رواية كاملة قوية الفصول من التاسع وعشرون للثاني وثلاثون بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
الفصل التاسع والعشرون
أنا حامل!
جملة ترددت أكثر من مرة وما بين فرحة طاغية لقلق عارم وخوف من المستقبل وبرود وصل لحافة الصقيع.. تباينت مشاعر ملقيها ومتلقيها..
فبمنزل مازن ودنيا..
جلست دنيا على حافة المغطس وجسدها يرتعد بأكمله وهي ترمق العصا البلاستيكية الراقدة بسلام على طرف المغسلة القريب منها.. وكلما رفعت يدها لتلتقطها أعادتها بسرعة لتضعها على شفتيها لتكتم شهقة بكاء خاڤتة..
عادت ترمق العصا البلاستيكية برهبة وقلق وكأنها تتساءل عما يمنعها من التقاطها وانهاء الأمر.. إما بخيبة أمل قد تعوض عنها الشهر القادم.. أو خيبة أخرى تستمر لآخر العمر..
في ايه يا دنيا..
رفعت إليه عينين حائرتين.. فلم تعلم منذ متى وهو واقف هكذا بمدخل الحمام يتأمل دموعها بقلق..
اقترب منها ليجلس على ركبة واحدة ويمسك بيديها يقبلهما في رقة متسائلا
تحليل جديد..
أومأت برأسها موافقة.. فسألها مرة أخرى
عايزاني أشوف لك النتيجة..
مبروك يا أحلى مامي..
رفعت نظراتها له بأمل وهمست
أنا حامل!
ثم اڼفجرت في نوبة بكاء قوية رفعها مازن بين ذراعيه ليضعها على الفراش برفق ويلتقط دموعها بشفتيه وهو يطمئنها بكلمات رقيقة.. ويخبرها كم يتمنى فتاة جميلة وقوية كأمها ولكن دموعها لم تتوقف وشهقاتها زادت ولم تقل فضمھا بقوة وهو يقبل شعرها.. بينما زادت هي من تمسكها به فدفنت رأسها بعنقه وغرزت أظافرها في ظهره بقوة حتى كاد أن يطلق آهة ألم.. شعرت هي على الفور بألمه الصامت فخففت من مسكتها قليلا ونظرت إليه بحرج.. وهمست من بين دموعها بصوت متحشرج
أبعدها قليلا ومسح دموعها مرة ثانية وهو يسألها
ليه كل ده بس يا دنيا..
تواصلت شهقاتها وعجزت عن إجابته فهي لا تعرف كيف تفهمه أنها تبكي سعادتها وحزنها.. ربحها وخسارتها.. أغلى ربح.. وأحلى خسارة..
همست پألم
مش مصدقة.. التلات شهور اللي فاتوا كانوا خيبة أمل كبيرة.. فكرت.. فكرت..
وازداد بكائها.. وهي تخبره پألم
قاطعها بقبلة دافئة على شفتيها
هششش.. بلاش كلام فارغ.. سن ايه وعبط ايه.. أنت أم بالفطرة يا دنيا.. وهتكوني أحن أم.. سوبر ماما..
ابتسمت من وسط دموعها وهي تسأله
بجد!.. بجد يا مازن.. يعني خبر الحمل أسعدك
لف بجسده ليجاورها في الفراش ثم رفعها لتجلس على ركبتيه وهمس بأذنها
تهدج صوته في آخر كلمة حتى ظنت دنيا للحظات أنه على وشك البكاء هو الآخر.. فوضعت رأسها على صدره برفق.. ثم أمسكت يده لتضعها على بطنها ليتحسسها برقة.. ولحظتها لم يستطع تمالك نفسه فسقطت دمعة وحيدة مسحها بسرعة وزاد من ضم دنيا التي همست بتردد
مازن.. لازم نتكلم في موضوع الانفص...
قاطعها بوضع إصبعه على شفتيها هامسا
مش دلوقت يا دنيا.. بنتي مش هتتولد بين أب وأم منفصلين.. ده حقها علينا.. بعد الولادة هنتكلم..
رددت بعجب
بنتك!..
ضحك ليخبرها
أيوه.. بنتي.. يكون في علمك أي حاجة غير بنوتة عيونها بسواد الليل وشعرها أنعم من ورق الورد مش هستلم!..
ضحكت هي الأخرى بنعومة وربتت بيدها فوق يده وكأنها تخبره بصمت أنها توافقه في رغبته... وسكنت بين أحضانه لفترة خيم الصمت فيها عليهما ولم يسمع في الغرفة إلا صوت دقات قلبيهما يتواصلان سويا بطريقة غير مألوفة كحياتهما معا.. عدل وضعها لتنام بين ذراعيه وأخذ يملس على خصلاتها برقة حتى نامت بوداعة بين ذراعيه وعلى شفتيها ارتسمت ابتسامة رقيقة..
