رواية كاملة قوية الفصول من الثالث عشر للسادس عشر بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
من الشامبانيا توسدت دلو ملئ بقطع الثلج.. الأضواء هادئة وحسية ووريقات من الجوري الأحمر والأبيض تناثرت لتكون عدة قلوب صغيرة متناثرة على أرض الغرفة وتبدو أنها تمتد حتى غرفة النوم.. أجواء مثالية لليلة زفاف حالمة.. كما تمنت يوما.. ولكن.. لكن ليس الليلة...
جالت عيناها في كل ركن بالجناح ماعدا المكان الذي وقف به يزيد الذي وقف يتأملها بفستان زفافها.. كانت جميلة.. مبهرة برقي خاص بها فقط.. شعرها جمعته خلف رأسها في تسريحة راقية.. وتناثرت زهيرات بيضاء صغيرة بين خصلاته.. زينة وجهها كانت بسيطة بخلاف المعروف عن زينة العروس.. فملامحها التي تميل للجمال الغربي لم تكن تحتمل الزينة الكثيفة.. لم تستخدم طرحة زفاف.. فلم تكن تتماشى مع الثوب الذي اختارته بعناية ليحدد معالم جسدها المغرية.. حيث احتضن جزئه العلوي صدرها وغطى ذراعيها بقماش التول الخفيف المطعم ببعض وردات من الدانتيل الأبيض أحاطت عنقها ونهديها بحميمية لتترك ظهر الفستان عاريا بالكامل بينما التف جزئه السفلي حول جسدها بإحكام وأحاطت خصرها بزنار ذهبي رفيع..
قرر تجاهل هالة البرود المحيطة بها واقترب منها بهدوء طابعا قبلة رقيقة على جبهتها تقبلتها بسكون
تجاوبت ريناد مع قبلاته في البداية .. ولكن جملة نيرة عادت تدق في أذنيها كنواقيس عالية التردد.. فدفعته عنها فجأة وارتدت للخلف تحتضن نفسها بذراعيها وهي تهز رأسها برفض أصابه بالحيرة فقد كانت تتجاوب معه منذ قليل ولكنها فجأة سحبت نفسها منه وقد ظهر الرفض على كل ملمح من وجهها..
ما تقلقيش يا ريناد.. ما فيش داعي للخوف..
انطلق سؤالها فجأة بدون إرادة منها
جوازكوا صوري فعلا
قطب يزيد حاجبيه وهو يسألها بهدوء
تفتكري ده وقت السؤال
تمالكت ريناد نفسها قليلا ورفعت ذقنها بكبرياء
إيه.. عايز تعيش دور العريس.. يعني ما عشتوش قبل كده!
أنت قلت لي أنك هتجاوبني في أي وقت..
اقترب منها متجاهلا إشارتها له بالابتعاد وأمسك كتفيها بيديه
ريناد.. الليلة فرحنا.. ليلة بينتظرها كل عريس وعروسة.. أوعدك أرد على كل أسئلتك بعدين..
نفضت يديه عنها.. وعادت تبتعد عنه من جديد وهي تتهمه بوضوح
ريناد..
عادت تهتف
صوري ولا حقيقي..
زفر بحنق وهو يفك ربطة عنقه ويخلع سترته ليلقي بها بعشوائية.. واتجه نحو نافذة الغرفة ليفتحها يعب من الهواء النقي.. برغم وجود التكييف البارد إلا أنه شعر بإختناق شديد..
استند بكفيه على زجاج النافذة المفتوحة وهو يسأل بدون أن يلتفت نحوها
عادت تكرر وبدت كما أنها لم تسمعه
صوري ولا حقيقي..
أجابها بتردد
ريناد..
والټفت ليواجهها ليفاجئ بزجاجة الشامبانيا تطير بالقرب من أذنه وترتطم بالإطار المعدني للنافذة لتسقط مهشمة إلى قطع صغيرة ويسيل السائل الذهبي على قدميه..
رفع عينيه اليها بذهول.. فتلك الواقفة أمامه بخصلاتها الذهبية القصيرة.. والتي تناثرت حول وجهها ولمعت عينيها الذهبية بلمعة شيطانية لم تكن تشبه ريناد التي يعرفها بشيء.. كانت صورة لامرأة مٹيرة للغاية.. ولكنها مرعبة للغاية أيضا..
ريناد..
قالها مترددا.. ولكنها ابتسمت ساخرة بمرارة
خلاص يا يزيد.. أنت جاوبت.. ويا ترى بقى الجواز مؤقت برضوه زي ما فهمتني
أخذ نفسا عميقا قبل أن يقول
أنا ما قلتش أبدا أنه مؤقت.
بس ما قولتش أنه مستمر.
زفر بحنق
أنت سمعت اللي كنت عايزة تسمعيه.. وصدقت اللي كنت عايزة تصدقيه..
