رواية تحفة الفصول من التاسع عشر للثاني وعشرون بقلم الكاتبة الرائعة بقلم ملكة الروايات

موقع أيام نيوز

منها مهما تغيرت ملامحها أو تلونت عيناها وأصطبغت شعيراتها أو حتى أختبأت كليا وراء حجاب 
عقب تفكيره ذلك شعر بالإرهاق يغزو جسده فأخذ يمسد أعلى كتفيه وعنقه بكفيه راغبا فى التخلص من الإجهاد المسيطر عليه فجسده لم يذق طعما للنوم أو للراحة منذ البارحة وأيضا معدته الفارغة بدأت بالتذمر معلنه عن رغبتها فى إيجاد مصدر للطاقة تقوم بالعمل عليه فتذكر محبوبته التى لابد أن يكون الجوع قد بدأ فى السيطرة عليها الآن هى الأخرى لذا قام على الفور بالإتصال بإحدى الأرقام المدونة لديه لطلب مالذ وطاب من الطعام الذى تفضله فرح 
بعد الساعه تقريبا 
تصاعد رنين جرس منزل فرح وسط إنهماكها فى تنظيف كل قطعة من غرفتها فتوجهت إلى الأسفل غير عابئة بوجهها الذى يعلوه الأتربة تتأفف بإرهاق من ذلك الرنين المتواصل الذى دفعها لترك مابيدها بعد أن كادت أن تنتهى 
تحولت قسماتها إلى الڠضب وهى تقوم بفتح باب منزلها قائلة پعنف دون أن تنتبه إلى هوية الطارق 
_ فى إيه ! الدنيا مش هتطير 
بالطبع لم يكن الطارق سوى كريم الذى تحول لتمثال من الشمع يحمل بيده العديد من حقائب الطعام الورقية حيث لم يتحرك من بقعته بينما عيناه أتسعتا عن آخرهما يتأملان تلك الواقفة أمامه 
فهاهو وجهها يظهر بوضوح بعد أن أزالت تلك الأصباغ التى كانت تغطيه ليحل محلها بعضا من الأتربة الداكنة التى لطخت وجنتيها وجبهتها 
بينما تلك الكنزة القطنية الصفراء اللتى ترتديها والملطخة هى الأخرى بالأتربة لم تزيدها إلا سحرا ورونقا خاصة عند إنعقادها بتلك العقدة والتى كشفت قليلا من بشرتها البيضاء النظيفة الناصعة 
أما ذلك البنطال الأسود الخاص بالرياضة والذى تحول لونه إلى الرمادى بفعل ذرات التراب فهو لم ينجح فى إخفاء منحنيات جسدها المتناسق بينما شعيراتها المرفوعة إلى الأعلى بلا تنسيق زادتها جاذبية وجمالا 
_ ماتدخل واقف ليه !
أفاق كريم على تلك الكلمات تخرج من بين شفتى فرح والتى تناولت من يديه بعضا مما يحمله قائلة 
_ جيت فى وقتك كنت ھموت من الجوع 
تقدم إلى الأمام بضع خطوات قائلا بخفوت 
_ ماأنا قولت كده بردو 
ولته ظهرها متوجهة إلى المطبخ لإحضار بعضا من الأطباق قائلة 
_ جبتلنا إيه بقى !
ظلت عدستاه محملقتين بها فترة ليست بالقليلة قبل أن يستجمع شتاته قائلا بنبرة حاول إخراجها حادة وهو يحدق بالنوافذ المفتوحة بكل مكان هربا من ذلك الشعور الذى يتملكه 
_ انتى ازاى سايبة كل الشبابيك دى مفتوحة وانتى لابسة كده 
كانت فى طريقها إليه حاملة بعضا من أدوات المائدة عندما ألقت نظرة خاطفة على ماترتدية قائلة 
_ مش فاهمة ! لابسة إيه ! أنا فى البيت على فكرة مش فى الشارع 
زادت إجابتها المنطقية من إغاظته فأضاف بتوتر 
_ ماأنتى بتفتحى الباب كمان كده أفرضى كان حد تانى غيرى 
أجابته دون ان تنظر إليه 
_ أطمن أنا عارفه انه انت محدش يعرف غيرك إنى هنا 
فى التو تذكر كريم صديقه هشام وزاد غضبه من إحتمالية مروره عليها فى أى وقت لكنه فضل عدم ذكر اسمه قائلا 
_ ومش سقعانة وانتى كده 
ظهرت على وجهها شبه إبتسامة سرعان ماأختفت وهى تجيبه بعدما وضعت مابيدها فوق إحدى الطاولات التى قامت بتنظيفها جيدا 
_ بالعكس أنا أتحريت أوى من التنضيف فرهدت خلاص 
أجابها بعدم تصديق 
_ مش للدرجادى يعنى انتى لسه مكملتيش ساعة 
خرجت كلماتها بطريقة طفوليه وكأنها تدافع عن نفسها قائلة 
