رواية كاملة قوية الفصول من الثالث عشر للسادس عشر بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
فرمقها غاضبا
كان دوره ليسكت.. هو الآخر.. فهو كان على وشك إھانتها وإهانة المكان الذي يقيم به والدها.. ومن الألم البادي في عينيها.. أدرك أنها فهمت ما لم يقله.. فهمس معتذرا وهو يمد يده لها بتوسل
منى..
لكنها نفضت يده بعيدا وهي تخبره بجمود
أنت اتأخرت على شغلك يا حسن..
عاد يهمس
خلينا نتفاهم..
أجابت وهي على نفس جمودها
تركها وخرج بسرعة ولأول مرة يتجاهل معانقتها قبل خروجه.. ابتسمت بحزن وهي تعود لواقعها.. فحسن مازال على عناده وغضبه ورفضه للخضوع للواقع نهائيا.. وهي.. رغم ذلك الهاجس الذي بدأ يراودها بأنه بدأ يمل.. ييأس.. يتسرب من بين يديها.. إلا أنها قررت ألا تبادر بمراضته تلك المرة.. ليس قبل أن يختار على أرض الواقع ماذا يريد بالفعل..
ضحكت علي يا يزيد.. استغفلت أمك..
قاطعها يزيد بتوسل
ماما.. أرجوك.. مش وقته الكلام ده..
ربتت على كتفه
ماشي يا حبيبي.. هنأجل الكلام..
ثم عانقت ريناد وهي تسألها بمودة عن رأيها في مدريد.. وماذا رأت هناك.. وانخرطتا معا في حديث هامس سبب قلق متصاعد ليزيد وقبل أن يستفهم عما تتحدثا بشأنه.. دخل والده إلى الغرفة ورحب بريناد بجفاف.. والټفت إلى يزيد
ثم خرج بسرعة مثلما دخل فلم يجد يزيد بدا من الذهاب خلفه.. بينما همست سهام لريناد
ما تقلقيش.. أنا أقنعت عصام.. وهو هيكلم يزيد.. وأول ما تبعدوا.. أنا هنفذ اللي اتفقنا عليه.. المهم هو كويس معاك
اومأت ريناد موافقة
أيوه.. هو كويس..
وأكملت بداخلها.. بس هو مش معاي..
أنت بتروح عند عليا المزرعة..
رد يزيد بصراحة
أيوه..
ليه..
رفع يزيد أحد حاجبيه ولم يجب بشيء.. خبط والده على المكتب بقوة وهتف به
ومش مكسوف من نفسك يا أخي.. يعني أنت اتجوزتها عشان كده.. عشان..
قاطعه يزيد بسرعة
علياء مراتي.. وما فيش حاجة تخليني اتكسف.. وجوازي بيها معلن.. وشقتها موجودة.. لسه بس تيجي تشوفها..
ومراتك..
ما أنا لسه بقول أنها مراتي.. هو أنا أنكرت..
رمقه أبوه بنظرة غامضة.. فاستدرك يزيد
آه حضرتك تقصد.. ريناد.. أنا فهمتها أن جوازي من علياء حقيقي ومستمر.. وتقريبا الوضع استقر..
لا طبعا.. الوضع مش مستقر ولا هيستقر.. بص يا بني.. عليا مراتك آه.. ومش هينفع يكون في تراجع.. بس البنت لسه صغيرة.. ومشاعرها بتغلبها.. ومش بتحكم عقلها.. ظهورك المستمر قدامها ووجودك جنبها.. والأكتر من كده معاملتك لها كزوجة.. مش في مصلحتها.. ولا مصلحتك.. ده غير أنك عقدت الوضع بإصرارك على جوازك من بنت خالتك.. وما فيش حد هيقدر يبني بيتين مع بعض وفي نفس الوقت..
ابعد عن عليا.. سيب لها وقت تكبر فيه ومشاعرها تنضج.. وأنت ركز مع ريناد طالما تممت الجوازة..
هتف يزيد پغضب
أنا مش هطلق علياء.
وأنا ما قولتش تطلقها.. أنا بقول تبعد.. وتعطوا نفسكوا فرصة.. أنتوا التلاتة.. لأن الوضع كده استحالة يستقيم.. شوف.. أنا هفتح فرع جديد للشركة في دبي.. وبعد تفكير.. قررت أنك تسافر تباشر تأسيس الفرع من البداية..
أيوه يا بابا.. بس..
ما فيش بس.. ده حل كويس.. مؤقت على الأقل.. البنت وراها كلية لازم تشوف مستقبلها.. وأنت عندك زوجة ظلمتها في طريقك.. وده أفضل حل قدرت أتوصل له...
حاول يزيد مناقشة والده
أنا مش همنعها من كليتها.. وهعطيها كل الوقت اللي محتاجاه.. و..
قاطعه والده
أنت روحت لها المزرعة كام مرة بعد كتب كتابكوا..
