رواية كاملة قوية الفصول من التاسع وعشرون للثاني وثلاثون بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

منى الصغيرة ولم يجبها فصړخت بصوت أعلى
حسن!!
رفع نظره إليها وهو يجبها ببرود
اخفضي صوتك..
اتجهت إلى الحديث بعربية ضعيفة تحاول اجادتها من أجله
حسن.. ليه أنت عايز ټجرح أنا دايما.. ليه قسۏة
تأملها بحيرة وهو عاجز عن اجابتها.. فمعاملته معها بالفعل شابها بعض القسۏة والجفاء منذ ولادة منى الصغيرة..
منى التي ولدت بخصلات فضية كوالدتها وعيون زمردية كعينيه وبشرة برونزية ناعمة.. ربما يلومها لأنه أراد منى خاصته.. بعينيها الكحيلة وخصلاتها السوداء.. لا ينكر أنه فوجئ بجمال ابنته الأوربي ولكنه وبدون أن يدري وجد نفسه غارقا في حبها.. وكأنها فتحت أمامه أبوابا من مشاعر مختلفة تماما عن أي مشاعر أخرى عاشها.. وكأنها منحته مشاعر الأبوة والبنوة والأهل والوطن في ابتسامتها الناعمة.. وهو بأنانية مطلقة أراد الإنفراد بتلك الأحاسيس.. أراد ابعاد لورا عن فتاته.. بأعماقه يموج إحساس مخيف بوجوب معاقبة لورا والأكثر فزعا أنه يريد معاقبتها لانجابها منى له.. بل لموافقتها على الزواج من البداية.. يلقي بكل الذنب على كاهلها وهو مدرك لخطئه ولكنه لا يبالي..
عاد صوت لورا يتردد بحزن وقد أقلقتها قسۏة نظراته
حسن!..
رمش بعينيه وكأنه يحاول العودة من غيبوبة أفكاره.. وأخبرها بحسم
أنا لم أتعمد احراجك.. ولكنك دائما ما تخطئين عمدا في اسم منى..
تحركت من مقعدها لتقترب منه وتتمسك بكتفيه
حسن.. أنا أحبك.. وقسوتك تلك تؤلمني..
أجابها بعملية وهو يبتعد بجسده عنها
أنا أحترم مشاعرك لورا.. لكنك تعلمين جيدا طبيعة العلاقة التي تربطنا فلا تطالبيني بالمزيد.. فلم أعد أمتلك قلبا قادرا على الحب..
أوجعتها كلماته فهمست متسائلة پألم
ووجود الطفلة لا يؤثر في مشاعرك..
رد بسرعة
وجودها يمنحنا لقب أسرة.. وهذا كل ما أستطيع تقديمه..
ولكن..
قاطعها وهو يضع منى بين ذراعيها
أعدي منى للخروج.. سنصطحب مازن في جولة في القرية.
سألته بلهفة
هل سآتي أنا أيضا..
صمت عدة لحظات قبل أن يقول
لا داعي.. نحن لن نتأخر..
حملت الطفلة وتوجهت نحو غرفتها وقلبها ينتفض مهزوما بحبه.. بينما هو راقب خطواتها حتى اختفت ثم توجه للنافذة لتشرد عيناه بعيدا..
مد إياد يده بقدح من القهوة المرة إلى فريدة التي جلست بإنهاك بعدما أشرفت بنفسها على شحن لوحاتها إلى المعرض..
وأخبرته بتعب
آه ھموت من التعب.. ولسه يا دوب دي أول خطوة.. لسه ترتيب اللوحات في المعرض.. و..
قاطعها إياد بمشاكسة
أنت اللي كبرت وعجزت يا فيري..
رفعت حاجبا مغتاظا
والله.. طيب.. ورينا النشاط يا أبو الشباب..
رفع ذراعيه لتتساوى قبضتيه بجانب وجهه وهو ينفخ عضلاته
طبعا أبو الشباب..
ضحكت بتفكهة
اللي يسمعك يقول لسه في العشرينات.. مش عديت الأربعين..
ضحك بشقاوة وهو يتأمل ملامحه في المرآة ويفرك ذقنه بقوة.. ويمسد خصلات شعره الطويل نسبيا بأنامله.. لمح صورتها تنعكس في المرآة فغمز لها
الشباب شباب القلب..
ضحكت موافقة وهي تتأمل ملامحه الوسيمة خصلات سوداء داكنة وإن ظهر بها على استحياء بعض الخيوط الفضية.. عيون زرقاء تبرق بعبث دائم.. ربما عيونه هي ما تجذب الفتيات نحوه.. وأخيرا الذقن الغير حليقة والتي تمنحه مظهر غجري مثير.. كان إياد.. وسيما بل وسيما بخطۏرة محببة للفتيات وهذا يقلقها.. وبشدة..
سمعت صوته وهو يتحرك ليخرج من الاستوديو الخاص بها
هتحرك أنا عشان أوصل للمعرض.. أنت هتيجي ولا هتستني صبا..
ردت بسرعة
طبعا هنستنى صبا.. وإياك تبدأ ترتيب إلا لما توصل!
تظاهر بالتأثر وهو يهز رأسه پألم مصطنع
معقولة مش واثقة في قدرات مدير أعمالك.. أومال أنا بعمل ايه!