_ لا والله أشتغلت كتير أوى حتى تعالى شوف الأوضة فوق بقت عاملة إزاى 
توجهت نحو الدرج ببطئ وتمايلت بجسدها صعودا قبل أن تلتفت إليه قائلة 
_ تعالى يلا 
لم يجيبها فتسائلت بإبتسامة ظافرة 
_ إيه مش هتيجى !
شعر بالحرارة تغزو وجهه وماء حلقه ينضب بينما دقات قلبه تتزايد وترتفع من دلالها بتلك الصورة وكأن خفقات صدره تكاد تقفز من مكمنها مع كل حركة تقوم بها محبوبته وفى النهاية وجد جسده عاجزا 
ففمه عجز عن النطق وقدميه عجزا عن الحراك وحتى عينيه عجزا عن التزحزح عنها 
وبعد الكثير من الدقائق التى تلاقت فيها النظرات دونما حديث نطق هو أخيرا بصوت مبحوح قائلا بتصميم 
_ أنتى تكلمى عمك النهاردة 
لم ينتظر إجابتها بل وضع مابيده أرضا وتركها مغادرا على الفور خوفا من فشله فى السيطرة على شوقه إليها 
بينما تلك الإبتسامة التى قفزت على شفتيها كانت كفيلة لإظهار فرحتها بعد تأكدها من إستمرار رغبته فى الزواج منها فهو بالتأكيد لايزال مقيدا بحبها كما توقعت 
بخطوات ثابتة وأنف شامخ وجسد يتحرك بخيلاء واضح أكملت هى خطواتها على الدرج صعودا عقب رحيله تناست جوعها وإرهاق عضلاتها فرحة بذلك الشعور الذى شملها 
أتجهت إلى مرآتها التى أعتلاها الكثير من الأتربة وشرعت فى تنظيفها لترى وجهها الملطخ فأبتسمت بإستعلاء وهى تتأمل ملامحها التى لم تزيدها الأتربة سوى جاذبية خاصة بإنعكاس ضى تلك الكنزة الصفراء المعقودة عند منتصف معدتها 
تراجعت للخلف كى تستطع رؤية جسدها بأكمله بأعين يملؤها التغطرس والتباه عندما وقعت عيناها على زجاج شرفتها المنغلقة فأبتسمت بإستخفاف متوجهة إليها بعدما أزالت عقدة شعرها تاركة إياه ينسدل أعلى كتفيها بعفوية كادت أصابعها تقوم بتنظيف وجهها أولا لكنها تراجعت فى اللحظة الأخيرة مفضلة البقاء على هذا النحو 
تظاهرت بعدم رؤية ذلك الواقف بالشرفة المقابلة لها وقامت بفتح خاصتها على مصرعيها قبل أن تتوجه إلى الداخل من جديد وتتصنع تنظيف ماتبقى من غرفتها العديد من النظرات الجانبية وجهتها لذلك المشرأب والذى تتبع خطواتها بإهتمام قبل أن تظهر على جانبى شفتيها تلك الإبتسامة المتعجرفة الزاهية 
ماهى إلا نصف الساعة حتى فرغت من تنظيفها فتوجهت من جديد إلى شرفتها تغلقها بإحكام دون أن ترنو بنظرها إليه 
وبأقدام ثابتة دون أن تشعر وجدت ساقيها يجذبانها إلى غرفة شقيقتها الملاصقة لها أضائت مصابيحها وتأملتها قليلا بوجه خال من أى مشاعر قبل أن تتوجه إلى خزانتها وتلتقط منها بعض الملابس والإكسسوار ومن ثم عادت مرة أخرى إلى غرفتها للإغتسال 

تجاوزت الساعة العاشرة مساءا عندما وقفت فرح داخل شرفتها ممسكة بيدها كوب من القهوة سريعة التحضير تتأمل المكان من حولها فى سكون تام متعجبة من ذلك الهدوء الغير معتاد والذى يخيم على المنازل المجاورة والتى خلت حتى من صړاخ الأطفال أو أصوات التلفاز العالية وكأنها قد هجرت فجأة دون إنذار يبدو أنها قد تناست عادات الكثير من جيرانها فى ذلك الوقت من السنة حيث يقضون فترة الشتاء فى أماكن اكثر دفئا بالقرب من أماكن أعمالهم فيصبح المجمع السكنى اكثر هدوئا وأقل نشاطا من فترة الصيف المبهجة 
عقب إستحمامها كانت ترتدى كنزة بيضاء خريفية طويلة تصل إلى منتصف فخذيها رقيقة نوعا ما حيث تصف ما بأسفلها بينما ساقيها فكانتا شبه عاريتين لايزينهما سوى حذاء بيتى من الصوف يصل إلى ركبتيها كانت تعتمد على مشروبها الساخن فى بث الدفئ داخل
تم نسخ الرابط