وصفق يديه ببعضهما وهو يكمل
واخترت اسوأ وقت عشان تواجهي الحقيقة..
هزت رأسها پغضب
لأنها ليلة الفرح اللي كنت منتظرها صح..
رد بدون أن يعي ما يقوله
لأن وقت التراجع فات!
برقت عيناها پألم عاصف ووجدت شفتيها تصرخان
طلقني..
مسح وجهه بكفه وهو يشيح برأسه بعيدا
ادخلي نامي يا ريناد.. عندنا طيارة الصبح..
التفتت لتمسك إحدى المزهريات المنتشرة في الجناح لتلقي بها نحو واحدة من المرآة المعلقة على الحائط خلفه وتتناثر قطع الزجاج في كل مكان مرافقة لصړختها
طلقني بقولك.. سامعني ولا لأ!..
لم يرد عليها وحاول أن يتحرك نحوها.. ولكنها أسرعت لتلتقط مزهرية أخرى لتلقي بها نحوه تلك المرة فاضطر للانحاء حتى يتفادها.. وقبل أن يعتدل وجد وسادة طائرة ترتطم بوجهه پعنف.. وريناد ما زالت تصرخ
طلقني يا يزيد..
هتف بها پغضب
اعقلي يا ريناد.. بلاش جنان.. أنت عارفة إيه معنى واحدة تطلق ليلة فرحها..
اعتصرت عينيها بقوة حتى لا تتساقط دموعها أمامه وقد تغلغلت جملته بين خلايا عقلها.. فكتفت ذراعيها بقوة وهي تقول پعنف
طلقها هي..
تنهد يزيد بقوة وهو يخبرها بهدوء قاطع
لأ..
برقت عيناها پغضب شديد وهي تلتفت حولها پجنون.. لتتناول كل ما تطاله يديها وتلقي به نحوه.. أو في المكان التي كانت تظن أنه واقف به فهو تحرك بعيدا عن مرمى أهدافها الطائرة ولكن الدموع التي كانت قد بدأت تتساقط من عينيها متمردة على إرادتها أعمت عينيها وأسالت زينتها على وجهها فلم تعد ترى أي شيء حولها سوى الڠضب الحارق.. استمرت بتحطيم كل ما طالته يداها حتى تجمدت فجأة عندما لمحت نفسها في المرآة..
اقتربت قليلا لتتأمل وجهها في المرآة المحطمة.. فشهقت پعنف وهي ترى مسخ لامرأة كانت فاتنة منذ دقائق قليلة.. فعيونها حمراء.. جفونها محتقنة بشدة.. والكحل الأسود حفر خطوط سوداء على وجنتيها.. طلاء شفتيها اختفى ولم تعد تذكر السبب.. وخصلاتها مشعثة وثائرة كعش طائر صغير..
سحبت نفسا عميقا وتوجهت برأس مرفوعة نحو غرفة النوم وأغلقت الباب خلفها بشدة بدون أن تلقي نحوه نظرة أخرى... غابت قليلا.. وعندما خرجت من جديد سمعت شهقة يزيد المكتومة وتنفسه السريع.. فابتسمت بسخرية وهي تدرك أنها حققت ما تريد.. فقد اختارت أقصر ثوب للنوم وأكثرهم إثارة وارتدته وحده بدون الروب الخاص به.. مشطت شعرها بسرعة.. لمسة أخيرة من طلاء شفاه أحمر قاني كالڠضب الذي يتقافز أمام عينيها.. وانهت مظهرها برشة عطر تعلم أنه يفضله.. كادت أن تصيبه بأزمة قلبية.. وهي سعيدة بذلك فهو يستحق فقد مرغ كرامتها وكبريائها في الوحل..
وهي تجذب عربة الطعام وتكشف الأطباق واحدا تلو الآخر وتتناول طعامها بهدوء وتلذذ وسط حطام الجناح وتحت نظرات يزيد المذهولة.. أنهت طعامها سريعا.. وتوجهت نحو غرفة النوم لتتوقف في منتصف المسافة وهو يسألها
على فين!
هزت كتفيها بلامبالاة
هدخل أنام عندنا بكره الصبح طيارة..
اختفت من أمام عينيه وتجمد هو حائرا.. هل يلحق بها أم يقضي ليلة زفافه على الأريكة.. صوت المفتاح الذي دار ليوصد بابها منحه الإجابة سريعا فيما وصلت لأذنيه صوت طرقات على الباب.. فاتجه ليفتحه ووجد أحد عمال الفندق ينظر له بحرج وهو يخفض عينيه أرضا
أنا آسف يا فندم.. أنا عارف أن الليلة فرح سعادتك.. ألف مبروك.. وربنا يسعدك ويقويك.. بس
متابعة القراءة