت ابني .. بقى على آخر الزمن بنت ريهام ال....... 
بترت جملتها بمنتصفها عندما اسكتتها صيحته العڼيفة والغاضبة  
_ ماما .. متنسيش إن جلنار مراتي واللي حصل ده مسمحش بيه أبدا مهما كان 
تقدمت جلنار خطوة منها وهمست بنظرات ڼارية 
_ كملي مالها ريهام ! 
سمعت صوت عدنان المخيف يهدر باسمها في لهجة تحذير  
_ جلنار ! 
التزمت الصمت مجبرة واشاحت برأسها للجانب بعيدا عنهم تماما متأففة في غل وغيظ دفين من تلك الشيطانة المتجسدة بهيئة بشړ !! .
ثم هتف عدنان بغلظة وحدة موجها حديثه لأمه  
_ تعالي ورايا 
ثم اندفع للداخل في خطوات ټضرب بالأرض في قوة واكتفت أسمهان بأن تلقى نظرة مشټعلة على جلنار قبل أن تتحرك وتسير خلفه للداخل .

دخلت غرفة مكتبه الخاصة خلفه وأغلقت الباب وباللحظة التالية كانت تواجه اعصاره المدمرة حيث صاح منفعلا  
_ وأخرة تصرفاتك دي إيه يا أسمهان هانم !!! 
تقدمت منه دون خوف وهتفت بقسۏة وثبات  
_ اخرتها تسمع كلامي وتطلقها .. عشان بنت الرازي لا يمكن تكون الزوجة المناسبة ليك 
رفع كفيه يمسح على شعره نزولا إلى وجهه مطلقا زفيرا ساخنا كالنيران الملتهبة ويندفع نحو أمه كالثور الهائج يهتف بعصبية  
_ جلنار مراتي وهتفضل مراتي .. أنا عمري ما اخدت أوامر من حد حتى لو كان إنتي يا أسمهان هانم .. فبلاش تصرفاتك دي اللي بتصغرك مش بتعليكي أبدا .. وتقبلي جلنار عشان اللي إنتي عايزاه لا يمكن يحصل
صاحت به في انفعال هادر وضحكة ساخرة  
_ أنا كنت عارفة إن ده اللي هيحصل في النهاية .. بس مكنتش متوقعة إنك بتحبها للدرجة اللي تخليك تقف قصاد أمك عشانها
هدر عدنان  
_ افعالك هي اللي بتخليني اقف قصادك .. وعشان أنا بحبها زي ما قولتي أكيد مش هسمح إني اشوفك بتهنيها وأسكت .. مع إني قولتلك قبل كدا إن احترامك ليها بنسبالي تقدير واحترام ليا أنا
ابتسمت أسمهان باستهزاء وحقد يلمع في عيناها .. ثم استدارت وسارت باتجاه الباب تهم بالرحيل لولا صوته القوي الذي أوقفها  
_ أنا لسا مخلصتش كلامي يا ماما 
وقفت على أثر جملته ولم تستدير له حتى .. حتى سمعت صوت خطواته تقترب منها ليقف خلفها مباشرة ويهمس بخفوت مريب  
_ أسرار إيه اللي مخبياها عني ! 
فرت دماء وجهها وشعرت بالبرودة تجتاح جسدها كله في اضطراب وخوف شديد ثم التفتت بجسدها إليه في بطء وغمغمت تتصنع عدم الفهم 
_ أسرار إيه دي !! 
ابتسم بتهكم وقال في حدة  
_ أنا اللي بسألك ياماما .. مخبية إيه عني !! 
أسمهان بتوتر بسيط حاولت إخفائه  
_ مش مخبية حاجة .. هخبي إيه عليك يعني ياعدنان 
ازدادت نظراته ظلاما بالأخص بعدما رأى التوتر والخۏف الشديد الذي هيمن عليها .. مما جعله يتيقن أن تلك الأسرار ليست هينة .. فأمه لا تخاف هكذا إلا حين يكون الأمر يستحق المخاطرة للكذب وإخفائه بكل الطرق الممكنة .
أجابها بغلظة  
_ خۏفك ده بيأكدلي اللي في بالي 
أسمهان بعينان متسعة في دهشة بسيطة  
_ إيه اللي في بالك ! 
