رواية كاملة قوية الفصول من التاسع وعشرون للثاني وثلاثون بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

في إطعام الصغير ولكن لم يعرف كيف.. وحاول تغيير ملابسه ففشل أيضا.. فلم يجد بد من الاتصال بريناد ولكنه وجد هاتفها مغلقا.. بالطبع.. فالسيدة المصون في جلسة الأيروبكس..
لم يعرف كيف يتصرف فوجد نفسه يحمل الصغير ويجمع بعض أغراضه ويتوجه إلى شقة علياء التي وقفت ترمقه بدهشة وهو يخطو إلى غرفة المعيشة حاملا رامي بين ذراعيه متسائلا بيأس
أنا مش عارف اسكته ازاي.. مش بيبطل عياط.. يادوب نام ربع ساعة في العربية و..
قاطعته وهي تتناول الصغير الباكي من بين يديه وتحاول تهدئته قليلا.. وهي تستمع ليزيد وهو يقص عليها ما حدث ويختتم كلماته قائلا
أنا عارف أني بطلب منك حاجة فوق طاقتك.. بس مش عارف أتعامل معاه.. ومش ممكن اسيبه مع المربية.. دي ممكن تموته وهي بتهزه بالطريقة البشعة دي..
نجحت علياء في تهدئة الصغير قليلا وطلبت من أم علي تجهيز الحليب الخاص الذي أتي به يزيد معه.. وجلست على إحدى الأرائك بإرهاق وهي تداعب خصلات الصغير الذي بدأ يستكين لمداعبتها وحنانها الفطري
اسمه رامي صح.. يشبهك على فكرة..
سألها هامسا
بجد!.. مع أن..
قاطعته وهي تداعب الصغير وتهدهده
عشان يعني شعره وكده.. بس ملامحه هي ملامحك..
جلس بجوارها وهو يتأملها بحنان واقترب منها ليلفها بذراعه ويطبع قبلة دافئة على وجنتها هامسا
آسف..
التفتت له بدهشة
اعتذراتك كترت يا يزيد.. بتعتذر ليه المرة دي..
هز رأسه وهو يخبرها
مش عارف.. ما فيش حاجة معينة.. وفي نفس الوقت في حاجات كتير..
وقبل أن تجبه تعالى بكاء رامي مرة أخرى فضمته علياء إليها أكثر وحاولت تهدئته ولكنه لم يستجب لها وارتفع صوت بكائه مرة أخرى لتجد نفسها تضمه إلى صدرها أكثر وتبدأ في ارضاعه تحت أنظار يزيد المذهولة وهو يهتف بها
أنت.. أنت هترضعيه بجد
رفعت رأسها إليه
أومال يعني هسيبه يتفلق من العياط..
عدلت وضعه وبدأ الصغير يرضع في نهم وهو يرمق علياء بنظرات ممتنة.. وعلياء تبادله نظراته لا تعلم كيف تشعر تحديدا.. فهي تحتضن بين ذراعيها ابن زوجة زوجها.. أغمضت عينيها لتهمس بداخلها ابن ريناد ويزيد.. حفيد سهام.. هي عاجزة عن ايجاد سبب واحد يجعلها تضم ذلك الصغير لصدرها بل وتعامله كأحد أولادها.. لم لا تلفظه بعيدا كما فعلوا بها. لم هي عاجزة عن طرده هو وأبيه واخباره أن يأخذ الطفل لريناد فهي أولى بابنها.. أو حتى إلى سهام فهو الحفيد المعترف به في عرفها.. لم رق قلبها للصغير.. هل لأنه ابنه قطعة منه.. وهي تعشق الكل فكيف تلفظ الجزء!.. أم هي تلك النظرة المستغيثة في عيني الرضيع.. لم تفهم كيف ترتسم نظرة كتلك في عيني طفل لم يفقه من أمر الدنيا شيئا.. لعله شعور الحرمان أو الاحتياج الذي طالما عانت منه على يدي سهام.. ربما شعورهما المشترك باليتم هو سبب ذلك الاتصال الروحي الذي شعرت به نحو رامي.. وكأنه ينتمي لها.. لذا لم تشعر بنفسها وهي تضمه لقلبها وترضعه مثل أخويه حمزه وحازم.. كان تصرفا عفويا منها ولم تستوعبه حقا إلا بعد رؤية نظرات يزيد المذهولة..
شعرت لحظة بتوقف الصغير عن الرضاعة وعودته للبكاء.. ففتحت عينيها ترمقه بحنان.. وهي تداعب خصلاته الشقراء هامسة
هتغلب قلوب البنات معاك يا ابن يزيد..
عاد الصغير للرضاعة بهدوء بينما تحرك يزيد لينزل على ركبتيه ويواجهها ممسكا بكفها ليرفعه إلى شفتيه ويقبله بدفء هامسا وعيناه غارقة بعينيها
يا رب يكون محظوظ زي يزيد.. ويلاقي اللي تملا قلبه زي يزيد..
ابتسمت برقة وكادت تهتف بسعادة وبيلومني في حبك يا مچنون..
