رواية تحفة الفصول من التاسع عشر للثاني وعشرون بقلم الكاتبة الرائعة بقلم ملكة الروايات

موقع أيام نيوز

للبكاء فى تلك اللحظة إلا أنها ابتسمت رغما عنها قائلة بمرح مصطنع 
_ أهو أنا كده أتأكدت إنك لسه بتحبنى 
أبتسم هو الآخر مجيبا 
_ ولا عمر حبك نقص ذرة جوة قلبى 
ثم أضاف بجدية 
_ مش هضغط عليكى عشان تتكلمى دلوقتى بس محتاج أتطمن إنك كويسة 
هزت رأسها ببطىء قائلة 
_ كويسة ياكريم متقلقش 
شملها بنظرة طويلة عاشقة قبل أن يقرر التحرك بسيارته والتوجه إلى الطريق المؤدى إلى منزلها حيث لم تمض ربع الساعة حتى كانت تترجل من سيارته متأملة منزل عائلتها بإشتياق شديد بينما هو يقوم بإنزال حقائبها من سيارته والتوجه بها من ورائها إلى الداخل 
أصابها السعال عدة مرات من الأتربة المتراكمة داخل المنزل مما أضطرها للخروج مرة اخرى كى تستنشق هواءا نقيا فأتبعها هو متسائلا 
_ تحبى أحجزلك فى فندق النهاردة على ماالبيت يتوضب !
أخذت نفسا عميقا قبل أن تجيب 
_ لا أنا البيت واحشنى اوى وخلاص زهقت من قعدة الفنادق 
ثم أضافت غامزة وهى تتوجه إلى الداخل من جديد تتسارع قدميها فوق الدرج المحمل بالأتربة فى طريقها إلى غرفتها قائلة 
_ ووحشتنى أوضتى والبلكونة اللى بتبص عليها أوضتى 
أستطاع هو فهم ماترمى إليه إلا أنه أصطنع الڠضب قائلا بعدما أتبعها إلى الأعلى وظل واقفا على باب غرفتها من الخارج 
_ والله !
جذبته إلى الداخل بعدما هزت رأسها قائلة وهى تقوم بإزاحة الستائر البيضاء الشفافة التى تحولت إلى اللون الداكن بفعل الأتربة 
_ إيه وأنت موحشكش البلكونة اللى بتبص عليها أوضتك ولا إيه !
أجابها بتأفف بعدما عقد ذراعيه حول صدره 
_ تقصدى أوضة هشام انتى نسيتى إنى نقلت ولا إيه !
عبست قسمات وجهها متسائلة 
_ نقلت روحت فين !
تقدم كريم إلى زجاج شرفتها وقام بفتحها بهدوء قائلا 
_ تعالى أوريكى بيتى الجديد 
توقفت قدماه عن التقدم عندما تفاجىء بشرفة هشام أمامه مفتوحة على مصرعيها وبمنتصفها ذلك المقعد الهزاز الذى يفضله هشام والذى أعتاد وضعه بغرفة المعيشة من قبل 
تسائلت فرح من ورائه 
_ وقفت ليه !
انتبه إليها كريم فأستمر فى تقدمه حتى سور الشرفة قائلا وهو يشير بيده 
_ لا مفيش تعالى أوريكى بيتى بصى هناك كده البلكونة اللى هناك دى 
تسائلت فرح 
_ اللى فيها الزرع دى 
أجابها بإبتسامة 
_ ايوة هى دى 
نظرت إليه بتأفف وإمتعاض واضح قائلة 
_ إيه ده بس أنت بعيد أوى مش هعرف أكلمك كده 
أجابها بإبتسامة مطمأنة 
_ معلش أهو نص العمى ولا العمى كله أنا لقيت الشقة دى بالعافية 
طغى على نبرتها الدلال وهى تقول 
_ مكنتش أعرف إنك بتحبنى أوى كده ومتقدرش على بعدى 
شعر بالضعف يراوده من نبرتها الناعمة تلك لكنه تنحنح بقوة قائلا بجدية راغبا فى تغيير مجرى الحديث 
_ بقولك إيه متطلعيش البلكونه كتير بقى نبقى نتكلم فون أحسن ويستحسن متفتحهاش خالص 
تسائلت بإعتراض 
_ ليه بقى إن شاء الله !
حاول إخفاء غيرته وهو يلقى نظرة سريعة على شرفة هشام قائلا 
_ الدنيا برد أوى اليومين دول وبعدين خلاص كلها كام أسبوع ونتجوز وتبقى معايا فى بيتى 
ولته ظهرها بدلال متوجهة إلى غرفتها بالداخل قائلة 
_ لا ماأنت مش عاوزنا نتسرع بقى خلاص بلاش
أتبعها كريم قائلا بحماس بعدما أغلق زجاج الشرفة من ورائه بقوة 
_ لا هو الحقيقة إن أحنا أتأخرنا أوى أوى أوى 
توقف على بعد خطوات منها قبل أن يأخذ نفسا عميقا ويضيف 
_ عاوزك تكلمى عمك يجى خلال يومين أو احنا نروحله وننجز 
أجابته بدلال 
_ كدة بسرعة من غير فرح وفستان 
أقترب عدة خطوات قائلا بعشق واضح 
_ اللى إنتى تؤمرى بيه هيجيلك وهتبقى احلى عروسة 
أجتازت ماتبقى من خطوات فاصلة بينهما لتصبح على بعد خطوتين منه قائلة بصدق 
_ وأنا مش عاوزة حاجه ياكريم مش عاوزة غير إنى أبقى مراتك وبس 
أمتدت ذراعه إليها راغبا فى ضمھا إليه لكنه قاوم رغبته تلك وغيرت ذراعه مسارها فى اللحظة الأخيرة لترتفع إلى مؤخره رأسه يداعبها قائلا بصوت خفيض بعدما أبتلع لعابة بقوة 
_ مقولتيش بقى هتقعدى فى فندق ولا إيه !
ظهرت أعلى محياها إبتسامة جانبية واثقة من تأثيرها عليه قبل أن تقول 
_ لا ملوش لزوم أنا هوضب أوضتى كده على السريع وهكلم الست اللى بتيجى تساعدنا تيجى من بكره بدرى 
مسح كريم الغرفة بعدستيه قبل أن يتسائل بشك 
_ وهو أنتى هتعرفى توضبى كل ده لوحدك !
أرتفع إحدى حاجبيها بغيظ قبل أن تجيبه 
_ وهو أنت ناسى ياأستاذ لما نضفت البلكونة وكان قدامى بهلوان بيقلدنى !
أرتفعت ضحكة كريم فى الحال فور تذكره ذلك اليوم ليقول بمرح 
_ لا مش فاكر 
حاولت فرح إخفاء إبتسامتها وهى تقول 
_ طب يلا بقى من غير مطرود ورايا شغل كتير 
أجابها غامزا 
_أساعدك طيب أنا بردو ليا خبرة قديمة فى المجال ده 
تصنعت الجدية رغما عنها قائلة وهى تدفعه إلى خارج الغرفة حيث الدرج المؤدى إلى الأسفل 
_ متشكرين أفضالك ياسيدى يلا بقى طول ماأنت موجود مش هعرف اخلص وأنا ھموت وأنام 
ألتفت إليها محاولا التشبث بمسند الدرج قائلا بمرح 
_ طب أنا عندى إقتراح لطيف ماتيجى تباتى عندى فى الشقة الأوض كلها نضيفة ومترتبة وهتنامى براحتك 
دفعته بقوة إلى الاسفل قائلة پغضب مصطنع 
_ فى ثوانى تكون برا البيت 
ألتفت إليها بإمتعاض قائلا قبل أن يستأنف طريقه إلى الأسفل 
_ خلاص خلاص متزقيش أنا الحق عليا خير تعمل صحيح 
ثم أضاف غامزا 
_ مسيرك تيجى ياملوخية تحت المخرطة وساعتها مش هيبقى فى أطلع برا تانى 
ظلت فرح تتأمله من ورائه وهى لاتزال أعلى الدرج بإعجاب واضح حتى أختفى عن انظارها تماما وبعد عدة لحظات أستمعت إلى باب المنزل يغلق بهدوء فتوجهت إلى غرفتها من جديد بعدما تبدلت قسمات وجهها من البشاشة إلى الجمود 

