رواية كاملة قوية الفصول من التاسع وعشرون للثاني وثلاثون بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
ذراعيها وهي تسأله بنزق
وبعدين..
سألها مباشرة
تحبي تتطلقي..
شهقت بقوة
أنت اټجننت!!.. عايز الناس تقول أنك طلقتني عشان ابني ما بيسمعش ويفتكروا الغلط من عندي!
رفع عينيه للأعلى وهو يزفر بيأس
يا الله..
حاولت تصحيح كلماتها فمنعها بإشارة من يده وهو يخبرها بحسم
بصي.. آخر فرصة قدامك عشان تثبتي أنك ممكن تكوني ست وأم.. رامي أنت اللي هتراعيه وتاخدي بالك منه.. ما فيش مربيات ولا دادات.. الولد مريض وهيحتاج أمه..
علياء..
ثم كرر بصوت أعلى عندما لمح اعتراضها
أيوه.. علياء حجزت لرامي عند دكتور كبير متخصص.. وميعادنا بعد يومين.. لحد ما نروح للدكتور ونعرف ايه أبعاد الموضوع ما تفارقيش الولد لحظة.. فاهمة يا ريناد.. دي فرصتك الأخيرة.. وإلا هيكون لي تصرف تاني..
سكت لحظات وهو يضغط على حروفه
ثم ألقى إليها جملتها الصباحية وهو يسخر بقوة
الأيدول بتاعك كزوجة.. وأم..
وقف مازن يرتشف كوبا من القهوة الدافئة وهو شارد بعينيه غافلا عن روعة المشهد أمامه مساحات خضراء واسعة تظهر خلالها مجموعات متفرقة من تجمعات زهرية مختلفة بينما يمر أمام نافذة المنزل غدير ضيق يصل صوت جريان المياه به لسكان المنزل كموسيقى هادئة يبدو أنهم اعتادوا عليه بينما هو لم يغمض له جفن وهو ينصت لأصوات الليل المختلفة.. أو لعله كان يهرب من راحة يمنحها له النوم.. يهرب من حياة قلبت رأسا على عقب ولم يعد يعرف وسيلة لاصلاحها.. يهرب من عجزه عن حب دنيا ومن حبه لنيرة.. فحاليا يبدو أنه لا أمل لحل تلك المعضلة..
صباح الخير.. ايه صاحي بدري يعني..
هز مازن رأسه
ما عرفتش أنام.. يمكن عشان مش متعود على المكان..
رفع حسن حاجبا غير مصدق وتساءل بطريقة مباشرة
وحشتك عشق..
ابتسامة حزينة كانت اجابة مازن الذي رفض استدراج شقيقه له لمناقشة طلاقه من دنيا.. فبادره بسؤال
مرر حسن مرواغة أخيه بتفهم وهو يجبه
فتحنا فرع تاني للمطعم هنا غسان بيدير فرع باريس وأنا حبيت أبعد عن دوشة المدينة..
ثم وكز أخيه بود
ما هو أنت لو بتسأل كنت عرفت!
ارتسمت الجدية على وجه مازن وهو يسأل
أنت مش ناوي ترجع مصر... يعني عشان أزور أخويا لازم آخد طيارة لباريس وبعدها مشوار تاني عشان نوصل لبيتك.. امتى هترجع يا حسن..
وأنا باقي لي ايه في مصر عشان أرجع له!
عاتبه مازن پألم
ولا حتى أنا!..
أنت عندك عشق.. ربنا يخليها لك.
زفر مازن بضيق
أنت مصر تفتح الموضوع!
واجهه حسن بصراحة
أنت جاي مجرد هروب وبعد.. ولا فضفضة.. ولا بتدور على حل..
هز مازن رأسه بمعنى لا أمل
الفضفضة مش هتريح لأنه للأسف ما فيش أمل ولا حل.. دنيا مصرة على موقفها.. حاولت معاها كتير.. وللأسف مش لاقي حل..
غريبة!.. مع أن الحل واضح قدام عينيك ده لو كنت عايز تشوفه!.. أقصد طبعا حل يخليك تحتفظ ب عشق..
وسكت لحظة وأكمل بلهجة ذات معنى
وأم عشق!..
نظر إليه مازن بدهشة
حل!!.. حل ايه..
صمت حسن لحظات قبل أن يخبره بحسم
تطلق نيرة!
برقت عينا مازن بعدم تصديق فأكمل حسن بتقرير
شوفت.. دهشتك دي بتقول أنه فكرة انفصالك عن نيرة ما مرتش ببالك.. حتى لو كان ده تمن وجودك جنب بنتك..