ثم ألقى رأسه على ركبتيها وهو يتمم بغيرة
هو ينفع أقولك أني غيران من رامي دلوقت وعايز أجره من شعره الناعم ده!
انطلقت منها ضحكة ناعمة وهي تهتف بصوت عال
مجنوووون..
ارتكز على ركبتيه ليضمها هي ورامي إلى صدره ويحيطها بذراعيه هامسا في تجويف عنقها بشغف
مچنون بيكي.. وكل ما تمر السنين جناني بيزيد أكتر وأكتر..
انطلق صړاخ رامي مع دخول علي كالقنبلة ليلف ذراعيه حول والده هاتفا
يزييييييد.. أنت جيت من الثغل بدري ليه..
ابتعد يزيد عن علياء وهو يهمس
جه مفرق الجماعات..
ثم الټفت إلى علي ليلفه حول كتفه وهو يسأله بحزم مصطنع
رجعت امتى من المدرسة..
جاوبه علي بشقاوة
اثمها الحضاااااااانة..
ثم الټفت إلى أمه التي نجحت في تهدئة بكاء رامي بعدما استعادت تواصلها البصري معه وقد أثار ذلك دهشتها وقلقها في نفس الوقت.. ولكن دخول نادية إلى الغرفة وقد بدلت ملابس الحضانة بثوب طفولي وردي اللون واتجهت إلى والدها لتستوطن ركبتيه وهي تسأله بدلال
جبت الشوكولاة لندوش..
قبلها يزيد بقوة على وجنتها وهو يهتف
ندوش تؤمر..
ابتسمت علياء للمشهد أمامها فيزيد يحاول أن يغير من نفسه.. يحاول بالفعل.. قد ينجح مرة ويفشل مرات إلا أنه يحاول الاقتراب من أولاده.. يسعى جاهدا ليثبت لها أنه تغير.. أنه يهتم.. وهي تحاول مساعدته قدر استطاعتها.. وبقدر ما تسمح به خبرتها المحدودة في الحياة..
تردد فجأة صوت علي وقد أضناه التفكير
مين النونو اللعبة اللي على رجل لولو ده.. أنتوا غيرتوا حمزه وحازم بنونو ملون!..
كتمت علياء ضحكتها بصعوبة بينما غمر الذهول يزيد من السؤال.. ذهول أضيف له شعور مبهم بالڠضب.. فكيف لم يفكر لحظة واحدة في تعريف أولاده على بعضهم!.. كيف يجهل الأخ أخاه!..
أفاقه من شروده همسة علياء وقد سطرت على ابتسامتها واستشعرت ڠضب يزيد واتجاه تفكيره
ما تضايقش يا يزيد.. الولاد لسه صغيرين.. وأكيد أما يكبروا هيعرفوا بعض..
ربنا يخليك لهم وتجمعهم دايما..
رفع يزيد عينيه إليها في امتنان.. وبداخله حاجة حاړقة لأخذها بين ذراعيه.. فقط لتمنحه ذلك الشعور بالاطمئنان والراحة..
وسمعها تنادي نادية وتجلسها بجوار علي لتشرح لهما ببساطة وهي تشير إلى رامي الذي أنهى طعامه وأغمض عينيه لينام
النونو الجميل ده اسمه رامي.. وهو يبقى أخوكوا.. زي أدهم وحمزه وحازم.. بس هو عنده ماما تانية..
قاطعها علي
طيب ليه مامته مش بتأكله من اللبن بتاعها.. ليه جاي ياكل اللبن بتاع حمزه وحازم
وأسرعت نادية لتلقي سؤالها هي الأخرى
يعني هو النونو ده..
ثم صححت كلمتها
رامي.. هيعيش معانا هو ومامته..
جذبها يزيد لتجلس على ركبتيه بعدما أسند ظهره إلى أحد المقاعد وسألها بغموض
أنت عايزاهم يعيشوا معاكوا..
رمقته علياء بدهشة بينما أجابت نادية ببراءة
رامي بس يعيش معانا.. هو شكله حلو.. عامل زي باربي بتاعتي.. بس مامته لأ.. احنا عندنا لولو.. مش عايزين غيرها..
ونهضت بسرعة لتتسلق الأريكة وترمي بذراعيها حول عنق علياء وتبعها علي وهو يصدر بعض الأصوات المزعجة كعادته فضمتهما علياء بحرص حتى لا تسقط رامي من فوق ركبتيها.. وبعينيها سؤال ملح توجهه ليزيد عما قصده بسؤاله.. عن إقامة رامي ووالدته معهم!!.. ولم تستطع منع السؤال الذي انطلق من بين شفتيها بقلق
يعني ايه يا يزيد. تقصد ايه بكلامك ده..
رمقها يزيد لوهلة وآلمه رؤية معالم الخۏف والقلق على وجهها فاستدعى أم علي.. وطلب منها الانتباه للأولاد ووضع رامي بغرفة أخويه حمزه وحازم..
ثم سحب علياء إلى غرفتهما كعادته بدون انتظار رأيها.. ولم تعترض هي تلك المرة فأفكارها كانت تدور في فلك آخر.. لا تريد
تم نسخ الرابط