كان يقف داخل شرفته بهدوء عندما سلط عينيه على شرفتها البعيدة والتى لازالت مغلقة أستند بكفيه على سور شرفته مفكرا فى تلك الأحداث المتسارعة والغير منطقية بالنسبة إليه فرغما عن رفض عقله لكثير من مبرراتها الهاوية إلا أن قلبه يدعوه لتجاهل تلك الصغائر والإستمتاع بعودة حبيبته 
لكن هل هى حقا حبيبته !
أبتسم بسخرية من شكوكه المتلاحقة فرغم ذلك التغيير الجذرى بها إلا أنها لازالت محبوبته التى عشقها وحفظ عن ظهر قلب نبرة صوتها وطريقة حديثها ونظرة عينيها بل يكف ذلك الألم الذى شعر به عند رؤية عبراتها وهو الذى لم يهتز له جفن قط من قبل عند رؤيته لدمعات أخريات 
فقلبه كقلب الأم التى يمكنها إدراك صړيخ رضيعها وسط أصوات آلاف من الرضع بل وتتألم عند تألمه دون أن تراه أو حتى تعلم بأوجاعه 
هو يشعر بوجود ذلك الشئ بل ذلك الرباط الخفى الذى يجمعه بها دون أن يدرك كلاهما فينجذب رغما عنه إليها فى كل مرة يكن بالقرب
تم نسخ الرابط