رواية تحفة الفصول من التاسع عشر للثاني وعشرون بقلم الكاتبة الرائعة بقلم ملكة الروايات

موقع أيام نيوز

والتى ربما تحمل خبر جديد عن من غابوا عنه منذ خمسة أشهر !!!
فى إحدى ليال الشتاء الباردة 
كان يجلس كعادته داخل شرفته متلحفا بغطاء سميك يحميه من برودة الطقس بينما بيده كوب من الكاكاو الساخن يستمد منه بعض الدفىء أثناء تفحصه لهاتفه والذى تغيرت شاشته فجأة بقدوم رسالة نصية من رقم خارج البلاد 
أنقبض قلبه فور رؤيته للأرقام الأولى والتى تشبه كثيرا ذلك الرقم الذى كانت ترساله منه محبوبته قبل إختفائها لم يتوان عن فتح الرسالة خلال ثوان ليقرأ بلهفة حقيقة تلك الكلمات التى أعجزت قلبه عن الخفقان من فرط الصدمة 
أنا جاية بكره فى طيارة تلاته ونص العصر أستنانى فى المطار 
تلفت حوله بغير تصديق وأعاد قراءة الرسالة لعدة مرات بعد أن مسح عينيه بقوة ليتمتم بسعادة عقب ظهور إبتسامته أخيرا التى أضاءت وجهه البائس قائلا 
_ أخيرا يافرح 
دون تفكير أعاد الإتصال بذلك الرقم على أمل التزود بنبرات صوتها التى أشتقاها بشده علها تعينه على الإنتظار إلى الغد لكن رغم إتصاله عشرات المرات إلا أن محاولاته بائت جميعها بالفشل بعد تلقيه تلك الرسالة المسجلة باللغة الإنجليزية تنبأة بإنغلاق الرقم 
لم يدع ذلك الأمر يعكر صفوه بل تأهب بجميع جوارحه لقدومها تخبط داخل منزله يمنة ويسارا غير قادر على كبح جماح نفسه المتحمسه خاصة عندما لم يستطع نوم ليلته الأخيرة قبل لقياها حيث ظل يقظا حتى موعد عمله الذى تعجل مروره بعد أن أنشغل تفكيره بل حواسه جميعها بذلك اللقاء المنتظر 
لم يستطع إستكمال يوم عمله وأعتذر عما تبقى له فى ذلك اليوم ليغادر باكرا قبل مرور منتصف اليوم متجها إلى منزله للتأهب والإستعداد أولا ثم قام بالتحرك إلى المطار قبل الموعد المحدد بثلاث ساعات مكتملة 
مرت الساعات كالسنوات العجاف أثناء إحتلاله قاعة الإنتظار بترقب شديد حتى دقت الساعة الثالثة عصرا ثلاثة دقات عصفت بما تبق من دقات قلبه المتسارعة ماهى إلا نصف الساعة 
ثلاثون دقيقة فقط هى ماتبقت على وطأها لأرض موطنه ثلاثون دقيقة وتتقارب الأرواح من جديد قبل أن تتماس الأيد بالسلام والإشتياق فى تلك البقعة مرة أخرى مثلما تلامست مودعة باكية 
قاطع إرتجافة قلبه وحماس نفسه ذلك الصوت المألوف يأتيه من خلفه بنبرته الساخرة 
_ جتلك رسالة أنت كمان !
ألتفت كريم إلى صاحب الصوت والذى ركز أنظاره عليه بإستخفاف فما كان من الأول إلا أن يتسائل بدهشة حقيقة 
_ هشام أنت بتعمل إيه هنا ! 
وضع هشام كفيه بداخل جيبى بنطاله مجيبا 
_ نفس اللى بتعمله أنت بالظبط 
ثم أضاف موضحا 
_ الرسالة 
عبس كريم متسائلا بشك 
_ الرسالة !
