رواية كاملة قوية الفصول من التاسع وعشرون للثاني وثلاثون بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

مجرد التفكير في كلمات يزيد وأنه من الممكن أن يجمعها بريناد في منزل واحد!.. أنه مچنون ولكن ليس لتلك الدرجة..
انتبهت له وهو يخرج بعض الأوراق من خزينة خاصة به في حجرتهما ثم سحبها مرة أخرى ليجلسها على ركبتيه كما اعتاد ولف ذراعه حولها وهو يهمس
ما فيش حاجة من اللي بتفكري فيها دي هتحصل.. أنا كان قصدي حاجة تانية..
تجنبت عبث أنامله التي بدأت تعيث جنونا بثباتها وسألت بقلق
اتكلم بصراحة يا يزيد.. أنا مش حمل ألغاز وفوازير..
أومأ موافقا
حاضر يا ستي.. اتفضلي..
ووضع في يدها الأوراق التي أخرجها لتوه من الخزينة.. فألقت عليها نظرة سريعة متسائلة
ايه دول!.. ورق ايه ده..
سكت للحظات قبل أن يخبرها بهدوء
دي عقود ملكيتك للمزرعة.. لأ.. لأ.. ما تقاطعنيش واسمعيني للآخر.. المزرعة دي حق من حقوقك.. أنا قبل كده اتنازلت عن أرضك لأعمامك.. اتجوزتك من غير مهر.. و..
قاطعته بسرعة
المزرعة أكبر من أرضي ومن مهري.. و..
كان دوره لمقاطعتها
بس هي بيتك.. أنا عارف أنك بتحبيها.. ومن جواكي دايما بتعتبريها بيتك.. حتى لو كنت بتفكري فيها أنها المنفى اللي بعدتك فيه ماما.. بس رغم كده لها مكانة مختلفة جواكي..
ثم غمز بشقاوة
وبعدين الولاد محتاجين مكان واسع يلعبوا فيه يمكن أعرف أخطفك لنفسي شوية!..
رغم تساقط دموعها إلا أنها ابتسمت بحنان.. فلم تتصور أنه بدأ يفهمها.. يستوعب علياء الطفلة الخائڤة المتنكرة في جسد علياء الأنثى التي تسلب عقله وتزعزع ثباته.. لقد منحها عن قصد صك أمان كانت في أمس الحاجة له ولم تعلم بحاجتها تلك إلا وعقد ملكيتها لمنزلها الخاص بين يديها..
لفت ذراعيها خلف عنقه هامسة
ربنا يخليك ليا.. بس ده كتير.. كتير قوي..
ضمھا لصدره بقوة
ما فيش حاجة تغلا عليك..
زادت وتيرة بكائها وتعالت شهقاتها وهي تضم نفسها له أكثر وأكثر فشاكسها مداعبا
ايه البكى ده كله.. ليكون في باشا جديد هيشرفنا.. أنت انفعالاتك بتزيد في الحمل..
وكزته في كتفه بقوة وهي تمسح دموعها
أنت ما تعرفش تكملها جد أبدا..
أخذ نفسا عميقا وهو يصطنع الجدية
ايه ده.. يعني ما فيش نونو جاي.. طيب تعالي بقى نشوف حل للموضوع ده..
رفعها بين ذراعيه وتوجه بها نحو الفراش وهي تطلق ضحكات عالية وتهتف به لينزلها أرضا..
وضعها على الفراش برقة وأسقط نفسه بجوارها ليهمس في أذنها
عندي اعتراف أخير..
سألته بقلق
خير..
أبعد بصره عنها ليخبرها بخفوت
أنا سجلت المزرعة باسمك أول ما وصلت واحد وعشرين سنة.. بس.. بس اترددت أقولك..
توسعت عيناها بدهشة ولكنه أكمل بسرعة
عارف أنك هتقولي علي أناني.. بس خفت تبعدي عني.. خفت تفكري أنه بقى عندك مكان تختفي فيه عني..
سألته بغموض
وايه اللي اتغير..
هز كتفه بحيرة
مش عارف.. يمكن بدأت أفهم أنك لو اختفيت هتختفي معايا مش عني..
لفت ذراعيها حول عنقه لتجذب رأسه نحوها وتقبله بدفء
كلامك ده هو مهري الحقيقي.. والمزرعة اكتبها للأولاد و..
قاطعها بحزم
المزرعة بتاعتك.. ملكك يا علياء.. ومش هينفع تفرطي فيها.. تمام..
أومأت برأسها موافقة فرفع حاجبيه بعبث
نرجع لموضوعنا بقى..
وقبل أن يعاود تقبيلها بدأت عاصفة من الطرقات المزعجة على باب الغرفة وصوت علي ونادية يرتفع بكلمات متفرقة.. فهما منها أخيرا..
رامي صحي وبيعيط جامد..
قفزت علياء من الفراش وتبعها يزيد.. وهو يحاول استبقائها هامسا
خليكي أنت.. أنا هسكته..
ولكن علياء كان يشغل ذهنها أمرا آخر.. فكرة هاجمتها فجأة وأرادت التأكد منها.. فذهبت خلف يزيد إلى غرفة الأطفال... لتجده رفع رامي بالفعل بين ذراعيه يحاول تهدئته حتى لا يوقظ أخويه.. حتى أنه كان يردد أغنية طفولية طالما سمعها منها ولكن الصغير لا يبدي أي استجابة..
