رواية كاملة قوية الفصول من الثالث عشر للسادس عشر بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
مستحيل..
ابتلعت منى ريقها فهي تعلم صعوبة ما ستقترحه على نفسه
حسن.. أوعدني أنك هتسمعني للآخر.. وهتفكر كويس في اقتراحي..
هز رأسه بحيرة ولكنه أجابها
أوعدك يا منى..
شوف يا سيدي.. في فوق السطح في البيت عند بابا أوضتين مقفولين.. ما فيش حد بيستعملهم.. أنا أما كنت عندهم آخر مرة طلعت وبصيت عليهم.. لقيتهم محتاجين شغل بسيط.. ووهيكونوا مناسبين..
مناسبين لإيه يا منى..
حسن.. اسمعني للآخر.. إحنا لازم ندبر نفسنا وإلا هيجي الشهر الجديد واحنا مش معانا إيجار الشقة دي.. مش عيب ولا حرام لو قعدنا في أوضة فوق السطوح.. أنت دايما كنت بتقول المهم نكون سوا.. وعشان ده يتحقق لازم نضحي.. أنا عارفة أنك ضحيت كتير وخسړت كتير.. بس معلش يا حسن هنضغط على نفسنا فترة لحد ما الأمور تهدى وتقدر ترجع لشغلك أو على الأقل تمسك شغل مناسب.. أرجوك فكر يا حسن.. أنا مش فارق معايا أني أعيش في فيلا.. أو شقة فخمة أو فوق سطوح..
فاقتربت منه وهي تضع بصوتها كل ما تملكه من دلال وغنج
عشان خاطري يا حسن.. عشان خاطري.. تيجي معايا نشوفها بس.. وبعدين تقول رأيك..
لم يجد حسن بدا من الموافقة على رجائها الحار وهو يعتصر عقله بقوة بحثا عن حل.. عن مكان مناسب ليقيم به هو وزوجته.. بدون أن يرضخ لټهديد والده المستمر.. أو لاغرائاته المستترة.. والتي بدأت اليوم بالذات بعرض مبتذل حمله صاحب المكتب الذي يعمل به.. بموافقة والده على حل وسط.. وهو عودته إلى عمله القديم.. على أن يجعل زواجه من منى زواجا سريا..
حسن..
ضمھا إلى صدره وهو يدفن وجهه بخصلات شعرها
ماشي يا منى.. هاجي معاك بكره نشوف السطوح.. أنا عندي كام منى..
خيم الصمت التام على سيارة مازن الذي وضع كل تركيزه في القيادة بينما أخذت نيرة تتلاعب بقماش ثوبها ذو الأوان المتعددة والذي أجبرها مازن على ارتدائه في بداية السهرة.. رمقته بغيظ وهي تتذكر سعادتها وهي تتهادى بثوب سهرة من قماش الشيفون الأبيض له فتحة صدر مربعة.. وقد التصق قماشه بصدرها ثم تهدلت طبقاته حتى نهاية ساقيها.. مع كمين طويلين يكاد يصل طولهما لطول الفستان الأساسي.. كانت تبدو كحورية ملائكية.. ابتسمت بخبث.. بل كانت تبدو كعروس..
هتفت بدهشة
أغيره!.. ليه.. أنت حتى ما شوفتوش.. والله مقفول ومش قصير..
شعرت به يبتسم رغم أنها لم ترى وجهه ولكنها سمعته يسألها بهدوء
بس أبيض صح
ضړبت قدمها بالأرض ڠضبا وهي تهتف بحنق
عرفت إزاي
هز رأسه وقد ظهرت ضحكته تلك المرة
اطلعي غيريه يا نيرة.. وبلاش تلبسي واحد فضي.. الليلة فرح ريناد.. وهي العروسة..
مش هغيره..
هز كتفيه وهو مازال يوليها ظهره
يبقى مش هنروح الفرح..