أومأ هشام برأسه قائلا 
_ هى مش قالتلك بردو تستناها تلاته ونص 
صمت قليلا قبل أن يتسائل بحيرة واضحة أضافت الشك إلى قلب صديقه 
_ بس تفتكر الرسالة من مين فيهم 
أجابه كريم دون تفكير 
_ أكيد من فرح 
رفع هشام كتفيه بغير إكتراث مجيبا 
_ وليه مش من هنا 
صمت كريم لبضع لحظات قبل أن يقول بإقتناع 
_ مش هتفرق أكيد جاين مع بعض 
أخرج هشام إحدى يديه من داخل جيب بنطاله ليطالع ساعته قائلا 
_ يمكن 
سادت لحظات من الصمت والترقب قاطعها كريم قائلا 
_ تفتكر عمليه بباهم نجحت 
هشام دون أن ينظر إليه 
_ كله هيبان مستعجل على إيه كلها نص ساعة ولا ساعة بالكتير ونلاقيهم كلهم داخلين علينا 
تناسى كريم تماما أمر أبويها وشقيقتها فلم يستعد سوى لرؤيتها هى فقط لكن عقب تذكره أمر العائلة هز رأسه متفهما حقيقة مراسلتها لهشام أيضا أو من الممكن أن تكون شقيقتها هى من راسلته فى النهاية نفض عن رأسه ذلك التفكير وأستعاد من جديد حماسه لرؤيتها 
ذلك الحماس الذى أعجزه عن إعتلاء مقعده لعدة دقائق متكاملة بينما هشام إنشغل بهاتفه أثناء جلوسه بهدوء على إحدى المقاعد واضعا ساق فوق أخرى تمسك يمناه كوب ورقى من القهوة يرتشف منه كل حين 
تهللت أسارير كريم فور إرتفاع ذلك الصوت الجهورى معلنا عن وصول رحلة لندن فتوجه على الفور بأقدام تكاد أن تقفز وثبا إلى صالة الإستقبال ليقف وراء ذلك الحاجز الذى يفصل بينهم وبين القادمين من الخارج بعد عدة لحظات أتبعه هشام بخطوات ثابتة رزينة بعدما أنتهى من قهوته ليقف جانبه بهدوء دون أن ينبس ببنت شفة حيث أكتفى بترقب صديقه وتلك الحالة التى يراه عليها لأول مرة 
ماهى إلا دقائق قليلة حتى بدأ توافد المسافرون من مختلف الجنسيات كل يدفع حقائبه أمامه بأعين باحثة عن متلقيه وبإبتسامات بشوشة فرحة لوطأهم أرض الوطن بسلام لم تفارق إبتسامة كريم وجهه رغم القلق المسيطر عليه حتى أعتقد كل من وقعت عيناه على ذلك الأخير بأن إبتسامته موجهة إليه فلم يملك سوى أن يبادلها بأخرى بينما ذلك المبتسم لم يهتم بأحد سواها هى فالآن سيلقاها الآن أخيرا بعد مرور خمسة أشهر كاملة سينعم برؤيتها ورؤيه رماديتيها وإبتسامتها الهادئة 
تلك الإبتسامة التى هتف فور وقوعه عليها عليها من بعيد قائلا دون أن يشعر ملوحا إليها بصوت جهورى 
_ فرح فرح 
توجه هشام بنظراته إلى حيث يلوح صديقه لكنه تسمر بنظراته قبل أن يقول بشك وهو يضيق عينيه محاولا كشف هويتها 
_ دى فرح ولا هنا 
أجابه كريم دون أن يشعر متناسيا تلك الحواجز التى بنيت بينهما 
_ لا لا فرح يابنى 
وسرعان ماأضاف بصوت أعلى يقرب للصياح للفت إنتباهها إليه وسط ذلك الزحام 
_ يااااافرح 
أستطاعت هى رؤيته فى النهاية فلوحت إليه بحماس أثناء إقترابها منه بينما هو كاد أن يقفز بلهفة متخطيا تلك المسافات بينهما لكن صوت هشام المتشكك أتاه من جديد ليثبط فرحته متسائلا مرة أخرى 
_ متأكد أنها فرح ياكريم ! مش واخد بالك لابسة إيه !
فى تلك اللحظة خبت إبتسامة كريم وهدأت حواسه عقب إنتباهه لما ترتديه ذلك الزى الجرىء المنفتح والأقرب لملابس شقيقتها فأجاب بتشكك 
_ تقريبا دى هنا معاك حق بس تلاقى فرح لسه هتيجى وراها 
أشرأب بعنقه باحثا من جديد بينما هى تقترب منهم أكثر ولا أثر لوالديها أو شقيقتها من ورائها فعلق هشام 
_ شكلها جاية لوحدها 
هز كريم رأسه بعبوس قائلا 
_ اه بس دى مش عارف 
تأملها هشام طويلا قبل أن يقول 
_ يمكن فرح بس شكلها متغير شوية 
أجابه كريم بحيرة حقيقية 
_ مش عارف أول ماشوفتها كنت بحسبها فرح بس من قريب شكلها متغير وكمان ده ستايل لبس هنا مش فرح خالص 
هشام غامزا راغبا إثارة حنق صديقه 
_ بس مش نفس لون شعرها أنا حافظ لونه 
رمقه كريم بنظرة غاضبة قبل أن يجيبه بنبرة غلبتها الغيرة قائلا 
_ يمكن مش نفس لون شعر فرح بس نفس طوله وأطرافه الفاتحة ويمكن صبغته إيه المشكلة 
أجابه هشام بإستفزاز 
_ أنا أقصد لون شعر هنا
حاول كريم كبح جماح نفسه متجاهلا إياه
تم نسخ الرابط