هزت علياء رأسها بحزن وخطت ببطء حتى وقفت أمام يزيد وتناولت منه الرضيع لتضمه إلى صدرها وتحرك رأسه برقة حتى التقت عيناهما فابتسمت له بحنان.. بينما هدأت صرخات رامي وعلياء تضمه إليها بصمت..
رفعت عينيها إلى يزيد وطلبت منه حقيبة رامي حتى تقوم بتغيير حفاظه.. وما أن خرج يزيد من الغرفة حتى بدأت باختبار نظريتها ففرقعت بأصابعها بجوار أذني رامي.. مرة بعد مرة.. ولكن.. كما توقعت.. لا استجابة..
أغمضت عينيها پألم وقد تأكد حدسها.. وأخيرا أدركت السبب وراء نظرات الاستغاثة.. وياله من سبب قاس..
اتكأت دنيا على مدخل الغرفة وهي تتأمل مازن الذي تمدد على الفراش ضاما عشق بين ذراعيه.. وعلى وجنتها سقطت دمعة خائڼة.. فمشهد كهذا لن يتكرر مرة أخرى.. أو هي لن تكون متواجدة لتشاهده يتكرر.. فالقرار الذي اتخذته قبل حملها ب عشق.. آن وقت تنفيذه.. حتى لو رفض مازن.. وخلق ملايين الأعذار لتأخير المحتوم.. هي ستصر على طلبها.. لن تتحمل أن تستمر في سلسال استنزاف المشاعر هذا.. لقد خدعت نفسها طويلا.. وبنت صرحا بخيالها عن أب وأم وعشق.. أسرة رسمتها في خيالها كما تتخيل تصاميمها والفارق أنها يمكنها تنفيذ تلك التصاميم على أرض الواقع ولكنها لن تستطيع خلق تلك الصورة المثالية لأسرتها.. ومع مرور الوقت تتأكد من ذلك.. فالمثالية التي يصفها الناس لا تناسبها.. قد يخدعها قلبها يوهمها خيالها يصور لها حياة سعيدة وبيت مستقر.. ولكن عقلها دائما كان كجرس إنذار يحذرها من مغبة التمادي وتناسي الواقع.. الواقع الذي صدمها به مازن اليوم بشدة وهو يقص عليها ولأول مرة ما دار بينه وبين نيرة.. لقد صدمها ذلك.. صدمها بشدة لتدرك أنها مازالت مجرد صديقة.. فقط.. صديقة.. رغم وجود عشق بينهما.. ولكنها تحولت بمعجزة ما من صديقة ذات فائدة ومصدر للراحة إلى زوجة وأم في زواج تقليدي لا يشترط الحب كأحد أركانه فقط الراحة والحنان.. وهي لن ترضى بذلك.. ليست هي.. ليست دنيا.. وبالتأكيد لن تقوم بذلك مع مازن.. مازن الرجل الذي عشقته وهي في قمة أنوثتها ونضجها برغم أنه يصغرها بعدة أعوام.. إلا أنها تعلمت أنه لا شروط في الحب ولا قواعد.. وبالتأكيد.. لا زواج مبني فقط على أساس وجود ابنة.. حتى لو كانت عشق..
عادت تتأمل المشهد السرمدي أمامها.. تريد طبعه في ذهنها.. قبل أن تتحرك ببطء وتتجه إلى مازن لتوقظه بهمس
مازن.. اصحى يا حبيبي.. عايزين نتكلم شويه..
فتح عينيه ببطء والټفت ليلمح عشق نائمة بين ذراعيه.. فابتسمت دنيا برقة وهي تخبره
يظهر أنك كنت تعبان.. لعبت معاها شوية.. ونمتوا أنتوا الاتنين..
ضحك بسعادة وهو يعتدل ليقبل عشق فوق جبينها هامسا
الوقت معاها بيطير.. بس حلو.. حلو قوي..
ربتت دنيا على كتفه برقة
ربنا يخليك لها.. يا رب..
تمسك بكفها ليقبله إلا أنها سحبته منه بحرج.. لتكرر جملتها
مازن.. لازم نتكلم..
زفر بغيظ
وإذا كنت رافض أسمع الكلام ده!
هزت رأسها وهي تخبره
أنا في الفترة اللي فاتت كنت بدور على بيت منفصل.. واسع وكده ومناسب لعشق.. يعني عشان أما تكبر..
ابتسم مازن وهو يرمق ابنته بنظرة محبة.. ثم سألها
كويس ولقيت حاجة..
أومأت موافقة
أيوه.. وهخلص كل حاجة بعد يومين..
طيب.. جميل.. بلغيني بالميعاد بالظبط.. و..
قاطعته دنيا
مازن..
رفع عينيه لها وقد أدرك ما تريد قوله.. ولكن كان سماعه مؤلم أكثر مما تخيل يوما
البيت ده علشان عشق وعشاني.. احنا.. أنا.. أنا عايزاك تنفذ وعدك..
هتف
تم نسخ الرابط