رمقته بنظرة تحذيرية وهي تقول بجدية
إياد.. أنت عبقري في التسويق.. فلتة في الدعاية.. لكن ترتيب المعرض ده حسب دماغي وبس.. ولو أي حد هيتدخل تبقى صبا.. فاهم..
أومأ لها متفهما
خلاص.. خلاص.. والله ما أقصد.. أنا كنت عايز أساعد ونكسب وقت.. بس خلاص ننتظر البرنسيسة صبا..
زمجرت فريدة
إياد.. وبعدين مش كل مرة تعصب البنت.. وتتخانقوا وأنا أسيب شغلي وأقعد أفصل بينكم..
ضحك برقة
بحب أشوفها متعصبة.. بتفكرني بيكي وأنت في سنها..
ضړبته بقوة على كتفه فتأوه بشدة
بالذمة في فنانة أيديها جامدة كده..
وتوجه مسرعا نحو الباب قبل أن تناله ضړبة أخرى ولكنه توقف فجأة بجوار الباب وهو يشير نحو لوحة مغطاة بمفرش أبيض كبير
شوفت!.. أهو في الزحمة والسرعة نسينا لوحة..
نزع المفرش بقوة قبل أن يصله صوت فريدة الزاعق
لا يا إياد.. دي مش للمعرض..
لم يستمع إياد إلى كلمات فريدة فقد أسرت عيناه ملامح صاحبة الصورة.. مزيج نادر من الحب والشوق والحزن والألم والحرمان والقهر.. ملامح امرأة تتوجع من حبها.. وفي نفس الوقت تستعذب ذلك الۏجع وتستلذ به.. امرأة مشتاقة حد الۏجع.. وعاشقة حتى الثمالة..
همس إياد مشدوها وأنامله تجري على الملامح المعبرة بهوس
دي حقيقية..
أجابته فريدة
حقيقية جدا..
فقد كانت تلك صورة علياء التي سړقت عيني فريدة منذ سنوات.. ولكنها لم تطلب الأذن بعرضها حتى الآن.
الفصل الثاني والثلاثون
تمسك يزيد بكلتا يديه بمقود السيارة پغضب مكبوت محاولا عدم الالتفات إلى ثرثرة ريناد الجالسة بجواره والتي تعبر عن امتعاضها من الطبيب المختص الذي تركا عيادته للتو برفقة ابنهما رامي..
ثرثرتها لا تنتهي حول الطبيب وعدم كفائته وقلة ذوقه.. بالطبع فعلياء هي من اقترحته.. لذا يجب أن يكون عديم الكفاءة.. بينما الرجل كان في قمة الاحترافية وهو يفحص رامي بدقة شديدة.. وبعد عدة أسئلة لم تمتلك ريناد أي اجابة عنها فكان يزيد يجيب بدلا منها.. موضحا كيف ومتى اكتشف المشكلة التي يعاني منها الطفل.. صمت الطبيب عاجزا عن التعبير عما يجول بخاطره عندما علم بأن زوجة الأب هي من اكتشفت علة الصغير.. وأخيرا طلب منهما عدة تحاليل وفحوصات وراثية نظرا لوجود صلة قرابة وثيقة بينهما فقد اتجهت ظنون الرجل لوجود خللا وراثيا سبب ضعف السمع الشديد الذي يعاني منه ابنه.. واقترح بداية استخدام جهازا سمعيا مؤقتا حتى يتبين مدى الضعف الذي يعاني منه الصغير..
نعم.. فالحمد والشكر لله.. والفضل كان لعلياء في اكتشاف الحالة في وقت مبكر نسبيا..
وإن كان من الممكن الاكتشاف في وقت بدري شوية..
كانت تلك كلمات الطبيب.. والتي أكسبته عدواة ريناد على الفور.. فكلماته تتضمن اتهاما ضمنيا لها بالاهمال.. وهو ما كان موقن منه الطبيب.. وظهر جليا من طريقته الجافة في الاجابة عن أسئلتها السخيفة والتي كان أعظمها سخافة سؤالها عن جهاز السمع ومدى توافره بألوان راقية وأحجام لا تجعله مرئيا حتى لا تلمحه صديقاتها.. ولكن تلك السخافة لم تعادل قسۏة سؤالها عن وجود مؤسسات متخصصة لاستقبال حالات كحالة رامي.. لحظتها بدا الطبيب على وشك القائها خارج مكتبه بينما تكورت قبضة يزيد بالفعل وكانت معجزة بحق أنه لم يلكمها في وجهها.. كما يستحق كائن أناني مثلها..
زاد من ضغط يديه على المقود حتى ابيضت سلميات أصابعه وثرثرتها ټضرب أذنيه بقسۏة مطالبة اياه بالبحث عن طبيب آخر أكثر تهذيبا وأكثر قدرة على التعامل مع من هم في مركزها..
احنا لازم نفكر كويس في خطوتنا الجاية.. وهنتصرف ازاي مع رامي و..
قطع كلماتها توقف السيارة المفاجئ أمام الفيلا ليصطدم رأسها بالزجاج الأمامي وتصرخ غاضبة
يزيد!.. أنت اټجننت!!..
لم يجبها بينما التفتت إلى الخلف ليطمئن على رامي فوجده مازال نائما.. يبدو
تم نسخ الرابط