وضع كفه على كتف مازن يواسيه بحزن
أنا مش عايز أقول أنه حبك لها لعڼة.. أو سحر أسود أنت ابتليت به.. بس للأسف دي الحقيقة.. حبك لها ذنب وأنت مش عارف تتوب منه..
وقبل أن يجيب مازن ارتفع صوت لورا تطلب منهما الحضور لتناول الافطار..
جلس مازن إلى مائدة الافطار وكلمات أخيه تدوي في أذنيه كأجراس ضخمة تهز كل ثوابته.. وتوجه حسن ببساطة ليأتي بطفلته أولا.. ثم جلس ووضعها على ركبته بينما ظهرت علامات الألم على وجه زوجته.. ولكنها أخفتها بسرعة وبراعة أيضا.. ورسمت على وجهها ابتسامة واسعة وهي تخبر مازن
إنه هكذا على الدوام.. يضع مونا فوق ركبتيه في كل وقت.. حتى أنه أحيانا يصطحبها معه إلى عمله..
ابتسم مازن بمجاملة بينما دوى صوت حسن ببرود هادئ
إنها تدعى منى وليست مونا..
أخفضت لورا بصرها وأخذت تعبث بمحتويات طبقها وهي تتظاهر بتناول الطعام بينما شحب وجهها تماما.. وبدا حسن غافلا أو متغافلا عن الإحراج الذي سببه لزوجته وهو يداعب طفلته الصغيرة لتطلق ضحكات طفولية رائعة.. بقدر ما أسعدت مازن بقدر ما أوجعت قلبه وهو يتذكر ابنته وضحكاتها البريئة.. ترى هل استيقظت الآن.. هل تناولت طعامها.. هل تفتقده..
زادت تساؤلاته من أوجاع قلبه فحاول جاهدا الخروج بأفكاره من دائرة زوجتيه ومشاكله معهما.. استرق النظر نحو أخيه الذي يهمل وجود زوجته تماما رغم محاوتها المستميتة لارضائه وجذب انتباهه.. تلك المحاولات التي لاحظها هو على الفور منذ وطأت قدماه منزل أخيه.. حيث لاحظ على الفور التغير الكلي في ملابسها.. فهي لم تكن ترتدي ملابس ڤاضحة من قبل ولكنها لم تكن المثال الكامل في الاحتشام.. بعكس الوضع الآن فملابسها محتشمة أكثر من نيرة زوجته بل أنها تفوق دنيا احتشاما.. صوتها أكثر هدوء.. ويبدو أنها حسنت من لغتها العربية وإن كانت غالبا ما تلجأ إلى الإنجليزية.. وأكثر من ذلك ما علمه من أخيه بتركها لعملها وتفرغها لإدارة شئون منزله ورعاية طفلتهما.. يبدو أنها تقدم الكثير والكثير لتستحوذ على قلب أخيه المتمرد.. أنها تشبه دنيا في هذه الناحية لكن ما يفرقها عن دنيا هو ذاك الشموخ الذي تتمتع به الأخيرة.. شموخ جبار وكبرياء أنثوي دفعها لتركه حتى تحتفظ بحبه في قلبها كأيقونة عشق.. مثلما أطلقت على ابنته فهي بالنسبة لها عشق مازن.. وله هي هدية عشقها له..
الآن فقط استوعب اصرارها على الاسم.. وصاحب استيعابه ذاك إدراك لعذاب لورا عندما أصر حسن على إطلاق اسم منى على ابنتهما.. خاصة وهو كما يبدو ملتصقا بالطفلة على الدوام..
تأمل ملامحها للحظات وقد ظهرت معالم الألم على وجهها وراقب محاولاتها المستميتة لاخفائه وهو يتساءل بداخله عن قدرتها على تحمل جفاء أخيه الواضح نحوها وإذا ما كانت ستقرر يوما الابتعاد حفاظا على كبريائها.. و... قلبها... كما فعلت دنيا.. تبا.. تدور أفكاره في دوائر مغلقة وتعود لترسو عند دنيا وحياته معها تلك الحياة التي يفتقدها بشدة.. كما يفتقد عشق الصغيرة حد الألم.. نظر إلى ساعته وقرر أن الوقت ملائم ليهاتف صغيرته فاستأذن متوجها إلى غرفته ووصله صوت أخيه يخبره
مدام فريدة اتصلت تعزمنا كلنا على افتتاح معرضها الجديد..
أومأ مازن موافقا وهو يتسلق درجات السلم الداخلي بسرعة ليسمع صوت ابنته.. حتى لو كانت أصوات أنفاسها أو بكائها..
وعلى مائدة الافطار رفعت لورا عينين حزينتين إلى حسن وهي تسأله بلوم
لماذا تعمدت احراجي أمام أخيك..
استمر حسن في مداعبة
متابعة القراءة