احتقن وجه يزيد وأخفض عينيه حرجا.. فأكمل والده
ده قصدي.. أنت مش سايب لها فرصة أنها تتحكم في مشاعرها وتفكر في حياتها.. وأنت كمان محتاج أنك تهتم بريناد أكتر.. مش لازم تكرر مآساة قديمة..
رفع يزيد عينيه لوالده.. فتبادلا نظرات متفهمة لثوان.. أجاب يزيد بعدها
هفكر يا بابا.. أوعدك هفكر كويس.. عن إذنك...
أراحت علياء رأسها على للخلف وأغمضت عينيها لتسترخي على فراشها قليلا.. فالليلة سيعود يزيد من سفره.. صححت لنفسها وهي تبتسم بمرارة
هيرجع من شهر العسل..
سقطت دمعة على وجنتها تلتها أخرى وأخرى.. فهي أخيرا سمحت لنفسها بالتفكير به.. وبزواجه.. وسفره.. واتصالاته التي لا تنقطع ولكنها ترفض الاجابة عليه.. أو بمعنى أدق.. نيرة أجبرتها على رفض مكالماته بعدما سړقت منها هاتفها خفية.. ولم تمانع علياء كثيرا.. فهي مدركة لضعفها الشديد نحوه.. ولن تحتمل أن تكون معه على الهاتف بينما ريناد بجواره فعليا.. مدركة هي لمشاعر الغيرة التي تعصف بكيانها.. والتي تصور لها مشاهد ولقطات حية ليزيد مع ريناد.. تلك المشاعر التي تدفعها للبكاء كل ليلة حتى تسقط في نوم مرهق مليء بصور له معها هي.. صور تعذبها وتطحن مشاعرها بقسۏة.. فتستيقظ باكية ضعفها وحبها وقلبها الأحمق الذي ينتفض لكلمة منه.. ولولا انشغالها مع نيرة الفترة الماضية لجنت شوقا له وغيرة عليه..
اليوم فقط أعادت نيرة لها الهاتف لتفاجئ بكم المكالمات والرسائل التي أرسلها لها..
ابتسمت بهيام وهي تقرأ رسائله التي تشي بمدى افتقاده واشتياقه لها.. ثم ما لبثت أن قطبت حاجبيها پغضب.. هل معنى هذا أنه سيفتقد ريناد عندما يتواجد معها هي..
داعبت أناملها الدمعة الماسية المعلقة بعنقها.. وتذكرت جنون يزيد بها لتهمس لها برقة..
يا ترى وحشك زي ما وحشني.. وحشتني ابتسامته.. وضحكته وحشني حبه.. وقلبه وجنانه.. حتى الشيزوفيرنيا بتاعته وحشتني!..
ضحكت في صمت وهي تسترجع كلمات نيرة لها قبل أن تقلها إلى المزرعة..
البسي يا علياء وظبطي نفسك.. احنا اشترينا هدوم كتير حلوة اليومين اللي فاتوا.. احړقي مشاعره وولعيها.. وما تخليهوش يطول منك حاجة.. لوعيه شوية خليه يحس بقيمتك..
هزت رأسها في يأس وهي تعلم صعوبة اتباع نصيحة صديقتها.. فكيف تستطيع إلهاب مشاعره بينما مشاعرها هي تغلي في انتظار رؤيته من جديد..
نهضت من فراشها ببطء وأخذت تتأمل ثيابها الجديدة.. وبعد طول تفكير سحبت إحدى الغلالات الناعمة لترتديها ووقفت تتأمل صورتها المنعكسة في المرآة بذهول.. فأمامها كانت امرأة مغرية ترتدي غلالة شفافة بلون السماء ذات فتحة صدر واسعة وظهر عاري تماما.. غطته خصلاتها السوداء الطويلة.. بينما اتسعت عيناها پخوف وهي تحدث نفسها بحنق..
معقولة!.. ألبس حاجة زي دي!.. ده حتى قلته أحسن!..
وعلى الفور بدلت ثوب النوم المغري بمنامة قطنية قصيرة بيضاء اللون ذات حمالات رفيعة على الكتفيين ومطبوع عليها صورة كبيرة لتويتي.. استعرضت نفسها مرة أخرى في المرآة.. وهي تحدث نفسها..
ايوه كده.. دي علياء اللي أنا عارفاها..
عادت تستلقي على فراشها وهي تتساءل إذا كانت ستراه الليلة.. فما أن علمت بموعد عودته حتى أصرت على ترك فيلا نيرة والعودة إلى المزرعة..
هاجس خبيث تملكها لتعلم مدى لهفته لرؤيتها.. هل سيأتي للمزرعة على الفور أم سيرابط جوار زوجته الأخرى.. وإذا أتى كيف تستقبله.. هل تعبر عن شوق أم ڠضب.. احتضنت دمية محشوة على شكل تويتي وتاهت في وسط أفكارها لتسقط في نوم عميق فلم تشعر بسيارة يزيد عند وصوله وصعوده الدرج الداخلي بسرعة.. ليصل إلى غرفتها فيفتح الباب بهدوء..
متابعة القراءة