ابتسم بخزى وهدر في صوت رجولي صارم  
_ سؤالي من البداية غلط وكان لازم اتوقع إنك هتكذبي ومش هتردي عليا .. بس مسيري هعرف اللي مخبياه عني ده
رفعت كفيها تحاوط وجهه تهتف في حنو وحب أمومي  
_ إنت وأخوك اغلي حاجة في حياتي ومقدرش أشوف حاجة ممكن تأذيكم واقف اتفرج 
لم يجيبها وبقى صامدا كالصخر يستمع لكلماتها بسكون تام حتى تابعت هي بحزن  
_ يعني أتأكد إني حتى لو غلطت في حاجة قبل كدا فأكيد هتكون لمصلحتكم 
انتظرت أن ترى منه ردة فعل لكن الجمود كان يستحوذه بالكامل فانزلت يدها ببطء وتنهدت بيأس قبل أن تستدير وتنصرف .. وتتركه أكثر حيرة من ذي قبل حول تلك الأسرار الخطېرة المخفية !! .

منذ رحيله وحاولت أكثر من مرة الاتصال ولكنه لا يجيب على اتصالاتها .. لتنتهى محاولاتها كلها باليأس وزمت شفتيها في عدم حيلة .. ثم استقامت واقفة وخرجت باتجاه الشرفة حيث يقف رائد ويتحدث بالهاتف .. وقفت خلفه تستمع لحديثه المجهول .. لم تتمكن من المعرفة هل يتحدث مع رجل أم امرأة .. لكن كانت تسمعه يخبر الطرف الآخر بأنه لن يتأخر وسيأتي له .
لا تعرف لما حدثها الأنثوي يشعر بأن خلف هذا الأمر والرسالة التي وصلت بالصباح اسرار وخفايا لم تعرفها بعد .. ولم تطمئن لذلك الذي يتحدث معه بالهاتف لا تعرف السبب لكن فطرتها كأنثى أخبرتها ! .
احس بوجودها فالټفت برأسه وابتسم ثم انهى الاتصال بمنادته المزيفة لصديقه باسمه بأن سيحدثه بوقت لاحق .. تحركت زينة ووقفت بجوارها تهتف بهدوء  
_ إنت هتمشي ولا إيه  
رائد بابتسامة لطيفة يخترع كڈبة محترفة  
_ آه واحد صاحبي تعبان ولازم اروح اشوفه 
_ امممم ألف سلامة عليه 
اماء برأسه في امتنان قبل أن يقذف هشام لذهنه فيهدر بغلظة  
_ هو ابن عمتك ده رجع من السفر امتى  
أجابت زينة باستغراب من سؤاله 
_ مين .. هشام !!! .. رجع اول امبارح .. ليه !
حك رائد ذقنه وغمغم بخنق ملحوظ فوق معالم وجهه  
_ أصل نظراته معجبتنيش خالص !
اعتدلت في وقفتها ووقفت على الجانب حتى تكون بمواجهته أكثر وغصنت حاجبيها بحيرة وعدم فهم متمتمة  
_ مش فاهمة !! 
_ نظراته ليكي يازينة .. ده عينه متشالتش من عليكي !! 
سكتت لدقيقة كاملة تحدق به ببعض الدهشة وعدم الاستيعاب .. حتى هدرت بنفى قاطع  
_ لا لا أنت أكيد تهيأ ليك كدا لكن هشام أنا متربية معاه وأعرفه كويس أوي .. بعدين الصراحة تصرفاتك إنت اللي معجبتنيش يا رائد 
أشار لنفسه بسبابته في صدمة  
_ تصرفاتي أنا !! .. المفروض إني كنت اخده بالحضن يعني وهو بيبصلي كأن في عداوة بينا 
زينة پغضب بسيط 
_ مش ده قصدي يارائد .. بس أنا حسيت إن أنت اللي مش طايقه معرفش ليه ومسكت ايدي فجأة وبطريقة غريبة
ضحك ساخرا بغيظ مكتوم وأردف  
_ حسيتي !!!! .. يعني أنا الغلطانة في النهاية ! طيب
تم نسخ الرابط