أغمض عينيه محاولا النوم ولكن ذكرى عيون زبرجدية مازال يعشقها إلى الآن طاردته بقسۏة وكأنها تذكره أنه أصبح سببا لۏجعها على الدوام مثلما كانت هي سببا لنحره حيا.. فهي لم تيأس ولم تكف عن محاولاتها الخرقاء لاسترجاعه.. مرة عن طريق البكاء ومرات باستخدام إغراء أنوثتها التي أصبح يرفضها على الدوام مما يسبب لها الجنون.. فهي راهنت من البداية على افتتانه بها.. وهو سقط في فخها بكامل إرادته ولكنه الآن أصبح يكره نفسه.. يحتقرها.. ويشمئز من جسده الذي يطالبه مرات عديدة بالرضوخ لها.. ولكن بقايا عقل وإرادة ما زال يتمتع بهما هما ما يحميانه من السقوط بفخها ثانية.. وإن غيرت تكتيكاتها الآن وأصبحت تلعب دور الزوجة الهادئة الصبورة المطيعة.. حتى أنها تقوم الآن بغسل ثيابه وكيها.. وهو يعلم أنها خطة جديدة.. وهي تعلم أنه يعلم.. ولكنهما مستمران في الدوران بحلقة مفرغة لعلهما يصلا يوما إلى ثغرة الهروب.. أو العودة...
وبمقر مجموعة الغمراوي..
كان يزيد يتأمل شاشة هاتفه وابتسامة ساخرة ترتسم على شفتيه وهو يعيد قراءة الرسالة التي وصلته من ريناد..
يزيد.. أنا حامل!....
حاول جاهدا البحث عن لمحة سعادة أو لهفة للذهاب إليها وتهنئتها على حمل انتظرته طويلا.. ولكن للأسف.. لا شيء.. حتى أنه شكر ربه لاختيارها تلك الطريقة الباردة لإخباره فهو لم يجد بنفسه حتى القدرة على التظاهر بالسعادة بل كان يشعر بالڠضب.. نعم الڠضب.. غاضب من ريناد.. ومن علياء.. ومن نفسه بالطبع فكل ما يقلقه الآن إحساسه بأن مشاعر الأبوة لديه تتجه لأولاده من علياء فقط.. يخشى أن يرث طفل ريناد انعدام مشاعره نحو أمه.. فكل ما يفكر به حاليا.. أن ريناد ستعتقه من رحلات الأطباء وما يتبع ذلك من أنظمة وجداول ومواعيد تربطه بها.. وفكرة أخرى تساوره.. أن أمه أخيرا ستمتع نفسها بحفيد من ريناد..
زفر بحنق وهو يفكر بالسبب الثاني لغضبه.. ريناد.. ورغبتها المسعورة في الحصول على طفل.. حتى وإن كانت لا تحب والده..
نعم.. أنه يعلم الآن وهي وأيضا تعلم أين يكمن قلبه.. ولكنها لا تبالي.. وهي من أوضحت له تلك الحقيقة في إجازتهما الأخيرة.. حيث كانا يتمشيان على الشاطئ الخاص بالفندق الذي يقيمان به عندما سألته ريناد فجأة
أنت ليه ما وافقتش أننا نسكن في شاليه المعمورة..
صمت للحظات ولم يجد ما يجبها به.. ثم أخيرا أجابها
أكيد الإقامة في الفندق أريح لك.. و..
قاطعته بواقعية
والشاليه حكر على عليا بس..
همس بتردد
أنا..
قاطعته مرة أخرى
أنت عاطفي قوي يا يزيد.. عارف في أول خطوبتنا لما كنت بتقولي أنك مش عارف الحب ده بيوصفوه ازاي.. وأننا طالما مرتاحيين مع بعض يبقى مشاعرنا ضروري هتتوافق.. كنت بكون مرتاحة ومبسوطة أنك مش هتحملني فوق طاقتي..
قاطعها بتعجب
فوق طاقتك!!
أومأت موافقة
ايوه.. كلام الحب والغزل.. أنت عارف.. نظام الأغاني والمشاعر وكده..
نظر إليها بدهشة.. فأكملت
بص يا يزيد أنت فاهمني كويس وعارف أفكاري ماشية ازاي.. أنا واقعية.. بحب أحسبها 11 2.. في بداية علاقتنا لما أنت ما صرحتش بكلام حب وعشق.. اكتفيت بالغزل بس.. كنت مرتاحة جدا.. وكنت فاهمة
متابعة القراءة