عادت ټضرب قدمها بالأرض ڠضبا وهي تلتفت لتصعد إلى غرفتها وتغير ثوبها الأبيض بذلك الذي ترتديه الآن والذي يضم عدة درجات من اللونين الأزرق والأحمر
التفتت له وهي تتأمل ملامحه عاجزة عن تفسير مشاعرها نحوه.. لا تنكر وسامته الواضحة.. فهي كانت تراه وسيما دائما.. لكن ما يجذبها نحوه ليست تلك الوسامة.. تشعر أنه مثل اللهب.. وهي ترى نفسها لأول مرة كالفراشة التي تنجذب بدون تفكير نحو شعلة قد تكون سببا في هلاكها.. ولكن كيف.. كيف وهو يمتلك تلك القدرة الغير معقولة على فهمها.. واحتوائها أيضا.. فلم تنسى يوم اتصلت به وهي في أقصى حالات الاضطراب لظنها بأن دعوة أبيها لفريدة لتناول الغذاء ما هي إلا مقدمة لعودتها الدائمة إلى حياتهم جميعا.. ولم تهدأ إلا بعد أن أقنعها مازن بالجلوس مع ضيفتها على مائدة الغذاء والقيام بواجبات الضيافة كما يفترض بها كسيدة صغيرة لبيت والدها.. ورضخت نيرة لطلبه بنزق بعدما وعدها بأن يتواجد معها في تلك الجلسة.. والتي أدركت بعدها.. أن فريدة لن تعود لتصبح جزء من أسرتها ثانية.. رغم استشعارها بغريزتها الأنثوية.. أن فريدة مازالت غارقة في حب والدها.. إلا أنها كما بدا واضحا.. قد قررت أن تتجاوز تلك المشاعر أو على أفضل تقدير.. تتجاهلها.
أخرجها من ذكرياتها توقف السيارة.. فسألت مازن بقلق
هي العربية عطلت ولا إيه.. إحنا لسه ما وصلناش المزرعة..
الټفت لها وهو يجيبها بهدوء
المزرعة قريبة قوي.. والعربية سليمة.. بس أنا حبيت أقولك ما فيش داعي تحكي لعليا على أي حاجة شوفتيها في الفرح.. يعني الكلام بتاع البنات ده..
ضغطت على أسنانها پغضب
هو أنت شايفني معډومة الإحساس للدرجة دي!
ما اقصدش يا نيرة.. بس ممكن الكلام ياخدكوا وتحكي من غير ما تقصدي.. وممكن هي كمان تسأل..
اطمن.. أنا فاهمة كويس.. وعليا مش هتسأل هي أكيد مموتة نفسها عياط دلوقت..
أومأ موافقا وهو يهمس
مسكينة..
سألته پغضب
إيه صعبانة عليك قوي..
تأملها لثوان ولم يتمالك نفسه من سؤالها
معقولة.. دي غيرة..
تجمدت بالكامل عندما سمعت سؤاله.. غيرة!.. معقول نيرة تغار.. تغار عليه.. رمشت عينيها بسرعة وهي تحاول.. فهم ما يدور بأعماقها.. ولكنها
لم تجد سوى فوضى مشاعر لم تفهمها.. وقررت ألا تحاول فهمها الآن على الأقل.. فقررت تغيير الموضوع..
فسألته
أنت اتضايقت من الكلام اللي قلته ليزيد وريناد..
أدرك أنها تتهرب من سؤاله.. ولكنه مررها تلك المرة وهو يبتسم ساخرا.. متذكرا ملامح يزيد ونيرة تلقي بقنبلتها فوق رأسه قائلة..
ألف مبروك يا ريناد.. الفستان تحفة.. بسيط ومش مبهرج.. لايق عليك جدا.. أنا آسفة كان نفسي اقعد لآخر الحفلة.. بس عليا لوحدها الليلة.. وأكيد حالتها النفسية صعبة.. لازم أروح لها اهون عليها شوية...
والتفتت إلى يزيد بنظرة صاعقة..
مبروك للمرة التانية يا عريس
عاد مازن إلى جميلته الجالسة بجواره وهو غير قادر على كتم ضحكاته التي تعالت وهو يتخيل الليلة العظيمة التي ينتظرها يزيد..
تأملته ضحكاته فابتسمت بدورها قائلة
يعني مش متضايق.. أنا عملت كده عشان خاطر عليا..
رمقها بنصف عين
خاطر عليا!
أشاحت بوجهها بعيدا
أيوه.. اطلع بقى بالعربية.. عشان اتأخرت عليها..
تأملها للحظات ثم أدار محرك السيارة ليقلها نحو المزرعة.. لتقضي ليلتها مع علياء الغارقة في أحزانها...
وصل يزيد وريناد إلى الجناح الخاص بالعروسين والذي قام بحجزه ليقضيا فيه ليلة زفافهما قبل أن ينطلقا في الصباح إلى مدريد لقضاء شهر العسل كما اتفقا من قبل..
حاول يزيد أن يحملها ليدخلا إلى الجناح كما هو متبع ولكنها تخطته ودخلته بمفردها..
خطت عدة خطوات حتى توقفت في منتصف الصالة الخارجية للجناح.. عدة مقاعد تلتف حول أريكة وثيرة.. تتوسط الغرفة عربة طعام رصت فوقها عدة أطباق مغطاة يبدو أنها تحتوي على العشاء.. زجاجة
متابعة القراءة